طوال نهار الأحد 14 رمضان الجاري كانت تصيبني حالة من التوتر عندما اتذكر مباراة القطن والهلال وربما كان مصدر توتري أن الهلال يعيش حالة من الثقة أكثر من اللازم وقد ذكرني هذا بيوم مباراة مازيمبي الشهيرة فالثقة الزائدة التي سبقت المباراة كان مبعثاً للخوف لديَّ واذكر أن الصحف الهلالية كانت تتحدث عن الثلاثة والخمسة وأكبر متشائم كان يعتقد أن الهلال سوف ينتصر بفارق هدف واحد. ومازلت اذكر أن الإذاعة السودانية خصصت ظهيرة ذلك اليوم للحديث عن المباراة فاستضافت صلاح إدريس رئيس النادي يومها واتصل بي الأستاذ الرشيد بدوي عبيد الذي كان يدير الحوار من داخل الاستديو وسألني عن مشاعري فقلت له أنني في غاية الخوف من هذه الثقة الزائدة ولم يسبق لي أن خفت على الهلال لهذه الدرجة فمازحني الأخ صلاح من داخل الاستديو قائلاً: (يابوني أشرب ليك حلو مر) نفس هذا الخوف تكرر يوم الأحد لا بل زاد عندما اطلعت على الصحف الرياضية الصادرة في ذلك اليوم وأكثر ما أفزعني التصريح المنسوب لكابتن الفريق هيثم مصطفى بأن الهلال بأي حداشر لاعب سوف يكسب المباراة . حاولت تناسي المباراة بنهار رمضان لا بل سألت نفسي لماذا أنا هكذا؟ ولماذا تشغلني مباراة بهذا الشكل وتتلف أعصابي أصدقكم القول أنني أخذت أفكر في ترك متابعة الكرة نهائياً (بلا هلال بلامريخ بلا بطيخ) لا بل كنت أرى أن كل أهل بيتي وأصدقائي غير المنشغلين بالكرة في سعادة أو على الأقل يعيشون حياتهم العادية وتساءلت لماذا لا أكون مثلهم أو على الأقل أشجع (نص كم ) لقد أقنعت نفسي بالتجلد وأن الحكاية ما فارقة مهما حصل وأن الدنيا مليئة بالقضايا الحساسة بلا كرة قدم بلا لمة على العموم تظاهرت أمام نفسي بأنني وضعت أعصابي في تلاجة
جلست لمشاهدة المباراة فجأة الكهرباء قطعت كعادتها وكنت محتاطاً براديو وأنا دائماً اتفاءل بالمباريات التي أسمعها من الراديو وبدأت الإستماع فما أن أحرز القطن هدفه في الدقيقة العاشرة إلا ولعت النار في جسمي وقلت (خلاص خمسة مازيمبي ذاتها) لعنت سنسفيل كرة القدم وسنسفيل الذين خلفوها ثم جاء هدف التعادل فارتحت بعض الشئ ثم هاجت دواخلي لخروج ابراهيما توريه الذي وصفه عبد الرحمن الرسول بين شوطي المباراة بأنه أفضل لاعب في الهلال وعبد الرحمن عندي من الثقاة فهذا الرجل أنا أحبه في الله ولله فكرهت ميشو فحمدت الله أنني كرهته لأنني كلما أكرهه يفاجئني وانتهت المباراة على ما انتهت إليه
