عدد من الوزراء يؤدون القسم أمام رئيس مجلس السيادة    برمة يصدر قراراً بإقالة ستة من قيادات حزب الأمة    نقل جمارك حاويات سوبا الى منطقة قري شمال بحري    قرعة بطولة دوري أبطال إفريقيا .. المريخ يبدأ المشوار من الكونغو والهلال من جنوب السودان    شاهد بالفيديو.. والي نهر النيل: (سنهتم بالسياحة ونجعل الولاية مثل جزر المالديف)    قرعة الكونفدرالية الأفريقية تكشف مواجهات صعبة للأندية السودانية..الزمالة السوداني يواجه نظيره ديكيداها الصومالي، بينما يخوض الأهلي مدني اختبارًا صعبًا أمام النجم الساحلي التونسي    ثنائي ريال مدريد مطلوب في الدوري السعودي    يعني شنو البروف المنصوري في طريقه الى السودان، عبر السعودية، وياخد أيام    مجلس الإتحاد المحلي الدمازين الرصيرص يجتمع ويصدر عددا من القرارات    موسى حسين (السودان): "المشاركة في بطولة "شان" توتال إنيرجيز حُلم طفولتي وسأسعى للتتويج بلقب فردي بقوة"    شاهد بالفيديو.. في تصرف غريب.. فتاة سودانية تقتحم حفل رجالي وتجلد نفسها ب"السوط" بعد أن رفض الحاضرون الإستجابة لطلبها بجلدها أسوة بالرجال    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    شاهد بالفيديو.. ردد: "شكراً مصر".. طفل سوداني يودع القاهرة بالدموع ويثير تعاطف الجمهور المصري: (ما تعيطش يا حبيبي مصر بلدك وتجي في أي وقت)    شاهد بالفيديو.. ردد: "شكراً مصر".. طفل سوداني يودع القاهرة بالدموع ويثير تعاطف الجمهور المصري: (ما تعيطش يا حبيبي مصر بلدك وتجي في أي وقت)    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يهرب إلى تشاد ويظهر وهو يتجول في شوارعها والجمهور يسخر: (مرق لا زوجة لا أطفال حليلي أنا المآساتي ما بتتقال)    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    "باشات" يكشف عن دلالات سياسية واستراتيجية لزيارة رئيس الوزراء السوداني لمصر    "الكتائب الثورية" .. إقامة أول مباراة كرة قدم في استاد الخرطوم الدولي منذ اندلاع الحرب    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    رئيس المخابرات حمل رسالة ساخنة.. أديس أبابا تهدد بورتسودان    كارثة تحت الرماد    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سَلاماً بِجمالِكَ أيُّها الأغْبَشْ
نشر في حريات يوم 12 - 02 - 2014


[email protected]
"إلى عبد الْعَظيم (الأغْبَشْ)، عِرفاناً بأيادٍ سَلفَتْ ودَيْنٍ مُستَحقّ …."
(أ)
…… تذكرُ الأغبش، فتستديرُ بِكَذاكِرتُك ربعَ قرنٍ من الزمانِ وأكثر …….. يحضُرُكَ كما كان: أبداً مرتَدياً "عرَّاقِيهِ" و"سِراولَهُ" الطويل …… لا تذكرُ ماذا كان يتنعِل، ولكنَّك تظنُ أنَّها "سِفِنْجَة" …… أجل، لا بُدَّ أنْ تكونَ كذا، حتى تكتِمل صُورتُه الْغَبشاء بِبِهائها ذاك في ذاكِرتِك ….. نحيلاً كانَ، ومتوسطَ القامةِ، أو فطويلاً طولاً لا يُلحَظ ….. يمشي إليكَ وقد انكبَّ نِصْفُهَ الأعلى إلى الأمامِ شيئاً ما ….. بشوشاً لا تكاد تفارِق ابتسامتُهُ الضاحِكة مُحيَّاه ……..
كانَ مِحرابُهُ ذلكم "الْبوفيه" الذي لا شكَّ أنه جاءَ إليهِ فوجَده قائماً مكانَه ….. كان "الْبوفيه" يتوسَّطُ "داخِليَّةَ الْحِلَّة الْجديدة" بالخرطوم جنوب، مَبنِّيٌّ مِنْ "البلوك" الأسمنتي، غير أنَّكَ لا تذكرُ الآن كيف كان طِلاؤه ….. ربَّما كانَ عارياً بِلا طِلاء ….. أو كانَ له، ثُمَّ طلاه الزَّمنُ بغباشِه الذي لا ينسى ولا يرحم ….. ومَنْ يدري، فلرُبَما ليجئَ الأغبش فيصيحُ بِه صَيحَتَه تِلك: ها الأغبشْ ….!!!!!
