القوة المشتركة تكشف عن مشاركة مرتزقة من عدة دول في هجوم الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة تذويب السودان وحكومة الإسلامويين تنفذ الخطة -ا لجزء الأخير
نشر في سودانيات يوم 04 - 09 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
خطة تذويب السودان وحكومة الإسلامويين تنفذ الخطة
د. أحمد حموده حامد
[email protected]
تبدو معالم صورة تفتيت السودان واضحة جدا, إذ قد استوت سابقة فصل الجنوب عن بقية الوطن, تولد على أثرها دولة جنوب السودان. هذه سابقة قبلت بها حكومة الإسلامويين في الخرطوم, بل لقد سعت ٌإليها حثيثا, وهي بهذا قد اختطت قواعد اللعبة وقبلت بشروطها: لعبة بناء الدولة على أسس عرقية/عنصرية/دينية/جهوية, ما معناه بداهة في حالة السودان المتعدد العناصر والأعراق أن يذهب كل عنصر وعرق يختلف عن العنصر العروبي إلى حال سبيله. ويعني ذلك أن يذهب دارفور الأفريقي, ويذهب شرق السودان البجاوي ويذهب شمال السودان النوبي. وسوف ينحصر ما تبقى من دولة السودان فى مثلث حمدي الشهير من ألجيلي- الخرطوم- الجزيرة إلى تخوم كردفان. نستعرض فى هذا المقال مآلات خطة تذويب السودان, وننظر إلى الواقع المؤلم والمستقبل المجهول الذي ينتظر أبناء السودان.
الوحدة القسرية المفروضة من الصهيونية على الشمال السودانى مع مصر:
لا يظنن أحد أن تمدد مصر المحتمل وابتلاعها للسودان الشمالي سوف يقوّي من شوكتها. فقد سبق السيف العزل بفصل جنوب السودان وسواء أن تمددت مصر في شمال السودان أم لم تفعل, فقد سددت إسرائيل الضربة القاضية لمصر تلك الضربة التي انتظرتها طويلاً, خططت لها وعملت لها بكل أناة وصبر على مدى عقود ودون إهدار روح إسرائيلي واحد, بل كان الثمن إزهاق الملايين من أنفس السودانيين مع علم ومباركة مصر. والآن تدفع مصر الثمن غالياً اليوم وفي مستقبل الأجيال, فقد وضعت إسرائيل - عدو مصر اللدود – بدها على شريان حياة مصر كلها, ويمكنها توقيف حياة مصر متى ما شاءت, أو متى ما تمردت مصر أو رفضت الانصياع لأوامر تل ابيب.. لكن لماذا كل هذا التكتم والتستر من قبل مصر على ما يجري في السودان رغم أنها تعلم بل تشارك وتبارك فيما يجري؟
ربما أن هناك صفقة قد تمت بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة, ومصر من جهة أخرى, تقوم بموجبها الأخيرة بدور السمسار لتسهيل عملية فصل جنوب السودان وغربه عن بقية الجسم السوداني (دونك الزيارات المكوكية المتتالية لقمة جهاز الحكم المصرى الى السودان قبيل الاستفتاء على فصل الجنوب حاملين رسائل من الولايات المتحدة لحث حكومة الخرطوم على تسهيل الاستفتاء), لصالح إسرائيل وحلفائها الغربيين بقيادة الولايات المتحدة, في مقابل اطلاق يد مصر فى بقية الشمال السوداني وربما ضمه الى أراضيها تحت دعوات الوحدة والكنفدرالية. فمصر- بحكم موقعها الريادي كالقوة الإقليمية الرائدة لجامعة الدول العربية والشرق الأوسط وفي محيط القارة الأفريقية - فأنها تستغل هذا الموقع الريادي لتحقيق مصالحها القومية في تفاهماتها مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى واسرائيل على حساب الدول الضعيفة كالسودان الواقعة في دائرة قطبها الإقليمي. ولذلك رأينا كيف أن مصر ظلت تنتهج على الدوام سياسات تكون مصلحتها النهائية هي إبقاء السودان في حالة من الضعف المستديم