كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    أيهما تُفَضَّل، الأمن أم الحرية؟؟    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقسيم اليمن ليس كما يبدو والجنوبيون والحوثيون في خطر اليمنيون على خطى السودنة : (فدرلة القبائل)
نشر في حريات يوم 03 - 03 - 2014


[email protected]
ربما يحمد السودانيون ربهم أن هنالك أخدودا إفريقيا ما ببين بلادهم وما بين ما تسمى اليوم السعودية!! وملأ ربك الخبير اللطيف هذا الأخدود الإفريقي بالمياه فأصبح يسمى البحر الأحمر. إذن ليس الأخدود فقط ما يفصلنا عن نجد والحجاز، بل أيضا بحر مائي ضخم – ولله المنة والحمد!! وسمى هذا الماء بالبحر الأحمر لغناء أرضيته بالمعادن والصخور والأملاح والغازات البركانية، فترى قدرة الله متمثلة في الكورال الملحي بشتى ألوانه. وفي مثل هذه البيئة التي لن تجد مثلها في أية بيئة بحرية أخرى، منها الأسماك الملونة وما لا يخطر على بالك من حيوانات بحرية ذات جمال خلاب.
لماذا الشكر والحمد لرب العالمين؟ لأن هذه الأسرة السعودية الخبيثة التي تحكم ارض الحرمين تعمل على قدم وساق لتقسيم اليمن وتفجيره كما يحدث في السودان، والعراق ولبنان الخ. عندما تنتهي من المقالة اليمنية سيصيبك الذعر!! وستؤيدني في شكر الله الذي لم يجعل لنا حدودا مباشرة مع هؤلاء العربان النعاثل النجديين. لن تصدق مهما تخيلت إجرام هذه الأسرة الحاكمة اليهودية الأصل التي زرعها البريطانيون في نجد والحجاز. وبالرغم أن الأخدود ومعه البحر الأحمر يفصلانا عن هذه المهلكة السعودية، لكن أصابعها في السودان حاضرة، ماثلة، منذ عام 1965م بلحاظ الرشوة الفيصلية للنخبة السياسية الفاسدة في السودان. وبعاني السودانيون من أثر بصمة تلك الرشوة إلى اليوم. ولكن الجديد الخفي والذي لا يعرفه السودانيون، أن للسعودية دورا كبيرا في فصل جنوب السودان. كذلك تدعم السعودية الحركات المسلحة الحالية في السودان، جنبا إلى جنب مع الدعم القطري المنافس – خاصة فصيل جبريل إبراهيم. وفي السابق دعمت السعودية الدكتور جون قرنق بسفينتين محملتين بالسلاح!!
مع هذا التحليل أعلاه.. لا يتخيل أحدكم أننا نعفي (حصان طروادة الخليجي) المسمى المؤتمر الوطني من المسؤولية في دمار السودان، إذ لا تحتاج صديقي القارئ كي تحمل لقب دكتوراه في علم التكتيك والإستراتيجيات لكي تفهم بالضبط الدور الذي تلعبه السعودية في السودان. يكفي أن تلقي نظرة ماذا فعلت السعودية وتفعل في العراق (حرب ثماني سنوات، والتفجير اليومي منذ 2003م!)، وفي سورية (تذبح السعودية الشعب السوري منذ ثلاث سنوات!)، وفي لبنان (الحالة المزمنة والأوضح!)، وفي مصر (تلعب السعودية في سيناء عبر أيمن الظواهري وشقيقه محمد!)، وفي اليمن تلعب السعودية فيه مطولا منذ الثورة اليمنية 1961م، وفلسطين (باع عبد العزيز بن سعود فلسطين لليهود بصك صغير لبيرسي ذكريا كوكس حتى تصيح الساعة! واليوم تتحالف الرياض مع تل أبيب علنا!!)، وأخيرا في الأردن – أجبروه أن يكون الجسر لاختراق سورية وإسقاط دمشق مع إغراء سعودي-إسرائيلي لعبد الله الثاني أن يصبح ملكا على سورية أيضا بعد سقوط بشار الأسد!!
