قبل أيام أرسل الصديق محمود عبد العزيز على حسابي في (تويتر) استغاثة لأسرة سورية تعيش في حي العصافرة بالاسكندرية، أنشأت مشروعا لعمل الأطباق السورية حصلت له على ترخيص بإسم (مشروع لسنا لاجئات بل منتجات) وتم عمل صفحة للمشروع على الفيس بوك بنفس الإسم وصل عدد المعجبين بها إلى 48 ألف شخص، وبدا للأسرة أن كل شيئ سيسير على ما يرام حتى عودتها إلى وطنها بعد أن تنزاح غمته، لكن كل شيئ تغير بعد أن علت موجة التحريض الإعلامي ضد الإخوة السوريين المقيمين في مصر. وهي الموجة الكريهة التي لم تقدم معلومات محددة عن سوريين بعينهم خالفوا القانون، بل قدمت خطاب كراهية أخذ في طريقه للأسف كل السوريين المقيمين في مصر، لمجرد أن عددا قليلا منهم قرر النزول إلى إشارة رابعة العدوية لمساندة محمد مرسي ليس حبا فيه، بل ظنا منهم أنه نصير الثورة السورية مع أنه لم يقدم لها كغيره إلا طق الحنك. بدأت الأسرة التي كانت تلقى كل الترحاب من جيرانها في التعرض لمضايقات شديدة من بعض سكان المنطقة، أرسلت الأسرة شكوى على الصفحة الرسمية للشرطة المصرية على الفيس بوك فلم يسأل فيها أحد، لم تكن الأسرة تعلم أن الشرطة نفسها كما قال تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش قامت بعمليات اعتقال عشوائي لعدد من السوريين لم يتم فيها مراعاة أبسط معايير حقوق الإنسان، ولا أن كثيرا من اخوتنا السوريين الذين كانوا يترددون على مصر تم منعهم من دخولها فجأة مع أن من بينهم طلبة في جامعاتنا مستقبلهم معرض للضياع ولا يجدون من يقدمون له شكواهم لحل أزمتهم. عندما اشتدت المضايقات بدأت الأسرة في البحث عن سكة سفر لتركيا، وكان ذلك سبب الإستغاثة التي أُرسلت لي، نشرت الإستغاثة مناشدا جدعان اسكندرية ألا يسكتوا على ترويع أناس مسالمين لم يسيئوا لأحد، ونشرت تليفونات الأسرة الموجودة بصفحتها، وبعد ساعات تلقيت ردود أفعال طيبة قال أصحابها أنه تم التواصل مع الأسرة لحل مشكلتها وتم صرف النظر عن فكرة السفر والبحث عن سكن بديل، نشرت شكرا للجميع وشعرت بسعادة غامرة لأن القصة البايخة انتهت على خير. الجمعة الماضية أرسل لي الصديق ثانية يقول أن طفلة من الأسرة اسمها تقى تعرضت لاعتداء من أطفال المنطقة بالحجارة فأصيبت في عينها، وأرسل لي رابطا لصفحة المشروع الذي نشرت فيه الأسرة صورة الطفلة بعد الاعتداء عليها مع سطور تقول "ياجماعة ويا مسلمين هاي الطفلة من أسبوع حابسينها بالبيت حتى ما تنزل الشارع على دورة تحفيظ القرآن واليوم قبل المغرب غلطنا وبعتناها مع أختها تجيب ملح من البقالة وأول ما شافوها أولاد الجيران ضربوهم بالحجارة الكبيرة هربت وصرخت لتقى لتهرب ولكن تقى لم تسمعها لأنها معاقة بأذنها ولا تسمع بشكل جيد فأصيبت بعينها. رجاء لا أحد يتأسف لنا نحن نتأسف لكم لقدومنا على مصر والتسبب بمشاكل لكم، وكنا عارضين حد يشتري الحاجات تبع المشروع وما حدا اتصل بس اتحملونا كم يوم وتاركين الحاجات بالشقة وزعوهم لله تعالى المهم بس كم يوم وندبر أمورنا ونسافر.. بس الرجاء ممن حرض على ضرب السوريين بالشارع على الفضائيات يمهلنا كام يوم حتى نسافر ولا تقولوا شغلة عيال وصدفة لإن اللي خرب فيسبا المشروع موظف حكومي مش بلطجي". سألني صديقي النصيحة، قلت له: انصحهم بالسفر إلى تركيا فورا دون تردد وهناك كثيرون مستعدون لمساعدتهم، قال لي بخيبة أمل: معقولة يبقى دي الحل، قلت: إذا كنا احنا مش عارفين نعيش مع بعض هيعرفوا هم يعيشوا معنا. أعرف أن رد فعلي كان متسرعا بسبب ذهولي من صورة الطفلة الصغيرة، ولذلك أنشر تلك الصورة اليوم لعلها تخاطب ضمائر من لا زال لديهم بقايا إنسانية وعقل وسط مناخ الجنون الوحشي الذي يعصف بنا، وأسأل: هل يعتقد أحد أننا يمكن أن نبني مستقبلا على الظلم، أنا شخصيا أعتقد أن ما جرى لمرسي لم يكن سوى ذنب بياع البطاطا الذي تم قتله في عهده في قلب ميدان التحرير وقصر في محاسبة من قتله هو وغيره من الأبرياء فجعل الله قتلتهم عونا عليه. أتمنى أن ننتفض لرد الظلم عن هذه الأسرة وأن يضغط كل منا بما يملك من صوت أو جهد لإعادة النظر في قرار الامتناع عن تأشيرات الدخول للسوريين ولو حتى بالبدء بالحالات الخاصة للمرضى والطلاب والعائلات، ووقف حملات الإساءة إلى إخوتنا السوريين لتتم فقط محاسبة من يرتكب جريمة بالقانون وليس بالدراع، وأتمنى أن يتدخل شيخ الأزهر بكلمة إلى المصريين يطلب فيها وقف ما يجري من إساءات ضد إخوتنا السوريين والفلسطينيين، وأن تلعب حكومة الببلاوي دورها في معاقبة من يقوم بالتحريض ونشر خطاب الكراهية في الصحف والفضائيات. أعرف أن كلامي يبدو ساذجا في ظل أيام ما يعلم بيها إلا ربنا نمارس فيها خطاب الكراهية ضد بعضنا البعض، لكنها تظل صرخة أتمنى ألا تذهب أدراج الرياح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رابط صفحة مشروع الأسرة السورية للدعم والتواصل: https://www.facebook.com/freefamilys