بالطبع نمت مرتاح وخالي البال وكل هموم الدنيا انزاحت من على صدري وأنا أكتب هذا المقال في صباح الاثنين 15 رمضان وأعصابي في غاية الراحة لا بل أخذت أفكر في الذين لا يشاهدون ولا يتابعون كرة القدم وكيف أن حياتهم رتيبة وكيف يحرمون أنفسهم من الأفراح هذه أصدقكم القول أنني في هذه اللحظات أشعر بأن أجمل شئ في الدنيا كرة القدم وأجمل مافي كرة القدم هلال السودان الذي يمتعنا دوماً بالدهشة. ولو لم يكن في الدنيا هذا الهلال لكانت دنيا صعبة
خليكم في هلالكم في صبيحة يوم المعركة القطنية أي صباح الاثنين المبارك أطلعت على عدة أعمدة صحفية من كبار كتاب الهلال وقد وجدت لدى ثلاثة منهم رد استباقي على ما سوف يثيره كتاب المريخ عن ضربة الجزاء التي جاء منها هدف الهلال الأول وقد ذكر الأستاذ خالد عز الدين أسماء هؤلاء الكتاب المريخيين بالاسم وبالفعل رجعت لما كتبه هؤلاء المريخيين فلم يخيبوا ظن خالد. ماكتبه خالد والآخرون هو الذي في مخيلة أي هلالي ومريخي بمعنى أن أي قارئ كان يمكنه أن يتكهن أن كتاب المريخ سوف يدرجون هدف الهلال من ضربة الجزاء في باب شراء الحكم وأن كتاب الهلال سوف يدافعون عن صحة قرار الحكم . إذن ياجماعة الخير الحكاية كلها مكشوفة وواضحة وليس هناك ما يدهش القراء . بالمقابل حدث نفس الشئ من كتاب المريخ عندما هزم المريخ الأمل العطبراوي في بورتسودان إذ قاموا بحملة استباقية للدفاع عن فريقهم وأن العملية (عرق جبين وضرب يمين) وليس فيها أي بيع أو شراء
لو انتظر كتاب الهلال كتاب المريخ بعد أن يكتبوا مشككين في صحة ضربة الجزاء ثم ردوا عليهم لكان الأمر مبلوعاً . أنا شخصياً لم أفسر الأمر تحت بند كاد المريب أن يقول خذوني لأن هؤلاء الكتاب ذكروا أسماء كتاب المريخ بالاسم ونفس الشئ عندما ينتصر المريخ في مبارياته المحلية فهناك من كتاب الهلال من هو جاهز ليصيح بأعلى مانشيت عنده (باااااااع) كنت أود أن ينصرف كتاب الهلال لهلالهم ويتركوا الجماعة في حالهم لأن هذه الصحافة لم تعد للنقد الموضوعي إنما أصبح هدفها هو تخدير القارئ وذلك بأن لا تقدم لهم تحليلاً أو رأياً موضوعياً إنما تقدم له التفسير الذي يريحه ويجعله ينسى أوجاعه. أما إذا تساءلنا لماذا يبحث القارئ عما يريحيه في الصحافة ولا يبحث عما ينوره ويثير في نفسه التساؤلات التي تعمق تفكيره؟ فهذه هي الأخرى مسئولية الصحافة فصحافتنا عامة والرياضية بصفة خاصة قد أفسدت ذوق المتلقي وأصبحت كما يقول صديقنا الأستاذ عبد المجيد عبدالرازق أصبحت صحافة مشجعين. أما لماذا أصبحت صحافة مشجعين فهذا هو السؤال. أصبحت صحافة مشجعين لأنها أصحبت تجري وراء الربح والكسب الرخيص. إنهم يريدون الربح بأي ثمن حتى ولو كان على حساب الأخلاق. طيب ياجماعة الخير ألم يكن في الإمكان أن تكون صحافة تنويرية وتثقيفية ورابحة في نفس الوقت؟ ممكن جدًا جدًا ولكن للأسف لايدركون هذه الحقيقة والمكضبنا وما مصدقنا يسأل العنبة الرامية في المطابع.
