[email protected] …… 1) وجدت نفسى عاكفا عن الكتابة لفترة ليست بالقصيرة منذ اخر مقال كتبته ونشر فى صحيفة الراكوبة بعنوان ( لماذا لا يثور السودانيون ؟ ) قبل اكثر من شهرين . حيث حالت بعض الظروف من متابعة الكتابة او حتى من التواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعى و الانترنت بشكل عام .. و ربما يكون مرد ذلك حالات الاحباط و الفتور التى قد تنتاب البعض و انا منهم بطبيعة الحال من فترة لاخرى .. والسبب فى ذلك قد يرجع الى ادراك مدى صعوبة التغيير الحقيقى المنشود لمخاض و ميلاد السودان الجديد وهى عملية تغيير جذرى لوضع الاساس السليم و المنطقى للسودان بعد اكثر من خمسين عاما من الفشل الوطنى . لكن رغم ذلك يظل الايمان بحتمية السودان الجديد راسخا و ان خبأ بريقه فكان ان استفقت من غيبوبتى هذه على ايقاع الاحتجاجات القوية التى شهدتها معظم ارجاء السودان وامتدت لتشمل بلاد المهجر و تشغل الراى العام الاقليمى و الدولى و تعلن ميلاد ثورة الشعب السودانى و التى اتت و ان تاخرت ضد نظام مغتصب ظالم فاسد مستبد من العار ان يبقى يوما واحدا ناهيك من الحديث عن ربع قرن وهى ثورة كان لابد لها ان تاتى لتنفض غبار الخنوع وتحيى الامل و تدفع الدم من جديد فى عروق الوطن المسخن بالجراح والازمات وكما جرت العادة فى دول الربيع العربى قاد شباب السودان ثورتهم و قدموا ارواحهم فداء للحرية و الكرامة و التغيير فالتحية لكل شهداء التغييرالذين سقطوا فداء للوطن و الحق.. والثورة ماضية و النصر اكيد . 2) وفى خضم كل هذا الحراك المنعش و المحفز للهمم والطاقات شاءت الاقدار ان يقع بين يدى ما قد يعكر الصفو و يفسد المذاق وهى حقائق و معلومات قد تكون معلومة و متوقعة عند الكثيرين لكن رغم ذلك تبقى مهمة ومفيدة فى تلك المرحلة حتى تتكشف الحقائق و يبين المسروق وهو الشئ الذى دفعنى للكتابة و التطرق لهذا الموضوع الشائك و المهم كنت قد التقيت بالقاهرة فى اليومين الماضيين بشابين فى مقتبل العمر من ابناء الجزيرة بوسط السودان وقد حكوا لى قصة تسللهم الفاشلة الى ليبيا و كيف تم القبض عليهم فى الحدود المصرية الليبية من قبل حرس الحدود المصرى و كيف قاموا بدفع كل ما معهم من اموال حتى يحرروا انفسهم من عقوبة التسلل وهى السجن شهرا والترحيل الى السودان . وتحدثوا لى عن ان الاوضاع السيئة فى السودان هى التى دفعتهم الى تلك المغامرة التى ان كتب لها النجاح ستغير من احوالهم كما غيرت من احوال اخوتهم الذين نجحوا فى التسلل الى الاراضى الليبية التى اضحى التسلل لها تجارة رائجة فى مصر يسعى لها الجميع من سودانيين و سوريين ومصريين ..واوضحوا لى انهم الان يبحثون عن عمل يتحصلوا من خلاله على المال للازم للمحاولة مجددا التسلل الى ليبيا (ارض الاحلام) و كيف ان بحثهم عن العمل وحاجتهم الماسة لمخرج لتوفيق اوضاعهم بعد ان خاب املهم فى دخول ليبيا وفقدوا كل ما يملكون من اموال قد اوقعهم فى احد سماسرة المعارضة الذى يعمل مع السفارة السودانية بالقاهرة و يدعى (ح ع) يتبع لاحدى مجموعات وفصائل البجا المعارضة وهو كما علمت من قدامى معارضى مؤتمر البجا رغم انه اثنيا ينتمى الى اواسط السودان فهو بخلاف عمله مع السلطات الامنية باالسفارة متمثلة فى العميد (ع) مسئول الامن و الاستخبارات و مدهم بالمعلومات