الثامنة بتوقيت الخرطوم . مؤشر الساعة الرياضية يمضي الي حيث النجيل الصناعي في شيخ الاستادات . القمة تتصارع على كأس السودان . الهلال والمريخ الامر يبدو أبعد بكثير من (بكري المدينة في مواجهة تراوري) شارة القيادة تتجاوز (البخيت والباشا) لتلقي بظلالها على كل البلاد . هلال مريخ عرس الجماهير يتمدد فرحه في أماكن أخرى وتظل هي المؤشر الوحيد لتحديد درجة الإهتمام في البلاد منذ الثامنة وحتى العاشرة حين يعلن الحكم نهاية المباراة وذهاب الكاس لاحدي العرضتين . لكن شاشة الوطن قبل القمة تعرض فقط صورة القمة ونظرة الجميع اليها . البلد تتحدث بلغة كرة القدم . تتجاوز تفاصيلها لتقف مشدوهة فيما يمكن ان تؤول اليه النهاية . الحمر يتمنونها صفراء فاقع لونها تسر الناظرين بينما يتمناها الزرق فرحة بيضاء من غير سوء . وبعدها سينفض الجمع بأمل العودة في مشهد قمة أخرى . لكن قبل الكورة ثمة سؤال يدور في الأذهان يتعلق بكيف يتعامل اهل السياسة مع ثنائية هلال مريخ وهل ينظرون اليها بذات نظرية الفعل السياسي يا فيها يا نطفيها ؟ ام ان للكرة عند أهل السياسة لغتها الخاصة التي يتعاطونها سراً . ثمة من يخبرك ان مباراة هلال مريخ كانت تلغي لأجلها اجتماعات هيئة تحالف المعارضة ويكون التعليق في نهاية المطاف السبب (هلال مريخ) التي تقتسم السودانيين فيما بينها . فانت هنا ان لم تكن هلالياً بانتماء صارخ فالمريخية هي قدرك ولا توجد منطقة وسطى بين (الجنة والنار) كيف ينظرون الى القمة وكيف سيحضرونها وماهي درجة التفاعل معها كلها أسئلة تضعها قوون على مائدة القمة وتحاول ان تجد الإجابات الشافية لها وهي تتابع المعركة (الخضراء) في انتظار انتهاء المعارك الأخري . من القاهرة (قمة) مختلفة المهدي يواجه مصطفي عثمان . الصراع حول (السودان) بين الهلال والمريخ في مساءات الخرطوم يقرأ مع قمة أخرى حين يجلس الرئيس البشير بمعية نظيره الرئيس المصري السيسي في قمة ينتظر الجميع ان تنتهي بفوز الفريقين في معادلة تحقيق تطلعات شعب وادي النيل . الرئيس البشير الذي يحتفظ بميوله الرياضية بعيداً عن التداول عندما يتعلق الامر بهلال مريخ ويعلنها فيما يتعلق بالفريق القومي ونادي كوبر الرياضي . يبدو بعيداً عن التناول في اللحظة الآنية وان كان المقربون منه يقولون بمتابعته لمشهد (الديربي) الامدرماني ويحتفظون بطرفة له في احدى المناسبات الإجتماعية حين اتاه هلالياً غاضباً وطالبه (بان يشيل ليهم شداد من رئاسة الاتحاد العام) فرد ضاحكاً نشيل ليكم شداد ولا هيثم طمبل الذي كان قد هزم الهلال في القمة آنذاك . لنتجاوز قمة البشير السيسي في القاهرة ونقف في محطة قمة أخرى تتعلق بالتنافس بين الهلال والمريخ . رافق الوفد الرئاسي السوداني وزير الإستثمار مصطفي عثمان أسماعيل عضو مجلس الشورى المريخ في وقت يقيم في القاهرة الآن رئيس حزب الامة القومي ورئيس الوزراء السابق الامام الصادق المهدي بتوجهاته الزرقاء وبتشجيعه للهلال فبجانب الإختلاف في المواقف السياسية فان ثمة أختلاف في امنيات نهاية الكاس مصطفي يريد النهاية حمراء لصالح رفاق الباشا بينما يريدها المهدي زرقاء تسر باله العاشق للهلال وان كان في المقابل ينتظر بقية الهلالاب والمريخاب ان يلتئم شمل