والذيلية. تتقاطع الإستراتيجية المصرية مع الإستراتيجية الإسرائيلية لذات الهدف – إبقاء السودان في حالة من الضعف المزمن. هذه إستراتيجيات بعيدة الآماد, وقد تستغرق عقوداً حتى تأتي أكلها. وهذا يبرر لماذا حرصت مصر على الدوام على دعم الأنظمة العسكرية والدكتاتورية في السودان وعادت بل قوّضت نظم الحكم الديمقراطية القومية, لأنها - أي مصر - لا تستطيع تمرير مثل هذه الإستراتيجيات في ظل أنظمة ديمقراطية منتخبة وذات تفويض من القواعد الجماهيرية وتتمتع بالوعي والوطنية التي تعصمها من البصم على الإرادة المصرية (مثال لذلك دعم مصر لانقلاب الجنرال إبراهيم عبود 1959م حتى يسهل على مصر إتمام صفقة قيام السد العالي فى أرض النوبة السودانية بوادى حلفا). ولذلك تدعم مصر دائماً الأنظمة العسكرية الديكتاتورية في السودان - الجنرال إبراهيم عبود في انقلابه على الديمقراطية النيابية عام 1959م, ثم انقلاب الجنرال جعفر النميري على الديمقراطية البرلمانية عام 1969م, واخيرا انقلاب الجنرال عمر البشير على الديمقراطية النيابية عام 1989م. تجد مصر في هذه الأنظمة العسكرية ضالتها لتمرير مصالحها القومية على حساب السودان نظراً لأن هذه أنظمة ضعيفة معزولة ليس لها قواعد أو تفويض جماهيري أو وعي سياسي أو حس وطني, ولذلك فهي تعتمد على مصر لتوفير الحماية لها في ضمان كرسي الحكم, بينما هي تبصم على تمرير الإرادة المصرية (مثال لذلك حين رفضت الحكومة الديمقراطية المنتخبة في وزارة عبد الله خليل على تمرير صفقة بناء السد العالي في أرض النوبة السودانية بوادي حلفا دعمت مصر انقلاب الجنرال إبراهيم عبود عام 1959م حتى يسهل عليها تمرير الصفقة, حيث غمرت مياه بحيرة ناصر أراضي حلفا القديمة). وبذلك قوضت مصر النظام الديمقراطي فى السودان بعد ثلاث سنوات فقط من استقلاله عن التاج المصرى. كانت هذه هى المرة الأولى التى تقوم فيها مصر بتقويض النظام الديموقراطى فى السودان. المرة الثانية كانت ضرب سلاح الجو المصرى بقيادة قائد طيار حسنى مبارك معاقل الأنصار فى الجزيرة أبا عام 1971واستشهاد أمامهم الأمام الهادى المهدى. حسم سلاح الجو المصرى المعركة لصالح الانقلاب العسكرى بقيادة جعفر نميرى حتى استتب الأمر للانقلابيين العسكريين الذين انقلبوا على الشرعية الديموقراطية وقوضوا النظام النيابى السودانى بدعم من مصر.
مخازي حكامنا:
جاء في برتوكولات حكماء بني صهيون, البرتوكولات رقم (8) الآتي:
" ... وما دام ملء المناصب بإخواننا اليهود فى هذا الأثناء غير مأمون, فسنعهد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم وفسدت أخلاقهم حتى تقف مخازيهم فاصلاً بينهم وبين أممهم". إن ارتباط حكامنا بالمحافل الماسوتية ليس تهمة, بل هو حقيقة أكدتها الحقائق الرسمية ووفرتها شبكة المعلومات العنكبوتية لمن يريد أن يستزيد. فالذين يحكموننا اليوم هم جنود مجنّدة لخدمة أهداف الصهيونية العالمية, وقد ارتكبوا من المخازي في حق شعوبهم ما سوف لم يعصمهم حين تثور براكين الغضب لدى الشعوب عليهم. أنظر كيف أن حكومة السودان استهلت عهدها الأول باستحداث بيوت الأشباح لممارسة ابشع أنواع التعذيب التي لا يمكن أن تخطر على بال بشر سوى, لإرهاب الشعب وترويعه, وإذلاله وكسر شوكته, باستحداث طرائق مبتكرة "وتجفيف منابع الأرزاق – سياسة منهجية رسمية" حتى ينكسر الناس ويأتون يجرجرون