تنشر (حريات) ادناه ترجمتها لشهادة جيهان هنرى – الباحثة المتخصصة فى شئون السودان بمنظمة هيومان رايتس ووتش – امام لجنة لانتوس لحقوق الانسان بالكونقرس الامريكى 19 يونيو . شهادة جيهان هنري (هيومان رايتس ووتش) (ترجمة حريات) 19 يونيو 2013 السيد الرئيس، أشكرك على إتاحة الفرصة لي للادلاء بشهادتي اليوم، وأشكر اللجنة على مواصلة تركيزها على الوضع في السودان. لقد عملت هيومن رايتس ووتش في السودان لأكثر من 20 عاما، وذلك بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب الأهلية الطويلة في البلاد، وخلال أزمة دارفور، وبعد انفصال جنوب السودان. لقد تدهورت حالة حقوق الإنسان في السودان بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين منذ استقلال جنوب السودان، مع اندلاع صراعات جديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق في عام 2011 مما أدى إلى النزوح الجماعي، وانتتشار الحرمان الواسع ، والهجمات العشوائية التي تسببت في قتل العديد من المدنيين. إن التوترات السياسية بين السودان وجنوب السودان والمزاعم المتبادلة بدعم أو إيواء المتمردين في الجانب الآخر قد فاقمت من التهاب هذه النزاعات . وتم تجاهل الطبيعة المتداخلة للتحديات الداخلية والخارجية للسودانين. وقد تمددت المعارك بين القوات الحكومية والمتمردين في الأسابيع الأخيرة فوصلت إلى شمال كردفان، مما أدى إلى انتهاكات ضد المدنيين وللنزوح الجماعي، وتوترت العلاقات بين السودان وجنوب السودان بسرعة، مما أدى لتعليق صادرات النفط ومكاسبها الاقتصادية مرة أخرى. لا تزال الحكومة السودانية قمعية للغاية، مع جهاز متوحش للأمن الوطنى يستهداف المعارضين السياسيين الحقيقيين أو المتصورين – بما في ذلك الطلاب – بالاعتقال التعسفي والاحتجاز وسوء المعاملة والتعذيب. وتقيد السلطات الإعلام وتراقبه بشكل روتيني وقد وضعت صحفيين في قائمة سوداء لكتابتهم حول مواضيع حساسة. كما أغلقت منظمات غير حكومية تعزز الديمقراطية بالادعاء ظاهريا عن تلقيها تمويلاً أجنبياً، وأغلقت عددا من مجموعات النوبة والجماعات الدينية. ويواصل السودان القصف العشوائي للمدنيين في مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، واستخدام القوات البرية لمهاجمة القرى وحرق ونهب المنازل وغيرها من الممتلكات المدنية. لقد قتل القصف والقتال الناس وشوههم، بمن فيهم الأطفال الصغار في أسواق القرى، وموارد المياه، والمدارس، والعيادات. وقد أدى ذلك لتشريد مئات الآلاف من الأشخاص لمخيمات اللاجئين في جنوب السودان وإثيوبيا، وأماكن أخرى في السودان. منعت الحكومة الوكالات الدولية من تقديم المساعدات الإنسانية في مناطق المتمردين، مما تسبب في الحرمان الجماعي والمعاناة. وأود أن أركز ملاحظاتي اليوم، حول الوضع في دارفور، بعد 10 أعوام من اندلاع القتال الكبير بين المتمردين والقوات الحكومية والذي اطلق حملة الحكومة ضد المتمردين المريعة والمليئة بالانتهاكات والتي ضيعت نحوا من 300.000 من الأرواح، وأجبرت ما يقدر بنحو مليوني شخص على الفرار من منازلهم. الصراع العرقي مسئولية الحكومة : بالرغم من أن الصراع السياسي المهيمن في دارفور هو عبارة عن قتال بين قوات الحكومة والمتمردين، فإن العديد من الصراعات الأخرى بين الجماعات العرقية ذات الأبعاد السياسية أيضا ظهرت في دارفور، وتكثفت هذا العام بهجمات في منجم للذهب في شمال دارفور، وبقتال في عدة مواقع في وسط وجنوب دارفور بين مختلف المجموعات. ومن بين ال 300 الف الذين نزحوا حديثا هذا العام، فإن ما يقارب ال200 الف منهم فروا من القتال القبلي. ويقال إن هذه الصراعات تعكس ضعف أو غياب إنفاذ القانون، وقالت السلطات السودانية مرارا انها لا تسيطر على هذه المعارك "القبلية". ولكن هذا التحليل يتغاضى عن مسؤولية الحكومة السودانية. ومهما كانت