الجانبين في أستاد واحد تكون نهاية مباراته تحقيق المصلحة العليا للبلاد . بعد ان رشحت انباء عن لقاء يجمع اهل البلاد من اجل الوصول الي صيغة تفاهم واتفاق . فالمختلفون في الوان الكرة ربما يتفقون على الوان الوطن وهم يتابعون قمة الكرة في السودان نواعم باتجاهات اخرى رئيسة الحزب اللبرالي ميادة سوار الدهب لم تشاء ان تكشف لقوون عن توجهاتها الرياضية فيما يتعلق بقمة اليوم وان تمنت ان ينجح اللاعبون في خلق جو من المتعة يغير تفاصيل الاوضاع السيئة وان يرسلوا بطاقة المقدرة على التعايش مع الإختلاف وان تسود فلسفة الروح الرياضية السمحة لكن ميادة المهتمة بقضايا المرأة لم تجعل مناسبة القمة تمضي دون ان تضع اسئلتها التي وصفتها بالموضوعية حين قالت ان كرة القدم والاهتمام بها صارت قضية متجاوزة للنوع واختلافاته وان اهتمام النساء بالمباراة لا يقل عن أهتمامات الرجال وهو أمر يبدو منطقياً للتساؤل متى ستكون ملاعبنا جاهزة لاستقبال جماهير الناديين من الجنس الآخر ؟ انا الان أشجع بنات جنسي من قائمة النساء وعقب المباراة حديث آخر . اذن هدف ميادة اللبرالية هي ان تدخل النساء الاستاد قبل ان تلج الكرة في الشباك وكلها (أهداف) تصب في قيمة بناء المجتمع المختلف . مبارك الفاضل مريخية صارخة القيادي بحزب الامة والسياسي مثير للجدل بحسب توصيفات كثيرين مبارك المهدي (مريخي الهوى والهوية) مريخية بدت ظاهرة للعيان في آخر رحلة للمريخ في يوغندا حيث كان القيادي بالامة يتواجد في ذات الفندق الذي نزلت فيه بعثة المريخ وشهد المباراة من المقصورة . وهو ما يؤكد على ان مواجهة البيت الانصاري بين الامام ومبارك لا تنحصر في مقاعد السياسة فقط بل حتى في التوجهات الرياضية فالفاضل يقف في الضفة المقابلة للمهدي حتى في الكورة وهو الوقوف الذي يجعله متمنياً ان يحقق المريخ الفوز في قمة اليوم ليرضي انتماءه الرياضي بعيداً عن جدل السياسة ومنازعاتها التي لا تنته . وهو أمر يمكن ان يتم تجاوزه فقط بكرة حمراء تغازل الشباك الزرقاء وتنتهي عليها صافرة الحكم . إبراهيم الشيخ . مريخابي من منازلهم رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ يقول ان علاقته بالرياضة قديمة فالرجل كان قد لعب في وقت سابق في نادي النضال بالنهود ممارساً لكرة القدم وعند وصوله للخرطوم لعب كرة السلة وظلت علاقته بالرياضة متصلة وعند عودته مرة أخرى جلس في كنبة احتياطي نادي النهود كمدرب لفريق الكرة . لكن ابراهيم يقول ان الاهتمامات الأخرى جعلت الإهتمام بالرياضة يتراجع لصالحها لكن التراجع نفسه لم يمنع الشيخ من متابعة أخبار فريقه الذي يشجعه وهو فريق المريخ الامر لم يعد كما كان في أوقات الصبا لكنه يظل باقياً وهو البقاء الذي يجعله يتمني ان يضاف كاس السودان لقائمة الكؤوس التي فاز بها المريخ ويتمنى في الوقت نفسه ان يتم توظيف الاهتمام بكرة القدم لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار وفي تقوية النسيج الإجتماعي بين أهل سودان التنوع الترابي رحلة البحث عن الإنتماء الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر الذي يعلن هلاليته على الملأ ويعلن معها أمنياته بفوز الازرق في القمة اليوم ليصنع له بعض الفرحة المفقودة في واقع