حرب مفروضة وهُدنة مرفوضة!    البرهان : وجود الإخوان في الجيش ادعاءات كاذبة    الحركة الشعبية شمال المتمردة ترتكب أكبر مجزرة بحق الأطفال بكالوقي    اكتشاف غامض في السودان    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تفاصيل مرعبة بشأن"الانفجار الضخم" في نيالا    توضيح روسي بشأن بناء قاعدة عسكرية في السودان    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان عثمان بشة يدعم صقور الجديان بأغنية جديدة    شاهد بالفيديو.. الفنانة ريماز ميرغني تغني في "حنة" زواجها "السمحة يا نوارة فريقنا" والجمهور يبارك: (ربنا يسعدك يا محترمة)    في الدّوحَة وكيجَالي.. هِلالَك هَلّ وأشرق نوره بقى (هِلالين)    آرسنال يتمسك بالصدارة    رئيس فيفا يشيد بصقور الجديان والجمهور السوداني    طريقة فعّالة لمحاربة الرغبة بتناول الحلويات والوجبات السريعة    الدعم السريع تحتجز ناجين من حصار الفاشر للحصول على فدى    التعادل الايجابي يحسم ديربي دنقلا    ثنائية مبابي بمرمى بيلباو تنهي معاناة ريال مدريد في "الليغا"    شاهد بالصورة والفيديو.. جمهور مواقع التواصل بالسودان يحتفي ويتغنى ببسالة ورجولة مدافع المنتخب "إرنق" في إحتكاك مع مهاجم المنتخب الجزائري بعدما قام بالتمثيل    شاهد.. سعد الكابلي ينشر صورة رومانسية مع زوجته "كادي" بعد حفل زواجهم الأسطوري ويتغزل في أم الدنيا: (مصر يا أخت بلادي يا شقيقةْ)    شاهد بالفيديو.. معلق مباراة السودان والجزائر: (علقت على مباريات كبيرة في كأس العالم وما شاهدته من الجمهور السوداني لم أشاهده طيلة حياتي)    شاهد بالصورة.. عرسان الموسم "سعد وكادي" يغادران مصر في طريقهما لأمريكا بعد أن أقاما حفل زواج أسطوري بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    دراسات: انخفاض ضوء الشتاء يغيّر نمط النوم    كم مرة يجب أن تقيس ضغط دمك في المنزل؟    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    شبان بريطانيا يلجأون للمهن الحرفية هربا من الذكاء الاصطناعي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لخفنة» المعايير!
نشر في حريات يوم 04 - 06 - 2013


[email protected]
لا تستغرب تأخر النصر إذا كانت المعايير التي تخوض بها معركتك «ملخفنة». يجب مثلا أن ترسى لك على بر فيما يخص موقفك من شعبك، هل حقا تراهن على العقل الجمعي لهذا الشعب ورغبته في إختيار الأفضل لكي يصدقك الكل عندما ترفع شعار «الشعب يريد»؟، أم أنك لا تثق في الإختيارات الشعبية التي خذلتك لأكثر من مرة في صناديق الإنتخابات وتظن أنها ستخذلك إلى الأبد طالما استمر غياب الوعي السياسي والتأثر بالشعارات الدينية والعصبيات القبلية والعائلية، وسيكون عليك وقتها أن تعلن بصراحة أنك غير مكترث بفكرة «الشعب يريد» وأنك ستسعى لفرض ما تظنه الأفضل على هذا الشعب سواءا كان ذلك بقوة المؤسسسة العسكرية أو بقوة الشعارات الدينية أو بقوة «فيها لا أخفيها»، وسيكون عليك عندها أن تدفع ثمن إختيارك ذلك بوضوح وشجاعة بدلا من أن تختبئ وراء فكرة «الإرادة الشعبية».
للأسف، حتى يحدد الجميع موقفهم بصراحة من فكرة قبول الإحتكام للإرادة الشعبية، سنظل نحيا مهزلة المعايير الملخفنة التي تجعل صراعاتنا السياسية تبدو بلا مستقبل، ويظهر المتصارعين فيها شديدي العصبية بما لا يليق بأناس يفترض أنهم يثقون في تأييد الشعب لهم. إذا كنت تشعر بالسعادة لأن هناك سبعة ملايين من أبناء شعبك العظيم قد أيدوا حملة تمرد الداعية لسحب الثقة من مرسي، فالمفروض أن تكون واثقا في أن ربع هؤلاء أو حتى خمسهم لو خرجوا إلى الشوارع رفضا لسياسات الإخوان سيصبحون رقما صعبا يهدد أكثر النظم بوليسية، وكل ما عليك أن تسعى لإعلان بديل سياسي واقعي ينقل هؤلاء من مرحلة توقيع الأوراق إلى مرحلة «توقيع» النظام. على الناحية الأخرى إذا كنت كإخواني تصدق حقا أن الشعب العظيم كله يؤيد مرسي ويقف وراءه فلماذا تتوتر وتتعصّب وتفجُر في الخصومة مع كل من يطرح فكرة الإنتخابات الرئاسية المبكرة التي لم تأت من فراغ، بل جاءت بسبب كذب رئيسك وإسالته لدماء المصريين وقيامه بشق صفوفهم وتسميم عيشتهم.