لو كانت لدينا حدود مباشرة مع نجد والحجاز، بدلا من البحر الأحمر وأخدوده، لرأينا الجحيم على يد هذه العائلة المجرمة. ورغم وجود هذه الموانع الطبيعية لم نسلم من شرها!! كلمة السر في فهم عقلية العائلة السعودية وأسباب اللعب خرابا في السودان – هي أن العائلة السعودية ترغب في أضعاف كل الدول العربية، خاصة المحيطة بها مباشرة أو غير مباشرة مثل السودان. أضف إلى ذلك، أن السودان بوضعه الإقليمي الجيوسياسي العبقري وتحيط به تسع دول، أو قل اثنا عشرة دولة، مرشح لكي يكون قوة إقليمية مركزية في القرن الأفريقي كما قال الدكتور غازي صلاح الدين في القضارف. وكما يقول المثل: وافق شن طبقه، فلا العائلة السعودية ترغب في سودان قوي في قرنه الأفريقي، ولا الإمبريالية الغربية ترغب في سودان قوي في القرن الأفريقي، فتوحدت الرؤية والمصالح السعودية والإمبريالية ضد الشعب السوداني.. وحُكِم عليه بالتمزيق!!
هذا التحليل السياسي يُمَكِّن القارئ الكريم فهم لماذا تلعب السعودية بنعومة لتمزيق السودان.. فمثلا هل يستطيع أحدكم أن يتخيل أن السودان هو أول دولة طبق عليها سيناريو التمزيق في سياق الشرق الأوسط الجديد؟ بل تخيل وأجزم. فكان فصل جنوب السودان أول الغيث، ومع بقاء المؤتمر الوطني في السلطة.. يظل السودان مرشحا للمزيد من التقسيم والتشطير.
وكما قلنا في مقالاتنا وكررنا مرارا الحديث عن عبقرية جغرافية السودان أي موقعه الجيوسياسي، نناشد الأخ والأستاذ المحترم جوزيف أموم أن يحول أفكاره لإعادة توحيد الجنوب والشمال إلى مشروع عملي قومي، ولو في إطار كونفيدرالي. وبعد توحيد الجنوب مع الشمال مرة أخرى، يجب أن يلتف جميع السودانيين حول مشروع قومي مشترك، تاريخي، أي أن يصنعوا التاريخ ماديا وليس في الهواء (المايكروفونات!). أي مشروع سودان مركزي قوي في القرن الأفريقي يربط (بالجنيه السوداني) نحوه أثني عشرة دولة، اقتصاديا (سوق مشتركة)، وسياسيا وأمنيا – في إطار شراكة إستراتيجية. ولكن!!
من حسن حظ المؤتمر الوطني، وسوء حظنا، أن يقود هذه الحركات المسلحة أمثال عبد الواحد، وجبريل إبراهيم، وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو (ونستثنى مناوي ومقار وكلاهما أكن لهما احتراما مع حثهما لتبنى الأفكار في هذه المقالة). ويعزى سوء الحظ إلى تشخيص "الجبهة الثورية" في حل الإشكال السياسي السوداني، الذي يتميز بضيق النظرة والأفق، ولا يستوعب الكليات السودانية الممكنة والمتاحة نظريا وعمليا، داخليا وإقليما، حتى ولو تدثرت شعاراتهم باللباس القومي. فقبل سنتين اقترحت على ياسر عرمان وحلفائه المعارضين أن يرفعوا شعار إعادة وحدة الجنوب، ولكن لا حياة لمن تنادي!! البلهاء يقاتلون من أجل المشورة الشعبية في جبال النوبة وفي ولاية النيل الأزرق!! لا يفهمون إنهم وضعوا على قضبان حديدية railroaded، وهل اتفاقية نيفاشا قرآن؟ متى يفيق هؤلاء؟ أم يخافون من ماما أمريكا؟ فلو تبنت المعارضات جميعها مشروع استراتيجي سودان مركزي قوي في إقليمه – لأبتلع هذا المشروع المؤتمر الوطني، وأبتلع معه شعاراته المستوردة الخليجية مثل "حماية العروبة والإسلام" مثل عصا موسى!! لم تفهم المعارضة السودانية أن شعار "حماية العروبة والإسلام" صدره لنا السعودي الخليجي كي ينقسم الشعب السوداني حوله، ويشغله بالتوافه، وهكذا يحرف وكيل الإمبريالية الشعب السوداني عن اكتشاف قدراته الإقليمية الجيوسياسية.
