ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في السنوات الأخيرة ارتفع سقف المصروفات بالأندية ارتفاعاً غير موضوعي، وغير محسوب النتائج، وغير موظف توظيفاً يؤدي لنجاحات مايو 2016م
نشر في قوون يوم 03 - 05 - 2016

جمال الوالي مريخابي، لا يشك أحد في ذلك .. قدم للمريخ الكثير، لا يختلف اثنان على ذلك
استغرب كثيراً لكل الآلة الإعلامية المكثفة التي تهاجم الأخ أسامة ونسي وزملاءه الذين تصدّوا لهذه المهمة
* مدخل أول : لأول مرة في حياتي وعمري الذي بلغ ثلاثة أرباع قرن ، أجد نفسي مدين باعتذار معلن لكل من استمع لي، أو قرأ لي، أو نقل له عني تفاؤلي المتواصل عن مستقبل الكرة السودانية ... وطموحي المتجدد المتكرر كل موسم بأن أحد أنديتنا القيادية سيعتلي منصات التتويج في ذلك الموسم ... وينتهي كل موسم وموسم لنجد الفرق الوحيد من موسم لآخر، هو هل الخيبة في بداية الطريق ، وسط الطريق أم قرب النهاية ... لنبدأ موسماً جديداً نسير فيه على ذات درب الخيبة، وكأننا معصوبي العيون ... وبديلاً لخبرات متراكمة تنضج بها تجربتنا وننافس ، نرى تكراراً لتجربة واحدة محدودة تقود لذات الفشل المتكرر ... فنحن شعب يتحدث كثيراً عن نفخ القربة المقدودة وساقية جحا كجزء، من ثقافتنا ...
* مدخل ثان : لقد كان هناك بصيص أمل في الإصلاح حتى نهاية الموسم الماضي، وذلك لأن ظروف الأندية، والطريقة التي تدار بها الأندية، من النواحي المالية والإدارية والفنية كان من الممكن تدارك الخلل فيها واستعدالها وتقويمها وتوجيهها نحو الطريق الصحيح ... ولترتيب محاور الفشل نبدأ بالمال، فالإدارة، ثم المحور الفنّي، وهو ترتيب مقصود لأن المحور الأول وهو المال سيكون العنصر الرئيس في الإنهيار الكامل لفريقي القمة ... وسأتناول، إن شاء الله، المحاور الثلاثة، كل على حدة ..
* أولاً : محور المال : العلّة : في السنوات الأخيرة ارتفع سقف المصروفات بالأندية ارتفاعاً غير موضوعي، وغير محسوب النتائج، وغير موظف توظيفاً يؤدي لنجاحات أو نتائج تتناسب أو تعادل صرفه ... قبل فترة كنت قد كتبت مقالاً عن تمويل الأندية والصرف عليها، وأثبت بالإحصائيات الفعلية الدقيقة أن تمويل أي من الناديين القياديين كتسيير فقط ، بدون تسجيلات، يحتاج لمبلغ يتجاوز الاثنين مليون جنيهاً شهرياً (لإزالة أي لبس : اثنين مليار بالقديم) ... فإذا علمنا أن دخل أي من الناديين من دخل كل المباريات المحلية في الموسم، ودخل المباريات الخارجية، وحقوق البث التلفزيوني، والرعاية والإعلان، والإشتراكات والتبرعات، لا تتجاوز مجتمعةً اثنين مليون ونصف جنيهاً في كل الموسم ... وهو ما يعادل تسيير شهر ونصف على الأكثر .. وهذا يعني أن مجلس الإدارة مطالب بتغطية عجز مالي شهري يعادل مليون ونصف جنيهاً ... تصدّى في الناديين الكبيرين الإخوة جمال الوالي، صلاح أحمد إدريس، الأمين البرير والآن أشرف سيد أحمد الكاردينال لمهمة ردم هذه الهوّة المتزايدة اتساعاً بكل أريحية وشجاعة، دون من أو أذى ... ولكن العقل والتفكير المتواضع يقول : لا يمكن لهذه المعادلة المعتمدة على الأريحية الفردية أن تستمر، لأنها ببساطة شديدة تمثّل استنزاف موارد شخصية غير مستردة ... واليوم استغرب كثيراً لكل الآلية الإعلامية المكثفة التي تهاجم الأخ أسامة ونسي وزملاءه الذين تصدّوا لهذه المهمة منطلقين من صدقهم ورغبتهم الصادقة في التصدّي لمسئولية كانوا يعتقدون أنها مسئولية مقدور عليها ... ولكن الواقع خذلهم تماماً ... ومصدر استغرابي للحملة المطالبة برحيل المجلس المعيّن اليوم قبل الغد، أن هؤلاء المطالبين لا يدرون أنه لا يوجد الآن بديل جاهز يمكن أن يتولّى هذه المسئولية بصيغتها الراهنة ... كل الحديث عن الجمعية العمومية والديمقراطية جميل جداً ... ولكن الترشيح لمنصب الرئاسة هو مربط الفرس ... أرجو أن نسأل أي متصدّي لرئاسة المريخ أو الهلال سؤالين : كم من الزمن ينوي التضحية بالعمل من أجل النادي ؟ والسؤال الثاني : كم من ماله الخاص ينوي هبته للنادي ؟ ... وعند إجابته على السؤالين، نقوم بعملية حسابية بسيطة : أضرب عدد الشهور التي حددها لقيادة النادي في عجز النادي الشهري ، مليون ونصف جنيهاً ، فإذا تطابق حاصل الضرب مع المبلغ الذي أعلن أنه سيرصده للنادي، أبقوا على هذا الشخص عشرة وعضّوا عليه بكل النواجز ... جمال الوالي مريخابي، لا يشك أحد في ذلك ... قدم للمريخ الكثير، لا يختلف اثنان على ذلك ... لكن جمال، يعلم أكثر من غيره، أن استمراره بذات المنهج الذي يعتمد على قيادة الفرد، وتمويل الفرد هو طريق قصير قصير قصير ... وحتى الهلال الذي ينعم الآن بأيادي أشرف الكاردينال البيضاء، فمصير أشرف لن يختلف كثيراً عن مصير جمال، فالمال الشخصي الخاص له حدود وسقف، والمال العام إذا لم يكن متجدداً ومتناسباً مع الصرف، تبقى مساهمته في الحلول ضئيلة ... ولعل مما يزيد من معاناة الذين يتصدّون للعمل بكل هذه التضحية أنهم يجدون من يسئ إليهم، وقد يشتمهم البعض مباشرة، وهذه هي المعادلة غير المفهومة إطلاقاً على الأقل على مستوى أسرهم ... وما أقوله الآن ليس مجرد ناقوس للخطر أقرعه، وإنما هو صيحة داوية لنفيق من سبات عميق بدأ يخدّرنا جميعاً ... فالنتيجة الحتمية ستكون توقف قطار النشاط ما دمنا نؤمن بمبدأ "أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه" ، وكيف لا يتوقف ونحن لا نملك حق الأجير؟ ... ولننسى حكاية النادي غني برجاله ... ففي الأيام الفائتة احتفينا بنفرة في المريخ، تنادينا جميعاً، تباهينا بأن النفرة وفّرت ما يقارب نصف المليون ... وبعملية حسابية بسيطة نقول إن الوضع المالي يحتاج لأكثر من خمسة وعشرين نفرة في الموسم الواحد قياساً باحتياجات النادي ... هل هذا ممكن؟ ... فإذا لم نتدارك الأمر فالصفر الكبير ينتظرنا في النتائج والمستوى ... ونصبح أمام خيارين لا ثالث لهما : إما القناعة بالصفر الذي يصل حالنا إليه حتمياً والبقاء فيه، أو اعتبار الصفر بداية نؤسس عليها لنهضة جديدة ونستعجله بدلاً عن الانتظار ...
* الحل : لعل أضعف حلقات العمل الرياضي عندنا هي اللا مبالاة في التعامل مع المال ... لا مؤسسية، لا ترشيد صرف، لا قيود للتصرف في حدود الإمكانات المتاحة ... ومن حسن الطالع أن الحل بسيط ومتاح، ولا يحتاج لمجهود جبار أو عبقرية ... وهو حل من خلال محورين : الأول الصرف والثاني الإيرادات ... أما الحل بالنسبة للمحور الأول فيتمثّل في الالتزام الجاد الصارم بشروط الفيفا المالية لترخيص الأندية ... وأهم ملامح هذه الشروط :
* - تعيين كوادر مالية وحسابية مؤهلة ومتفرغة .
* - إعداد ميزانية سنوية مراجعة بواسطة مراجع قانوني ...
* - يكون الصرف في حدود دخل النادي، ولا يحق لأي نادٍ المشاركة في المنافسات الخارجية إذا كانت عليه ديون أو متأخرات حقوق لاعبين، أو جهاز فنّي أو عاملين في النادي، وعلى النادي أن يثبت قبل المنافسة أنه مسدّد لكل التزاماته المالية لكل هؤلاء، أو يقدّم كتابة ما يثبت أنه توصل لتسوية مرضية مع الطرف الآخر ... الإخلال بهذا الشرط لا تقف عقوبته عند عدم المشاركة الخارجية، بل يمتد لإلغاء ترخيص النادي ...
* وهذا بالضرورة يعني البداية من الصفر، البداية تبدأ بتصفية كل ما هو واقع الآن، وانتهاج سياسة جديدة تتحدث عن مستوى صرف على التسجيلات بسقف معيّن، ومما يسهّل تنفيذ هذه الخطوة أن الجنوح والمبالغة في الصرف على التسجيلات ظلّت مقصورة على التنافس بين الناديين الكبيرين ... ولقد أثبتت التجارب السابقة أن إدارتي الناديين عندما قد اتفقتا أكثر من مرة بما سمي " اتفاقية الجنتلمان" التي قضت بعدم التنافس للكسب الإداري في التسجيلات والتركيز على حاجة الفريقين الفنية دون تقاطعات ... أثبتت تلك الاتفاقات نجاحها من حيث الالتزام بين الطرفين ، مما كانت نتائجه الواضحة تقليل الصرف ، وتسجيل لاعبين أثبتوا كفاءةً لأن اختيارهم كان قد تم بناءً على حاجة فنية فعلية لأي من الفريقين ...
* وأما في محور الإيرادات فأي محاولة للاستمرار في الاعتماد على نمطية المواعين الحالية، لن يقود لأي تقدم بأي درجة من الدرجات ... فالمطلوب إقامة مؤسسات اقتصادية مدروسة لتصبح أذرع تمويل للنادي ، أو تحويل النادي نفسه لمؤسسة اقتصادية ذات طبيعة خاصة ... وهنا لا بد لي من الإشادة بالسياسة التي أعلنها الأخ والي الخرطوم سعادة الفريق أول مهندس ركن / عبد الرحيم محمد حسين التي أعلن فيها دعم حكومة الولاية المقدر في تأسيس مؤسسات اقتصادية لصالح الأندية، وتقديم تسهيلات وخدمات تخدم ذات الغرض ... وفي تقديري هذه مبادرة عظيمة ينبغي استثمارها دون إبطاء أو تردد ... ويؤكد هذا التوجه إشارة السيد رئيس الجمهورية لتكن البداية بالهلال والمريخ في معرض حديثه عن قانون الرياضة الجديد ...
* ثانياً : محور الإدارة : العلّة : يكفي في هذا المحور أن نطرح عدداً من التساؤلات ، نعلم سلفاً الإجابة عليها ولكنها ستقودنا حتماً للعلّة في إدارة الأندية ... كم مرة تم تحديد معسكرات إعداد للفريق زماناً ومكاناً وفترةً وتمويلاً ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم مرة تم تحديد سفريات الفرق للتنافس الخارجي زماناً وحجوزات وتمويلاً ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم مرة تم الإعلان عن صفقات تسجيلات لاعبين بمواصفات فنية عالية ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم كان عدد صفقات الأجانب الذين يستلمون حقوقهم بالعملات الأجنبية ، من مدربين وأجهزة فنية ولاعبين ، وقدموا أداءً وعطاءً يعادل ما نصرفه عليهم؟ كم مرة قمنا بتحديد أسس ومعايير وشروط ما نريد أن نتعامل معه قبل الاختيار؟ ... أين التخطيط من المفارقة التي تجعلنا من الدولة الوحيدة على مستوى القارة الإفريقية التي يصل فريقاها الاثنان لدور الأربعة في الموسم السابق في البطولة الكبرى، إلى دولة فريقها الأول يخرج من الدور الأول، والثاني متخوّف ومهدّد بالخروج من دور الترضية بالكونفدرالية من فريق مهدد بالهبوط في بلده هذا الموسم؟ ... لقد كنت ولا زلت على قناعة لم أخفها أن تعاملنا مع اللاعبين المصابين يشوبه خلل إداري كبير ... وكنت دائماً أردد أن أي لاعب لا يكمل أي مباراة أو تمرين مصاباً، مهما كانت درجة الإصابة من بساطة ، ينبغي سفره خلال ثمانية وأربعين ساعة على الأكثر لعناية أي من روابط المشجعين خارج السودان لعرضه فوراً على اختصاصي إصابات الملاعب ... وذلك لأن النتيجة لا تقبل غير احتمالين كليهما إيجابي ... الأول : أن يتضح أن إصابة اللاعب تتراوح بين طفيفة وطفيفة جداً ، وفي هذه الحالة سيعود اللاعب للملعب بمعنويات عالية وبثقة أكبر وباطمئنان على مستقبله ، والثاني : أن تكون الإصابة كبيرة أو جسيمة ، وفي هذه الحالة ، يكفي أن أقول إنه في أكثر من 90% من حالات اللاعبين السودانيين المصابين ، عندما نرسلهم للخارج ، يكون تعليق الدكاترة أنهم جاءوا متأخرين جداً بعد تأريخ الإصابة ... مما يشكّل عنصراً أساسياً في إطالة فترة العلاج ، أو صعوبته أصلاً ... وكلاهما ضار باللاعب وعودته للميدان كما كان ... والسؤال : هل يكلّف اللاعب في هذه الحالة أكثر من ثمن التذكرة ؟ وهل من الصعب على أي رابطة في الخارج استلام اللاعب من المطار وعلاجه وإرجاعه سالماً معافى وبمعنويات عالية لمزيد من البذل والعطاء؟ ... وأسئلة وأسئلة آخرى كثيرة ... والإجابة سلباً عليها تقودنا للصفر الحتمي ، فإما أن ننتظره لنبقى عليه ، أو نستعجل صفراً يكون بداية نؤسس عليها ...
*
* الحل : الوقف الفوري لسياسة الترقيع والترميم والتعامل مع المشاكل بالقطاعي ... والبداية اعتكاف خبراء في كرة القدم ، سودانيين أو مدعومين بأجانب ، لإعداد دراسة وخطة ممرحلة لتأهيل جيل من اللاعبين المتميّزين ، مستفيدين من نعمة الله علينا بالموهبة الفطرية لدى أطفالنا ... وهو تخطيط لن يكلف كثيراً مقارنةً بالصرف الحالي ومضمون النتائج ... ولنؤكد ذلك نقول إن من شروط ترخيص الأندية المعلنة بواسطة الفيفا في محور منشط كرة القدم : " يجب على النادي مقدم طلب الرخصة أن يقدم كتابة برنامج ، وخطة لتنمية تطوير نشاط الناشئين والشباب ، ومن ضوابط الحد الأدنى لهذه الخطة :
*
* - تنظيم جهاز للناشئين والشباب من : هيكل ، أجهزة ، علاقات ، فرق ناشئين ، إلخ ...
*
* - فريق ناشئين مسجل من 10 – 14 سنة ...
*
* - فريق شباب مسجل من 15 – 21 سنة ...
*
* - البرنامج يجب أن يؤكد التزام ومساندة النادي للاعبين في مؤسسات التعليم ...
*
* - توفير الرعاية الصحية للاعبين ...
*
* وبعد إعداد الدراسة يتم تحويلها لبرنامج وخطة زمنية متكاملة، ثم يتم التعاقد مع منفّذين لهذه الخطة، يكون اختيارهم مستنداً على معايير وأسس دقيقة تضمن الحد الأدني من استمرارهم في تحمل المسئولية ... وهذه الدراسة هي الصفر الذي نؤسس عليه مستقبل الكرة ، ودونه الصفر الذي ينتظرنا لنستقر عليه ...
*
* ثالثاً : محور اللاعبين : العلّة : لست من الذين يلومون اللاعبين على أي إخفاقات للفريق ... فلوم اللاعبين في هذه الحالة مثل لوم تلاميذ أي مدرسة تسوء نتائجها في امتحان الشهادة مع تبرئة مدير المدرسة والمعلمين ... النادي مدرسة للتربية السليمة وتنمية الموهبة وإشاعة روح التنافس الشريف بين أفراد الفريق داخلياً وبين الفريق مقابل الفرق الأخرى خارجياً ... ولذلك يجب أن نعترف أنه من أضعف حلقات نشاطنا الكروي هي آلية اختيار اللاعبين ابتداءً ... كلنا نعلم أن فريقي القمة يمثلان أكبر قاعدة جماهيرية، وأقوى آلة إعلامية، وأوفر إمكانات مادية مقارنةً بفرقنا السودانية الأخرى وعلى مستوى القارة الإفريقية ... ونعلم أن كل لاعب سوداني يتطلع لإرتداء شعار أحد الناديين كجسر للفريق القومي وربما الاحتراف الخارجي ... والسؤال البسيط هنا هل حقيقة أن لاعبي الفريقين دائماً يمثلون صفوة اللّاعبين الطموحين؟ ... وهل نحن متأكدون من أن هؤلاء اللاعبين مستوعبون لمسئوليتهم الإضافية كلاعبين في فريقين يمثلان السودان خارجياً بانتظام؟ ... ولعل أسوأ من ذلك آلية اختيارنا للاعبين الأجانب ... أقل ما يمكن أن يوصف به اختيارنا للأجانب أنه اختيار كارثي ، ضرره أكثر من نفعه ، فنحن نصرف عليهم أضعاف ما نصرفه على لاعبينا المحليين ، في حين أن مردودهم يقل كثيراً عن ما يقدمه لاعبونا المحليون في أغلب الأحيان ... هل لدينا أي تفسير أو منطق للدفع لأي شخص مرتب بالدولار ليكون دوره الجلوس على دكة الاحتياطي؟ ... أنا من الذين يقيسون جودة أداء اللاعب بقدراته في الكرات المشتركة مع الخصم ... في آخر مباراة للمريخ رصدت لللاعب تراوري من عشرين كرة مشتركة مع الخصم فشل في استحواذ الكرة سبع عشرة مرة ، وارتكب مخالفة في الثلاث الباقيات ... هذا مجرد مثال واحد ... ولا أريد أن أسترسل ... فإذا أردتم أن تتأكدوا من نوعية اللاعبين الذين نعتمد عليهم ... عليكم بهذه التجربة : قوموا بتسجيل محاضرة المدرب لأي مباراة ، وتسجيل ملاحظاته للاعبين الفردية ، ثم أحضروا تسجيلاً للمباراة بالفيديو ... سيصيبكم الذهول من الفرق بين حديث المدرب وما تشاهدونه ... كم مرة قرأنا أن المدرب عمل على تصحيح أخطاء المباراة السابقة؟ كثيراً جداً ... ولكن كم مرة حقيقة تم تصحيح تلك الأخطاء؟ ...
*
* الحل : أولاً : بالنسبة للاعب السوداني تقوية الرؤية الفنية في الاختيار فالفريقين القياديين هما سدة ولحمة الفريق القومي ، وهذا قدرهما ، وهذا واقع لم نتجاوزه بعد ، ولذلك لا مجال لغير الأفضل لهذين الفريقين ... ثانياً : بالنسبة للاعب الأجنبي علينا بالاستعانة بوكلاء لاعبين مؤهلين ، ويمكن أن نبدأ باتفاقيات تعاون مع فرق المغرب العربي في الاختيار ... أما اللاعبون الأجانب المجنّسون ، أرى أنه لا بد من شرطين أساسيين لتسجيلهم ، الأول أن يكون مؤهلاً فنياً للعب في الفريق القومي ، والثاني أن يكون مستوفياً لشروط الفيفا للمشاركة مع الفريق القومي السوداني ... فالجنسية السودانية ليست بالبساطة التي نستخدمها للتحايل على عدد الأجانب المسموح بهم للفريق الواحد ... وتجربة الشقيقة قطر في التجنيس من أنجح التجارب لأن التجنيس مرتبط بالمشاركة القومية ... ختاماً العودة للصفر والبداية العلمية الجادة أفضل بكثير من الاستسلام للواقع أو محاولة ترقيعه ، وإن كانت البداية من الصفر تحتاج لصبر ، لكنه مضمون النتائج السعيدة ... والله من وراء القصد ...
* محمد الشيخ مدني - رياضي متقاعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.