كمال كرار شاف الغفير ما يعمله المدير وقال لنفسه ما فيش حد أحسن من حد ، وفرض علي من يودون الدخول لباب المصلحة رسوماً مالية او عينية يتحصلها لمصلحته الشخصية . يدخل من يدفع رسوم الغفير دون عناء ويتمرمط في الباب من لم يفهم درس العصر ، ويدخل أيضاً من يدفع الرشوة علي شكل سيجارة . وشيئاً فشيئاً رحل الغفير من الراكوبة الملحقة بالمصلحة إلي بيت مبني بالطوب الأحمر في ناحية بعيدة من نواحي الخرطوم . وهنالك قلّد سلوك السدنة والتنابلة وصنع علامة سوداء علي جبهته لزوم الورع والتقوي ، وصار من بطانة المعتمد ورئيس اللجنة الشعبية . ورويداً رويدا أصبح كاتم سرهم ، وجالب المحظورات إليهم ونديمهم الذي لا يشق له غبار . وعن طريقهم حصل علي موافقة السلطات من أجل تشييد زاوية للتعبد في ميدان كرة حدادي مدادي . ودخل إلي مكاتب حكومية وبيوت وزراء وسفراء وتنابلة من اجل الحصول علي تمويل للزاوية المزعومة . وسجل منظمة تطوعية أسماها الزاوية الصالحة ، واستقطب ممولين من بلدان ( كافرة ) وتعلم كيفية توقيع الشيكات وفتح الحسابات ، وطبع كروتاً شخصية باسمه تسبقه كلمة الوجيه . وبني الزاوية في ربع المساحة الموجودة وفي الباقي مخبز آلي وكافتيريا لبيع السمك والشربوت ( الحادق ) . وصار الوجيه الغفير سابقاً راعي الفريق الرياضي بالحي ، وإمام الزاوية ، ومعتمد المنطقة في زمن قياسي . وترقي في مراتب الحزب الحاكم حتي وصل إلي مجلس الشوري ، ثم دخل البرلمان وصار رئيساً للجنة الحفاظ علي المال العام . وحافظ المدعو الوجيه علي المال العام بطريقته ، وخصخص القطاع العام لصالح محاسيب وتنابلة واستلم العمولة بالنقد الأجنبي . وحصل علي أرض مميزة في حي فاخر عن طريق اللفة بني عليها قصراً علي شكل ناطحة سحاب عن طريق تمويل بنكي . وعن طريق النفوذ ، لم يدفع للبنك أي مليم أحمر ، وصار عضواً بمجلس إدارته ، يهبر من المال الخبيث أبو كديس ولما سافر للسياحة خارج السودان صادف المدير الفاسد ( القديم ) في واحد من مطارات العالم وشكا له الأخير من ضيق ذات اليد ، فمنحه من طرف الشنطة السامسونايت مبلغ ربع مليون دولار ، قائلاً له أنت شيخي ومعلمي في دنيا المال . وحتي يمسح السيرة الذاتية ( الفقيرة ) تبرع لجامعة ( هكر) بمبلغ معتبر فمنحته الدكتوراه الفخرية في العلوم ، وأصبح مثقفاً يستمع لأم كلثوم . الآن يستعد لدخول القصر الجمهوري لأداء القسم وزيراً في التشكيلة الوزارية الجديدة بعد أن رتب أموره مع مقاولي انفار المناصب السيادية . وحالما يتوهط في كرسيه الجديد سيصدر قراراً وزارياً بفصل الغفير للصالح العام حتي لا ينطبق عليه المثل القائل ( ابن الوز عوام )