أذيال الذل والهوان عن يد وهم صاغرون. ثم شنت حروب البغي والعدوان على مواطنيها حروباً باغية راح ضحيتها ملايين من الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, لا شيء إلا لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة في بسط العدل والعيش الكريم: ثم انتهت بامتهان كرامة النساء السودانيات بجلدهن بفظاظة على مرأى ومشهد كل العالم ليشهد خزينا وعارنا. قارن- قارئي العزيز- بين ما يقوم به حكام الخرطوم الذين يحكمون "تحت ستار" الإسلام وما يفعلون بشعبهم من تنكيل, وبين ما تقوم به دولة إسرائيل اليهودية في محاكمة رئيسها الأسبق لجرم تحرشه الجنسي بإحدى السيدات. هؤلاء يعيثون في الأرض فساداً وترويعاً وتنكيلاً بشعوبهم على مدى نيف وعشرين سنة, وأولئك يحرسون حرمة مواطنيهم وكرامتهم من أن تتعرض للامتهان من أي كائن كان, حتى ولو كان هو رأس الدولة!! حكامنا يعاملون شعوبهم معاملة البهائم السابلة, وأولئك يعاملون شعبهم معاملة تليق بكرامة الإنسان الذي كرمه خالق الخلق "ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر" صدق الله العظيم. ويقول النبى الكريم عن فحوى رسالته الكونية "ومابعثت الا لأتمم مكارم الأخلاق" (صلى الله عليه وسلم).
إن شريعة اليهود المستمدة من تعاليم التلمود تعلمهم أنهم شعب الله المختار وأنهم أحباؤه وأبناؤه, وأنهم هم المعنيين بكلمة البشر, وما سواهم من الأمم هم مجرد بهائم أو سوام "الجويم" - خلقهم الله على هيئة بشر إكراماً لهم لخدمتهم - تجب معاملتهم معاملة البهائم, وأنه مباح لهم, بل مطلوب منهم اغتصاب أموال الجويم, وهتك أعراضهم واستحلال ذممهم وسفك دمائهم وإبقاؤهم في العبودية إلى الأزل. بل تعد هذه الانتهاكات عبادات يتقربون بها إلى الله زلفى. أليست هذه كلها ذات الأفعال التي تفعلها حكومة الخرطوم تنكيلاً واستباحة لحرمات الشعوب السودانية؟ الذين يحكمون في الخرطوم تحت ستار الإسلام وهو منهم براء, الإسلام لا يأمر بالبغي والعدوان وسفك الدماء واستحلال حرمات الناس. بل هم ينفذون حرفياً مخططات أسيادهم الصهاينة الذين مكّنوا لهم فى الحكم – حتى يستعبدوا الشعوب السودانية إلى الأبد ويعاملونهم معاملة البهائم. إن السياسات الجهنمية التي تنتهجها حكومة الخرطوم تقع وقع الحافر على الحافر لمخططات الصهيونية العالمية للسيطرة على الموارد واستعباد الشعوب, مستغلة الحكام الفاسدين الذين يتم تنصيبهم وفرضهم فرضاً على شعوبهم المغلوب على أمرها. هؤلاء الحكام يتم اختيارهم – ليس على معايير الكفاءة والنزاهة والوطنية – بل على مبدأ من هم أكثر فساداً وأبعد خزياً لشعوبهم "... فسنعهد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم وفسدت أخلاقهم حتى تقف مخازيهم فاصلاً بينهم وبين أممهم" (الفقرة الفائتة من برتوكول رقم .(8)
هذا الخزي الذي يربط العلاقة بين الحكام والمحكومين في الخرطوم ينسحب على الكثير من الدول المجاورة التي تشارك في تنفيذ ذات المخططات الصهيونية للسيطرة والهيمنة على العالم. شاركت العديد من الدول في إحكام الحصار على السودان – بتسهيل وتنسيق من حكومة الخرطوم – فكانت الحروب المدمرة التي استغرقت السودان على مدى نيف وخمسين عاماً, أرهقت الشعوب السودانية وجعلت كل الشعب السوداني تقريباً 95% يرزحون تحت خط الفقر رغم الثراء الواسع في السودان. وقتل في هذه