أغنية كبيرة جدًا
الأستاذ محمد أحمد أبورنات رئيس القضاء الأسبق ومن المؤسسين للنظام القضائي السوداني الحديث وصاحب السوابق التي تدرس في كليات القانون له مقولة فحواها أن أحسن من يتكلم عن روح القانون هو الذي لم يدرس القانون ولم يمتهنه الأمر المؤكد أن مولانا لا يقلل من أهمية دراسة القانون ولكنه يشير هنا لأهمية الفطرة في الحكم على الأشياء فالدراسة والمهنة تجعل الواحد يهتم بالنواحي الإجرائية فلا ينفذ للب بسهولة لذلك نجد أن النظام القضائي الغربي يهتم بمؤسسة المحلفين هؤلاء لا صله لهم البتة بالقانون كدراسة أومهنة ولكنهم يكونون حضورًا في المحكمة ويستعمون لكل ما يدور وفي النهاية مطلوب منهم أن يصوتوا بكلمة واحدة أو كلمتين هل المتهم مذنب أم غير مذنب
تأسيساً على هذه الرمية أعلاه يمكننا القول أن خير من يقيم العمل الفني هو الذي لم يدرس النقد الفني كما هي حالة العبد لله وبالفطرة (نجرت) مصطلح (أغنية كبيرة) لكي أشير به للأغنية التي تمتاز بالكلمات الراقية واللحن الراقي والأداء الراقي أي الأغنية مكتملة الأركان الثلاثة وهذا يستلزم وجود أغنيات صغيرة وأخرى متوسطة فأحياناً تجد أغنية لها كلمات راقية جدًا ولكن لحنها باهت والعكس كذلك صحيح وأحياناً تجد الكلمات واللحن من أبدع ما يكون ولكن يكون الأداء غير موفق والأداء غير الصوت فليس كل صاحب صوت جميل لديه القدرة على الأداء الجيد خلاصة قولنا هنا يندر أن تجد أغنية توفرت لها كل العناصر لذلك قلت الأغنيات الكبيرة والتفرد دوماً حالة نادرة
أشير اليوم إلى أغنية في تقديري أنها كبيرة وهي أغنية (هوج الرياح) للراحل المقيم الفنان العظيم أحمد الجابري وشاعرها الراحل المقيم الرقيق مصطفى عبد الرحيم صاحب (تذكار عزيز) لإبراهيم عوض و(غرام الروح) لزيدان إبراهيم . هذه الأغنية تفيض بالدمع والشجن فشاعرها بدأها من أعلى نقطة شعور بالأسى واليأس (هات يازمن جيب كل أحزانك جيب المحن/ طول يا أسى وكتِّر ينابيع الشجن /جرعني كاس من لوعة ما المحبوب خلاص خلاني ليك الليلة راح/خلى في قلبي الحسرة والشوق والجراح / خلى النواح / فاض قلبي شمعة وحيدة في هوج الرياح) لاحظ مفردات مثل الأسى والشجن واللوعة والحسرة والشوق والنواح إنه احتشاد غير عادي ليصبح قائله فعلاً شمعة وسط رياح هائجة . الانتقاء العالي للكلمات صادف لحناً غير عادي من الجابري بصوته الملئ بالشجن والجابري كما وصفه محمد الأمين صاحب أصعب الأغنيات أداءً ومحمد الأمين في تقديري هو ملك الأداء في الأغنية السودانية وهذه قصة أخرى
من القمة (الكلايمكس) ينزل الشاعر ليصف لنا حالته بعد أن هجره المحبوب (الليل يهوِّد بيَّ ويبقى تلت أخير.... إلى أن يصل (خلاني وحدي جناح كسير/أنا والدموع والشكوى والليل والشجن /رماني ليك راح يازمن) لاحظ خلاني، ثم رماني، وهنا خفف الجابري الإيقاع وجعله راقصاً لأن الشاعر هو الأخر وتبرج وكشف عن حاله بلغة صريحة وبسيطة. ثم تزحف القصيدة نحو البداية ويخبرنا الشاعر كيف أنه كان عايشاً في أحلى عيد مع المحبوب (كساني بالآمال وشاح) ولكن لماذا هذا الصدود (يمكن ظنون) ولكن بالمقابل قلب الشاعر (محال في يوم يخون ) بل يجزم (لا يمكن أبدًا مستحيل / في يوم أميل لغيرو أعشق تاني زول) وفي النهاية (برضي صابر يازمن) ولكن الشاعر يعلم أن المتغطي بالزمن عريان لذلك تجد نفسك راجعاً لبداية القصيدة حيث اليأس والأسى (هات يازمن جيب كل أحزانك تعال، جيب المحن).