ربما صحيح هنالك مطالب سياسية أخرى، مثل إسقاط المؤتمر الوطني، وفك الدولة وتحريرها من قبضة المؤتمر الوطني، وفصل السلطات الثلاثة، وتحرير الصحف من "مافيا التمكين" الخ ولكن يجب أن تكون هذه الشعارات السياسية ضمن رافعة أكبر، مشروع أكبر، أي دولة إقليمية مركزية كبرى على المستوى الإستراتيجي.
ولا أخال إنني مخطئ إذا قلت أن مشروع دولة إقليمية مركزية كبرى ستحققه "حركة الإصلاح الآن".. ليس هذا رأي أو رأي شخص آخر، بل هو التاريخ الذي يختار رجاله لكي يعبر عن نفسه في عقدية ما، ويتم الاختيار حين تنضج الظروف الموضوعية والذاتية، وحين تصبح معها التصورات والعلاقات السابقة قديمة، ومعوقة للتطور. أو حين يحلم آل سعود تحييد التاريخ، ولكنهم لا يفهمون ومن أين يفهمون، من يرغب في تحييد التاريخ كمن يرغب في تحييد الله تعالى!! وإلا قل لي لماذا يكون الشيعة –عدوهم اللدود- في جنوب لبنان على الحدود الإسرائيلية؟ لماذا لم يكونوا سنة؟ وهل لو كان السنة في الجنوب اللبناني لتغير تاريخ المنطقة؟ ولماذا يتواجد الشيعة في ببرود والقلمون في الشمال الحدودي اللبناني مع سورية؟ أو لماذا الشيعة تجلس على بحيرة البترول في الظهران وليس السنة؟ أو أنظر إلى "عبقرية" مضيق هرمز. هل كل هذه صدف عمياء؟
نتركك مع المقالة اليمنية وآل سعود إلى آخر هذه المقالة وقارن ذلك مع ما حدث ويحدث في السودان. تقول صاحبة المقالة:
"اليمن ستة أقاليم"، لهذا الخبر هلل الإعلام العربي والعالمي، واعتُبر التقسيم الفيدرالي لليمن ضمن الدولة الاتحادية من الأخبار السّارة وخاصة لمن لا يملك معلومات كافية عن هذا البلد.
"النظام الفدرالي هو حكم ذاتي يمثل رغبة الشعوب، ويحقق شتى الطموحات المتمثلة بالحرية والمساواة"، هذا أول ما يتوارد إلى أذهان المستمعين لكن الواقع مختلف.
لمن لا يعلم، اليمن هو بلد كان مؤلف قبل عام 1990 من دولتين مستقلتين وتحت تسميتين
1- شمالاً، الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء وكان يترأسها علي عبد الله صالح.
2- جنوباً، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعاصمتها عدن وكان يترأسها علي سالم البيض في عام 1990.
وبهدف وحدة اليمن وبناء دولة جديدة وقوية عاصمتها عدن، تنازل علي سالم البيض عن الرئاسة طوعاً.