الحروب الملايين من المواطنين السودانيين, بتسهيل دخول السلاح إلى الأطراف المصطرعة وبالتواطؤ مع المتآمرين الأساسيين لضمان استمرار الحروب واستمرار النزيف البشري والاقتصادي واستمرار المعاناة الرهيبة للشعوب السودانية بفرض حالة الحرب المستمرة. الحالة السودانية هى جريمة انسانية من نوع استثنائى, استهدفت استقرار السودان وحرمنه من الاستفاده من ثرواته العظيمة ومن فرص تقدمه وتطوره بامكاناته الطبيعية والبشرية الهائلة. هذه جريمة شاركت فيها العديد من الدول بتواطؤها مع العسكريين المارقين لاجهاض الديموقراطية وتقويض مؤسسات الدولة والتأسيس لنظم حكم فاسدة مأجورة نصّبتها القوى المتآمرة لتنفيذ تدمير الحلم السودانى الكبيروالمشروع الوطنى التحررى الذى كان رائدا على محيطات التحرر فى افريقيا وآسيا والشرق الأوسط. ولايزال هذا المخطط الاجرامى يسير حسبما هو مرسوم له حتى لحظة كتابتنا هذه. انظر كيف يسير التنسيق بين حكومة الخرطوم وبين اجهزة الاستخبارات الغربية فى عملية تشطير السودان, وفى المناورات بالحوافز وفى توفير المعلومات والتدريب الاستخباراتي والأمنى لحماية النظام من الثورة الشعبية, والدعم فى المحافل الدولية والاقليمية كحامعة الدول العربية والاتحاد الافريقى ومنظمة المؤتمر الاسلامى. كل هذا يدل بوضوح سا بسم الله الرحمن الرحيم
خطة تذويب السودان وحكومة الإسلامويين تنفذ الخطة
مقدمة:
تبدو معالم صورة تفتيت السودان واضحة جدا, إذ قد استوت سابقة فصل الجنوب عن بقية الوطن, تولد على أثرها دولة جنوب السودان. هذه سابقة قبلت بها حكومة الإسلامويين في الخرطوم, بل لقد سعت ٌإليها حثيثا, وهي بهذا قد اختطت قواعد اللعبة وقبلت بشروطها: لعبة بناء الدولة على أسس عرقية/عنصرية/دينية/جهوية, ما معناه بداهة في حالة السودان المتعدد العناصر والأعراق أن يذهب كل عنصر وعرق يختلف عن العنصر العروبي إلى حال سبيله. ويعني ذلك أن يذهب دارفور الأفريقي, ويذهب شرق السودان البجاوي ويذهب شمال السودان النوبي. وسوف ينحصر ما تبقى من دولة السودان فى مثلث حمدي الشهير من ألجيلي- الخرطوم- الجزيرة إلى تخوم كردفان. نستعرض فى هذا المقال مآلات خطة تذويب السودان, وننظر إلى الواقع المؤلم والمستقبل المجهول الذي ينتظر أبناء السودان.
الوحدة القسرية المفروضة من الصهيونية على الشمال السودانى مع مصر:
لا يظنن أحد أن تمدد مصر المحتمل وابتلاعها للسودان الشمالي سوف يقوّي من شوكتها. فقد سبق السيف العزل بفصل جنوب السودان وسواء أن تمددت مصر في شمال السودان أم لم تفعل, فقد سددت إسرائيل الضربة القاضية لمصر تلك الضربة التي انتظرتها طويلاً, خططت لها وعملت لها بكل أناة وصبر على مدى عقود ودون إهدار روح إسرائيلي واحد, بل كان الثمن إزهاق الملايين من أنفس السودانيين مع علم ومباركة مصر. والآن تدفع مصر الثمن غالياً اليوم وفي مستقبل الأجيال, فقد وضعت إسرائيل - عدو مصر اللدود – بدها على شريان حياة مصر كلها, ويمكنها توقيف حياة مصر متى ما شاءت, أو متى ما تمردت مصر أو رفضت الانصياع لأوامر تل ابيب.. لكن لماذا كل هذا التكتم والتستر من قبل مصر على ما يجري في السودان رغم أنها تعلم بل تشارك وتبارك فيما يجري؟
