بكري الصائغ …… [email protected] ……. 1- ***- عندما سألوا الشهيد عبد الخالق محجوب، الأمين العام للحزب الشيوعي أثناء محاكمته الشهيرة في يوم 28 يوليو 1971، وقبل إعدامه بلحظات: "ماذا قدمت لشعبك…؟"، أجاب في هدوء، وباختزال شديد: "الوعي .. بقدر ما استطعت ". 2- ***- مرت اليوم الأحد 23 سبتمبر الحالي، الذكري السادسة والثمانين علي ميلاد الرفيق عبدالخالق محجوب، الذي ولد في مثل اليوم من عام 1927 في حي "السيد المكي" بمدينة أمدرمان. 3- ***- والغرض من الكتابة عنه اليوم في ذكري ميلاده ، ان تعرف الاجيال الجديدة وتلم بسيرة عبدالخالق الذي استطاع ان يغير تمامآ خارطة السياسة التقليدية في السودان ويغرس في ابناء شعبه حب النضال السلمي ضد الاقطاعية والرجعية، ومحاربة الاستعمار البغيض اينما كان ...وان يعرف من لم يعرف ، انه قد استطاع بالمثابرة والعمل الدؤوب والمثابرة ، والكد الذي ماتوقف وطوال سنوات كانت مليئة بالضنك ، والعذاب المر، والملاحقات، والاعتقالات والسجون، ان يقود الحزب الشيوعي السوداني بفهم وعمق حتي اصبح ثاني اكبر حزب شيوعي في افريقيا بعد الحزب الشيوعي الجنوب افريقي، والأول عربيآ. ***- وان يلموا بما ماخفي عن عبدالخالق المفكر الذي كان يقارع الحجة بالحجة المستنيرة الهادئة… وانه هو الذي استطاع ان يغير من خارطة السياسة التقليدية في السودان ويغرس في ابناء شعبه حب النضال السلمي ضد الاقطاعية والرجعية ومحاربة الاستعمار اينما كان ووجد... 4- ***- ان يعرفوا ابناء هذا الجيل الجديد ايضآ، ان عبدالخالق استطاع بالمثابرة والعمل الدؤوب وطوال سنوات كانت مليئة بالضنك والعذاب والملاحقات، والاعتقالات والسجون، ان يقود الحزب الشيوعي السوداني بقوة واصرار حتي اصبح ثاني اكبر حزب شيوعي في افريقيا بعد الحزب الشيوعي الجنوب افريقي، والأول عربيآ. 5- ***- عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سواد الناس في الداخل والخارج... وفى استشهاده العظيم كتب الشاعر محمد الفيتورى يرثيه: لا تحفروا لى قبرا سأرقد فى كل شبر من الأرض أرقد كالماء فى جسد النيل أرقد كالشمس فى حقول بلادى فمثلى لا سكن قبرا 6- ***- ولد عبد الخالق فى يوم 23 سبتمبر 1927 . وبدأ مسيرته التعليمية بخلوة الشيخ اسماعيل """""""حى المكى . حفظ القرآن وتعلم مبادىء اللغة والنحو الواضح . ومن ثم انتقل الى مدرسة الهداية الأولية وقد أسسها المربى الجليل الشيخ الطاهر الشبلى "والد نقيب المحامين الأسبق أمين الشبلى". ومنها انتقل الى مدرسة أمدرمان الوسطى، المعروفة بالمدرسة الأميرية . ***- ودرس بعدها بمدارسها الحكومية المتعددة حتي كلية غردون التذكارية. ***- وقد حباه الله بذكاء ملحوظ ، وهكذا ظل متفوقا فى كل مراحل دراسته . وفى المرحلة الثانوية شهد له أساتذته بنبوغ مبكر. وفى تلك المرحلة أيضا كان له أستاذ أسمه مستر كرايتون ، متخصص فى اللغة والأدب الانجليزي . وقد كرر مرارا أمام طلابه أن عبد الخالق من الكفاءة وامتلاك ناصية اللغة والأدب الأنجليزى التى تمكنه من تدريسها . ***- فقد