الجمعة 18 فبراير 2011م ……ذهبت لجارتي بعد أن سمعت بأن ابنها المعتقل، قد تم إطلاق سراحه من جهاز الأمن، ووجدتها كما تركتها، مكتئبة وحزينة على حال ابنها الذي عاني ما عاناه، جراء التعذيب والصعق بالكهرباء الذي تعرض له على أيدى أفراد جهاز الأمن أثناء اعتقاله!!!!!!!. حييتها، ووجدت معها جموع من الأهل والأصدقاء وبعض الطلاب من زملاء الدراسة!!!!!!!، وكانت ترزح تحت ضغط نفسي وعصبي، وتواصل البكاء بحرقة شديدة وتندب، حتى أنني خفت أن يُغشى عليها من فرط ألمها!!!!!!!!!!. جلست بقربها ولذت بالصمت!!!!، قالت لي، والدموع تملأ عينيها، أن ابنها قد ذهب لرؤية الطبيب مع شقيقه، ليتداوى من الآلآم التي يشعر بها جراء الضرب والتعذيب!!!!!!!. كان الطلاب يبادرون بالحديث ويقصون همومهم ومآسيهم وما تعرضوا له أثناء اعتقالهم وحبسهم!!!!!!!!، عرفت أن هنالك أربعة من الطلاب الموجودين، قد تعرضوا للاعتقال والتعذيب، تجمعنا حولهم وكانوا يقصون ويحكون ما حدث لهم بمكاتب جهاز الأمن وما تعرضوا له من صعق بالكهرباء ومحاولات اغتصاب وغيرها!!!!!!. كنّا نطرح عليهم الأسئلة التفصيلية وكانوا يردون علينا بتفاصيل أخرى!!!!!!، كل الروايات أجمعت على أنهم تعرضوا لألوان وصنوف التعذيب الشديد في الثلاثة أيام أو اليومين الأوائل من الاعتقال وبعد ذلك توقف التعذيب!!!!!!!!. واحترت في ذلك، وأذكر أن أبوذر قد ذكر ذلك بقوله، أنه تعرض للتعذيب في الثلاثة أيام الأوائل من اعتقاله وهي 16 و17 و18 مايو 2010م، حيث تنوع التعذيب من صعق بالكهرباء وركلات بالأقدام على ظهره ووقوف تحت أشعة الشمس لخمسة ساعات متواصلة!!!!!!!. وما تعجبت له، هو لماذا يتركز التعذيب في يومين أو ثلاثة أيام فقط !!!!!!!، ولماذا لا يتجاوزها إلى أكثر من ذلك؟؟؟؟؟. وجهت هذا السؤال على الطلاب: ورد أحدهم، إلى أنه إذا استمر التعذيب لأكثر من ذلك، فقد يترك آثاراً بالجسم وقد يدل على وحشية التعذيب، ولكن غالباً بعد الثلاثة أيام، تخف حدة الآثار بالجسم وتصبح باهتة، وأن ألواننا الداكنة لا تظهرها بوضوح!!!!!!!، وأضاف أخر، وحتى إذا حاولتي الإدعاء بالتعذيب، فسوف لن يصدقك أحد، وذلك نسبة لأن الآثار تكون باهتة وخفيفة، الأمر الذي يضيع قضيتك وخاصة مع عدم وجود شاهد ليشهد بذلك!!!!!!!!!. أحسست بحيرتهم وعجزهم وقلة حيلتهم ويأسهم فقد خرجوا في مظاهرات سلمية للتعبير عن سخطهم ضد النظام وضد الغلاء المستشري الذي سحق وطحن أسرهم طحناً!!!!!!!!