ربما أن هناك صفقة قد تمت بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة, ومصر من جهة أخرى, تقوم بموجبها الأخيرة بدور السمسار لتسهيل عملية فصل جنوب السودان وغربه عن بقية الجسم السوداني (دونك الزيارات المكوكية المتتالية لقمة جهاز الحكم المصرى الى السودان قبيل الاستفتاء على فصل الجنوب حاملين رسائل من الولايات المتحدة لحث حكومة الخرطوم على تسهيل الاستفتاء), لصالح إسرائيل وحلفائها الغربيين بقيادة الولايات المتحدة, في مقابل اطلاق يد مصر فى بقية الشمال السوداني وربما ضمه الى أراضيها تحت دعوات الوحدة والكنفدرالية. فمصر- بحكم موقعها الريادي كالقوة الإقليمية الرائدة لجامعة الدول العربية والشرق الأوسط وفي محيط القارة الأفريقية - فأنها تستغل هذا الموقع الريادي لتحقيق مصالحها القومية في تفاهماتها مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى واسرائيل على حساب الدول الضعيفة كالسودان الواقعة في دائرة قطبها الإقليمي. ولذلك رأينا كيف أن مصر ظلت تنتهج على الدوام سياسات تكون مصلحتها النهائية هي إبقاء السودان في حالة من الضعف المستديم والذيلية. تتقاطع الإستراتيجية المصرية مع الإستراتيجية الإسرائيلية لذات الهدف – إبقاء السودان في حالة من الضعف المزمن. هذه إستراتيجيات بعيدة الآماد, وقد تستغرق عقوداً حتى تأتي أكلها. وهذا يبرر لماذا حرصت مصر على الدوام على دعم الأنظمة العسكرية والدكتاتورية في السودان وعادت بل قوّضت نظم الحكم الديمقراطية القومية, لأنها - أي مصر - لا تستطيع تمرير مثل هذه الإستراتيجيات في ظل أنظمة ديمقراطية منتخبة وذات تفويض من القواعد الجماهيرية وتتمتع بالوعي والوطنية التي تعصمها من البصم على الإرادة المصرية (مثال لذلك دعم مصر لانقلاب الجنرال إبراهيم عبود 1959م حتى يسهل على مصر إتمام صفقة قيام السد العالي فى أرض النوبة السودانية بوادى حلفا). ولذلك تدعم مصر دائماً الأنظمة العسكرية الديكتاتورية في السودان - الجنرال إبراهيم عبود في انقلابه على الديمقراطية النيابية عام 1959م, ثم انقلاب الجنرال جعفر النميري على الديمقراطية البرلمانية عام 1969م, واخيرا انقلاب الجنرال عمر البشير على الديمقراطية النيابية عام 1989م. تجد مصر في هذه الأنظمة العسكرية ضالتها لتمرير مصالحها القومية على حساب السودان نظراً لأن هذه أنظمة ضعيفة معزولة ليس لها قواعد أو تفويض جماهيري أو وعي سياسي أو حس وطني, ولذلك فهي تعتمد على مصر لتوفير الحماية لها في ضمان كرسي الحكم, بينما هي تبصم على تمرير الإرادة المصرية (مثال لذلك حين رفضت الحكومة الديمقراطية المنتخبة في وزارة عبد الله خليل على تمرير صفقة بناء السد العالي في أرض النوبة السودانية بوادي حلفا دعمت مصر انقلاب الجنرال إبراهيم عبود عام 1959م حتى يسهل عليها تمرير الصفقة, حيث غمرت مياه بحيرة ناصر أراضي حلفا القديمة). وبذلك قوضت مصر النظام الديمقراطي فى السودان بعد ثلاث سنوات فقط من استقلاله عن التاج المصرى. كانت هذه هى المرة الأولى التى تقوم فيها مصر بتقويض النظام الديموقراطى فى السودان. المرة الثانية كانت ضرب سلاح الجو المصرى بقيادة قائد طيار حسنى مبارك معاقل الأنصار فى الجزيرة أبا عام 1971واستشهاد أمامهم الأمام الهادى المهدى. حسم سلاح الجو المصرى المعركة لصالح الانقلاب العسكرى بقيادة جعفر نميرى حتى استتب الأمر للانقلابيين العسكريين الذين انقلبوا على الشرعية الديموقراطية وقوضوا النظام النيابى السودانى بدعم من مصر.
