اصابتني الحيرة واصابت الجميع ،عندما قرأت اعلانا في صحيفة خال الرئيس غير المنتبهة،عن اعلان وظائف باحدي الدول الخليجية تختص بالنساء وحدهن ،عن وجود وظائف لهن ،وهذا الاعلان الحقير لم يبين نوعية الوظيفة،بل حددت ان يكون لون المتقدمة سمراء اللون،ليست داكنة ،بصريح العبارة ان تكون المرأة المتقدمة سوداء البشرة واللون ،ومرفقة بصور ،توضح شكل المرأة من رأسها الي اسفل قدميها . هذا الاعلان الوظيفي الغريب نشرفي صحيفة يعتقد الكثيرون ،ان توجهها اسلامي ،وتحرض الحكومة علي تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان بعد ذهاب جنوبه،واصبح الشمال السياسي صافيا ونقيا من السود الجنوبيين المسيحيين ،وتكتب كل يوم عن في صفحاتها عن العلمانيين واليساريين وتسئ اليهم وتشتمهم بكلمات فظة ،وتنادي بدولة ان يكون اساسها المتين كتاب الله والرسول.وجاء هذا الا علا ن في شهر مارس/ اذار الذي صادف اليوم العالمي للمرأة وعيد الام ،بدل ان يكون الاعلان يحوي في داخله تقدير لها، وعن دورها في تقدم المجتمعات السودانية ،وماتبذله من جهود مضنية في معارك الحياة اليومية ،من اطفالها ،وكسب قوت يومها بعرقها ،من دون تمد يدها للحكومة المستفزة لمشاعر واحاسيس النساء في وطني السودان.ان النساء في هذه البقعة التي باتت سيئة بافعال الفاسدين واللاخلاقيين في زمن الشريعة الاسلامية الموهومة والمتخيلة،هن الاكثر شجاعة ،باقتحامهن دروب الحياة الوعرة ،بكدهن وجهدن ،اثبتن انهن الاجدر بتحايا التقدير والثناء. فاجأهن الاعلان غير الاخلاقي وغير المحترم لكرامتهن وانسانيتهن ،ان النساء في دولة الشريعة المقدودة ،ليس لهن ادني تقدير واحترام ،رغم جهدهن الخاص في مجال عملهن ،في الوظائف والا عمال الهامشية في القري والمدن . بدلا من نشر هذا الفساد الاخلافي في صحيفة تتبني توجها اسلاميا كما تدعي، ويغالط كتابها،وتزعم انها الحامي للشريعة في زمان اللاشريعة ،ولايحزنون ،اكد لنا الوقت ،فصيلة هذه الفئة التي ضاعت عنها الطريق،وبحثت عن دروب فوجدتها في الدين،وليس الدين المكتوب في امهات الكتب القران والانجيل والتوراة وبقية الاديان ،نهبت منه ،مايفيدها في تحقيق وتنفيذ برامجها الخاصة واهدافها العنصرية ،والتفريق بين ابناء السودان،وللاسف ،كل هذا يتم تحت راية واسم يحمل مضمون ديني،يكرس للكراهية والتقزم الوطني. اي دين ،قد يحمل في دواخله ،احترام للانسان . ان دور النساء في المجتمعات الفقيرة والبسيطة ،دور من الصعوبة تخطيه ،او تهميشه،رغم التقليل والاستهانة بما تقوم به يوميا،في كثير من المجتمعات المحلية ،هي الراعي الرسمي للاسرة ،تخرج للحواشات او المزارع ،والاحتطاب ،والماء،والقيام بتجهيز الوجبات المنزلية ،وتربية الاطفال،دورها اكبر من العمل في المنزل،اغلب النساء في الغرب السوداني ،دارفور وكردفان يقمن بهذا الشغل العظيم. لكن ماذاجري للمرأة ؟ ولماذا التحقير من شأنها بهذا الا سلوب الرخيص؟وهل اصبحت امهاتنا واخواتنا وزوجاتنا عرضة لسلع تجارية جسدية في الخارج؟ وهذا الوصف الذي ذكر في الا علان ،ان تكون المتقدمة سمراء اللون،وليست سوداء،اوكد ان هذا الاعلان ،اعلان تجاري يعترف من مضمونه،ان المتقدمة ستكون سلعة للممارسة الجسدية والجنسية خارجيا،عشنا وشوفنا في ازمنة المشروع الحضاري ،النساء السودانيات،وهن اشرف من كل اعضاء المؤتمر الوطني في بلادي ،تعرضن لهذه الصفعة والاهانة والضرب علي كرامتهن من الخلف. وعلي السودانيات والسودانيين ان يطالبوا الصحيفة التي حوت هذا الجرم بحق نساء السودان،ان تعتذر لهن،ومن ثم محاسبة كل من ساهم في مكتب العمل . المرأة السودانية الكادحة تساوي الالاف من لصوص (همباتة) النظام،والمرأة السودانية الصابرة علي ضغط الحياة اليومي ،كرامتها لا تداس ،كما فعل النفعيين،ومن سرقوا اموالنا وخزنوها في الخارج، المرأة السودانية ابية النفس ،لا تنحني امام ضربات السلطة من كشة ومصادرة ادوات (عدة) الشاي وغيره،نعرفها جيدا ،لن تقبل هذا الاستحقار وبذاءة الكلمات .في نهاية الطريق،وليس اخره،بكلمات من رواية (الخبز الحافي) للروائي محمد شكري،قل كلمتك قبل ان تموت فانها ستعرف حتما طريقها. لايهم ما ستؤول اليه ،الاهم هو ان تشعل عاطفة او حزنا او تزوره غافية ،ان تشعل لهيبا في المناطق اليباب الموات. امهاتي لا يحتجن الي تعريف ،فهن معروفات،عرفن بنضالاتهن وصمودهن في وجه الطغاة السارقين ،واللصوص المتدينين ،والا ئمة المراوغين، ورجال الدين المتاجرين، وهيئة العلماء المشوهين واللاخلاقيين . ومن ثمرات المشروع الحضاري الاسلامي المنحل سلوكيا،هذا الاعلان عن ممارسة الدعارة والجنس في دولة خليجية ،لها مكتب في العاصمة المدافعة عن شرع الله ،خدعوك ياوطن وشوهوا سمعتك