نضال عبد الوهاب [email protected] منذ انقلاب الجبهة الاسلامية في السودان سارع قادته بقيادة الترابي في اقامة علاقات استراتيجية مع ايران التي يحكمها الشيعة الإسلاميين منذ سقوط الشاه في 1979 ، واعتمتدت تلك العلاقات علي العلاقة المتميزة بين الطرفين فيما سبق انقلاب الجبهة الاسلامية والتي كانت بشكل سري وعلني في فترة مابعد قيام الثورة الايرانية!.. جوهر هذه العلاقة يقوم علي التعاون العسكري والاقتصادي وتدريب كوادر الإسلاميين في الجوانب العسكرية والأمنية! وبالفعل قامت الجبهة الاسلامية بانشاء ماعرف بقوات الدفاع الشعبي من أعضاء تنظيمهم وهي الجسم العسكري المشابه للحرس الثوري في ايران! وكان الهدف الاساسي من تكوين الدفاع الشعبي هو حماية الانقلاب ونظام الجبهة الاسلامية ،خاصة وانهم لم يكونوا قد ضمنوا كل الجيش الذي كان لايزال يتم تغيير جلده واحلال عناصرهم داخله! فكان معظم الدعم العسكري يذهب لتسليح الدفاع الشعبي من أسلحة وصواريخ ! كما قامت ايران أيضا بالمشاركة في التصنيع للأسلحة بالسودان وتوفير الأسلحة الخفيفة والذخيرة بمصانع التصنيع الحربي! وذلك من خلال الخبراء والفنيين العسكريين ،وكان في ذلك ايضا فوائد اقتصادية لإيران واستراتيجية لحماية نظامها بالمقابل خاصة بعد الحصار الذي مارسته الدول الغربية علي ايران! اي ان المنفعة المتبادلة لم تقف علي نظام الخرطوم ، فالسودان تحول لحديقة خلفية لإيران في صراعها مع امريكا وحلفائها في المنطقة! تعمل من خلاله علي تصدير السلاح للحركات المقاومة في حماس وجنوب لبنان وسوريا ثم للإخوان فيما بعد في ليبيا ومصر!، وتحول السودان لذراع للجماعات الارهابية وحركات القاعدة في اليمن والصومال ومالي وكل ذلك بدعم استراتيجي من ايران! وكل هذا يخدم المطامع التوسعية للمد الاسلامي الذي كان الترابي ينوي فرضه ويعمل علي ذلك في كل المنطقة! بمشاركة فاعلة اخري للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين رغم بعض الخلافات المذهبية بينه وبين طبيعة الثورة الايرانية!.. ومن مظاهر التعاون الاقتصادي الذي لم يكن بالمستوى الذي يوازي التعاون العسكري نجده تمثل في مجال الطاقة والبترول والزراعة بالاضافة لبعض الدعم النقدي والقروض التي لم يكن نظام الخرطوم يعول عليها كثيرا لاتجاهه للاستثمار في استخراج البترول مع الشركات الصينية والهندية والماليزية!.. ولكن ايضا نجد ان ايران عملت علي نشر فكارها الشيعية عن طريق فتح مراكز ثقافية بالخرطوم ضخت لها العديد من الاموال ونجحت في استقطاب العديد من كوادر الجبهة الاسلامية وبالتالي ساهم ذلك في تقوية العلاقة بين طهرانوالخرطوم!.. ورغم الصراع الذي حدث في السلطة بالخرطوم وخروج حسن الترابي وعدد مقدر معه الا ان العلاقة بين نظام الخرطوم وإيران ظلت كما هي بل وازدادت متانة خاصة ان الترابي كانت مطامحه شخصية لفرض رؤيته ولعب ادوار اكبر في كل المنطقة! وهذا يتقاطع مع مشروع ايران المذهبي والعقائدي!، هذا المشروع يقوم علي فرض الافكار الشيعية خاصة في منطقة دول الخليج ومن ثم قلب نظام الحكم بها! ومن المعروف ان عناصر الشيعة اكثر تواجدا في الخليج خاصة في السعودية والبحرين والكويت ، والعلاقة اصلا متوترة بين هذه الدول وإيران لهذا السبب اضافة لقضية الجزر الامارتية الثلاثة المستولي عليها من قبل ايران! اذا لدول الخليج اسباب قوية ومنطقية لتسوء علاقتها مع ايران وتعمق هذا السوء والتوتر خاصة بعد المشروع النووي الايراني الذي تري فيه دول الخليج انه اكبر مهدد لامنها واستقرارها تشاركها في ذلك الولاياتالمتحدة والدول الغربية التي لها مصالحها المباشرة مع تلك الدول! و لم تشذ من دول الخليج الا قطر التي لها علاقات خاصة بالحلف الايراني السوري وتدعم سياسة الإسلاميين في المنطقة لأسباب لها علاقة مباشرة بدورها الاستخباراتي وخلق التوازن في منطقة الشرق الاوسط!.. من كل تلك المعطيات كان لابد ان تسوء علاقة نظام الخرطوم مع دول الخليج خاصة السعودية والامارات والكويت والبحرين! خاصة السعودية والإمارات! ومن المعروف ان تلك الدول ظلت تاريخيا من اكبر الدول الداعمة للسودان ولاقتصاده من خلال الدعم المباشر والقروض والبترول وصناديق التنمية!، وبعد انفصال الجنوب وخروج البترول وعائداته من ميزانية السودان تعمقت الازمة الاقتصادية بشكل كبير وفشل النظام في استقطاب المستثمرين وصناديق الاموال الخليجية بسبب مواقف النظام الداعمة لإيران ، والتي كانت يمكن ان تعوض الفجوة التي احدثها انفصال الجنوب! وظهر التوتر وسوء العلاقات بين السودان والسعودية جليا في موقف لعله الاول في تاريخ العلاقات الازلية بين البلدين وهي منع طائرة الرئيس من عبور اجوائها لزيارة ايران فيا رسالة واضحة لعدم رغبة السعودية ورضائها عن هذه العلاقة مع ايران وذلك التقارب!.. وكذلك التراشق الذي حدث بين مسؤولين رسمييين امارتييين وآخرين من السودان خاصة بعد انتقاد الامارات للعنف الذي واجهت به الحكومة في الخرطوم ثورة واحتجاجات. سبتمبر الاخيرة في السودان! بينما اتهماخرين من نظام المؤتمر الوطني وقوف السعودية مع هذه الاحتجاجات علانية لتغيير نظام الحكم في السودان!.. ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في رتق الفجوة بين النظام وكل من السعودية والإمارات! وتزامن ذلك مع استمرار الفشل في جذب المستثمريت من تلك الدول لدعم الاقتصاد المنهار!.. وفي خضم كل ذلك ارتفع الهمس لبعض الاصوات المعارضة داخل المؤتمر الوطني بان أيهم اكثر اهمية للسودان في هذه المرحلة ايران ام دول الخليج الغنية والداعمة اقتصاديا!.. وفي نفس الوقت لن تستطيع الخرطوم فك ارتباطها الذي تتمتع به مع طهران لانها تخوض حروبا تستوجب .الدعم العسكري ضد قوات الجبهة الثورية والفصائل المسلحة او اي حرب محتملة مع دولة الجنوب!.. فالمعادلة بالنسبة للنظام صعبة التوازن مابين استمرار زواج المتعة مع ايران او الطلاق منه لارضاء الخليج وامريكا وجلب الاموال لانعاش اقتصاد منهار يوشك ان يطيح بالنظام!..