تواصلت الهبة الجماهيرية إحتجاجاً على الغلاء وللمطالبة بإسقاط النظام في عدد من مدن البلاد وبعض أحياء العاصمة . وعمت التظاهرات مدن ود مدني ، بورتسودان ، عطبرة وانضمت اليها القضارف في وقت متأخر من ليلة أمس ، فيما انتظمت التظاهرات الليلية في احياء العباسية والعرضة والسوق الشعبي وأمبدة والفتح بامدرمان، وبري والكلاكلات وامتداد ناصر بالخرطوم ، عقب التظاهرات النهارية بجامعتى الخرطوم والنيلين. وإستبسل شباب وأهالي مدينة ودمدني وحرروا وسط المدينة بشكل كامل لأكثر من (3) ساعات بعد أن تمكنوا من طرد العناصر الأمنية وقوات الشرطة ، في تلاحم بطولي بين الطلاب والمواطنين . وردد المتظاهرون هتافات : (جوعت الناس يا رقاص) ، (الشعب يريد اسقاط النظام) (نحن مرقنا ضد الناس السرقو عرقنا ، ما للسكر والبنزين مرقنا ضد تجار الدين) . وإستخدمت الأجهزة الأمنية الرصاص الحي وقنابل الغاز ضد المتظاهرين. وتأكد إستشهاد كل من مازن سيد أحمد (22) عاما وسالم الطيب (20) عاما من حي الدباغة بعد إصابتهما برصاص حي أطلقه عناصر جهاز الأمن ، فيما اصيب العشرات إصابات بعضهم خطيرة ، وتحصلت (حريات) على بعض إسمائهم ، وهم : ابراهيم محمد علي ، الطيب عبد الودود ، منى عبد الرحمن سليمان ، عاصم هشام ، أحمد عرابي ، مجتبى حسن ، يوسف أنور ، أمل النذير . ولم يسلم الأطفال من عنف أجهزة الأمن بودمدني حيث أصابت الأجهزة الأمنية كل من : منير أحمد (8) اعوام ، هاجر عبد العليم (11) عاماً و فرح ايمن محمد (6) أعوام . وأعتقل العشرات من المتظاهرين من بينهم الروائية رانيا مأمون التي أعتقلت عصر أمس ولم يعرف مكان إعتقالها حتى الآن . وأقر محمد الكامل فضل الله ، نائب والي الجزيرة والمتحدِّث الرسمي باسم حكومة الولاية في تصريح لتلفزيون (الشروق) من مدينة ودمدني أمس بقوة التظاهرات ، وقال ان حكومته إعتقلت (103) أسماهم ب (مثيري الشغب) مضيفاً بانهم سيُقدَّمون للمحاكمة اليوم الثلاثاء. وأكَّد أن أضراراً لحقت ببعض مؤسسات حزبه . وأحرق المتظاهرون دار المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية بالولاية ومبنى إذاعة وتلفزيون ولاية الجزيرة وبعض نقاط التفتيش بشارع مدني – سنار . وإضطر النظام لإنزال القوات المسلحة (اللواء 20) الى المدينة لحماية بعض الوزارات ومقر المؤتمر الوطني وديوان الزكاة وغيرها من المؤسسات التابعة للحزب الحاكم. وفي صباح يوم أمس إندلعت التظاهرات بصورة كبيرة ، واشتدت خلال ساعات النهار بعد ان انضم اليها طلاب جامعة الجزيرة ( الإعدادية). ويؤكد شهود العيان ل ( حريات) ان التظاهرات امتدت من السوق الصغير الي السوق الكبير ثم السوق الشعبي وأحياء الدباغة ومايو وبانت وحي التلفزيون وجزيرة الفيل ومارنجان وعووضة والحلة الجديدة وغيرها من الاحياء . ويمضي الشهود للتأكيد بانه ما من حي أو تقاطع في المدينة الا وشهد تظاهرات حاشدة أرعبت قوات الشرطة والاجهزة الامنية التي انسحبت من كافة المواقع، وبحلول الساعة الرابعة من عصر أمس كانت مدينة مدني محررة تماما من كافة أجهزة المؤتمر الوطني. واكد الشهود استمرار التظاهرات الليلية في أحياء الدباغة والقبة والحلة الجديدة وجزيرة الفيل حتي وقت متأخر من ليل أمس . وكشف شهود من حي جزيرة الفيل بمدينة ود مدني ل ( حريات) عن رفض قوات شرطة القسم الشرقي الواقع في حيهم الاستجابة