انهمك عبدالخالق فى دراسة روائع الأدب والشعر الانجليزى التى تضمنت روايات شكسبير وأشعار شيلى وأليوت وكيتس وغيرهم من العمالقة . ومثل هذه الشهادة والتقدير جاءت على لسان آخرين منهم أستاذ التاريخ هولت المعروف لمعظم السودانيين . وعلى ذكرتفوقه الأكاديمى وسعة اطلاعه ، لا بأس من الاشارة الى أن عبد الخالق قد بعد اكمال المرحلة الثانوية ، جلس لامتحان شهادة كمبردج فى سنة 1945 وأحرز درجة الامتياز فى كل المواد التى أداها وهى اللغة العربية والرياضيات واللغة الانجليزية والكيمياء والفيزياء والأحياء والجغرافيا والتاريخ. ***- وخرج بعدها الي مصر في اعقاب المظاهرات الاحتجاجات السودانية علي الأدارة البريطانية عام 1964. وهناك في القاهرة وجد في الحزب الشيوعي المصري الذي كان يمارس نشاطه في سرية شديدة الحل المنشود لكي يعمل معه حتي ينال السودان استقلاله. والتحق بجامعة فؤاد الأول ، التى تحول اسمها لاحقا الى جامعة القاهرة . مكث عبدالخالق لمدة ثلاثة أعوام قبل أن يضطره المرض من العودة مبكرا الى السودان . 7- ***- رجع من مصر للسودان وشارك في انتخابات البرلمان لسنة 1953م وقد فاز الشيوعيون بمقعد واحد. أخذ نفوذ عبد الخالق يزداد داخل الحزب الشيوعي، ثم هدأت أنشطة الحزب في الفترة التي حكم فيها البلاد الفريق إبراهيم عبود حكما عسكريًا. ***- ولكن ما لبث أن نشط عبدالخالق محجوب بعد أحداث أكتوبر سنة 1964م التي أطاحت بحكم الفريق عبود العسكري. ولما بدأت المفاوضات بين الأحزاب والهيئات العمالية والاتحادات والنقابات استطاع الشيوعيون أن يدخلوا عددًا من أعضائهم والموالين لهم في الوزارة الانتقالية التي تشكلت برئاسة سر الختم الخليفة. ***- كان وجود عبدالخالق خارج الحكومة فرصة لإبراز أخطائها، وكان يشن حملات عنيفة على التحالف بين الاتحاديين وحزب الأمة حتى انتهى الأمر بقيام انقلاب الضباط الأحرار عام 1969م. ***- اعتقله النميري عام 1970 ونفاه الي القاهرة، بسبب ان عبدالخالق كان قد كتب مقالة بجريدة "الميدان"، ان ماقام به النميري واستيلاء الجيش علي البلاد لايعتبر باي حال من الاحوال "ثورة" وانما انقلاب عكسري، فغضب نميري غضبآ شديدآ من عبدالخالق الذي رفض الاعتراف ب"قورة 25 مايو"!! ***- وفي عام 1970 قاد الرائد هاشم العطا انقلابآ عسكريآ ضد حكم النميري، ولم يدم ذلك الانقلاب اكثر من ثلاثة ايام، استعاد بعدها النميري مجددآ السلطة من الانقلابيين، وشكلت محكمة عسكرية لمحاكمة القادة الانقلابيين وايضآ بعض المدنيين ومن بينهم عبدالخالق محجوب، والشفيع احمد الشيخ رئيس اتحاد العمال، والمحامي جوزيف قرنق، واعدموا جميعآ بعد محاكمات عاجلة وسريعة. 8- ***- كان الرئيس عبدالناصر يسارع الى دعوة عبدالخالق فى كل مرة يحل فيها على القاهرة ، ويتبادل الرجلان الآراء فى شئون السياسة وخاصة العلاقات المصرية – السوفيتية التى توطدت آنذاك ، خاصة الجوانب المتعلقة بالعمران الاقتصادى والعسكرى لمصر. 9- ***- التحية لروح الرفيق عبدالخالق، ومانسيناك، وستظل دومآ في قلوب السودانيين.