د.حرم الرشيد شداد.. تهجم عليّ شخصان في وسط الخرطوم وساعة الذروة المرورية ، عندما كنت أظن أنني بمأمن داخل سيارتي إلا من القضاء والقدر الإلهي.. فقد كنت بشارع المك نمر مع تقاطع الطابية ،وبالقرب من مستشفى الأسنان فجاةً سمعت صوت الباب الخلفي فتح، وعند إلتفاتي أجد شخصاً من ورائي ،ووجهاً بوجه بكل صلف وتجبر ونصفه داخل العربة ،ويتمتم بكلمات غير مفهومة ،وعند سؤالي له – لا شعورياً – (إنت عايز شنو؟).. إذ بآخر يفتح الباب الأمامي بيميني، ومن الخوف والرعب خرجت من العربية ،وتركتها تعمل ،فما كان من الشخصين إلا أن جريا أمام أعين المارة ،وليس جرياً، بل بخطوات سريعة بعض الشئ ،وسط رعبي وذهول أصحاب السيارات المصطفة في إشارة المرور ،وإنزعاج المارين… فذهبنا إلى القسم الشمالي بعد اتصالي بالأستاذ عادل سيد أحمد، ودون البلاغ. وحقيقة، قدمت الشرطة جهداً مقدراً حتى كتابة هذا العمود، إذ هم في اتصال دائم معي للاطمئنان والمتابعة … وعندما تحدثت في عمود سابق عن اختطاف طفلة ،لم أكن أقصد الإساءة إلى الجهاز الشرطي ، بقدر ما كنت اتحسب لمثل هذا اليوم الذي نسير فيه داخل العاصمة ،ووضح النهار، وبكل أمان.. فنتعرض لمثل هذه الجرائم ،التي لولا لطف الله بي كان من المحتمل أن يكون هؤلاء المجرمون يحملون معهم أسلحة ولو سكيناً أو مطوة ،ويضربوني بها طالما أنهم بهذه الجراءة وعدم الخوف من القبض عليهم.. وتحت أعين المارة من السائقين أو الراجلين المارين بالشارع … السيد مدير عام قوات الشرطة والسيد نائب المدير العا م لقوات الشرطة والسيد مدير شرطة ولاية الخرطوم.. نحن المقربون منكم نعلم مدى الجهود التي تبذلونها وتقدمونها للحفاظ على انضباط الأمن ،بالرغم من الظروف القاسية التي تحيط بالبلد من حروبات وصراعات بجهاته الأربعة ،ووضع اقتصادي مذري ومتدهور ،فقد تطورت الجريمة وانتشرت.. وهذا لا يعني أنكم لا تقومون بالواجب ،ولكن نريد التنبيه بأن يلزمكم الكثير من الإمكانيات المادية والمعينات الحديثة التي نرجو من الجهات العليا أن توفرها لكم ،حتى يصبح جهازكم فاعلاً أكثر فأكثر.. بعد حديث وإشارات وزير الدفاع عبد الرحيم أحمد حسين أمام البرلمان ،فقد دفع بالهجوم الناقد على جهاز الشرطة ،حيت ذكر في مبررات حديثه عن الهجوم على «مهاجرية» و«دلقو» بأن الجيش ترك ميادينه وذهب لتغطية عجز الشرطة في تأمين القوافل التجارية ،لذا دخلت قوات الجبهة الثورية مهاجرية ودلقو واحتلتها …ولا نزال نقول بأن الشرطة هي أمننا وأماننا ،لذا نقسو عليكم حتى تطالبوا بحقوقكم .. بالمزيد من المعينات التي لا ولن تتوفر إلا بتخصيص وتوفير النواحي المادية ..فنحن مسئوليتكم ….والشهادة لله عبر عمودي هذا أرسل كل الأمنيات بأن يمدّ الله يد العون للسيد العقيد شرطة علي عثمان رئيس القسم الشرقي، وكل معاونيه ،وكل الملازمين شرطة الذين درستهم بجامعة الرباط ،وأشهد لهم بالخلق القويم والمعاملة الطيبة، والمثابرة والتضحية بالرغم من صغر سنهم أن يعينهم الله في جهدهم العظيم الذي يقدموه في هذا البلد وخدمتها، ودائماً هم على أهبة الاستعداد لتقديم أي خدمة ، بالرغم من أنهم يعملون تحت ظروف ضاغطة وعصية لا تتناسب مع إمكانياتهم المادية والمعينات التي يجب إلزاماً على الدولة أن توفرها لهم.