ومساعدتهم فى تنفيذ مخططهم الرامى الى اختراق و تفتيت جبهات المعارضة و اضعافها يقوم بما هواكثر ليعزز من مكانته لضمان تدفق الاموال و العمولات حيث وجد ضالته فى هؤلاء الشباب الصغار المكلومين و عرض عليهم اخذهم الى مسئول امنى كبير فى السفارة العميد (ع) على ان يدعوا انهم من ابناء شرق السودان (بجا كميلاب) و يعملون فى مؤتمر البجا جناح (ابوامنة ) وانهم يودون ترك العمل المعارض و العودة الى السودان .. و قد كان ان تم الترتيب لهذا اللقاء الذى جمع عميد السفارة بالشابين و بحضور السمسارالمعارض فى احد ارقى مقاهى حى المهندسين و تم تقديم الشباب على انهم من ابناء البجا المعارضين و يودون العودة الى السودان حيث اثنى العميد على قرارهم و وعد بتذليل كافة العقبات و تقديم كل يد العون بل اكد لهم حرصه و تاكيده على تعينهم فى (امن القبائل) بمجرد وصولهم السودان . بعد ذلك تحدث السمسار عن ضرورة افراغ مؤتمر البجا جناح (ابوامنة ) عن طريق استقطاب اعضائه و هكذا يتم اضعافه والقضاء علية( ايكلينيكيا ) وفى طريق العودة بعد نهاية اللقاء اخبر السمسار الشابين ان كل منهم سيحصل على تذكرة سفر و 500 دولار , و قد افصح لى الشابين بشكوكهم ان المبلغ اكبر من تلك القيمة لكن (ح ع) قد نصب عليهم و انهم لن يرحعوا اليه او الى العميد (ع) مرة اخرى 3) الى هنا انتهت القصة التى تؤكد على شيئين اثنين اولهم .. ان سفارة النظام نشطة فى اختراق و تفتيت و اضعاف المعارضة و كل الحركات التابعة لها عن طريق شراء المعارضين و تجنيدهم لهذا الغرض وتوفير كل الامكانات المادية و العينية لتحقيق ذلك و الثانى يؤكد على هشاشة الفصائل و الحركات التى يسمى انها معارضة و سهولة اختراق صفوفها و شراء قياداتها .. و الامثلة على ذلك كثيرة فظاهرة سماسرة المعارضة و اقتسام الكعكة هى التى فرخت كل تلك الفصائل و الحركات المسلحة و المعارضة التى لا حصر لها غربا و شرقا و لم تنجو منها حتى الاحزاب الكبيرة ( الامة و الاتحادى ) التى شاركت النظام الفاسد سلطتة و قوت من شوكتة بعد انفصال الوطن ليتفرغ هو لمجابهة ثوار الجبهة الثورية و اصطياد فصائل دارفور و الشرق الواحدة تلو الاخرى .. ولا غرو اذن فى ان يبقى النظام الفاسد الظالم كل نلك الفترة اذا كان هذا هو حال الاحزاب و المعارضة التى تريد ان تسقط هدا النظام المتجبر وعلى راسها من احترفوا المعارضة (السمسرية ) . كل ذلك يدفع فاتورتة الباهظة نفسيا و معنويا و ماديا الشعب السودانى فهو المسروق و الضحية فى كل ذلك النفاق و العهر السياسى و الذى امتد لسنوات و سنوات ظلت جماهير شعبنا تزرع الامانى فى غير موضعها وتعلق الامال فيمن لا يخاف حرمة الشرف و الوطن . و اى كان ما يفعله المدعو (ح ع) و من سبقوه من تجار السياسة و الخيانة فهو بمثابة جرس انذار لنعى اكثر جذور ازمتنا.. فالازمة ليست فى الحكم فقط بل فى المعارضة ايضا وهذا يدل على مدى الازمة السياسية التى نعيشها فالمصلحة الوطنية تحتم علينا ونحن نستشرف بواكير ثورة و رياح ان نعمل منذ الان على اعادة النظر فى ممارستنا السياسية و احزابنا الفاشلة الفاسدة ، وان نعمل على بناء احزاب وطنية واعية على اسس سليمة تقودها نخبة من الشباب و المثقفين و المبدعين يخرجوا بالوطن من محنته الطويلة . الثورة ستنتصر و التغيير قادم ………