تعرض علي محمد عثمان الطالب بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم وعضو اللجنة التنفيذية لتجمع شباب الحركة الشعبية لتعذيب شديد على يد 6 من عناصر الامن يوم الاثنين 14 فبراير. وكان علي قد اعتقل مساء الأثنين الموافق 14 فبراير من أمام قصر الشباب و الأطفال وأقتيد برفقة أثنين من شباب حزب الأمه القومى عبد الرحمن و حسيب دليل الذين اعتقلا معه الى مبانى تابعة لجهاز الأمن شرق القصر الجمهورى . و لقد تعرض على محمد عثمان لضرب مبرح و تعذيب شديد – كما توضح الصور – من قبل عناصر الامن بالمكتب اضافة الى تهديده وتوجيه الاساءات والالفاظ الجارحة ، قبل ان يطلق سراحه الثلاثاء 15 فبراير . هذا وكان مدير جهاز الأمن محمد عطا عبد المولى قال يوم الأحد 6 فبراير عند زيارة الرئيس البشير لهم لمكافأتهم على قمع التظاهرات، وتناغماً مع قول البشير بأن جهاز الأمن (يحمي عقيدة وأمة)، قال محمد عطا أن عناصر الأمن يظلون (مستودعاً لكل خير وفضيلة وحكمة....!)، ولكن شهادات سماح آدم ونجلاء الحاج وسعاد عبد الله تؤكد أن إدعاء الخير المطلق غالباً مايقود الى إرتكاب الشر المطلق، والذين يدعون بأنهم ملائكة وفوق البشر، غالباً مايكشفون في الممارسة العملية بأنهم أدنى من البشر والشياطين. ولو أن البشير ومحمد عطا سلما بأن أفرادهم في الأمن من البشر الخطائين، لأحاطوهم بنظم من المراقبة والمساءلة، ولكن قانون جهاز (أمن الملائكة) يعطي أفراده حصانة كاملة، فمن غير الممكن قانونياً فتح بلاغ في مواجهة أي من عناصره الا بإذن مكتوب من مدير الجهاز نفسه ! كما لا يحتوي القانون على أية عقوبات على أولئك الذين يمارسون التعذيب، مما يعني عملياً إجازة ممارسة التعذيب، وعلى ذلك إستندت ممارسات جهاز الأمن فيما يعرف ب (بيوت الأشباح)، والتي تعرض فيها الآلاف للتعذيب، بل وقتل فيها العديدون كعلي فضل، وعبد المنعم رحمة، وعبد المنعم سلمان، ومحمد عبد السلام، ومحمد موسى، وغيرهم ، كما تعرض للاغتصاب العميد محمد احمد الريح . ورغم الإنكار الرسمي لبيوت الأشباح طيلة عدة سنوات، الا أن البشير نفسه، وفي إحدى فلتات لسانه إعترف بها في لقائه مع الإعلاميين السودانيين العاملين في الخارج بتاريخ 13مايو2009، وقد تم توثيق هذا الإعتراف بواسطة الصحفي فتح الرحمن شبارقة في صحيفة الرأي العام 14مايو2009، والأستاذ فتحي الضو في صحيفة الأحداث 28مايو2009 ، والصحفي الاستاذ طلحة جبريل في الشرق الأوسط 13أغسطس 2009 م. وبالطبع لم تتعدى فلتة لسان البشير حد الإعتراف، فلم يضع موضع التساؤل البيئة السياسية والقانونية والنفسية التي شيدت بيوت الأشباح، والتي يتحمل هو شخصياً وزرها الأكبر. وتؤكد وقائع التعذيب وغيرها من مظاهر فساد وسوء إستخدام السلطة، أنه عندما تنعدم المساءلة والمحاسبة للسلطة، فإنه (يسود أناس بعقلية العصابات). والعصابة الحاكمة حالياً في البلاد لا تكتفي بممارسة الأفعال الخسيسة وحسب، وإنما تغطي عليها كذلك بالإدعاءات الكبيرة، مثل (حماية العقيدة) و(حماية الأمة) و(الشريعة) و(الخير والفضيلة)...وغيرها. هذا في حين أن مثل هذا الدرك من الخسة لا ينحط اليه اي سوداني عادي، بل ولم تنحط اليه النظم الأخرى في تاريخ السودان، بما في ذلك النظم الإستبدادية، مما يؤكد بأن (الإدعاءات الكبرى) غالباً ما تقود الى (الشرور الكبرى).