الأسباب الجذرية للاقتتال العرقي – وهناك أسباب عديدة- فإن على الحكومة السودانية مسؤولية حماية المدنيين وملاحقة المسؤولين عن ارتكاب جرائم جنائية. علاوة على ذلك، لم تكن الحكومة مجرد متفرج في هذه الصراعات. إن هجمات كثيرة يجري تنفيذها ضد السكان المدنيين من قبل قوات تستخدم معدات حكومية وباشتراك مسؤولين أمنيين حكوميين، مما يستوجب علم كبار المسؤولين في الحكومة بها. وضمن هؤلاء زعيم الميليشيات المعروف علي كوشيب، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غرب دارفور في الفترة 2003- 2004م. إن الحكومة السودانية لم تفشل في محاكمته محليا أو تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية فحسب، بل إنها فيما يبدو أيضا قامت بترقيته لمنصب قائد في شرطة الاحتياطي المركزي المتعدية. القتال العرقي في دارفور اليوم ينبغي أن يكون مفهوما كنتيجة لدعم السودان لجماعات عرقية معينة قتالها إلى جانب الحكومة، فيما يسمى بميليشيا "الجنجويد"، وللفشل في كبح جماحهم ، أو نزع سلاحهم، أو مساءلتهم عن الجرائم الخطيرة المرتكبة في الماضي. كوشيب شارك في الهجوم على أبو جرادل: دعوني فقط أصف مثالا واحدا فقط للقتال العرقي الذي تشارك فيه الحكومة بشكل واضح. في الشهر الماضي، ذهبت للحدود التشادية مع السودان، حيث أتيحت لي الفرصة لمقابلة العشرات من الشهود على القتال الأخير في وسط دارفور. أكثر من 30 الف شخص وصلوا مؤخرا للمنطقة بعد هجمات كبيرة في أبريل على مناطق بالقرب من الحدود تقطنها أصلا مجموعة السلامات العرقية. قابلت أعضاء من عدة أعراق بالإضافة إلى أسر من السلامات، وتحدثت إلى أفراد المجتمع بما في ذلك النساء والزعماء التقليديين والشخصيات السياسية، فضلا عن القوات التشادية التي تقوم بدوريات روتينية في المنطقة الحدودية. وأجريت أيضا مقابلات مع الرجال الذين اعتقلوا واحتجزوا من قبل المهاجمين، ويمكنني تقديم تفاصيل عن هوياتهم. استنادا على ذلك البحث، فقد ظهرت صورة لهجوم منسق ابتدأ من 5 أبريل في مدينة تسمى بيلتبي، واستمر لعدة أيام أو أسابيع مع استمرار المهاجمين في نهب وحرق الممتلكات. دمرت الهجمات قرى بأكملها وقُتل أكثر من 100 مدني من السلامات وجُرح ما لا يقل عن ذلك العدد. معظم السكان فروا من المنطقة إما إلى تشاد أو اماكن آخرى في دارفور، ولم يعودوا مرة اخرى. لم تكن جماعات الاغاثة قادرة على الوصول إلى المنطقة. حدد الشهود عرقية القوات المهاجمة بأنهم من جماعات المسيرية والتعايشة والرزيقات العربيةً. وارتدى العديد منهم الزي الكاكي، أو أجزاء من الزي الرسمي، وركبوا في السيارات الحكومية التابعة لشرطة الاحتياطي المركزي أو استخبارات الحدود، وكلاهما قوات مساعدة استوعبت فيها ميليشيا الجنجويد السابقة. وقد شوهد زعيم المليشيا المعروف علي كوشيب، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، في واحدة من هذه العربات في موقع الهجوم على بلدة أبو جرادل. وتقع أبو جرادل على بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب من بلدة أم دخن، وكانت مسرحا لأكبر هجوم في 8 أبريل، عندما وصلت أعداد كبيرة من الرجال المدججين بالسلاح معظمهم يرتدون الزي الكاكي، على مرحلتين، الأولى سيرا على الأقدام ومن ثم في السيارات. أطلقوا النار عشوائيا واحرقوا المنازل والمتاجر وسرقوا المواشي، ونهبوا السلع. وقال رجال السلامات إنهم ردوا على الهجوم باستخدام بنادق ولكن المهاجمين كانوا يفوقونهم في العدد وفي السلاح حيث كان المهاجمون مسلحين بأنواع مختلفة من الصواريخ، والأسلحة المضادة للطائرات والقذائف الصاروخية وأسلحة أخرى يعتقد شهود عيان ومراقبون أنها يمكن أن تأتي فقط من الحكومة. هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من استخدام تلك الأسلحة، ولكن من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية كنا قادرين على تأكيد مدى الضرر الذي حدث من ذلك الهجوم: تم تدمير ما يقرب من 3 الف قطية أو مبنى، غالبا عبر الحرق، وذلك على مدى 25 كيلو متر مربع . هذا التدمير متسع المدى يتطلب مهاجمة قوات كبيرة تعمل لعدة أيام، وينضوي على وجود نية متعمدة من قبل المهاجمين بطرد السكان من المنطقة. لم تتدخل القوات المسلحة السودانية النظامية لحماية السكان. وبينما بقي بضع عشرات من الجنود السودانيين في (أبو جرادل) في ثكناتهم ووفروا الحماية لبعض المدنيين، فقد فر العديد من أفراد الشرطة وقوات الأمن الآخرون مع بقية المدنيين. وتشير الأدلة إلى أن السلطات السودانية منعت قوة الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة لحفظ السلام (يوناميد) عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. هل هناك نية من قبل مسؤولي الحكومة السودانية بطرد السلامات من أراضيهم؟ يظل هذا سؤالا مفتوحا. إن أحد الأسباب الجذرية للقتال هو نزاع طال أمده على الأرض بين السلامات وبين التعايشة التى من بين أفرادها علي كوشيب ووزير المالية الحالي. وقد تكهن العديد من المراقبين أن الحكومة سمحت بهذه الهجمات المنسقة لاسترضاء قادة المليشيات السابقين. وقد دعت هيومن رايتس ووتش السلطات السودانية لإجراء تحقيق كامل في الهجمات وتقديم المسؤولين للمساءلة. ينبغي على الأممالمتحدة أيضا التحقيق في الهجمات. كما قمنا أيضا بحث مجلس أمن الأممالمتحدة، والذي سوف ينظر في ولاية يوناميد الشهر المقبل، على إدانة الهجمات وتذكير السودان بمسؤوليته عن الحماية، وفرض عقوبات دولية إضافية على الأفراد الذين تثبت مسؤوليتهم. توصيات للولايات المتحدة: إن الاستجابات الدولية لمسألة دارفور لا تزال عرجاء ومنقسمة، وبدون توافق واضح على دور الحكومة السودانية في وضع حد للانتهاكات وتطوير المساءلة. ويقوم أعضاء مختلفون في الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي بشكل روتيني بمنع اللغة التي تدين الهجمات الجديدة ضد المدنيين أو تهدد بعقوبات، وذلك في حين يقوم مؤيدو السودان مثل قطر بتمويل مشاريع للتنمية بدون معايير واضحة للكيفية التي يمكن بها لذلك الدعم أن يحسّن حماية الحقوق. في هذه البيئة الصعبة، ينبغي على الولاياتالمتحدة: - تعيين مبعوث خاص بصورة عاجلة وإعادة إشراك طائفة واسعة من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية. - إدراك أن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان مترابطة والسعى للضغط في وقت واحد لانهاء الانتهاكات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والقمع السياسي الأوسع في السودان. - العمل مع الهيئات الإقليمية، وخاصة الاتحاد الأفريقي، للتأكد من أن أي عملية سياسية تتضمن معايير محددة لحقوق الإنسان والعدالة ، وأن تذهب ابعد من صورية تشكيل لجنة تحقيق والاصرار على تفكيك ونزع سلاح الميليشيات وتقديم مرتكبي الانتهاكات للمساءلة. - الضغط على حكومة السودان لتسليم الأفراد مثل علي كوشيب المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية. - الانخراط مع الصين بما يعمق خدمة مصلحتها الخاصة في سودان مستقر عن طريق الضغط لوضع حد لانتهاكات القانون الدولى الإنسانى وحقوق الإنسان في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. - الضغط على مجلس الأمن الدولي لكي يدعو بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي والامم المتحدة لتقوية مراقبة والتقرير عن حقوق الإنسان لدى تجديد الولاية القادمة، والنص بوضوح أن الأفراد المسؤولين عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان سيخضعون لعقوبات تستهدفهم. السيد الرئيس، خالص شكري مرة أخرى لإتاحة الفرصة لمخاطبة هذه اللجنة. ويسرني الرد على أية أسئلة قد توجد لديك أو لدى زملائك.