مخازي حكامنا:
جاء في برتوكولات حكماء بني صهيون, البرتوكولات رقم (8) الآتي:
" ... وما دام ملء المناصب بإخواننا اليهود فى هذا الأثناء غير مأمون, فسنعهد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم وفسدت أخلاقهم حتى تقف مخازيهم فاصلاً بينهم وبين أممهم". إن ارتباط حكامنا بالمحافل الماسوتية ليس تهمة, بل هو حقيقة أكدتها الحقائق الرسمية ووفرتها شبكة المعلومات العنكبوتية لمن يريد أن يستزيد. فالذين يحكموننا اليوم هم جنود مجنّدة لخدمة أهداف الصهيونية العالمية, وقد ارتكبوا من المخازي في حق شعوبهم ما سوف لم يعصمهم حين تثور براكين الغضب لدى الشعوب عليهم. أنظر كيف أن حكومة السودان استهلت عهدها الأول باستحداث بيوت الأشباح لممارسة ابشع أنواع التعذيب التي لا يمكن أن تخطر على بال بشر سوى, لإرهاب الشعب وترويعه, وإذلاله وكسر شوكته, باستحداث طرائق مبتكرة "وتجفيف منابع الأرزاق – سياسة منهجية رسمية" حتى ينكسر الناس ويأتون يجرجرون أذيال الذل والهوان عن يد وهم صاغرون. ثم شنت حروب البغي والعدوان على مواطنيها حروباً باغية راح ضحيتها ملايين من الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, لا شيء إلا لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة في بسط العدل والعيش الكريم: ثم انتهت بامتهان كرامة النساء السودانيات بجلدهن بفظاظة على مرأى ومشهد كل العالم ليشهد خزينا وعارنا. قارن- قارئي العزيز- بين ما يقوم به حكام الخرطوم الذين يحكمون "تحت ستار" الإسلام وما يفعلون بشعبهم من تنكيل, وبين ما تقوم به دولة إسرائيل اليهودية في محاكمة رئيسها الأسبق لجرم تحرشه الجنسي بإحدى السيدات. هؤلاء يعيثون في الأرض فساداً وترويعاً وتنكيلاً بشعوبهم على مدى نيف وعشرين سنة, وأولئك يحرسون حرمة مواطنيهم وكرامتهم من أن تتعرض للامتهان من أي كائن كان, حتى ولو كان هو رأس الدولة!! حكامنا يعاملون شعوبهم معاملة البهائم السابلة, وأولئك يعاملون شعبهم معاملة تليق بكرامة الإنسان الذي كرمه خالق الخلق "ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر" صدق الله العظيم. ويقول النبى الكريم عن فحوى رسالته الكونية "ومابعثت الا لأتمم مكارم الأخلاق" (صلى الله عليه وسلم).
إن شريعة اليهود المستمدة من تعاليم التلمود تعلمهم أنهم شعب الله المختار وأنهم أحباؤه وأبناؤه, وأنهم هم المعنيين بكلمة البشر, وما سواهم من الأمم هم مجرد بهائم أو سوام "الجويم" - خلقهم الله على هيئة بشر إكراماً لهم لخدمتهم - تجب معاملتهم معاملة البهائم, وأنه مباح لهم, بل مطلوب منهم اغتصاب أموال الجويم, وهتك أعراضهم واستحلال ذممهم وسفك دمائهم وإبقاؤهم في العبودية إلى الأزل. بل تعد هذه الانتهاكات عبادات يتقربون بها إلى الله زلفى. أليست هذه كلها ذات الأفعال التي تفعلها حكومة الخرطوم تنكيلاً واستباحة لحرمات الشعوب السودانية؟ الذين يحكمون في الخرطوم تحت ستار الإسلام وهو منهم براء, الإسلام لا يأمر بالبغي والعدوان وسفك الدماء واستحلال حرمات الناس. بل هم ينفذون حرفياً مخططات أسيادهم الصهاينة الذين مكّنوا لهم فى الحكم – حتى يستعبدوا الشعوب السودانية إلى الأبد ويعاملونهم معاملة البهائم. إن السياسات الجهنمية التي تنتهجها حكومة الخرطوم تقع وقع الحافر على الحافر لمخططات الصهيونية العالمية للسيطرة على الموارد واستعباد الشعوب, مستغلة الحكام الفاسدين الذين يتم تنصيبهم وفرضهم فرضاً على شعوبهم المغلوب على أمرها. هؤلاء الحكام يتم اختيارهم – ليس على معايير الكفاءة والنزاهة والوطنية – بل على مبدأ من هم أكثر فساداً وأبعد خزياً لشعوبهم "... فسنعهد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم وفسدت أخلاقهم حتى تقف مخازيهم فاصلاً بينهم وبين أممهم" (الفقرة الفائتة من برتوكول رقم .(8)