لأوامر قياداتهم بقمع التظاهرات التي أنطلقت في الحي وعدد من الاحياء المجاورة له. وأكدوا انهم شاهدوا بانفسهم المئات من قوات الشرطة محملين في دفارات قادمة من الخرطوم لقمع التظاهرات. وفي السياق ذاته كشف مواطنون اخرون عن تحويل المقر العام للمؤتمر الوطني بالولاية لثكنة عسكرية يدخل ويخرج منها عشرات الضباط ومنسوبي المليشيات والرباطة التابعين للحزب الحاكم. وقال الشهود ان عربات محملة بالسلاح الابيض والناري تم ادخالها الي داخل المقر لتسليح المليشيات التي قدم معظمها من الخرطوم بالاضافة لعدد من منسوبي الحزب الحاكم من ابناء المدينة. وأكد ناشطون سياسيون من المدينة ل ( حريات ) انه سيتم تشكيل لجان الاحياء من المتظاهرين أنفسهم في الاحياء لحماية المظاهرات والمتظاهرين. وابانوا بان ما حدث في مدني يعد رصيدا ضخما للثورة في السودان في المدن الاخري حتي اسقاط نظام المؤتمر الوطني. مشيرين الي تململ قوات الشرطة بالتحديد وسرعة استجابتها لهتافات المواطنين. داعين المواطنين في المدن الاخري للخروج وهزيمة المؤتمر الوطني كما حدث في مدني. وفي الخرطوم كثفت الاجهزة الامنية إنتشارها بصورة غير مسبوقة في كل الاحياء والشوارع وحول الجامعات، وشوهدت المئات من سيارات الامن والشرطة في كل الشوارع لارهاب وتخويف المواطنين ، فيما ارتفعت نبرة السخط والتأهب وسط المواطنين في المواصلات العامة والمنازل والمكاتب والاحياء. ورغم الكثافة الامنية المفرطة خرجت التظاهرات من جامعة الخرطوم والنيلين وقابلتها الشرطة وأجهزة الامن والرباطة بعنف شديد ، لكن الطلاب تمكنوا من الخروج الي شارعي الجامعة والجمهورية. وتواصلت التظاهرات الليلية في أحياء بانت والعباسية وبعض مناطق أمبدة في أمدرمان ، فيما خرج مواطنو الكلاكلة في تظاهرات ليلية مماثلة ، وأغلق متظاهرون من حي بري – شارع بري الرئيسي ( المعرض) – في تظاهرات حاشدة خرجت عقب الساعة العاشرة مساءا. ورغم الاعتقالات ووجود الاجهزة الامنية الكثيف انتشرت في عدد من شوارع أمدرمان والخرطوم ظاهرة اللافتات والكتابة على الجدران بشعارات الشعب يريد اسقاط النظام) ، و(جوعت الناس يا رقاص) . وفي مدينة بورتسودان خرجت تظاهرات في حي ترب هدل في سوق الحي وحوله وفي السوق الكبير وتعاملت معها الاجهزة الامنية بعنف بالغ واعتقلت عددا من المواطنين والناشطين. وقال مواطن من سكان مدينة بورتسودان ل ( حريات ) ان الاجهزة الامنية والشرطة انتشرت بصورة غير معهودة في المدينة حتي خلال تظاهرات العام الماضي. واضاف ان قوات الامن والشرطة أغلقت الكبري الرئيسي المؤدي الي حي (ترب هدل) لمنع المواطنين من الانضمام للتظاهرات. وأكد ناشطون ومواطنون تحدثوا ل ( حريات ) من بورتسودان عزمهم الخروج اليوم الثلاثاء وفي الايام القادمة. مشيرين الي انهم لن يأتوا في نهاية المدن المنتفضة وسيكونوا في مقدمة المدن التي يتم تحريرها علي أيدي الثوار أسوة بمدينة ودمدني. وفي مدينة عطبرة خرج المئات في تظاهرات حاشدة ليلة أمس منددين بالسياسات الحكومية المتوحشة ومطالبين بإسقاط النظام . كما خرجت تظاهرة ليلية في مدينة القضارف بحي ديم النور وإحتشدت العناصر الأمنية أمام منزل الناشط جعفر خضر لإعتقاله ولكنها تراجعت حين تصدت لها الجماهير . وتجددت التظاهرات صباح اليوم في مدني وأمدرمان وسنار وكوستي ونيالا وبعض أحياء العاصمة .