بعد 1990، بقيت اليمن دائما قنبلة موقوتة وقابلة للانفجار في أية لحظة وخاصة في الجنوب، وآخر انفجار جاء مع ما يسمى بالربيع العربي عام 2011 حيث بدأت الثورة هذه المرة من الشمال، وأسقطت من خلالها الرئيس علي عبد الله صالح من الحكم، ولكن النظام بقي في السلطة وانتهت الثورة بمبادرة خليجية، وحدث حوار بين فرقاء السياسيين وقاطع الجنوبيون الحوار لأن المبادرة لم تتطرق بشكل واضح إلى ملف الجنوبيين.
صحيح انه كانت تجري مشاركات في الحوار محسوبين على الجنوبيون شكلياً، لكن الجنوبيون يقولون إن هؤلاء مقربون من السلطة والنظام ولا يمثلون الشارع الجنوبي وانتهى الحوار بتقسيم اليمن من جديد إلى ستة أقاليم بعد مضي 24 عاما من إعادة توحيدها.
أبدى الجنوبيون رفضهم لهذا التقسيم بشكل كامل إذ أن ثروة الأقاليم بقيت سيادية بيد النظام في صنعاء، وحصل تداخل بين المناطق الشمالية والجنوبية وخصوصاً لحج والضالع، حيث يمثل الشماليون نسبة لا بأس بها ومحسوبين على الجنوب، ويخشى الجنوبيون أن يستغل هذا الأمر عند حدوث أي استفتاء مستقبلي لتحديد مصيرهم.
فضلا عن أن الجنوبيين يرفضون كل أشكال الاتحاد مع صنعاء ويطالبون بالاستقلال التام عبّر عن ذلك الرئيس علي سالم البيض عندما قال إنه يريد استقلال الجنوب وبناء دولة ليست كما كانت قبل عام 1967 ولا حتى قبل عام 1990.
أما تنظيم أنصار الله (الحوثيون)، يرون أن الصيغة التي اعتمدت لرسم شكل الدولة الاتحادية المقبلة والتي ستجعل البلاد ستة أقاليم، تقسم اليمن إلى "أغنياء وفقراء".
وقد أفاد مصدر عسكري يمني اليوم أن مسلحين حوثيين هاجموا نقطة تابعة للجيش في مديرية المتون بمحافظة الجوف شمالي اليمن وأصابوا ثلاثة جنود واختطفوا اثنين واقتادوهما إلى مكان مجهول.
ونفى مصدر حوثي تلك الأنباء وتحدث عن استفزاز أفراد النقطة العسكرية للمسلحين الحوثيين.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد على مقتل جنديين وخمسة مسلحين حوثيين في اشتباكات عنيفة شهدتها مدينة الحزم في محافظة الجوف.
الحوثيون لا يزالون يرفضون تسليم الأسلحة الثقيلة التي يسيطرون عليها منذ الحروب الستة التي خاضوها مع قوات الجيش، وقال القيادي الحوثي صالح هبره في تصريحات منشورة له "لا أحد يمتلك حق نزع سلاح الحوثيين لأنهم حركة فكرية شعبية"، وهدد بأن الحوثيين "سيبدؤون بأخذ سلاحهم وسيتحرك كل فرد منهم للمواجهة".
علاوة على ذلك، الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان تكلمت عن موقف الحوثيين ومواجهات الجوف بقولها "لن نسمح باستخدام عقوبات أممية بحق الجهات المعرقلة والعنيفة والممتنعة عن تسليم أسلحتها غير التجميد للأرصدة والحظر من السفر واعتبارها جماعات متمردة وإرهابية".
وطالبت الرئيس هادي (منصور) بالبدء بتطبيق قرارات مؤتمر الحوار الوطني التي قضت بنزع اسلحة الميليشيات وفرض سيادة الدولة وسيطرتها على جميع مناطق البلاد.
وكان قرار جديد لمجلس الأمن الدولي حمل الرقم 2140 طالب الحوثيين والحراك الجنوبي بنبذ العنف والانخراط في العملية السياسية الجارية في اليمن.
ويذكر إن العقيد علي الحطابي المسئول عن محطة رادارت تابعة للقوات الجوية عند نزوله من محطة الرادارات أسفل جبل النبي شعيب القريبة من العاصمة اغتيل السبت الماضي في صنعاء.
