أعلن مينى أركو ميناوى كبير مساعدى الرئيس البشير سابقا ورئيس حركة تحرير السودان المتواجد حاليا فى جوبا إحتجاجا على الخرطوم بان الأسباب التى أدت لإنفصال الجنوب مازالت قائمة ،وتهدد كل أقاليم السودان ،وأكد ميناوى أن قضية دارفور ستكون واحدة من مشكلات عديدة ستتفجر فى شمال السودان ،ودعا ميناوى لتشكيل حكومة إنتقالية كمخرج للوضع الحالى فى السودان ،وأقر ميناوى بأن حركته نسقت مع حركة العدل والمساواة وجناح آخر من حركة التحرير فى العمليات العسكرية الأخيرة ضد الجيش السودانى . (نص الحوار أدناه) : -هل استقر بكم المقام فى جوبا ؟ =الآن نعم أنا فى جوبا ،ولكن فى المستقبل سأتحرك متى ماقررت إلى دارفور أو أى مكان آخر . -هل طلبت منك القيادة الجنوبية مغادرة جوبا ؟ =أبدا -هل تشعر انك عبء على حكومة الجنوب فى ضوء مطالبات الخرطوم لها بعدم إستقبال أى من قيادات دارفور ؟ =لا أعتقد أننى أمثل عبئا عليها . -لكن الخرطوم منزعجة من وجودك هنا فى جوبا …هل أبلغوك بذلك؟ =نعم أسمع ذلك فى التصريحات ،لكن لم ألتق بأى شخص مسئول منها ليبلغنى بذلك . -قيل أنك تتفادى لقاء أى مسئول حكومى ،وأنك تجنبت لقاء نائب الرئيس على عثمان طه ؟ =نعم لم أقابل أي مسئول حكومى ،لكننى موجود وهواتفى مفتوحة ،ولم يحاولوا جادين لقائى . -هل اجتمعت بعبدالواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان والدكتور خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواةهنا فى جوبا ؟ =هذه معلومات غير صحيحة يروج لها جهاز الأمن السودانى ،وعبد الواحد لم يأت للسودان منذ غادره قبل ست سنوات ،وخليل إبراهيم موجود فى طرابلس ولم يغادرها . -ما الذى دفعك للخروج من الخرطوم غاضبا هذه المرة ؟ =أولا إتفاقية أبوجا التى وقعتها مع الحكومة السودانية ليست عقد زواج أبدى ،بل هى إتفاق لن يلزمنا إن لم يلتزم به حزب المؤتمر الوطنى . -المؤتمر الوطنى هو الذى يتهمك بعدم الإلتزام بالإتفاقية ؟ =هم الذين لم يلتزموا بأى شىء ،لابنود الإتفاق أو نصوصه أو روحه ،لم يبطقوا شيئا أبدا ،وقد كشفت خطتهم أنهم قسموا إتفاقية أبوجا إلى ثلاثة أقسام ،وضعوا ثلثا للموقعين ،وثلثا للحوار الدائر فى الدوحة ،وثلثا آخرينتظر عبد الواحد وخليل إبراهيم ،وقد رفضنا هذه الصيغة . -ما الذى جد مؤخرا ليدفعك للخروج من الخرطوم إلى غير رجعة ؟ =ثبت لدينا عدم جديتهم ،وأنهم يفكرون فى نسف تنظيم حركتنا ومبادئها وأفكارها ،وأنهم يعتزمون بعد إنفصال الجنوب ألا يقبلوا بوجود أى حركة يتضمن إسمها أو مبادئها كلمة تحرير فى الشمال . -قيل إن خروجك من الخرطوم كان إحتجاجا على إقالتك من منصبك السابق ككبير مساعدى الرئيس ؟ =لو رغبت فى المنصب لجلست فيه ،الموضوع أن هناك قضايا وبنود كثيرة فى إتفاقية أبوجا لم تنفذ . -مثل ماذا ؟ =التنمية فى دارفور وتمثيل أهل دارفور فى المؤسسات العسكرية والأمنية وفى الخدمة المدنية ،وهذه أمور ضرورية وهى حوهر الإتفاق ،وليس جلوسى فى الكرسى ،والذى لم يكن مطلبى ،ولو أردته لمنحونى إياه . -ترددت أنباء عن إقالتك من قبل قيادات فى حركتك بالخرطوم وإختيار آخر غيرك لرئاسة الحركة ؟ =حركتنا عسكرية ،جاءت من الميدان بقوة عسكرية وخرجت بها ،وهى الآن موجودة فى الميدان ،وليست حزبا سياسيا ،ولو سمحوا لنا فى الخرطوم بالتسجيل كحزب سياسى لكانت لدينا إنشقاقات كما يزعمون ،ولكننا عدنا إلى الميدان كحركة عسكرية . -والقيادات الموجودة بالخرطوم من حركتك ؟ =عملاء النظام كثيرون ،والأجهزة الأمنية إستطاعت إستقطاب بعض أصحاب الطموح الضيق ،وأؤكد أن كل البيانات الصادرة ضدى وضد الحركة تخرج من قبل الأجهزة الأمنية . -خرجت من الخرطوم غاضبا أكثر من مرة ،وعدت حينما كان يأتى للتفاهم معك السيد على عثمان طه نائب الرئيس ..هل يمكن أن يحدث ذلك الآن ؟ =لن يتكرر ذلك ،ولن أقبل التفاهم مع نائب الرئيس ،فقد جرب دوره وانتهى وفشل . -والآن عدت لحمل السلاح مرة أخرى ضد الحكومة ؟ =نحن لم ننزل السلاح ،ومتى ما أشهروا السلاح فى وجوهنا أشهرنا سلاحنا . -تتصل الآن بباقى الحركات المسلحة فى دارفور وتنسق معها ؟ =إتصالاتنا مع حركات دارفور لم تنقطع . -ونسقت حركتك فى العمليات العسكرية مع حركة العدل والمساواة ؟ = نعم قاموا بعمليات مشتركة فى المعارك الأخيرة مع حركة العدل والمساواة ،ومع فصيل آخر من حركة تحرير السودان . -وهل تعتقد أن العمل العسكرى هو الحل فى دارفور ؟ =إذا إختار المؤتمر الوطنى اللجوء للقوة والحلول العسكرية والهجوم علينا …ماذا نفعل…سندافع عن أنفسنا بالقطع . -كيف تقيم الأوضاع فى دارفور حاليا ؟ =الأمور سيئة للغاية ،وليس هناك أمل فى الوصول إلى سلام . -كيف تنظر لإنسحاب الوفد الحكومى من الدوحة ؟ =لا أعتقد أنهم انسحبوا من الدوحة ،إنها مناورة فقط من المؤتمر الوطنى ،لترغيب الآخرين وإقناعهم بأن الوثيقة المطروحة من الوسطاء جيدة ،وهذه المناورات تتم بمعرفة الوسطاء . -ألا زلت تتشكك فى نزاهة الوساطة بمنبر الدوحة ؟ =نعم الوسطاء فى الدوحة منحازون للمؤتمر الوطنى ،وقد يكونون ذو وزن ضعيف ،وقد يوصفوا بأى صفة غير الحياد . -كيف تنظر للوضع السودانى بعد إنفصال الجنوب المتوقع ؟ =إنفصال الجنوب يعنى فشل حكومة الإنقاذ فى الحفاظ على وحدة البلد ،وإدخاله فى مأزق لايمكن حله ،وعلى الشعب السودانى التحرك للحفاظ على الرقعة السودانية فى الشمال ،وتحديد دستورها وإختيار هويتها وإسمها وكيف تحكم ،ويدخل فى إطار ذلك وضعية دارفور . -هل تخشى على الوضع فى الشمال ؟ =بكل تأكيد فالأسباب التى أدت لإنفصال الجنوب ،كمازالت قائمة فى الشمال ،وتتهدد كل أقاليمه ،فقضية دارفور ستصبح واحدة فقط من مشكلات عديدة فى الرقعة الجغرافية فى شمال السودان ،والخوف الآن ليس فقط على مصير دارفور ،بل على مصير الشمال كله من البحر الأحمر إلى الجنينة ،ومن حلفا إلى كوستى ،فهناك بوادر تمزق وتفتت . -وكيف يكون الحل برأيك ؟ = فى هذه الحالة الحل بالتأكيد بإتفاق القوى السياسية السودانية بمختلف توجهاتها ،وعلى رأسها الحركات المسلحة ،للإتفاق على صيغة للحل . -تقف إذن مع دعوة المعارضة لحكومة إنتقالية ؟ =نعم أنا مع الحكومة الإنتقالية ،وأن يصبح حزب المؤتمر الوطنى حزبا فيها وليس الحكومة ،أى أن تكون حكومة أساسها كل الأحزاب وليس المؤتمر الوطنى وحده . -وكيف تنظر لإنفصال الجنوب ؟ =أحمل حزب المؤتمر الوطنى والرئيس البشير شخصيا المسئولية عن إنفصال الجنوب ،وأقول أن سياسات المؤتمر الوطنى الخرقاء هى التى قادت السودان إلى المأزق الحالى ،ولا أعتقد أنه يوجد فيه أمل ،وبالتالى عليه أن يعود إلى حجمه الطبيعى ،وكفى ماجره على البلد من ويلات ،وأنا أشعر بالحزن لأن جزءا من وطنى يجزأ ،لكن طالما هذه هى إرادة شعب الجنوب فعلينا أن نحترمها ،لكن يجب أن يعلم الجميع أن أهل الجنوب دفعوا لخيار الإنفصال دفعا ،بسبب سياسات المؤتمر الوطنى -هل تعتقد أنه كان ممكنا الحفاظ على الوحدة ..البعض يرون أن الأمر كان محسوما بالمؤتمر الوطنى أودونه ؟ =كان يمكن المحافظة على وحدة السودان لو أن المؤتمر الوطنى حافظ على حقوق الإنسان وسمح بالتحول الديمقراطى وتجرد من العنصرية وسمح بالمشاركة الفاعلة فى صنع القرار وحل المشكلات الأخرى الموجودة . -أراك تحمل على المؤتمر الوطنى وهو من وقع معك إتفاق السلام الذى أوصلك إلى السلطة ؟ =لم يعطوننى السلطة وصلتها بقوة السلاح والنضال ،وعبر إتفاق شهد عليه المجتمع الدولى ،لكن عندما إقتربت منهم ،وبتعاملاتهم معنا فى الداخل اتضحت العنصرية وحجم الأكاذيب وعرفت حقيقتهم ،خاصة العنصريين منهم . -هل ندمت على توقيعك لإتفاق أبوجا ؟ =كلا لم أندم ،بل هم الذين سيندمون إذا لم ينفذوها . -هل هذا تهديد ؟ =ليس تهديدا ،بل هو الواقع . -ماذا سيجدون كى يندموا ؟ =سيجدون مافعلته أيديهم ،وتراكمات من المظالم والغضب . -وأنت الآخر ألن تندم على تصعيد القتال والحرب ؟ =العيب ليس فيمن يطالبون بحقوقهم ،بل فيمن يمنعونها . -أم تعرض حكومة الجنوب الوساطة بينك وبين الخرطوم ؟ =حكومة الجنوب فى ظرف تاريخى دقيق ،وعلينا أن نحترم إنشغالها فى الإستفتاء ،ونحن نقدر ذلك ،ولا نريد تحميلها أكثر من طاقتها . -هل تستخدمكم حكومة الجنوب كأوراق ضغط فى مواجهة الخرطوم ؟ =نحن أناس عزل ،وقواتنا فى دارفور تحارب المؤتمر الوطنى ،لكننى شخص مجرد من السلاح فى الجنوب ،فكيف تستفيد من وجودى حكومة الجنوب ،من أريده أن يمارس ضغوطه مصر والدول العربية على الخرطوم ،وأن يخبروها بالحقائق وحجم المشكلات التى أدخلت فيها البلد . -هل هناك أمل فى توحيد الحركات المسلحة بدارفور من أجل الوصول لتسوية سلمية ،وقد ظل تشرذمها عائقا فى سبيل ذلك ؟ =الوحدة فى إطار المبادىء ممكنة ،والوحدة الكاملة ستستغرق وقتا ،وجميع الحركات متفقة على المبادىء الأساسية ،ولكن الحكومة التى تشكو من عدم توحد الحركات هى التى تقوم الآن بصنع الحركات فى داخل السودان وخارجه ،وتسميها حركات مسلحة بدارفور ،رغم أنهم أعضاء فى حزب المؤتمر الوطنى .