في الأنباء – وهو نبأ جيد على كل حال – ان سبعة من أبناء وبنات دارفور الذين اعتقلوا أواخر العام الماضي قد تم الافراج عنهم خلال اليومين الماضيين (بالضمانة)، بينما لايزال آخرون من أبرزهم زميلنا الصحافي جعفر السبكي رهن الاعتقال، كما كانت السلطات الأمنية قد أطلقت سراح البعض في وقتٍ سابق، وخلال شهرين ونصف الشهر هي مدة الاعتقال الذي مايزال بعض المعتقلين قيد الحبس على ذمته، لم تتوقف المطالبات من جهات عدة ونشطاء عديدين بأحد أمرين، إما الاسراع بإطلاق سراحهم أو تسريع إجراءات محاكمتهم أمام القضاء الطبيعي، وهذا بدوره إما أدانهم وحكم عليهم بالسجن أو خلافه من عقوبات إذا ما وجد من خلال محاكمة عادلة ونزيهة توفرت فيها كل أشراط التقاضي العادل أنهم مذنبون قد إقترفوا جرماً إستحقوا عليه العقاب، أو لم يجد شيئاً يدينهم فيبرئهم ويطلق سراحهم فوراً، وهذا هو الحق والعدل الذي لا يتوفر لجهة مهما كانت ومهما إدعت مثل القضاء الطبيعي العادل والحر والنزيه، ولهذا فإن مدة الاعتقال التحفظي أو الاعتقال للاشتباه يفترض أن تضيق لأضيق مدة ممكنة حتى لا يتحول الاعتقال الى عقوبة هو نفسه، بل الأقسى من ذلك سيكون ظالماً ومريراً على المعتقل إذا حكم القضاء فيما بعد ببراءته، وعليه فإن حجم الظلم الذي يقع على المعتقل الذي تثبت براءته أمام القضاء يتناسب طردياً مع مدة الاعتقال، كلما طالت المدة كلما زاد حجم الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، وأن تبرئ ظالماً خيراً من أن تظلم بريئاً (ولاّ شنو سعادتك)….. الآن مضت حوالى ال (75) يوما، شهران ونصف تقريباً، منذ ان توسد زميلنا جعفر ومن معه من الذين مازالوا رهن الاعتقال، منذ أن توسدوا ثرى المعتقل أو سرائره فلا فرق، إذ ليس في الحبس راحة حتى ولو فرشوا لك الرياش والحرير وأحاطوك بالخدم والجواري، فالحرية أغلى من أي ثمن، ومن فقد حريته فقد أعزَّ شيء، فما بالك بحريتك هذه إذا تم تكبيلها باعتقال لا تدري معه متى ينتهي وإلى أي شيء سينتهي، وتظل في حالة من القلق والتوجس والترقب والكدر والهم والغم بما يفوق كثيراً حالك إذا تم الحكم عليك بالسجن حتى لو كان سجناً طويلاً إلا أنه يبقى معلوم المدة، وحكمة أهلنا التي استخلصوها بتراكم التجارب والخبرات تقول (كتلوك ولا جوك جوك)، باعتبار أن وقوع الحدث حتى لو كان سيئاً أفضل من توقعه وانتظاره، وبهذا المعنى فإن المحاكمة أمام القضاء حتى لو أفضت إلى أي حكم، أفضل من إنتظار المجهول في معتقل غير معلوم المدة التي ستقضيها بداخله، ليكون في هذه الحالة خيار السجن أفضل من الاعتقال قياساً بالمثل الشعبي (سجنوك ولا اعتقلوك)، وعليه فإننا لا نتمنى أن تطول فترة بقية المعتقلين أكثر من ذلك، وبطبيعة الحال لا يتمنى أي أحد أن يكون ظالماً دعك من أن يتمنى أن يزداد حجم ظلمه بكرّ الساعات وتعاقب الأيام، ولنا فيمن اطلق سراحهم أخيراً بشرى وبشارة، (ولاّ شنو سعادتك)..