، ولكنهم جوبهوا بأشذاذ العقول الذين أوسعوهم ضرباً وصعقاً بالكهرباء!!!!!!!. وتذكرت ما قالته، (إروين فان دير بورجت) ، مدير برنامج إفريقيا في منظمة العفو الدولية ، بأن اتهمت جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني بشن ما اسمته “حملة وحشية من الاعتقالات التعسفية والتعذيب والترويع النفسي والجسدي” ضد معارضي الرئيس السوداني عمر البشير، فيما بدأت مفوضية استفتاء جنوب السودان أمس لقاءات مهمة لبحث الترتيبات الفنية والمالية الخاصة بعمل المفوضية خلال الفترة القادمة”. إن “جهاز الأمن السوداني يحكم السودان بالخوف”. وأضافت أن “السلطات السودانية تسكِت بصورة وحشية المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان عبر العنف والترويع”. ولفتت منظمة العدل الدولية في تقرير لها إلى أنها قامت بتوثيق عمليات اعتقال على يد جهاز الأمن السوداني ، بمن فيهم صحفيون وناشطون بشأن حقوق الإنسان وطلبة. وأشارت في تقريرها إلى “مجموعة متنوعة من أساليب التعذيب التي يستخدمها جهاز الأمن السوداني ، من ضرب المعتقلين وهم معلقون بالمقلوب على الحائط والصدمات الكهربائية والجلد والحرمان من النوم”. قلت في نفسي، إن سمعة جهاز الأمن السوداني تسبقه وتعم كل أرجاء العالم، حتى أن منظمة العفو الدولية قد أفردت تقريراً خاصاً بجهاز الأمن السوداني أسمته (عملاء الخوف) وأصدرته في يوليو 2010م. ورصدت فيه حالات كثيرة من ضمنها أبوذر!!!!!!!!. ورغم ذلك، يطل علينا السيد الرئيس نهاراً جهاراً، ويشيد بحماية جهاز الأمن للوطن وللمواطن!!!!!!، في الوقت الذي توقعت فيه أن تتم محاسبة لكل من تورطوا من ضباط جهاز الأمن في قضايا تعذيب ويتم تحويلهم لمحاكمة ولكن هيهات!!!!!!، فجهاز الأمن الآن هو من يقوم بتحويل الأبرياء للمحاكمة أمثال أبوذر وأقرانه!!!!!!!!. وأحسست أنني خيالية وغير واقعية حين توقعت بمحاسبة كل من تورطوا في قضايا التعذيب، وكأن لدينا قضاءاً نزيها وشفافاً!!!!!!!!!، وعادة ما نجد مثل هذه ال تبريرات، أن هذه التجاوزات والانتهاكات هي تصرفات فردية وتفلتات من بعض الأفراد في الجهاز وليست من الجهاز!!!!!!!!. وتساءلت في نفسي، هل يمكن أن يكون هنالك مبدأ محاسبة ومساءلة لضباط الجهاز؟؟؟؟؟؟ وهل يتم ردعهم فعلاً عن الانتهاكات التي تصدر منهم؟؟؟؟؟؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا تتكرر هذه الانتهاكات وتحدث مرات ومرات؟؟؟؟؟؟ أليس العقوبة رادعة بما يكفي؟؟؟؟؟. وتعجبت في مسلك ضابط جهاز الأمن الذي قام بتعذيب أبوذر وصعقه بالكهرباء ومن ثّم فتح بلاغ ضده، مدّعياً أن أبوذر قام بعضه على أنفه!!!!!!!!!!، وأعماني الغضب حينها، وتمنيت لو أن أبوذر قد قضمها كلها!!!!!!!. فكيف يعقل بجهاز الأمن أن يعتقل أبوذر ويقوم بتعذيبه وبعد ذلك يدعي أن أبوذر قام بالتعدي عليهم!!!!!!!!!. عدت من شرودي حين سمعت صوت عربة وهرع الجميع إلى الخارج، وعرفت أنهم حضروا من المستشفى!!!!!. قالت جارتي مخاطبة ابنها، هل فتحتم بلاغ ضدهم!!!!!!، رديت عليها، ما في داعي تتعبوا أنفسكم، وخاصة أن لي تجربة مريرة في ذلك، والخلاصة، أنه لا يمكن أن يفتح البوليس بلاغ ضد جهاز الأمن!!!!!!. صمتت جارتي، وصمت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير!!!!!!.