كانَ شبَّاكُهُ، عنيتُ "الْبوفيه"، كبيراً حتَّى لَيسَعَ ثلاثةً أو أكثرَ مِمَّنْ يرِدونَه بُكرةً وأصيلا ….. لم يكُنْ الأغبش يُقدِّمُ في بوفيِّهِ ذاك غير شاياً: فإمَّا أحمَرَ أو فأغبشاً، مِثلَ صانِعِه، وذلكم هو شايِهِ باللبنِ أو ما يُشِبِهُ اللبنَ أو يقربُ مِنه …… ولا أرمي بذلك إلى أنَّ الأغبش كان يعمِدُ إلى غيرِ اللبنِ ليحلَّ محلَّه، ولكن لا بدَّ أنَّ اللبن كان عزيزاً كعادتِه، فلا يُسْرَفُ في الْجودِ بِه ….. غير أنَّ شايَه باللبن كان لنا كما هو: شاياً باللبن، إلا لأُولئك الذين يرومونَ لبناً بالشاي، لا العكس، وقليلاً ما هُمْ ……..
(غ)
…… كُنَّا نأتيهِ ونأخذ شايَنا، أحمرَ أو أغبشاً، فإنْ كان الوقتُ صباحاً، رشفناه على عجلٍ وأسرعنا إلى "الباصات" التي تُقِلَّنا إلى قاعاتِ الدِّراسة في "الجناح الغربي" بالخرطوم غرب خلف "أُستاد الْخرطوم" ….. أمَّا في المساء، فَلِشاي الأغبش سِحرُه ونكهتُه التي لم تستطِع ما يقرب من ثلاثة عقود من الزَّمن في أن تذهبَ بِها أو تُغبِّشَها، فالْغَبَشُ يغشى ما يغشى إلا أشياءَ بِعينِها في زمانٍ بعينهِ ومكانٍ بعينِه، وشاي الأغبش واحِدٌ مِنْ تلك الأشياء ……. كُنَّا نأخذُ "كَبابِيه" المصنوعة من البلاستيك الشفَّافِ، فما كان الأغبش لحصافتِهِ أن يجئنا ب "كَبابي" زُجاج مثلاً، فالعاقبة غيرُ الْمَحمودة معروفةٌ له ولنا: سيتكَسَّرُ نِصفها في أُسبوع على الأرجَح …… نأخذُ شاينا ونصطف على مقاعد الْحديدِ بلونِها الأزرق الخافِت، صفِّين أو ثلاثة لا تزيد ….. أمامنا التِّلفازُ العتيق، الذي لا شكَّ في أنَّ عمرَه بِعُمرِ "البوفيه" …. أظُنُّه كان أبيضَ وأسود، لونانِ لا ثالثَ لهما، تماماً كشايِيْ الأغَبْش الإثنينْ ……
أو ربَّما تقرفَصنا على "النَّجِيلَة" التي أمام "الْبوفيه"، ثلاثةٌ هنا وخمسةٌ هُناك ….. نحتسي الشاي والْوَنس الذي لا ينتهي ….. فقد كان الْبالُ أفرغَ مِنْ فؤادِ أمِّ موسى …… لا هَمَّ إلا ما خَفَّ ولَطُفَ وظَرُف ……
وفريقٌ ثالِثٌ يؤثِرُ أنْ يشربَ الشايَ بين جُدرانٍ أربعة ….. وهُنا تكثرُ إصاباتُ "كبابي" الأغْبَشْ جرَّاء سقوطِها على البلاط، وإندساسِها حيثُ لا تطالُها أيادي الْباحثين، وأوَّلُهُم الأغْبَش …….
(ب)
ولكِنْ كيف نسينا جميعُنا إسم "عبد العظيم عوض المبارك أحمد"* واستبدلناه مرَّة واحِدة وإلى الأبَد بِسمِ الأغْبَشْ ……؟! هُو، لا سِواه، مَنْ جنى جِنايةً جميلةً على اسْمِه ……!!!!!! فقد كان لا ينادي أحداً إلا ناعِتاً أيَّاه بالْغَبَش: هاك يا الأغْبَشْ …. جِيبْ يا الأغْبَشْ ….. تعالْ يا الأغْبَشْ …… روح يا الأغْبَشْ …… ولك أن تتخيَّلَ أجيالأً مِنْ طُلَّابِ "معهد الْكُليَّاتِ التكنولوجية"، و"جامعة السُّودان" مِنْ بعد، لَمْ تَكنْ تحمِلُ عِند الأغْبَش إلَّا اسما واحِداً خالِدا: الأغْبَشْ …… سِيَّانَ عِنده مَنْ جاء مِنْ الأقاليم مِثْلُنا، أو مَنْ جاء مِنْ "بُرِّي" أو "شَمبَّاتْ" أو "الثورة الحارة الْخامسة" ……… كُلٌّ عِنده أغْبَشْ …..!!!!!