قال انه قاتم لاقصى حد يجيب قوون على سؤال قوون المتعلق بانتماءات الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الشيخ حسن عبد الله الترابي الذي يتابع كغيره مباريات كرة القدم . لكن عمر بدأ محتاراً وهو يقول بانهم طوال السنوات ظلوا يسعون من أجل معرفة الاتجاه الكروي الذي يتبعه الترابي من فرق العرضة ولكن كل محاولاتهم بات بالفشل ولم يصل بعد أحد لمعرفة هلالية او مريخية الشيخ ليظل السؤال عالقاً في الهواء كسؤال اليوم ترى من يفوز بالدرع ومعه لمن يطلق الشيخ ابتسامة فرحه المميزة . وزير الشباب والرياضة يشجع الفريقين وزير الشباب والرياضة الاتحادي عبد الحفيظ الصادق عبد الرحيم حين سألته قوون عن من سيشجع في مباراة اليوم رداً ضاحكاً وقال انه يشجع (الفريق القومي) وفي مباراة اليوم الوزير قال انه لا يوجد سوداني بعيداً عن سطوة الإنتماء للهلال والمريخ لكنه سيحتفظ بميوله لنفسه حفاظاً على عدم الفهم المغلوط في حال اوضح ميوله لكن الوزير تمنى في نهاية المطاف ان يقدم الفريقان مباراة تليق بقاعدتهم الجماهيرية الكبيرة وتعبر عن الوجه المشرق للكرة السودانية التي تحلق بجناحين احداهما أحمر والآخر أزرق وتمنى ان يقودها الامر لتحقيق تطلعات الجماهير المفتونة والعاشقة لكرة القدم . الوزير الذي اكتفى من الحديث عن القمة بدس انتمائه لمبررات قال انها موضوعية حين يتعلق الامر بنزاع الكبيرين وقال ان حضوره لاحتفال مريخي جعل البعض يصنفه بانه أحمر وان حدث العكس فان تصنيفه كان سيتجه نحو الضفة الاخرى بلونها المختلف محمد ضياء الدين بعثي أزرق القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل محمد ضياء الدين تبدو علاقته بالرياضة قديمة فالشاب ينشط في مجال كرة السلة وشغل عدة مناصب في اتحاد السلة السوداني . لكن بعيداً عن الكرة التي تتبادلها الايادي في طريقها نحو السلة فان سلال القلب عند ضياء تذوب في حضرة الازرق فهو مشجع هلالابي بحسب افادات مقربين منه تظل عملية اهتمامه بالهلال رفيقة لاهتمامه بالقضايا العامة وانتصاره أمتداداً لفرحة شعب وهو ما يجعله يتمنى ان يميل الكاس السوداني اليوم في اتجاه العرضة الشمالية وان يحققه الهلال على حساب المريخ لكن هلالية محمد تجعله محتفظاً بحبل الود الممدود في اتجاه انداد الميدان في ضفة المريخ الحمراء صافرة الختام بعيداً عن مألات النتيجة الختامية لقمة (الكأس) الذي يحمل أسم الوطن بدت الامنيات محلقة في اتجاه الحفاظ عليه وعلى قيمه التي تمشي بين الناس وتجعلهم يقفون في دائرة سنتر الاستقرار . الامر برمته يقول بان الكرة تظل واحدة من أهم محددات السلوك الاجتماعي والجمع بلين مكوناته المختلفة فمن يتشاركون الحزب الواحد قد يختلفون في حزبي العرضة ومن تفرقهم تداعيات السياسة يجمعهم (الفريق) وتشجيعه والعمل علي تحقيق الأنتصار له في الميدان . ولكن ميدان الرياضة يظل هو الوعاء الجامع للكل بعيداً عن مقومات الفرقة والشتات . قد تنتهي القمة بانتصار المهدي الهلالابي على مصطفى عثمان المريخابي او يحدث العكس بأن ينتصر المريخ على المهدي الهلالابي. ولكن قيمة الإنتصار الكبرى هي ان يلتقي كل الفرقاء في (عرضة) البلد الكبير عندها يصبح للاهداف والاحتفال بها طعمه الخاص .