الأحد 23 يناير 2011م…… تذكرت فجأة، منظر فظيع لم أستطع أن أمحوه من ذاكرتي ومخيلتي، وأصبح يسيطر على تفكيري!!!!!!!!!، أحسست أنه كالكابوس المرعب الذي يجثم على صدري!!!!!!، وتزداد آلامي كلما أمعن التفكير فيما رأيته!!!!!!!!!. في أخر زياراتي لسجن كوبر، لاحظت أن هنالك مسجون قُيدت رجليه بجنازير حديدية وبالكاد أستطاع أن يحمل رجليه من على الأرض!!!!!!!!، كما لاحظت أن هنالك آثار لجروح عميقة توجد أسفل رجليه، بالضبط حيث يوضع ما يشبه بالمقبض الحديدي الذي يحبط بالرجل ويتدلي منه الجنزير!!!!!!!!. أحسست بأن قلبي قد أنخلع من صدري، وشعرت أن هذا السجين يعاني من الآلآم أضعافاً!!!!!!!!، فهو يحمل ثقلاً كبيراً من الحديد ويلتصق على رجليه حتى سبب جروحاً خطيرة يصعب برؤها وذلك لمعاودتها بأثر من القيد الذي يلتصق بالرجل ولا يفارقه!!!!!!!!!!. والأسوأ من هذا، هو أن هذه الجنازير قد أثرت على حركة رجليه في المشي، حتى أحسست أن ساقيه أصبحت كمن تعرض لكسور حديثة بحيث لا يستطيع أن يمشي بطريقة طبيعية!!!!!!!!!، أو كمن تقوست ساقيه!!!!!!!. ولاحظت للساق، ووجدت أن بها تقوساً واضحاً!!!!!! وشعرت أنه يحتاج لشئ يستند عليه من أثر الحمل الثقيل للجنازير!!!!!!، وفكرت في أنها ستؤثر حتماً، كذلك على سلسلته الفقرية بعد أن أحدثت تقوسات في الرجلين وتشوهات لا يمكن علاجها!!!!!!!. أحسست أن منظر الجروح العميقة التي تنتشر بكثرة على الرجلين هي أخف وأيسر من الإعاقة والتشوهات التي حدثت لأرجل هذا الرجل!!!!!!!!. نظرت لآخرين مقيدين بالجنازير ووجدت نفس الطريقة في المشي، وإذا دققت النظر، تجد أن هنالك تقوس واضح بالرجل، تتعرف عليه حتى دون أن يمشي أو يحرك رجليه!!!!!!!، أو كأن هنالك إعاقة إن لم تكن في الرجلين الاثنين فلابد من أن تصيب واحدة، فجميعهم يعانون من تقوس والتواء واضح في الرجلين!!!!!!!!!. رغم زياراتي المتكررة للسجن ورؤيتي للسجناء وهم مقيدون بالجنازير، ولم يفوتني طريقتهم في المشي، ولكني كنت أعتقد أن ذلك بدفع من الجنازير فهي ثقيلة ولا تسمح لهم بالمشي بسهولة ويسر!!!!!!!، ولكني اليوم تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أن حركة الأرجل في المشي وهي مقيدة بالجنازير تختلف عن من تقوست ساقيه وهو ما يزال مقيد بالأغلال!!!!!!!!. شعرت بأنني أرغب بالانفجار في البكاء، وكلما أدقق النظر فيمن حولي، أجد التقرحات والجروح والتقوسات!!!!!!، وساء حالي عندما علمت أن المحكومين بالإعدام يوضعون في هذه الجنازير لسنوات ولا يخلعونها إلا عندما يوضعوا في المقصلة لتنفيذ حكم الإعدام!!!!!!!. أحسست بأنني أكاد أن أصيب بالإغماء عندما تعمقت الفكر والنظر، أن هذه التقوسات والتشوهات كنتيجة طبيعية وكرد فعل لهذا القيد الذي يصل في ثقله إلى كميات هائلة من الحديد الصلب يصعب على بشر أن يقضوا فيها سنوات!!!!!!!!. والذي أعرفه، أن التنفيذ لحكم الإعدام قد يأخذ من المحكومين سنوات من الانتظار قد تصل إلى عشرة سنين أو تزيد!!!!!!، وتحيرت في السجناء المحكوم عليهم بالإعدام الذي يعانون الآمرين، فهم يصبحون ويمسون بهذه الأغلال الحديدية!!!!!!!!!. وأصابني اليأس والإحباط الشديد من مجرد النظر إليهم، وتساءلت في نفسي، ألا يكفيهم حكم الإعدام الذي ينتظرهم؟؟؟؟؟!!!!!!، ألا يكفيهم قلقهم وخوفهم من مصيرهم المحتوم؟؟؟؟؟ لماذا تصر إدارة السجن على وضعهم في هذا القيد والجنازير الحديدية التي لا يتحملها حتى حيوان تم تسخيره للأشغال الشاقة؟؟؟؟؟؟ ألا تعتبر هذه من ضروب المعاملة القاسية والمهينة واللاانسانية؟؟؟؟؟ ولماذا تُنتهك كرامتهم وآدميتهم كبشر يقضون عقوبتهم ويدفعون ثمن أخطاءهم؟؟؟؟؟ لماذا يتم تجريدهم من كينونتهم وتمتهن حقوقهم الأساسية؟؟؟؟؟ ولماذا تمارس إدارة السجن العنف وتقوم بتعذيب المحكومين بالإعدام وتتسبب لهم في تشوهات وتقوسات في الظهر والأرجل؟؟؟؟؟؟ ألا يوجد وسيلة أفضل من الإيذاء والتعذيب البدني القاسي؟؟؟؟؟؟ ألا يكون تنفيذ حكم الإعدام في حد ذاته راحة لهم من معاناتهم التي يعانونها؟؟؟؟؟ لم أحرك ناظري عنهم، وأحسست أنني أعيش مأسأتهم لحظة بلحظة، وتمنيت لو أن أستطيع تخفيف آلامهم ومعاناتهم فهم ارتكبوا جرم واحد وينتظرون توقيع عقوبة الإعدام، ولكنهم في اللحظة تتم معاقبتهم وبطشهم وتعذيبهم كل يوم!!!!!!!!. سألت الله أن يتولاهم برحمته وعونه، نعم المولى ونعم النصير!!!!!!.