هذا الخزي الذي يربط العلاقة بين الحكام والمحكومين في الخرطوم ينسحب على الكثير من الدول المجاورة التي تشارك في تنفيذ ذات المخططات الصهيونية للسيطرة والهيمنة على العالم. شاركت العديد من الدول في إحكام الحصار على السودان – بتسهيل وتنسيق من حكومة الخرطوم – فكانت الحروب المدمرة التي استغرقت السودان على مدى نيف وخمسين عاماً, أرهقت الشعوب السودانية وجعلت كل الشعب السوداني تقريباً 95% يرزحون تحت خط الفقر رغم الثراء الواسع في السودان. وقتل في هذه الحروب الملايين من المواطنين السودانيين, بتسهيل دخول السلاح إلى الأطراف المصطرعة وبالتواطؤ مع المتآمرين الأساسيين لضمان استمرار الحروب واستمرار النزيف البشري والاقتصادي واستمرار المعاناة الرهيبة للشعوب السودانية بفرض حالة الحرب المستمرة. الحالة السودانية هى جريمة انسانية من نوع استثنائى, استهدفت استقرار السودان وحرمنه من الاستفاده من ثرواته العظيمة ومن فرص تقدمه وتطوره بامكاناته الطبيعية والبشرية الهائلة. هذه جريمة شاركت فيها العديد من الدول بتواطؤها مع العسكريين المارقين لاجهاض الديموقراطية وتقويض مؤسسات الدولة والتأسيس لنظم حكم فاسدة مأجورة نصّبتها القوى المتآمرة لتنفيذ تدمير الحلم السودانى الكبيروالمشروع الوطنى التحررى الذى كان رائدا على محيطات التحرر فى افريقيا وآسيا والشرق الأوسط. ولايزال هذا المخطط الاجرامى يسير حسبما هو مرسوم له حتى لحظة كتابتنا هذه. انظر كيف يسير التنسيق بين حكومة الخرطوم وبين اجهزة الاستخبارات الغربية فى عملية تشطير السودان, وفى المناورات بالحوافز وفى توفير المعلومات والتدريب الاستخباراتي والأمنى لحماية النظام من الثورة الشعبية, والدعم فى المحافل الدولية والاقليمية كحامعة الدول العربية والاتحاد الافريقى ومنظمة المؤتمر الاسلامى. كل هذا يدل بوضوح ساطع ان الخطة الشيطانية لتدمير السودان ماضية الى نهاياتها المرسومة , يقوم بتنفيذها عمليا النظام الحاكم فى الخرطوم. نظام الخرطوم هو نظام عسكرى ديكتاتورى قمعى قوّض الشرعية الديموقراطية فى انقلاب عسكرى ماكان ليقوى على الاستمرار لولا الدعم المستمر من القوى المتآمرة ليلحق المزيد من البطش والتنكيل بالشعب السودانى العظيم, ثم يقوم بعملبة بتر أعضاء من الوطن حتى الاجهاز عليه تماما. سوف لن يغفر السودان الحر لمن ارتكبوا ذلك الجرم الخطير فى حرمانه من حقه المستحق فى التطور والنمو والرفاه حين ينبلج فجر الحرية الذى لابد آت.
فى ظل هذه المعطيات الدامغة يظل خيار الأمة السودانية هو الانتفاض والثورة حتى النصر غضبا للكرامة المهدرة والاستهانة بمقدرات الأمة والتفريط المهين فى السيادة ووحدة التراب والتخريب المتعمد للاقتصاد وردا غاضبا على الظلم والاستبداد والطغيان. فالشعب السودانى ليس أمامه من خيار الا أن يكرر تجربة اكتوبر وأبريل وينتفض كما انتفض الشعب التونسى المجيد ويردد مع أبى القاسم الشابى:
اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى ولا بد للقيد أن ينكسر.
د. أحمد حموده حامد
[email protected]
الثلاثاء 18 يناير 2011
نشر بتاريخ 04-09-2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.