(جوجل) وخلفها بخطوات بعض المحطات الإخبارية العالمية تحدثت عن أكثر من أربعين مليون متظاهر خرجوا لتفويض الجيش لمحاربة الإرهاب، لكنها دون أن تقصد وجهت ضربة قاضية لأوهام جماعة الظلام من جهة، ومخططات الدول التى دعمتهم من سنوات واستماتت خلف إعادتهم مرة أخرى للمشهد بأى صيغة وأى شكل ولو شرفيًّا، فكان من الطبيعى أن تخرج الإدارة الأمريكية ببيانين، واحد يرفض وصف ثورة الشعب المصرى بالانقلاب والثانى يتحدث عن مساندة أمريكية لن تنقطع لمصر. صدمة مشهد الخروج الثانى للمصريين فى أقل من شهر ضد محاولات إعادة نظام حكم الإخوان أدت إلى تخبُّط الإعلام الغربى الموجه، فخرجت محطة «CNN» لتتحدث عن 29 مليون متظاهر، بينما نقلت محطة «فرنسا 24» مشهد الملايين عند «الاتحادية» وقالت إنه لمؤيدين للرئيس المعزول، ثم عادت فى اليوم الثانى لتعتذر وتقول إن الصورة المنقولة «كانت إعلانًا مدفوعًا». القوات المسلحة بعد أن جمعت أكثر من أربعين مليون تفويض أصدرت بيانًا قصيرًا شكرت فيه الشعب على ثقته مرفقا بصورة للفريق عبد الفتاح السيسى يؤدِّى التحية للملايين فى الشوارع. فى انتظار ما بعد الخروج المليونى خرج الرئيس المصرى عدلى منصور بسرعة للشعب يطرح ما سيحدث فى تصريحات هادئة ولكنها حاسمة أرسل فيها أكثر من رسالة، أولها أنه لا عودة إلى الوراء بأوامر الشعب وأنه لا خروج آمنًا للمجرمين ولا تفاوض على خارطة المستقبل، وأنة لا إجراءات استثنائية ولا ملاحقة لغير المجرمين. منصور تحدث مباشرة مخاطبا الدول الغربية التى وقفت فى وجه ثورة الشعب المصرى وقال «أقول للعالم الغربى انظروا إلى الفضائيات لتروا المصريين أمامكم، هل هذا انقلاب عسكرى أم إرادة شعبية؟ واسمعوا ما يقوله، وبعد أن يتكلم الشعب لا أحد يتكلم»، ثم قال «الشعب المصرى أعطى أوامره وحدد أنه لا عودة إلى الوراء». ثم انتقل للحديث عن هاجس الإرهاب الذى خرج من أجله الملايين وتحدث فى ثقة بأن «الإرهاب سينحسر» فى إشارة إلى مواجهات حاسمة للعنف، وقال «لا يمكن أن نقبل هذا الانقلاب الأمنى وقطع الطرق والكبارى والاعتداء على منشآت الدولة، والدولة يجب أن تظهر للجميع بهيبتها وتتدخل بكل حسم وحزم، وسيرى المصريون أن الإرهاب فى انحسار وكيف ستتعامل الدولة بحزم مع كل هذه المظاهر». وشدد على أنه لا تفاوض مع من خالف القانون قائلا «كل من ارتكب جريمة فى حق هذا الشعب بالتحريض أو بالفعل لا بد وأن يحاسَب بالقانون». وأخيرا أعطى منصور عهده للمعتصمين فى رابعة والنهضة ممن لم يرتكبوا جرائم قائلا «لا تخشوا من أحد، إذا اقتنعتم أنكم تدافعون عن قضية خاسرة عودوا إلى بيوتكم ولن يلاحقكم أح،د هذا تعهد منى شخصيا، لن تكون هناك أى إجراءات استثنائية، لكن لا مجال للحديث عن خروج آمن لمن أجرم». فقطع بذلك كل الطرق على مهادنة أو تفاوض مع رؤوس الإرهاب أيًّا كانت أسماؤهم، وفى أثناء مثول الجريدة للطبع اجتمع الرئيس عدلى منصور ومجلس الدفاع الوطنى فى ما بدا أنه بشأن اتخاذ قرارات هامة عن الأحداث الجارية فى البلاد. أما الرئيس الأمريكى بعد أن تأكد من فشل كل ورق ضغوط إدارته على الجيش ليتراجع وعلى الحكومة لتسلّم لرغباته فقد أرسل يهنئ الرئيس المصرى المستشار عدلى منصور بذكرى ثورة 23 يوليو بعد أربعة أيام من موعدها، لكن بعد ساعات قليلة من خروج أربعين مليونًا للشوارع يفوضون الجيش للقضاء على الإرهاب الذى وقفت إدارته تدعمه لآخر لحظة. أوباما أكد فى رسالة لمنصور التزام واشنطن بمساعدة الشعب المصرى على تحقيق الأهداف الديمقراطية التى قامت من أجلها الثورة. وقال نصًّا: «عزيزى السيد الرئيس.. أتقدم إليكم بالنيابة عن الشعب والحكومة الأمريكية بأطيب التمنيات بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو، وستظل الولاياتالمتحدة شريكًا قويًّا للشعب المصرى فى سعية لتحديد مسار بلاده نحو المستقبل». وواصل الرئيس الأمريكى قائلًا «إن هذه اللحظة تمثل تحديًا كبيرًا وتبشر بنجاح الشعب المصرى الذى أتيحت لة فرصة ثانية فى غاية الأهمية لوضع عملية الانتقال عقب الثورة على مسار النجاح، ونأمل أن تمثل أيضًا فرصة لإقامة نظام سياسى مدنى يتسم بالديمقراطية والشفافية والتسامح وعدم الإقصاء ويحترم حقوق جميع المصريين، كما نأمل فى أن يغتنم القادة فى مصر هذه الفرصة لإنعاش اقتصاد البلاد وتلبية احتياجات الشعب المصرى، ومن الأهمية بمكان تجنب العنف والتحريض من أجل بناء دولة مصرية تتمتع بمزيد من القوة والديمقراطية والرخاء». حديث أوباما عن أن بلادة ستظل شريكا للشعب المصرى فى سعية لتحديد مسار بلاده نحو المستقبل يرمى ربما إلى الإيحاء للإدارة المصرية بعدم إسقاط الدور الأمريكى من حساباتها وهى ترسم خارطة المستقبل، ويمكن فهمه على أنه عرض جديد بالاعتراف بالثورة مقابل وجود أمريكا شريكًا فى رسم المسار، لكنه أغفل أن من يرسم الخريطة هو الشعب، وقبول أو رفض الدور الأمريكى فى رسم مستقبل المصريين مرهون بما تفعلة الإدارة الأمريكية ضد أو مع الشعب، وحتى الآن كلها ضد الشعب. المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر ساكى خرجت بتصريح سبقت به أوباما أكدت فيه أنه ليس من مصلحة الأمن القومى الأمريكى وصف ما حدث فى مصر بالانقلاب، وأضافت أن الإدارة الأمريكية ستعمل مع الكونجرس لتحديد أفضل السبل لمواصلة تقديم المساعدة لمصر بطريقة تشجع الحكومة المؤقتة على سرعة الانتقال مرة أخرى بطريقة مسؤولة إلى حكومة ديمقراطية مستقرة وشاملة بقيادة مدنية. وقالت المتحدثة «مصر تمثل ركيزة استقرار للسلام والأمن الإقليميَّين، والولاياتالمتحدة لديها مصلحة أمن قومى فى تحقيق مرحلة انتقالية ديمقراطية مستقرة وناجحة فى مصر».