[email protected] ما كنت لأخوض في هذا الموضوع لولا ان اخوة زملاء تناولوه بالشرح المطول دون انا يفلحوا عن قصد في الوصول الى الحقيقة المرتجاة، رغم الإسهاب في تناول الموضوع إلا ان القراء وانا واحداً منهم بحثت عن الحقيقة بين سطورهم فلم اجدها، ولم يكتفوا بلي عنقها فحسب، بل قتلوها قتلاً. اعني سادتي الأزمة التي تفجرت في جامعة غرب كردفان (بالنهود) على خلفية تقدم المئات من طلاب دارفور باستقالاتهم عن الجامعة احتجاجاً على الضيم الذي لحق بهم، من عربدة طلاب المؤتمر الوطني الذين حولوا الجامعة الى ضيعة خاصة بهم، يفعلون ما يريدون، ولا أحد يتجرأ بردعهم عند حدهم، فالكل يتزلف بأسم المؤتمر الوطني ليأكل ويعيش، ولا يجرؤ على الإتيان بفعل يقطع عنه الرزق. وعليه فقد سكتت ادارة الجامعة عن عربدة طلاب المؤتمر الوطني خشية قطع الأرزاق. كما هو الحال في جميع الجامعات السودانية، ولا غرو في ذلك فقد حول تنظيمهم المؤتمر الوطني البلاد باكملها الى ضيعة تخصه يتصرف فيها منسوبيه كما يشأون. الحقيقة التي لا جدال حولها هي ان ما من أزمة شهدتها اي جامعة بالبلاد إلا وكان طلاب المؤتمر الوطني أحد اطرافها، ما من جامعة احُرقت، او دماء طلاب سُفكت، إلا وكانت مليشيات المؤتمر الوطني والتي لا أحد يعرف ان كانت تتبع للطلاب ام لجهات خارجية مسؤلة عنها، اقول ذلك وقد كنتُ خلال الشهرين الماضيين ناقلاً لبعض هذه الأحداث الطلابية عبر صحيفة (الخرطوم)، اطرافها من تنظيمات سياسية مختلفة، بينها انصار السنة المحمدية في جامعة النيلين، وكذلك الاتحاديين في ذات الجامعة، وطلاب من تنظيمات مختلفة بينهم ابناء دارفور في جامعة كردفان خور طقت واخيراً جامعة النهود. مع ثبات الطرف الآخر وهو المؤتمر الوطني، الذي كان خصماً لكل هذه التنظيمات. إيذا ذلك فبأي منطق نستطيع ان نحمل طلاب عزل إن كانوا من دارفور او (الواغ واغ) مسؤلية ما حدث ويحدث في جامعة النهود ونغض الطرف عن الحقيقة الساطعة كما سعى البعض لذلك من خلال كتاباتهم. الأ يحق لنا أن نتسأل عما اوصل التعليم الى هذا الدرك السحيق من التخلف والتبلد، حتى ان عملية التعليم باتت وكأنها تدوير للجهل بطرق أكثر فاعلية، فما هي المحصلة من المراحل التعليمية التي يتدرج فيها الطالب ابتداءً من الأساس وحتى الجامعة التي ينتهي عندها الطالب حاملاً سيخة او سلاحاً نارياً ليضرب زميلاً او زميلة له دون ان يدري ان ما يفعله هذا هو قمة الجهل والإنحطاط. ولا يدري بأنه وزملائه في هذا الصرح العلمي سيصبحون عما قريب صفوة المجتمع وقادته، ولا يعلم بانه بهذا الفعل لم يترك لمن لم ينالوا حظاً من التعليم شيئاً ليفعلوه حينما يجن الليل وهم يترنحون من فرط المؤثرات العقلية. نعم، الذي يسأل عن كل هذا هو المؤتمر الوطني بسياساته الرعناء المتخبطة في كافة المجالات، ولا زال سادراً في غية، جهلاً ام مكابرة، لا ادري، ولكن النتائج كانت وستظل كارثية على البلاد والعباد، فكيف لنا ان نتحاشى حقيقة ما يجري في جامعة (النهود) التي نراها اي الحقيقة كما البدر في منتصف سماء صافية. لم يكن طلاب دارفور بجامعة النهود يرغبون في ضياع مستقبلهم بقطع عملية تعليمهم، فتقديم الإستقالات يعني ان مستقبل تعليمهم أصبح في مهب الريح، فربما لم يجدوا جامعة اخرى تستوعبهم في ظل الحملة المنظمة التي تستهدفهم بالجامعات من قبل المؤتمر الوطني الذي يسيطر عليها بطرق شتى كما اسلفنا، بالتأكيد انهم يعلمون كل ذلك ولكنهم وجدوا ان