[email protected] تعيش رواندا هذه الأيام أسبوع حداد علي تلك المجاذر البشعة التي جرت بين التوتسي والهوتو في ذكراها العشرين، وتلك المجاذر التي وصفتها المحكمة الجنائية الدولية بالإبادة الجماعية إذ تمت فيها محاكمات للقادة من الجناة مرتكبي تلك المجاذر، وبعدها قامت حكومة وطنية وسعت الجميع علي إثرها إعترف من الجناة الصغار بفعلتهم النكرة تلك وإستنكروها حيث قالوا أنهم كانوا كالكلاب المسعورة لا يرون غير الموت وإعتذروا عنها وندموا علي ما قاموا من أفعال القتل وماصاحبه من فظائع وتقدموا لأهل الضحايا للصفح عنهم، فتم التسامح والعفوا وقام المجتمع الدولي بواجبه في تقديم التأهيل البدني والنفسي لأهل الضحايا مما لاقوه عن تلك الفترة وكذلك تم تأهيل الجناة المسامحين بعد ندمهم علي فعلتهم والإعتذار عن ما إرتكبوه نحو الضحايا الأحياء والأموات جلسوا وعاشوا مع بعض في مجتمع جديد متسامح من أجل غد أفضل. الأديان والفلسفات الإنسانية تحث علي التسامح والعفو عند المقدرة ويقال: (المسامح كريم، وعفا الله عن ما سلف)، هذا التسامح والعفو له مدفوعاته الواجبة السداد قبل أن يتم وأن من يستحق ذلك العفو يقدم تلك المدفوعات طوعا وإختيارا مع ندم علي ما قام به من جرم وما إرتكب من فظائع في حق الآخرين، (ليس مثل تلك الصحفية التي سبت الشعب السوداني وقالت بعض الخيرين قالوا لي إعتذري أهذا إعتذار؟ أم تعالي)، والضحايا الذين لهم الحق في قبول ذلك الندم والإعتذار أو رفضه والتقدم لقضاء جنائي نزهيه غير مسيس أو مأجور ينصف ويحق الحقوق ويواسي المظلومين. ما حصل في الوثبة تلك وإرتداداتها وإمتداداتها هل يرقي لمستوي ما حصل من تسامح وإندماج في رواندا؟ بدءا لم يتم الإعتذار قط عن تقويض الديمقراطية والقيام بإنقلاب الشؤم، لم يتم الإعتذار عن ما كان يتم ويدور في بيوت الأشباح، ومن إعتقالات جائرة ومحاكمات ظالمة ومطاردات، ولم يتم الإعتذار وطلب الصفح والعفو عن تلك الدماء التي سالت في الجنوب وبحجة الجهاد، ولم يتم الندم علي فصل ثلث السودان، ولم يتم وقف للحرب النازفة في المثلث الدامي دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، ولم نسمع بإعتذار عن حالات الإختفاء ولا عن الحالة الإقتصادية وما وصل إليه حال البلد من تدني في التعليم والعلاج بعد سحب مجانيتهما لمحاسيب النظام ولم يعتذر عن الخصخصة ولا التدمير للبنية التحتية التي تركها المستعمر الذي ليس لديه غير مصلحته رغما عن ذلك ترك هذا المستعمر مشروع الجزيرة عماد للإقتصاد الوطني، والسكة حديد التي كانت تضبط عليها الساعة، وسودانير التي كانت ذات خطوط منها ما بح صوت الفاتح جبرة عنه(هيثرو) والخطوط البحرية وكثير كثير … يستحق الإعتذار عنه.. لكن المحاسبة قادمة وساعة الخلاص قد دنت ياشعبي. حتي ما تم تقديمه في الخطاب الأخير في الحوار الذي وقت له في ذكري يوم الإنتفاضة حتي ينقص علينا ذكراها العطرة عبارة عن هِبة وليس إعتراف بأنها حق دستوري كفله للشعب، قوله: (ولتأكيد ذلك عملا بعد القول فقد أصدرت عددا من التوجيهات والقرارات …أولا : وجهت الجهات المختصة في الولايات والمحليات في مختلف أرجاء السودان بتمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها بلا قيد لذلكم النشاط إلا من نصوص القانون.) إلا من نصوص القانون وليس الدستور، أي قانون إنه قانون من ضمن القوانين المقيدة للحريات وقانون جهاز الأمن، وما حدث لمجموعة الإصلاحيين مجموعة غازي المنسلخة عن تنظيمهم في الجامعة الأهلية ما هو إلا التقييد في أولا عن تمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها بلاقيد لذلك إلا الإستثنائية وإستثناءً هي نصوص القانون المقيد للحريات ومطلق يد الأمن لتفعل ما تشاء ممكن يكون لها رئيس غير رئيس الجمهورية يصدر قرارات فوق لقرارات رئيس الجمهورية. وفي ذلك الخطاب وردت عبارة تزيد من الشك والريبة حين إمعان النظر للعبارة وللأحزاب التي شاركت في الحوار مخاطبا إياهم قائلا: (وأنا شاكر للجميع فالاستجابة لنداء الحوار دليل لا ريب فيه أن الخير في أهل السودان موفور، ولا عجب فهم من خير أمة أخرجت للناس، ونرجو أن يكونوا من خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم أهل نخوة واستجابة لعمل الخير.)التشديد من عندي، هذه العبارة مخاطبا بها الجميع لكنه يستبطن الحاضرين فقط والذين لبوا ولم تقاصرت بهم الخطي كما قال: (ومن هنا فأنني أجدد الدعوة لأؤلئكم الذين تقاصرت بهم الخطى عن تلبية دعوة الحوار ان يستجيبوا لنداء الوطن.) من خلال هذا القول تسعفني الذاكرة بعد النظر فيمن حضر من الأحزاب أنها من مجموعة ما سمي بالأحزاب الوطنية التي وقعت إتفاقية 1977م مع النميري وسميت بالمصالحة الوطنية ، وهي نفس الأحزاب وما تشظي منها بسبب ألاعيب النظام في تفتيت الأحزاب، أو ما يسمي تمليحا بأهل القبلة أي الأحزاب ذات الخلفية الدينية الإسلامية، فما مصير تلك المصالحة؟ وماذا عن بعض الأحزاب التي شاركت فيها وخرجت عنها قبل أن يجف مدادها وساهمت في إنتفاضة الشعب السوداني ضد النميري، وهم الآن يدافعون بشدة عن موقفهم في المشاركة وهذا حقهم لا نلومهم فيه لكن غدا لناظره قريب. معا من أجل وطن واحد فيه ديمقراطية راسخة وتنمية مستدامة وسلم وطيد 9/4/2014م