[email protected] …… أكدنا فى الحلقة الأولى ، أن حركات الإسلام السياسى ، على إمتداد الشرق الأوسط وأوربا وآسيا ، قد تحالفت مع الأمريكيين ، lمنذ الخمسينات من القرن الماضى ، فحصلوا على تدفق تمويلى مستمر ، ووعود بأن يُنصبوا حكاماً ، وأمراءاً على بلدانهم مستقبلاً ، مقابل إعادة توجيه تنظيماتها لتعمل بالوكالة ، على محاربة المعسكر الإشتراكى ، طوال فترة الحرب الباردة ، فتكللت مجهودات المعسكر الغربى وعملاؤوهم ، ومرتزقيهم ،،، بتفكك وإنهيارالإتحاد السوفييتى .. فى تلك الحرب ، تفادى كل من المعسكرين ، الدخول فى مواجهات عسكرية مباشرة ،،، إلا أن الأمريكان تمكنوا من إيجاد من يفعل لهم ذلك بالإنابة ، فتم تجنيد وتسليح آلاف المجاهدين ، وإرسلوا إلى خط المواجهة مع السوفيت فى جبال أفغانستان ، وكان منهم أسامة بن لادن ، وآخرين .. لإتمام ذلك كان لا بد من الإستيلاء ، على حركة الاسلام السياسى ، ومصادرة كافة منابر الإسلامويين ومساجدهم ، وبفضل ذلك تحولت إلى أبواق أمريكية ، ناطقة بالعربية ، تجيد كيفية الإستثمار الآيات القرآنية ، والخطب المنبرية ، لخدمة مؤجريهم ،، إلى جانب شتم ، وقذف ، وسب الشيوعية ،،،، ويعجبك الإسلامويين ، إن طلبت منهم ذلك ! . بتمام إنهيار المعسكر الشرقى ، تنفست أمريكا الصعداء ، وشربت مع حلفائها وعملائها نخب الإنتصار ، وفرك الإسلامويين أيديهم ، وفرحوا ، وهم يرون الباب العالى يشرع لهم ، على ضلفتيه فى الأفق ، وتتزين لهم جنانها ، وتدنوا لهم قطوفها ، وتتلألأ وهج خزائن الأمم ، وتجهرهم بريق كنوزها ، التى طالما شقوا أنفسهم ، فى سبيل الوصول إليها ،،، ولكن ،،،، طال الإنتظار ،،، وإنكشفت الخديعة الأمريكية ،،،، فإنقلبوا عليها ،، فأصبحوا ينعتون داعمهم الأول وممول جهادهم ،، بالشيطان الأكبر ،،، فحولوا نفس أدوات الجهاد ، التى كانت موجهة للعدو السابق ،، إلى تأديب الحليف السابق ، العدو الجديد .. نفس الآلة الجهادية التكفيرية ، إنقلبت لتعمل ضد أمريكا ،،، نفس البنادق الآلية التى عملت فى جبال أفغانستان ،، أعيدت تصويبها إلى الصدور أمريكا ،،، نفس مدافع إستنغر المحمولة على الكتف ،،، أعيدت إلى وضع الإستعداد ، بعد تغيير إتجاه فوهتها ،،، نفس الكلاب المدربة ،، التى كانت تشمشم بحثاً عن الشيوعيين ، فى أوطانهم وفى المغارب ، تحولت إلى أدوات لإستهداف الأمريكيين حول العالم. لقد كانت تصفية حسابات بين مجرمين ، وحرب سرية عقابية إنتقامية ، توجت بالهجوم على مركز التجارة العالمى … ولكن ،، لماذا تلكأت أمريكا فى الإيفاء بالوعد ،، وتسليم المعلوم ؟؟؟ لأنها تعرف أن مثل هذه التنظيمات ، لا يمكن أن تنشئ سلطة متحضرة قابلة للحياة ، ناهيكم عن إدارة عمليات تنموية معقدة ، متناغمة مع المنظومة العالمية ،، وهم من كانوا يفشلون فى إدارة حتى المساجد والمراكز الاسلامية ، دون الدخول فى إحتكاكات مع مسلمين عاديين ،، يعرفونهم أنهم آلة كبح وتخذيل وتعويق ، أكثر من كونهم صواعق لتفجير الطاقات ،،، وأنهم معاول هدم وتحطيم ،، أكثر منهم أيادى تعمل للبناء … وقد حان وقت فطامهم من رضاعة الثدى الأمريكى ،،، إن كنتم تريدون تعويق أمرٍ ما ، فإستدعوا الإسلام السياسى !! وإن كنتم تريدون هدم وتدمير شيئاً ، أو حضارة ما ،، فإلجأوا إلى الإسلامويين ، ولن يخذلوكم !! التأريخ مليئ بإنتكاساته التخريبية ،،، وواقع اليوم فى الدول التى عشعش فيها خير شاهد ،، وهم من أماتوا السودان ، ولو كان هناك موت ، ما بعد مماته لسعوا إليه ،،، إنها ميته يقنط من فواقه القانطون !! التنكر الامريكيين ، لنسب الإسلامويين ، وبلسان حالهم ، أيضاً ضرورة ملحة ، فإن منهجهم وأسلوب حياتهم ، وبداوتهم الفكرية ، لا يمكن أن تسوق ، فى بلد قائم على الحريات الشخصية ، ووصول مثل هذه الجراثيم إلى هناك ، من شأنها الفتك بما حققتها الحريات ، ما يعنى ، التسبب فى مشكلات إجتماعية وسياسية لا حصر لها ،، إذن فليبقوا هناك قابعين فى عالمهم الشرقى ، وليحتووا داخل محيطهم وأوطتنهم ، ولتقف ترامى المحيطات ، وملوحة البحار حائلاً ومطهراً ، وعازلاً يمنع عنهم العدوى . فى أمريكا والغرب ، وسائر أنحاء العالم ، توجد قوى كثيرة معادية للإسلام ، تماماً كما يوجد للمسيحية أعداء ، ولليهودية أعداء ، وهذه الجهات لا تفرق ،، ولا تجتهد فى التفريق ما بين المسلمين والإسلامويين ، وبالتالى ، فإنها تسوق السلوكيات الإجرامية الإسلاموية ، على أنها إسلامية ،،، والفساد واللصوصية والقتل والإبادات الجماعية ،،، يتهم بها المسلمين ، وليس الإسلامويين !! والإنحطاطات السلوكية ،، اللاإنسانية التى رسخها الإسلامويون عبر التأريخ ،،، تروج على أساس أنها سلوكيات إسلامية ، إن لم يتم التدخل ، والإجتهاد فى توضيح الأمر ، وقد يقبلون ،،، أو لا يقبلون !! وتأتى خطورة هذه الجهات ، التى لا تفرق ما بين الإسلام ، والإسلام السياسى ، فى إستخدام جرائم الأخيرة ، فزاعة لشعوبها لأجل سد ، وغلق الباب ، أمام أى محاولات ، لنقل الجرائم الإسلاموية على أشكالها ، ومنع بلدانهم من الإنتكاس ،،، والإنزلاق إلى مستنقع التخلف ، بعد نجاحهم فى الوصول ، إلى ما وصلوا إليه !! أرأيتم مدى إضرار المنافقين بالإسلام ؟؟ ،،، إذن فإن تقاعس المسلمين ،،، عن مواجهة ومحاربة الإسلامويين ،، كارثة حقيقية .. الإسلام السياسى ، بالنسبة للغربيين كالعاهرة ، أو العشيقة ، أو الزوجة السرية ،،، لا يجوز إستقبالها ،، أو الترحيب بنيها ، أو السماح بإختلاط أبنائها ، بأبناء وبنات الزوجة الأصلية ،، والإسلامويون يفهمون ويتفهمون هذا التشبيه جيداً ،، خاصة الإسلاموى ،، صاحب حوض السباحة الشهير !! فى هذه الحالات ،، ولإنكشاف الظهور ،، وإفتضاح الأسرار ،، تنشط عمليات الإبتزاز المتبادلة ،، فيعمل الكل على طريقته ، عسى أن يعاقب الآخر ، أو يلوى من ذراعه ، أو ينال منه ، أو يهد من هيبته ، أو يسجل له زيارة فاجعة مفاجئة ، أو عنيفة ، فيجعل منه ومن زوجته وأولادة ،، فرجة للجيران. حسناً ،،، فى سبيل ترتيب الصفوف ، ورد الصفعات ، يلجأ الإسلامويين ، في المقابل إلى إرهاب السلفيين والجهاديين ، بخطورة الحداثة والتغريب عليهم ، وإظهار أنفسهم ، أنّهم التيار الأقدر ، على الوقوف في وجه زحف الحداثة الغربية ، ومجابهة الطابور الخامس من قوى الكفر وأعداء الإسلام ، والذي يحتل المساحة الخارجة عن الدين ، والممتدة ما بين السلطة الرّابعة ، والفن السابع ، وذلك بإعادة تطويع ولى عنق الثقافة ، وإمرارها قسراً بنفق البداوة ،، وهذا ما تم ،،،، وإنظروا لحال الفن والثقافة فى ظل إسلامويي السودان ، ورحلة تدهورها ، وإضمحلالها ، وضمورها !! أما للأمريكيين ، فتباع لهم عبوات أخرى من نفس البضاعة ، على شاكلة (أننا الأقدر على مجابهة المتطرفين وكشفهم وإحتواؤهم ، وإن لم تدعمونا ، سينفسح لهم المجال ، ولا نضمن ألا يسجلوا لكم زيارة أخرى إلى منهاتن ) … إبتزاز ،، أليس كذلك ؟؟ ونفس البضاعة التى تصدر إلى ما وراء البحار ،، تروج أيضاُ بالداخل ، وقد بدت واضحة فى لهجة خيرت الشاطر ، في رده على إقتراحات السيسي "إذا تنازلنا عن السلطة ، فسيخرج أتباعنا عن طوعنا ، وسيخرج الكثير من الجهاديين من جحورهم ، ولن نضمن لكم ماذا سيحدث ، حينه ، سيصير كل شيء في عهدة الشيطان " أما طريقة إسلامويي الخرطوم ، فى إبتزاز أولياء النعمة ، فقد بلغت من الإنحطاط والخسة والدناءة مستوى ، لم يبلغها حتى آلهة المشروع الإسلاموى الدولى .. إن لم ( تكلموا ياسر عرمان وتقنعوه بضرورة الإنسحاب من الترشح لرئاسة الجمهورية ، فلن نسمح لكم بإستفتاء إستقلال الجنوب). إن لم ترفعوا إسمى من قائمة الإرهاب ،،، وتدعمونى ، فسأضيق الخناق على جنوبكم ، وأشن الحروب الداخلية ، وأنشئ المزيد من المقابر الجماعية !! إدعمونى ، وقدموا لى مالاً وأحمونى ، وألا فسأقتل أبنائى ، وأفسد بيتى ، وأشعل النار فى دارى ، وسأحرجكم أمام مواطنيكم ، وأنتم تقدمون على الإنتخابات الرئاسية !! أو إنشاء منبر وصحيفة صفراء ، فى سبيل التضحية بالأرض مقابل الإستمرار فى السلطة ، وتمويلهما ، للترويج لمبدأ ، أن قوماً من بنى جلدتهم ،،، لا يشبهونهم !! إنه الدهاء الخبيث ، والاستغفال الإستدراجى ، وإبتزاز من لا يملك شيئا ، سوى أن يقول (إما أنا أو إنتظروا الأسوأ ؟).. إنهم أراذل القوم ، صعدوا فى غفلة من الزمن ، على رقاب الناس ، دون أهلية ، لما فرضوا أنفسهم عليها .. وكما أن إسلاموييى كل من مصر وتونس والجزائر ، ليسوا مؤهلين لتربع السلطة ، وإدارتها بالطريقة التى تفيد الشعوب ، فإن إسلامويي السودان أيضاً ليسوا مؤهلين .. ولا جاهزين لحكم السودان حكماً راشداً