لا بد مما ليس منه بد، وتقديم الإستقالات اهون لهم مما يواجهون من حملة منظمة لتشويه صورتهم ليس بالجامعة فحسب بل وسط المواطنين خارج الجامعة، صوروهم كأنهم برابرة لا يتهيبون القتل، والحرق والنهب، حذروا الطلاب والأساتذة والمواطنين بالمدينة بان طلاب دارفور يتربصون بهم، ويسعون الى احراق الجامعة واحراق منزل مديرها، كما يستهدفون أحياء بالمدينة.. قالوا أن طلاب دارفور رفعوا العلم الإسرائيلي داخل الجامعة، وغيرها من الدعاية الكاذبة لأجل احكام الخناق عليهم، وايجاد مبررات للعنف اللا اخلاقي الذي تمارسه مليشيات المؤتمر الوطني ضدهم. ايذاء ذلك لم يجد طلاب دارفور بداً من الاقدام على تقديم الاستقالات وهم كارهون، وحينما فاجأت الخطوة تُبع المؤتمر الوطني، والساكتين عن الحق، والخائفين على قطع ارزاقهم، ذهبوا الى ان ذلك فعل سياسي تقف وراءه جهات خارجية للنيل من الجامعة، وغيرها من الكلمات البكائية لأجل استدرار العطف، مثلما هو الحال للمؤتمر الوطني في كل كارثة يجلبها للبلاد، حينما يسعى لتعليقها على شماعة الاستهداف الخارجي. لم يكن لطلاب دارفور بجامعة (النهود) اي مطلب سياسي من خلال خطوتهم التي اقدموا عليها، وقد تحدثت مع كثير منهم، لم يكن يطالبون بغير توفير الحماية لهم، بابعاد المليشيات المسلحة التي تقتحم الجامعة من حين لآخر لتوسع الطلاب ضرباً، وحينما تنسحب تكون قد خلفت وراءها عدد من الجرحى، وقد كان آخرها ما شهدته الجامعة ابان الانتخابات التي تفجرت بعدها الأزمة، حينما اقتحمت مليشيات المؤتمر الوطني الجامعة عند مناقشة خطاب ميزانية دورة اتحاد الطلاب، رغم ان العملية لم يشهدها إلا طلاب الوطني بعد ان انسحبت التنظيمات السياسية عن خوض الانتخابات، وعليه فإن جميع الطلاب الحاضرين لمناقشة خطاب الدورة هم منتمون للمؤتمر الوطني، ولم تكن هنالك اي مشادات او ملاسنات تسببت في العنف الطلابي، ولكن رغم ذلك اقتحمت المليشيات الجامعة واوسعت الطلاب ضرباً كانها تنتقم منهم لمقاطعتهم العملية الانتخابية. كل الذي يريده طلاب دارفور بالجامعة وضع حد للعنف المفرط الذي يمارس ضدهم. والحديث عن انتمائهم للحركات المسلحة، رغم ان الإنتماء ليس عيباً وهو اقرب للشرف في مقابل عار الإنتماء للمؤتمر الوطني، إلا ان ذلك ليس صحيحاً.. بعضهم نعم معجب بفكر الحركات المسلحة، لكن ليس كلهم، فاغلبهم طلاب يربطهم شرف الإنتماء الى اقليم دارفور، ولديهم روابط تجمعهم في ذلك مثل سائر بلاد السودان، لا ينتمون للوطني ولا للحركات، ولكن الوطني يأبي إلا ان يضعهم امام خيارين لا ثالث لهما اما الانضمام الى عضويته، او تصنيفهم بالعمالة للحركات المسلحة. ايها الناس، ليس هنالك اشرف واتقى من أهل دارفور مثلما هو الحال مع سائر السودانيين قبل أن يهبط عليهم شياطين الإنس، الذين اتخذوا كل ما هو قبيح بديلاً لكل ماهو جميل، فاضحى في زمنهم هتك الأعراض شرفاً، والسرقة شطارة، فاريقت دماء الكرامة من فرط التزلف والرياء والنفاق. وأنتم يا أهل (النهود) ليست بسزج لتصدقوا مثل هذه الترهات، فانكم والله أكثر العالمين بالاعيب المؤتمر الوطني، وقد صدحتم بالحقيقة في وجه قياداته وازلامه على السوا اكثر من مرة، حتى بتم عنده من الخارجين لا التابعين، فجرب معكم كل اصناف العقاب ولم يزدكم ذلك إلا عزة وايباءاً وشموخاً. فوالله أنه لمن المحزن ان نجد بعض ابنائنا يلتصق بهم عار الإنتماء للمؤتمر الوطني، ويصبحون اياديه الباطشة ضد اخوتهم في دارفور.