سمعت، شفت وجابوه لي سمعت وشفت وجابوه لي سمعت وشفت وجابوه لي
كلا إن المحترف ليطغى
أصدقكم القول أنني سعدت بتنفيذ هيثم مصطفى لضربة الجزاء رغم أنني مستغرب جدًا لماذا يحتكر هيثم تنفيذ كل الضربات الثابتة ففي تقديري أن هذا خلل يجب أن يصححه هيثم بنفسه ويعطي الفرصة لغيره أما ضربة الجزاء تلك فأمرها مختلف لأن الجميع كان ينتظر أن ينفذها سادومبا ليرفع رصيده والمعلوم أن هذا اللاعب كلما زاد تسجيله للأهداف ارتفع سقف مطالبه في الأسبوع الماضي كتبت في هذا المكان أن البرير كان ينبغي أن يعطي سادومبا مقدم عقده ولايحوجه للتوقف عن التمارين ولكنني علمت فيما بعد أن سادومبا كان يطالب بمقدم عقد العام القادم وهذا يحل في شهر ديسمبر القادم (شفت الافتراء والابتزاز دا كيف)؟ كما أن سادومبا في مجمل المباراة لم يكن متألقاً لذلك لايستحق شرف إصابة مرمى الخصم ورغم عدم تألقه فاز الهلال ولا ننسى أن مهند في الكنبة وبكري المدينة دخل متاخرًا وكاريكا مريض واتوبونغ بدا يسترد خطورة الاتحاد السكندري فيا سادومبا لن تلوي زراع الهلال
ليالي على النيل
أجمل مافي هذا الرمضان أن قناة النيل الأزرق قد استعادت سهراتها الرائعة والظريفة مثل سهران يانيل بسهرة ليالي على النيل ففي رمضان الماضي كانت سهرات النيل الأزرق المنقولة من اسبارك سيتي في غاية الإزعاج كثيرة الضوضاء لايمكنك أن تشاهدها مرتاح في سريرك. ليس هذا فحسب بل كل السهرات التي شاهدتها في رمضان هذا من سلسلة ليالي على النيل كانت رائعة الحوار فيها كان ممتازًا والمواضيع شيقة الغناء في معظمها كان عذباً كما أن الثنائية في التقديم أضفت عليها رونقاً إلا بالمناسبة لماذا لم تكن مع سعد الدين فردته في حلقة عصام أحمد البشير؟ إن شاء الله المانع خير. سهرة المكفوفين الأقزام وحملنتيش كانت حاجة ما تخلص. إن شاء الله فيما بعد سنعود لسهرات أخرى في قنوات أخرى.
يا تلفزيون يامهندسين
تملكني الغضب عندما عدت لقناة الجزيرة بعد مباراة الهلال والقطن ولم أجد الاستديو التحليلي كعادة القناة وقلت إن هذا استخفاف بالهلال وبالكرة السودانية ولكنني عرفت من صحيفة عالم النجوم أن الغلطة ليست من القناة إنما من تلفزيون السودان الذي لم يرفع الإشارة قبل وبعد المباراة لأن المهندسين كانوا محتجين لأن حوافز بطولة الشان لم تدفع لهم ليس هذا فحسب بل أن هذا الأمر قد يعرض التلفزيون ونادي الهلال لعقوبة من الكاف لأنه محكوم بالقوانين الدولية (شفتو كيف يامهندسي السودان العملتوها قدر شنو ؟)
قهوة ريحة البن
يبدو أن بشرى ونضال في قناة (قوون) بعد الشراب قد خموا الجماعة فهذين الشابين أو بالأحرى الشاب والشابة يقدمان عملاً رائعاً ومثله كذلك ريحة البن في قناة (زول) فهؤلاء الشباب استطاعوا أن يجمعوا الأسر حول شاشة (زول) والشاهد في الأمر أن الشعر قد بدأت تعود إليه سطوته عند المستمع السوداني وهذه قد تكون نتيجة ايجابية غير مقصودة من إبعاد برنامج أغاني وأغاني من المغربية (يموت حمار في رزق كلب)