تقرير صندوق النقد الدولي عن السودان على طاولة التشريح خبراء : المخرج في مراجعة السياسات الاقتصادية وصف خبير تقرير صندوق النقد الدولي عن وضع الاقتصاد بالبلاد بأنه صحيح ومطابق لما يجري على أرض الواقع من تراجع اقتصادي وصفه التقرير بأنه سجل أكبر انكماش في الاقتصاد السوداني على مدى تاريخه لجهة تسجيله معدل تراجع بلغ 4.4% في 2012 بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والسياسات الاقتصادية، وبينما سجلت جميع البلدان العربية معدلات نمو فوق ال 2% بما في ذلك بلدان الربيع العربي التي تشهد الكثير من المشكلات الا ان الاقتصاد السوداني أظهر ضعفاً واضحاً بحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أمس الاول. ووفقاً لتقديرات الصندوق فان مستوى احتياطيات النقد الأجنبي في السودان هي الأقل عربياً حتى مقارنة بدول فقيرة مثل موريتانيا وجيبوتي حيث تراجعت الاحتياطيات التي يحتفظ بها البنك المركزي السوداني الى أقل من ملياري دولار في مارس الماضي. وأظهرت احصاءات الصندوق آفاقا قاتمة للاقتصاد السوداني خلال العام المقبل حيث توقع التقرير أن يسجل أقل معدل نمو في البلدان العربية. وأوضحت الاحصاءات أن الدين العام ومعدلات عجز المالية العامة تخطتا الناتج الاجمالي بأرقام فلكية حيث بلغ الدين العام أكثر من 45 مليار دولار فيما وصل العجز في المالية العامة الى أكثر من 100% من الناتج المحلي. وفيما أظهر التقرير تحسناً طفيفاً في معدلات البطالة التي ظلت فوق حاجز ال 10% أرجع بعض الخبراء ذلك الى تزايد معدلات الهجرة في أوساط الشباب خلال العامين الماضيين خصوصاً الى دول الخليج المنتجة للنفط مثل الامارات والسعودية وغيرها لكنهم توقعوا مزيداً من الارتفاع العام المقبل حيث تستعد السعودية لترحيل عدد كبير من العمالة السودانية المخالفة لنظام الكفيل. وبلغ رصيد المالية العامة في السودان وفقاً لاحصاءات الصندوق 5% من اجمالي الناتج المحلي وهذا يعني أن هنالك تدهوراً كبيراً في المالية العامة للدولة مما يستدعي اتخاذ اجراءات عاجلة لمعالجة الأمر وعدم انتظار عائدات تصدير نفط الجنوب غير المرئية حتى الآن والتي تقدر في أحسن الأحوال بنحو 500 مليون دولار خلال العام الجاري اذا ما سارت الأمور بشكل جيد من دون حدوث عقبات سياسية أو أمنية. وقال الصندوق ان الأمر يتطلب اتخاذ اجراءات حاسمة على مستوى السياسات هذا العام كما يتعين زيادة الضبط المالي، وزيادة مرونة أسعار الصرف، حتى يتسنى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وبث الثقة وتحسين القدرة التنافسية وتعبئة التمويل الخارجي. وسيكون من المهم بذل هذه الجهود بطريقة متوازنة اجتماعياً، مع دعمها باجراءات ملائمة لحماية الشرائح الفقيرة والضعيفة. وستعتمد التطورات الاقتصادية في البلاد على مستوى الثقة الذي لا يزال حساساً للتطورات السياسية والاجتماعية. وعلى صعيد الخبراء المحليين يقول البروفيسور عصام بوب ان صندوق النقد إحدى مؤسسات التمويل العالمي التي تعتمد على تقديرات باقي المؤسسات الدولية في تقييم أحوال أي بلد اقتصاديا على مستوى الأداء والسياسات رغم ما يعاب على الصندوق من وقوعه تحت تأثير جملة من الضغوط من بعض المنظمات المتنفذة عالميا، بيد