المحاولة الا نقلابية الاخيرة التي نفذها ضباط ينتمنون الي المؤتمر الوطني من الداخل في خطوة شكك فيها الكثيرون ،واعتبروها مسرحية من داخل النظام ،وقام بتنفيذها في شهر نوفمبر الماضي بحجة الاصلاح من الداخل ،وتعرية اوجه الفساد وكشف الاسرار التي اودت بالدولة الاسلامية المتوهمة الي مفترق طرق الضياع .وشارك في هذه المحاولة عدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الامن ،وعلي رأسهم رئيس جهاز الامن السابق صلاح قوش والعقيد في القوات المسلحة محمد ابراهيم ،والعقيد فتح الرحمن،ومحمد زاكي الدين واللواء عادل الطيب وغيرهم ،الا ان بعض من ضباط الاجهزة الامنية الموالية للنظام لم يفرج عنهم بعد الاسترحام الذي قدم الي رئاسة الجمهورية بعد الاحكام المتفاوته التي صدرت ضد الضباط ،الفصل من الخدمة العسكرية والسجن لفترات تراوحت بين 3سنوات الي 5 في محكمة عسكرية جرت في الخرطوم من هذا الشهر ،والغريب في الامر ان محاكمة الامنيين مازال يحيط بها تكتم اعلامي فارضه النظام،علي الرغم من ان من حاولوا اسقاطه من الداخل ،ينتمنون الي الحركة الاسلامية فكريا وايدولوجيا ،وتأتي القرأة المتوقعة لهذه الاحداث ،مدي الصراع الداخلي الذي يجبص الفئة الحاكمة وبروز تيارات داخلية قد اسحت بخطورة التهور السياسي لمجموعة نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني ،ومجموعة السائحون الشبابية المساندة لضباط المحاولة الانقلابية ،ومنتقدة لسيطرة الصقور المساندون للرئيس البشير ،وهم خائفون لمصالحهم،اذا اسقط عبر انقلاب داخلي او رفض الترشح للانتخابات بعد عامين .ما يثير الدهشة ان محاولة انقلابية كهذه ليست المرة الاولي ،بعد انقلاب عمر البشير عام 1989،وبعد مرور سنة علي تحكمهم بالسلطة وفرض ارادتهم الجبرية ،حاول ضباط عام1990 بالاطاحة بالنظام الانقلابي ويقدر عددهم ب28 ضابط ،واعدم جميع من شارك فيها،رغم مرور اكثر من عقدين علي تصفيتهم الجماعية،ولم تعرف اسرهم اماكن دفنهم .ان المجازفات والمخاطر لم تتوقف في عام 2004،اتهمت الحكومة المؤتمر الشعبي بتنفيذ هذه المحاولة واعتقل علي رأسها الترابي الذي صار من اكثر السياسيين عداوة للحكومة والمجاهر علا نية باسقاطها بالطرق المعروفة،وهربت بعض قيادات الشعبي خارج السودان ومنهم الحاج ادم يوسف النائب الاولي للرئيس حاليا،وعدد كبير حكم عليهم بالسجن لفترات متباعدة ،منهم موسي اسحق واخرون اطلق سراحهم الايام الفائتة وليس كلهم وبقية محبوسين. الا حكام السريعة ،ثم تقديم الاسترحام،وبعدها الافراج عن البعض،يضع اسئلة والاجابة عليهم ،حتما ستكون مختلفة باختلاف الاراء والافكار، افرج عن الضباط العسكريين ،لكن المهندس يوسف لبس المتهم بمحاولة انقلاب عام 2004 وصفت من الحكومة بالمحاولة الانقلانية العنصرية،لا لشئ الا لان جزء من كانوا منهم ،من الاقليم الغربي دارفور،ومايلفت الانتباه للجميع ،ان من تورطوا في انقلاب نوفمبر الماضي لم توجه ضدهم تهم عنصرية ،كما جري مع اعضاء المؤتمر الشعبي