أنت تعلم أنني لست من الشغوفين بترديد عبارات «الشعب العظيم» ولا «الشعب الخانع» ولا أي أوصاف عامة تطلق على جماعات من البشر، فالشعب المصري مثل كل الشعوب التي خلقها الله، يسري عليه كغيره القوانين التي تنظم الكون، ومن بينها أنه لا محالة سيتعلم بالتجربة، لكن هذا التعلم لن يتحقق إلا برفع كافة أشكال الوصاية المفروضة عليه من كل الجماعات والسلطات والنخب، ولتتأكد من كون ذلك التعلم حقيقة واقعة، انظر إلى التراجع المدهش في أرقام الذين صوتوا لتيارات الشعارات الإسلامية خلال الإنتخابات والإستفتاءات الماضية، وضع في إعتبارك أن ذلك التراجع كان سيتضاعف لو كانت التيارات المناهضة لتيارات الشعارات الإسلامية قد نجحت في طرح بديل مقنع يستقطب إليه ملايين المصريين غير المؤدلجين.
أعلم مثلك تماما كل ما يعانيه شعبنا من عيوب وأخطاء وتشوهات موجودة فينا جميعا، لكنني شاركت في الثورة كمواطن لا لكي أفرض على الشعب فكري الذي أؤمن به، بل لكي أطالب للشعب بحق تقرير المصير، طيب لنفرض أن هذا الشعب اختار التخلف، هذا حقه الكامل، لكنني سأظل أقاوم الإختيارات الشعبية التي أراها خاطئة بكتابتي وأفكاري ومشاركتي كمواطن ضمن الأسقف المتاحة التي سأسعى في نفس الوقت إلى رفعها وتحطيمها ومستعدا لدفع ثمن مقاومتي تلك راضيا طائعا، دون أن أدعو إلى فرض ما أراه تقدما على الشعب بالقوة الجبرية، لأنه مهما كانت اللعنات التي يسببها الإحتكام إلى الصناديق، ستظل البديل العملي الوحيد القابل للتطبيق حتى الآن، وإذا كانت الصناديق ستحمل إلى الحكم من يتخذونها وسيلة لقهر معارضيهم، فمقاومة ذلك متاحة بكافة وسائل الضغط الشعبي وبالتعبير الجرئ الصادق عن الرأي، وليس بإيهام الناس أن الديكتاتورية أبرك من الصناديق.
نعم، أقدر مخاوف البعض من وقوع مصر إلى الأبد رهينة لتيار ظلامي لكنني سأظل أذكرهم حتى وإن كرهوا ذلك بأن ما سينجيهم من هذا الخوف لن يكون أبدا إستعانتهم بقوة مسلحة لقمع هذا التيار، بل أن يسعوا إلى مزيد من توريط هذا التيار مع الواقع، لأن نتائج ذلك مع كثير من الصبر والوعي والأمل، ستكون أفضل مليون مرة من التقدم القشري الذي يتم فرضه بالقوة على السطح، في حين يظل الواقع عفنا ومتخلفا ومثيرا للقرف.
قد يبدو لك كلامي مملا وثقيل الظل وخاليا من السخونة التي «تناسب الأحداث» والتي تصفق لأي حل يجعل المصريين يقتلون بعضهم في الشوارع، لكن هذه معاييري التي أحكم بها على الواقع ومن حقك أن تعرفها ومن واجبي أن أذكرك بها: أعرف عيوب شعبي جيدا لكنني أؤمن أنه مثل أي شعب يتعلم من التجربة سينتصر في نهاية المطاف وبعد دفع الثمن للتقدم والجمال والتحضر، أؤمن أن إنتصار الحرية في واقعنا يبدأ في إنتصارها أولا داخل عقولنا وقلوبنا وأن الواقع وحده قادر على أن يكشف خواء جميع الشعارات التي تبدو براقة وسهلة التحقق، أؤمن أن العيش المشترك وإن بدا فكرة ثقيلة الظل هو المصير الوحيد الممكن للإنسان على هذه الأرض، المهم أن يكتشف الإنسان ذلك مبكرا قبل أن يدفع الثمن غاليا من دمه ورزقه وأمانه ومستقبل عياله.
صدقني، لن تنتصر نصرا نهائيا على أعداء الحرية إلا عندما تكون أنت حقا مؤمنا بحرية أعدائك في ممارسة حرياتهم كاملة غير منقوصة، ماذا وإلا ستظل معاركنا السياسية مجرد حرب ملخفنة المعايير بين الطبعات المختلفة من العداء للحرية، وهي حرب سيخسر فيها الجميع، فكما قال إبن تيمية قولته الشهيرة التي صارت حجة على الإسلاميين فيما بعد «إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة»، تستطيع أن تقول أن الله لن ينصر الفئة ذات المعايير الملخفنة والأفكار الظالمة وإن كانت مؤمنة.
والله أعلى وأعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.