وأشار مصدر في القوات الجوية أن الضابط الخطابي كان تلقى تهديدات بالقتل من مجهولين على خلفية دوره الكبير في الانتفاضة ضد قائد القوات الجوية المقال الأخ غير الشقيق للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
هذه الأخبار تبرز أن هذا التقسيم الفدرالي الذي وجب أن ينشئ مدخلاً لحل إشكاليات الإجحاف في توزيع السلطة والثروة بعدالة بين المواطنين اليمنيين اوجد من الناحية العملية، مدخلاً لجولات جديدة من الصراع، الدامية ربما، طالما أن هذه التقسيمات، لم ترض الأطراف المستهدفة بها بالأساس، وهم أبناء الجنوب وجماعة الحوثيين الذين كان يمكن احتواء غضبهم لو أن التقسيمات حافظت على وحدة الإقليم الجنوبي، وجرى تقسيم اليمن إلى إقليمين اثنين فقط… بيد أن بعض الأطراف اليمنية كانت تخشى أن يكون "سيناريو" كهذا مدخلاً لانفصال الجنوب وعودة دولته إلى الوجود.
العامل الأهم الذي قرر (فرض) صيغة الأقاليم الستة، ليس محلياً أبداً، بل إقليمياً بامتياز… دول عربية مجاورة لليمن (السعودية!!)، هي من شجع وضغط وحشّد باتجاه هذه الصيغة التي من شأنها إضعاف الجنوبيين، المدعومة بعض قواهم من إيران، وعزل الحوثيين في "الداخل" اليمني، من دون منفذ إلى البحر. ويعتقد البعض في اليمن، وهم كثرة كاثرة على أية حال، بأن دولاً عربية لا تريد لليمن أن تقوم له قائمة، وأنها تفضل التعامل مع "6 حكومات" متناحرة على التعامل مع حكومة مركزية قوية، أو مع يمن جنوبي غير خاضع للسيطرة والإملاءات، وهذه قصة باتت "سراً ذائعاً" يتداوله كل يمني على أية حال.
الدولة اليمنية التي تقف على حافة السقوط في لائحة "الدول الفاشلة"، سمحت طائعة أم مرغمة، بتحويل البلاد إلى ساحة لكل أشكال التدخل الإقليمي والدولي، بل و"صندوق بريد" لتبادل الرسائل الإقليمية الدامية في اليمن وعلى حساب شعبه وأمنه واستقراره ورفاه أبنائه… وما من دولة إقليمية ممتدة، إلا وبات لها حلفاؤها وأعوانها من بين اليمنيين… وما يزيد الطين بلّة، أن هذه التحالفات في حالة تبدل وتغير مستمرين، فاللذين دعموا "حاشد" و"الإصلاح" بالأمس، يفتتحون اليوم قنوات اتصال مع الحوثيين، ومن كانوا خلف الدعوات لانفصال الجنوب يعارضونه اليوم، والصراع بين السلفيين والإخوان ورعاتهم من دول الخليج المتنافسة، ينعكس بعواقبه الوخيمة على معادلات القوى وتحالفاتها في البلاد.
في ظروف مثل تلك التي يعيشها اليمن، ستفتح "الفيدراليات الست" شهية "الهويات المحلية" من جهوية وعشائرية لمزيد من التشظي والانشطارات وقد تصبح عتبة أولى لتقسيم البلاد إلى كيانات متناحرة، فكل فريق لديه جيشه الخاص ومؤسساته المستقبلية والموازية، وسرعان ما سنرى انعكاسات ذلك على مستقبل العلاقات بين "الفيدراليات"، بل وعلى مستقبل اليمن.
ستة أقاليم وكارثة، أم أن النظام والقوى الدولية ستحترم رغبة الجنوبيين في استعادة دولتهم والعيش بأمان بعد عقود من التوترات والثورات؟
إعداد: ريم حاطوم
صحيفة الديار اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.