يمشي بين الناس بالبساطة لا تفارقه الابتسامة حتى وهو في أحلك الظروف هكذا هو الراحل الأستاذ داؤود مصطفى الذي احترمه القراء حتى من خلال طرحه , تظل الحروف عصية للكتابة عن إنسان نبيل وشفيف وتتوارى الحروف خجلاً لقناعتها التامة أنها لن تستطيع التعبير عن إنسان عاش ومات من أجل الناس , جمعتي به الظروف أيام صحيفة "حبيب البلد" التي ولدت هلالية صارخة توطدت علاقتنا به فوجدناه نعم الأستاذ الذي لم يبخل علينا يوماً بخبراته عملنا طيلة السنوات الماضية مع بعض وتفرقت بناء السبل وكثيرون معنا من الرفقاء حتى التقينا مؤخراً في (قوون) التي ازدهت بمجيئه وطيلة تلك الفترة لم أر إنساناً نقياً كنقاء الراحل داؤود مصطفى فهو إنسان لم التق بمثله في الصحافة الرياضية لم يغلط على إنسان طيلة مسيرته فظل نعم الزميل بأدبه وباحترامه للصغار قبل الكبار , عاش زاهداً ومات زاهداً في تلك الفانية التي كان يعلم أن نهايتها كوم تراب , والراحل داؤود هو قليل من الناس التي لا تمل الجلوس معه فهو رجل حاضر بديهة وذكي ولماح ولا يعرف في الدنيا غير الكلمة الطيبة التي ستظل تحفظ له وتجعل ذكراه العطرة تمشي بين الناس . جاء فراقه كالصاقعة على كل من عرفه فقد ظل متواصلاً مع الناس من خلال أبواب التواصل الممتدة حديثها وقديمها فأيام صحيفة حبيب البلد كان مكتبه مفتوحاً حتى أمام القراء وأناس لا يعرفهم أحد ولا يعرفهم حتى هو، يأتون مكتب الاستقبال سؤالاً عن ( كبير ) الصحيفة أي رئيس التحرير ويدخلون عليه وتقضي أمورهم دون أن يحس بذلك أحد وظل هاتفه مفتوحاً حتى لمحبي الرياضة وكرة القدم يناقشهم بأدب وظل متواصلاً حتى آخر لحظات حياته وقبل لحظات من رحيله وقبل معاودته للطبيب جاء للصحيفة رغم ظروفه الصحية السيئة وقتها يرافقه الإنسان النبيل والجميل وأخو الأخوان الأستاذ الزميل خالد أبو شيبة . ظل داؤود صامداً صمود النخيل يقف بإباء مواجهاً لأزمة القلب ليأتي رحيله مفجعاً لكل من التقى به وكأنما الظروف أرادت أن ينتقل إلى ديار الآخرة دون أن يرى المولود الذي انتظره واختار الرحيل في صمت مخلفاً أطناناً من الحزن . نسأل الله العلي القدير أن يتقبله قبولاً حسناً وأن يلهم آله وذويه ومعارفه الصبر وحسن السلوان وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يحفظ له الله ذريته. إن القلب ليحزن وإنا لفراقك لمحزونون يا داؤود ولن نقول إلا ما يرضي الله . ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .