ا ابدأ هذا المقال بمقطع لقصيدة ،لا اتذكر كاتبها،وعندما خطرت ببالي ،ظهرت علي الفور،صورة الشهيدة بنت عجبنا ،قتلت عمدا بطلق ناري صوبه ضابط شرطه تجاهها فارداها قتيلة، يحتوي مقطع القصيدة علي كلمات معبرة ،تعبر الوجدان الحي سريعا نحو ،فراغ الوا قع المحزن،الذي تغطيه الدولة برداء البؤس ،ونزيف صديد الابرياء المحميين فقط بسلطة الاقلام الصادقة،والكلمات الجريئة ،تبت يدا كل المحال المستحيل،تبت يدا من يقتلون الحب والوطن الجميل،تبت يدا صناع اعمدة اللهب ،تبت يدا حمالة الحرب الحطب. في شهر مارس من العام السابق ،رحلت عن دنيانا الشهيدة عوضية عجبنا ،لم يكن سبب موتها حادث حركة ،او صراع مرير وطويل مع المرض ،الي اخره ،استشهادها نتيجة النار عليها من ضابط شرطة يترأس دورية تتجول في حي الديم من اقدم الاحياء في عاصمة الدياسبورا الداخلية الخرطوم . كل من كان في قلبه ذرة من الود ،شكلوا حضورا كبيرا اثناء تشييعها ،وحضورا مقدرا ،من نساء ناشطات وحقوقيات وسياسيين وطلاب من مختلف الجامعات في الوطن ،تعبيرا عن المواساة لاسرة الضحية ،وتأكيدا ان من قتلها ستناله سهام العدالة ولو طال الزمان ،حتي لو احتمي بدرع الحصانة الذي وفرته له الشرطة ،ليفر الضابط المجرم من العقاب ،تحت فبركة انه قام بهذا العمل اثناء تأديته لواجبه ،لا اكثر ولا اقل . ان قتل عوضية عجبنا ،يجبرني علي سرد مقولة تكررها الاجهزة الشرطية،واراها مكتوبة علي يافطات مبانيها ،ان الشرطة في خدمة الشعب،وما وقع في حي الديم يفند هذه العبارة شبه الفضفاضة ،وتجعلني ايضا اسأل نفسي،ما الذي فعلته عوضية ،كي تستحق الموت المهين؟ ،ولماذا عوضية وامثالها ضحيات ومقتولات في واقع سلطة لا يرمش لها جفن عند تنفيذ القتل؟،اموت الانسان في واقعنا صار بسيطا وهينا لهذا الحد؟ من دون ان يحرك المشاعر ويهزها. عوضية ليست وحدها من اغتيلت بهذا الاسلوب،هنالك عوضية في الشرق والشمال والوسط وكردفان واقاليم الدماء المسفكة كل يوم ، من دون ان تتوفق قطرة دم، مايجعل الفرد يثور ويغضب ،انها قتلت في قلب العاصمة وعمدا،و الخرطوم ليست منطقة حرب ،منتشر فيها السلاح والفوضي مثل الصومال،ويردد الممسكين بها،انها من العواصم الاكثر امنا في العالم،وبعد كل هذا ،الرصاصة زارت جسدها من دون ذنب جنته ،لانها امرأة صبورة ونموذجا للسودانية المكافحة من اجل اخواتها واخوانها ،وهي ضحية غدر داخلي ،يخطط لاخفاء الحقائق عن المجرم الذي سفك دمها من دون ذنب،المجرم يسرح طليقا دون خوف من محاكمته او اعتقاله بسبب ماقام به . وينتظر الكثيرون ان تأخذ السلطة بحق عوضية عجبنا،ومساءلة كل من له صلة وعلاقة بهذه الحادثة،عام مر ،وملفها بعيد عن الرأي العام والشارع يريد ان يعرف من اصدر هذه الاوامر ،المعروف حتي اللحظة ان الضابط هو من اطلق النار،وهل اخفاء ذلك،يورط جهات اخري خشية المحاكمة والوقوف امام القضاء. ان دمها الذي تشبعت به شوارع حي الديم في الخرطوم ،سيصل الي كل من تورط في قتلها او يدرك الحق ويخشي من البوح به ،ان دم عوضية عطر السماء التي تحجبها ادخنة وقتية ،وتتلا شي مع اصرار اسرتها واصدقاءها وصديقاتها بالقصاص في واقع حكم عادل من دون تدخل وتأثير من اصحاب النفوذ ،وتمسك اهلها بحقهم في ذلك،يبين التلكوء والتأخير ،وصرح مسؤولين ان العدالة يجب ان تأخذ مجراها،لا عدالة في ظل (دس) المعلومات . ان عوضية قتلت عمدا،وحقها لن يقتل ويدفن معها،خلفها حشود من الحقوقيين والمتضامين وشباب قرفنا ،نشروا منشورا في موقع حركة قرفنا الا لكتروني طالبوا بكشف الحقيقة وتمليكها للجمهور وتقديم القاتل ومن شارك معه الي العدالة ولا مساومة في هذا القضية،معتبرين عوضية عجبنا رمز للسودانية المكافحة ،ودمها يمثل كل الاسر السودانية ومناطقه المتعددة ،وانها رحلت منذ عام ،وجهها يشع املا في ذواتنا ودواخلنا المحترقة بنيران وطلقات من استباحوا الروح والجسد دون ان يقدموا للمحاسبة يوما ما . يقول الشاعر المصري امل دنقل، الم اقل مرارا،ان المدافع التي تصطف علي الحدود في الصحاري،لا تطلق النيران الا حين تستدير للوراء،ان الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء،لا تقتل الاعداء،لكنها تقتلنا ،اذا رفعنا اصواتنا عاليا،تقتلنا وتقتل الصغارا. اما كان بهذه الطلقة ان توجه الي من سيطر علي اجزاء من اراضينا في الفشقة وحلايب وشلاتين ،رغم علمي ان هذا ليس من واجبها ،لكن لا فرق بين من يحمي حدود الوطن ومن يخدم الشعب او الشعوب ،لا ينتظر منهم الا الاسوأ . قاتل عوضية يعيش مرتاح البال، دون يحسه ضميره علي الاقرار بالجرم في حقها،يعيش وباله في هدوء وسكينة دون ان يخشي رفع الحصانة يوما ما،والذي لا يمتلك الظهر والسند،يضرب علي بطنه حتي الفراق،وعوضية قد يقرب هذا المثل المشهد البئيس ،ولكن حقك ،عوضية عجبنا ،سيأتي ،لن يسقط بالتقادم،وعفي الله عما سلف،لن تمر مرور الكرام ،الا بالوقوف امام العدالة ومحاكمتهم.