[email protected] …… طرح في وقت من الأوقات مسألة الفحص الطبى قبل الزواج في أروقة الصحافة السودانية ,, ولشد ما تفاجأت عندما عارض العديد من الصحفيين الذين حسبتهم من زمرة المستنيرين والذين أعجبتنا آرائهم في عديد الأمور هذا الأمر , مبررين لموقفهم بمبررات شتى تتفق جميعها في كونها واهية ,, في بلد مثل السودان توجد به نسبة عالية من مرض الإيدز حيث سجلنا أعلى المعدلات بين الدولة العربية يجب على الدولة فرض هذا الإجراء على جميع المتقدمين للزواج ,, فما ذنب فتاة بريئة تريد العفاف أن تصاب بمثل هذا المرض لأن من تقدم إليها وتزوجته قد إرتكب خطيئة ما قبل مدة طويلة –بغض النظر عن توبته – ,, وماذنب الأطفال الذين يولدون مصابين بالمرض الحياة لسنين قصيرة مليئة بالمعاناة والدموع ,, في قصة حزينة – أعلم أن مثلها كثير – تزوج أحدهم من أسرة محترمة ,, لم يساور هذه الأسرة شك في أخلاق المتقدم , وبعد الزواج بعدة سنوات يموت الزوج ثم تموت الزوجة ثم يموت الأطفال تباعاً ,, لا أعتقد أن أى أحد سيقبل المجازفة ببنته أو أخته أو قريبته ؟؟ كما أن الفحص قبل الزواج يكشف الأمراض الوراثية وإحتمالية نقلها للأبناء مثل مرض الأنيميا المنجلية المنتشر في مناطق غرب السودان ,, ويعانى المصابون منه كذلك من مشاكل خطيرة يمكن تلافيها بمنع الزواج بين حاملى المرض ,, في السعودية يفرض النظام على جميع المتقدمين للزواج الفحص ماقبل الزواج وبهذا فقد أمكن تلافى إنتشار الكثير من الأمراض ,, إنها إشارة على حرص الدولة على مواطنيها وصحتهم ,, ولكن وللأسف رغم سبقنا في مجال العلوم الصحية فإننا لم نواكب العلم فسبقنا العالم والدول المجاورة أشواطاً , ومازال الطب لدينا مهتماً بمعالجة الأمراض بعد وقوعها بدلاً من تلافى حدوثها في الأساس ,, وهكذا تستمر المآسى في الحدوث , وتموت أسر بكاملها كان في الإمكان إنقاذها بالفحص ماقبل الزواج , لكننا نستمر في التعامل مع الأمر بمنطق النعام ودفن الرؤوس في الرمال ..