إختارت اللجنة الفنية التي عينها مجلس إدارة نادي الهلال للإشراف على إختيار الجهاز الفني والمحترفين الجدد المدرب البلجيكي باترك لقيادة الهلال فنياً إبتداءً من الموسم المقبل. وبالفعل وصل باترك البلاد وتابع الفريق الأزرق خلال المباراة التي جمعته بنده التقليدي المريخ على نهائي بطولة الدوري الممتاز. يعتبر قرار اللجنة الفنية بالإنحياز للمدرسة البلجيكية قراراً موفقاً وذلك للطفرة التي تشهدها كرة القدم في بلجيكا في السنوات الأخيرة بعد سنوات من التدهور بلغ عشرين عاماً عادت بعدها بالتخطيط السليم بشكل أفضل. ولكن كيف تمكنت دولة مثل بلجيكا تضم فقط 34 نادياً محترفاً مقسمة على قسمين من الإستحواذ على ترشيحات الخبراء لتمثل الحصان الأسود لبطولة كأس العالم؟. بكل تأكيد هنالك رجل يقف خلف عودة المنتخب البلجيكي للأضواء كقوة كروية لا يستهان بها ألا وهو المدير الفني السابق للمنتخب مايكل سابلون. يقول سابلون لقد كانت لدي خطة لتغيير النظام الكروي في بلجيكا رأساً على عقب بعد التدني في مستوى كرة القدم في بلجيكا حتى كاد الناس أن ينسوا أننا أمةً تعتبر من مراكز كرة القدم العالمية. كان سابلون شاهداً على تألق المنتخب البلجيكي خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي حيث كان واحداً من أعضاء الجهاز الفني للمنتخب البلجيكي الذي وصل للدور نصف النهائي لكأس العالم 1986م وخسر أمام البطل وقتها المنتخب الأرجنتيني. وصل المنتخب البلجيكي لدوري الستة عشر في كأس العالم 2002م , وقبلها فشل المنتخب في التأهل من دوري المجموعات في تصفيات كأس العالم 1998م وبطولة الأمم الأوربية 2000م والتي كان منظماً لها. أثارت تلك النتائج المخيبة للآمال حفيظة الشعب البلجيكي وبدأوا يتساءلون عن مستقبل كرة القدم في بلجيكا. وفي سبتمبر من العام 2006م بدأ سابلون في كتابة خطته التي أحدثت ثورة في مفاهيم كرة القدم في بلجيكا. يقول سابلون أن الإلهام جاءه بعد رحلة بحثية لأفضل المراكز التدريبية في هولندا و ألمانيا ، وبعد عودته إلى بلجيكا قرر أن يؤدي قطاع الناشئين والشباب في كل بلجيكا تدريباته ومبارياته وفقاً للتنظيم4-3-3 تحت إشراف الجهاز الفني للمنتخب الوطني. حمل سابلون كتيباً يحتوي على التنظيم 4-3-3 وطاف على المدارس والأندية ومدربي قطاع الناشين والشباب شارحاً لهم فكرته وكيفية تنفيذها. لقد كان الأمر صعباً جداً في بداياته لأنه ليس من السهل أن تذهب إلى الناس وتطلب منهم أيقاف شئ كانوا يفعلونه لسنوات، أخذ الأمر بعض الوقت ولكن في النهاية وصلت رسالة سابلون. الأمر الثاني الأكثر أهمية هو أن سابلون غرس في أذهان الناشئة عدم التركيز على إحراز النتائج في المباريات وذلك بعد دراسته لألف وخمسمائة مباراة لقطاع الناشئين وبعد التحليل توصل إلى أنهم يركزون على تحقيق النتائج ولا يركزون على تطور مستويات اللاعبين.. كانوا يركزون على الفوز بكل الوسائل، ومضى سابلون أكثر من ذلك حيث منع برمجة دوري لفئة أقل من 7 وأقل من 8 سنوات. وبهذه الطريقة خرجت نتائج المباريات عبر النافذة ، حيث كان الهدف ليس تحقيق الفوز في المباريات ولكن تطوير المستوى الفني للاعبين الأمر الذي جعل سابلون يتعرض لهجوم عنيف من وسائل الإعلام ومن الإتحاد الرياضي البلجيكي لكرة القدم. أما الأمر الثالث فقد إبتدع سابلون قانوناً يمنع اللاعب الذي تمت ترقيته للفئة العمرية الأعلي من المشاركة مع الفئة العمرية الأدني ، مثلاً اللاعب المترقي من فئة تحت سن 17 إلى فئة تحت سن 20 يمنع من المشاركة مع تحت سن 17 حتى ولو في مباريات مهمة. وعلى سبيل المثال لعب فينسينت كومباني مباراتين فقط لمنتخب تحت 19 عاماً وثلاثة مباريات لمنتخب تحت 21 عاماً وبعدها ذهب مباشرةً للمنتخب الوطني الأول.لأنه في إعتقادنا أنه عندما يتقدم اللاعب خطوة إلى الأمام عليه أن يتقدم خطوة أخرى ولا يعود للخلف. في العام 2009م بدأ تصنيف المنتخبات السنية البلجيكية في الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في التقدم ليصل إلى العشرة الأوائل بعد أن كان في المرتبة العشرين. هنالك لاعبون في المنتخب البلجيكي من جذور مختلفة فمثلاً فينسينت كومباني والده مهاجر كنغولي ووالدته بلجيكية ,عدنان جانوزاج من أصول ألبانية .روميلو لوكاكو ولد في أنتويرب ولكن والده كان مهاجماً في منتخب الكنغو عندما كانت تعرف بزائير,موسى ديمبلي ولد في بلجيكا ولكن والده من مالي وناصر شاذلي ذوالأصول المغربية وغيرهم. بعد ذلك تم تجميع أفضل اللاعبين الشباب على مستوى القطر ليتدربوا سوياً في ثماني مدارس تم تمويلها بواسطة الحكومة وبعدها يعودون إلى أنديتهم لنشر الفكر الجديد. هذه النظام أفرز مهاجم نابولي الإيطالي داريس مارتنيز وأكسيل ويتسيل مهاجم سان بطرس بيرج وموسى ديمبلي لاعب وسط توتنهام أضافةً لحارس ليفربول سايمون ميقنولت. تزامنت نهضة كرة القدم البلجيكية مع إحتراف أفضل اللاعبين البلجيكيين في الدوريات خارج بلجيكا. قبل ست سنوات كان كوباني واحداً من لاعبين بلجيكيين فقط ينشطون في الدوري الإنجليزي والآن العشرات منهم يلعبون في الدوريات الأوربية الكبرى. إنه التخطيط السليم والنظرة المستقبلية. الهلال يخطط للمستقبل والدليل تسجيلات الفريق الرديف. الهلال عالم جميل.