المعارض ،او تلحق بهم تهم الاعدام ،وهذا طبق علي اعضاء الحركة المسلحة ،العدل والمساواة بعد الهجوم علي الخرطوم في مايو 2008،وحملات الاعتقال العشوائية التي تمت في العاصمة ومدينة ام درمان ،وتأكد بعدها ان سلطات الخرطوم نهجها عنصري وعرقي باين كالشمس ،ومافضح المؤتمر الوطني اكثر،ذلك الشريط الذي سجل ونشر في المواقع الالكترونية ،عن الكلمات الاستفزازية والعنصرية التي وجهت الي اسري حركة العدل والمساواة اثناء التعذيب امام جمع غفير من المواطنين،وكل ماهو عنصري قيل وافصح عنه امام الجميع،ورفع الغطاء عن العنصرية المستترة والمتداولة سرا .وفي مارس من العام السابق اصدرت الحكومة احكام بالاعدام علي قيادات بحركة العدل والمساواة وكانوا ستة، منهم ابراهيم الماظ ،وعشر،السر تية،افرج عن الضابط ابراهيم محمد ،وزملا ءه وقبل استرحامهم ،اما ابراهيم الماظ،والسر تية وعشر ،والمهندس يوسف ليس،والعشرات من نساء كادوقلي في سجن الابيض بتهم التخابر الي الحركة الشعبية -شمال،ومن النساء في المعتقل خديجة محمد بدر بعد كسر ظهرها من الضرب،حتي ابسط الحقوق العلاجية البسيطة لم توفر لها ،ونساء من الهامش في السجون دون توجيه محاكمات واخرون قابعون في ديار التعذيب اليومي ،من دون ان ينظر اليهم نظرة انسانية ،لان العقل العنصري في المركز المهيمن سياسيا واقتصاديا،نظرته الي السودانيين،نظرة تمييز بجوانبها المتعددية،منها العنصرية الايدولوجية ،وظهرت هذه مع محاولة الانقلاب قبل عقدين،اتهم فيها تياري عربي بتنفيذها ،وعنصرية عرقية ،ظهرت في محاكمات ابناء غرب السودان في انقلاب 2004ونتائج دخول العدل والمساواة الي الخرطوم قبل 5 سنوات ،والاحكام التي صدرت ضد كل من القي القبض عليهم،كانت قاسية جدا،لا لشئ الا ان العقل العنصري في السلطة اليساسية الشمالية اصبح في غاية الوضوح للعيان.وهذه العنصرية كشف عنها القائد المرحوم المنسلخ من الحركة الاسلامية يحي بولاد . وبعد تجربته مع الحركة الاسلامية ،وصل داؤد يحي بولاد الي قناعة راسخة في عقلية المركز الاسلاموعروبي ،ان الدم صار اقوي من الدين في الحركة الاسلامية،عندما سأله الراحل جون قرنق عن اسباب الخروج من التنظيم الاسلامي والانضمام حركة علمانية التوجه والافكار،وتوفي داؤد في دارفور في التسعينات من القرن الماضي وافكاره لم تمت برحيله،ظلت متقدة الي ان اشتعلت 2003. ان قرار الاعفاء الرئاسي بحق الضباط الثمانية وتجاهل اخرون حوكموا في الجرائم ،منها التخطيط والسعي الي الاطاحة بالنظام،الشئ الوحيد الذي يجب ان يعلمه الغالبية، اتباع النهج العنصري العرقي والتمييز بين ابناء الشعوب السودانية يمارس كما اوضحت سابقا،ان انسان الهامش في النيل الازرق وجبال النوبة بمنطقة جنوب كردفان واقليم دارفور ،هؤلاء حظهم سئ وتعيس دائما ،اعتقلوا باسباب محاولات انقلابية وتخريبية ،تنتظرهم سنين عددا في غياهب المعتقلات وتعذيب ممنهج حتي مفارقة الحياة ،انها السلطة المستثمرة في الفوارق الانسانية لمصالحها المؤقتة الذائلة .