انه بحسب بوب يضطر لاخراج تقاريره بكل أمانة وأن تقريره الأخير عن تردي الأوضاع الاقتصادية بالسودان صحيح تماما بل ربما كسته مسحة من التفاؤل في ما أورده من أرقام عن تراجع معدل النمو بصورة سالبة الذي في تقدير بوب قد تراجع بأكثر مما أورده تقرير الصندوق، وقطع بتراجعه بمستوى أكبر خلال السنة المالية المقبلة نظرا لازدياد الطلب على المستورد من المواد الغذائية جراء خروج مناطق زراعية شاسعة جديدة من دائرة الانتاج بجانب السياسات الاقتصادية التي تضغط على المنتج والمواطن في الحياة. وزاد بوب أن ما يجري على أرض الواقع يكشف بجلاء أن الخبراء يتحدثون في وادٍ والحكومة تغرد في وادٍ آخر ، وضرب مثلا بقرار البنك المركزي مؤخرا الخاص برفع السعر التأشيري بما يفوق 5.6 جنيه للدولار مما عده بوب اشارة واضحة وعلامة لفقدان السيطرة على أي قدرة حكومية لاصلاح الوضع الاقتصادي. وأضاف بوب أن البنك المركزي أصبح مثل تجار السوق الأسود وأن قراره الأخير سيطلق العنان لسعر صرف الدولار في مقابل الجنيه وأنه سيرتفع بقيم فلكية هذا بجانب ارتفاع المحصلات الجمركية وأسعار الخدمات الحكومية على المستورد والمنتج محليا من السلع يضاف الى ذلك ما وعد به وزير المالية من زيادة أسعار السلع الرئيسة الذي سيجر معه بقية السلع الأخرى. وأضاف بوب أن كل هذه العوامل ستفضي لزيادة معدلات التضخم الراكد الذي سيتحول من جامح الى تضخم صاروخي. وأضاف بوب بأن ما يقدره أن القطاعات الاقتصادية المعوقة بالأصل ستشل حركتها وقدرتها على الانتاج على رأسها القطاع الزراعي الذي يواجه بداية موسم جديد .وختم بأن المخرج من وهدة الاقتصاد بالبلاد يكمن في ذهاب الادارة الاقتصادية والادارية التي لا تنصت لصوت العقل ولا تسمع صوتها . وغير بعيد عن افادة بوب يقول المحاضر بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون ان تقرير الصندوق الأخير عن الوضع الاقتصادي بالبلاد صحيح ودقيق للعلل التي تعتريه ، كما شخص القائم بالأعمال الأمريكي استنافورد أن السودان يحتاج للاسلام الصوفي لا الاسلام السياسي، وزاد هنون نعم قلد تراجع الاقتصاد السوداني بشكل ملحوظ وسجل في التقارير العالمية الموثوقة التي صدرت من صندوق النقد الدولي الأمر الذي اعتبره هنون تأكيدا لما ظل يدلون به لوسائل الاعلام بأن الاقتصاد السواني سيمنى بتراجعات غير مسبوقة على مستوى اجمالي الناتج المحلي ومعدلات التضخم والتقلبات الحادة لسعر الصرف الذي أضحى أشبه بأمواج عاصفة عاتية في بحر لجي على حد قول هنون علاوة على ارتفاع مستوى البطالة وسط المواطنين بما يفوق 60% ، وأضاف هنون أن الأجواء القاتمة نتاج طبيعي لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي علاوة على الانفلات الأمني الذي أفضى لانفصال الجنوب وظلت تئن تحت وطأته بؤر كثيرة من أصقاع البلاد بجانب ارتفاع تكلفة المعيشة وغلاء الأسعار الفاحش الذي قاد لتفشي سوء التغذية جراء تراجع الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين . وختم بأن المخرج من أزمات الاقتصاد يكمن في العكوف على مراجعة كافة السياسات الاقتصادية الكلية بالبلاد بجانب التوافق على حلول سياسية جريئة وشجاعة تقود لانفراج اقتصادي يقوم على تحسن المؤشرات الكلية له .