حتى الآن ، رغم أنهم إستولوا عليها لما يقارب الربع قرن ، دون التمكن بإيفاءها أدنى إستحقاقاتها !!! والآن لم يبق لهذه العصابة ، فى كل من السودان ومصر ، من مفر سوى أن يؤكدوا بأن الأسوأ قد حصل بالفعل ،، وستتعاظم قدرتهم على ممارسة العنف ، ضد مواطنيها من المتظاهرين ، والمحتجين ، والناقدين ، بكافة الوسائل فى السودان ، وإستهداف الأجهزة الأمنية والوزراء وكبار المسئولين فى مصر ،،،، لكن بالموازاة ، فإن فرص بقائهم على قيد الحياة السياسية ، تتقلص باستمرار ، إلى أن يرموا فى مزبلة التاريخ ، ومستنقعه الآسن ، رمية أبدية ،،،،، لن يقووا على القيام بعدها أبداً .. أبداً يتجاهلون اليوم ، القاعدة الأساسية فى إدارة المعارك (لا تستعمل أسلحتك كلها دفعة واحدة) . ومشكلتهم أنهم في لحظة رعب ، وخوفٍ وغضب ، إستنفذوا كافة الأسلحة خلال زمن قصير ، وسيخسرون السلطة فى السودان قريباً ، كما خسروها فى مصر ، فى زمن قياسى قصراً ، خسروا جنوب السودان ، والنيل الازرق ، وجبال النوبة ، ودارفور ، والجزيرة ، والشمالية ، خسرانا لا يرجى منه عوض ،،،، عندما تساق كل هذه الحجج ، لبيان سوء منهج الإسلامويين ، الذى تسبب فى كوارث وإبادات جماعية يندى لها جبين البشرية ، يسوق بعض النفعيين حججاً واهية ، على شاكلة أن الأمريكيين أيضاً ، إرتكبوا جرائم فى فيتنام ، وألقوا قنبلة ذرية على اليابان ، وإحتلوا كل من أفغانستان والعراق ، وعاثوا فيهما فساداً !! وفى ذلك يتناسون أنهم حلفاؤهم ، وهم من ينتسبون إليهم أكثر من غيرهم ، وليس غريباُ إن تشابهت جرائمهم !! يجب الإقرار ، أن الإنجاز الأهمّ ، يتمثل في قدرتهم على إقناع أميركا ، وإسرائيل ، أنّهم وحدهم القادرون ، على الوقوف في وجه طوفان التطرّف ، والإرهاب الدينى الأعمى ، وأنّهم مجرد عملاء ساقطون نفعيون ، بالدرجة التي تجعلهم قادرون ، على التضحية والمساومة على كل شيء ، مقابل الإحتفاظ بكراسى الحكم وخزائن الأموال ، حتى ولو تقلصت أمارتهم ، وضمرت ، وتقزمت ، وتحولت إلى مجرد جزيرة ممتدة ، من كافورى إلى سوق الأسمنت بالسجانة ، ليتناولوا منها مواد البناء ، ومن مطار الخرطوم حتى المقرن ، لضمان تفريغ خزائن البنك المركزى ، والهرولة بها نحو المدرج ، ساعة فاجهتهم القادمة ،،، خسروا إعتصام رابعة ، وميدان التحرير منذ اليوم الأول ، وسيخسرون قريباً ، كل من سيناء والمعابر ، التى تربطهم بوكَرِهم الغزاوى ، خسروا معركة الملايين من المحتجين فى كلا البلدين ،، وإستنفذوا كل رصاصاتهم ، وسيحرقون آخر أوراقهم بإعلان الجهاد ،،، والنتيجة ،، أن ذلكم الجهاد ،، ستكون الجمرة التى ستحرقهم حرقاً ،، بحيث لن يبقى لهم على أثر بعد ذلك ،، إلا رماد المعركة .. حينها فقط ،، ستكتشفون سر الإبتسامة الساخرة ، التى رسمها الأستاذ محمود محمد طه ، وهو يواجه الأغتيال ، بثقة وثبات محير !!