وهكذا بادلناهُ لَقباً بِلقَب ….. وغَبَشاً بِغَبَش، فَنسينا اسمَه، كما نسيَ هو أسماءنا، فما عُدنا نعرِفُهُ إلا بالأغْبَشْ ….. إلى الْحَدِّ الذي أكادُ أجزِمُ معه أنَّه لَمْ يَجُلْ بخاطرِ أيٍّ مِنَّايوماً ما أنْ يسألَه: لماذا كُلَّ النَّاسِ عِندَكَالأغْبَشْ …..؟!
(ش)
….. نبَتَتْ إذَنْ فِكرةُ الإحتفاء بالأغْبَش وتكريمه عِند ثُلَّةٍ جميلةٍ مِنْ جمِيلينا: "زاهِر محمد" و"عبد المُنعِم عثمان" وجميلين آخرَين ….. قالوا قد أكرمنا الرَّجُلُ سنينَ عَددا لم نرَ فيها تقطِّيبَةً واحِدةً تُشِينُ وسامةَ جَبِينِه، ولم نسمع صوتَه يعلو مِنْ غضَبٍ أو سِواه ….. وما كانَ يحفلُ كثيراً دفعتَ له ثمنَ ما شَرِبْتَ أم لم تدفع ….. فقد كان أكثرُنا يدفعُ بعد أن يدفَعَ له "الْمعهدُ" البيرسري نِهايةَ الشَّهر …… أجلْ أيَّتُها الأجيالُ الْجديدة غير السَّعيدة، فقد كانت حكوماتُ ذلك الزَّمان، بِما لها وعليها، تُسكِنُنا في داخِليَّات، وتدفعُ لنا، نحنُ الذين على ما يُعرفُ بِنظامِ الإعانة مِنحةً شهريَّة (بيرسري)، فيما تتكفَّل بإعاشة مَنْ هُم على نِظامِ الإعاشة في جامعاتٍ أخرى …… هذا قبل أن يجئَ مَنْ تعرفونَ بِما أسموه "ثورة التعليم" التي أتَتْ بُنيانَ التعليم مِنْ أساسِهِ، فكانَ ما كانَ مِما لا أُريدُ أنْ أُفسِدَ بِهِ جمال الإحتفاءِ بالأغْبَش ……
أخذَإذَنْ "زاهر" و "عبد المنعم" وجميلون آخرون في نشرِ فِكرةِ تكريمِ الأغبش أدبيَّاً وماديِّاً في فضاءاتِ الإنترنت، فتداعتِ الأفكارُ والْمُساهمات مِنْ داخلِ السودانِ وخارجِه ….. مِنْ أحبابِ الأغبش في شتَّى بقاعِ الأرض …..
وفي مساءِ بَهيٍّ، الأثنين 3 فبراير 2014 م، إجتَمعَ شَمْلُ نَفرٍ جميلٍ مِنْ خِرَّيجي "معهد الْكُليّات / جامعة السُّودان" في دارِ بنك السوداني المركزي بالعمارات، وكان تكريمُ الأغبش …..
ألا ما أجملَالأفكار النِّيرات التي تُوقِدُ شمعةً، وتُضئُ حياةَ إنسانٍ ما، أيِّ إنسانٍ،ولو لِبُرهَةٍ مِنْ النُّبْلِ الْجَميل ….. قلبي يُحدِّثُني أنَّ مَنْ كَرّموا الأغبش واحتفوا به بعد هذهِ السنينِ الطِّوال، كانوا سُعداءَ سُعداءَ كسعادتِهِ إنْ لم تكُنْ أكثر ……
شُكراً بجمالِكَ أيُّها الأغبش أن منحتنا جميعاً فُرصةَ أنْ نُجمِّلَ بِكَ دواخِلنا حِيناً مِنْ الألَقِ والْبَهاء ……..
* أُصْدِقُكم القولَ، أنَّها الْمَرَّةُ الأولى التي أعرِفُ فيها الإسم الكامِل للأغبش، وذلك بعد أن أرسلتُ، وأنا أكتُبُ ما أنا كاتِبٌ هُنا، رسالةً نَصَيَّةً لصديقي عبد المنعم عثمان، أسألُهُ فيها عن إسمِ الأغبش …..!!!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.