[email protected] مع الإعلان الاستفزاري بالمؤتمر الصحفي الذى عقده رئيس برلمان المؤتمر الوطني الفاتح عزالدين, أمس الاثنين, الذي أكد فيه أن مشروع قانون الانتخابات سيتم الدفع به الي المجلس الوطني نهاية الشهر القادم, لتعديل بعض نصوصها من شأنها ان تتواءم مع مخرجات الحوار الوطني.. ومن الجانب الأخر أكد مختار الأصم نائب رئيس المفوضية القومية للانتخابات جاهزية المفوضية لاجراء الانتخابات في موعدها المقرر في ابريل 2015م. ونبه الي أن القوي السياسية لا يجوز لها وفق القانون تسليم المفوضية أي طلبات بتأجيل العملية الانتخابية. يعني من هذين التصريحين تأكد امرين مهمين ، اولهما ان الحوار الوطني(الوثبة), الذي اطلقه البشير في يوم 27 يناير الماضي ماهي إلا لشراء المزيد من الوقت للوصول الي موعد الانتخابات القادمة المحدد في ابريل 2015م. اما الشئ الثاني هو التأكيد علي قيام الانتخابات, بجاهزية المفوضية! بهذا نستخلص الي توقع ترشيح السفاح عمر البشير نفسه مجددا لدورة رئاسية آخري وسط أكبر مذبحة يعرفها التاريخ المعاصر يقوم بها نظام مجرم بحق شعبه, ويحق لنا استرجاع تاريخ إجرامي شارك الجميع في تكريسه لأنه فعلا يحقق شعار "بالروح والدم ننتخبك يا السفاح"! كلنا ننتمي الي جيل شاهد وعايش فظائع حكم نظام المؤتمر الوطني(جبهة الانقاذ) وتنكيله بأشكال مختلفة بحق شعبه وحرمانه من العيش الكريم وإذلاله وتجويعه واغلاقه من العالم بأسره, وذلك بحجة المشروع الحضاري الظلامي. كتبت ورقة بحثية في جامعة الفاشر عن جرائم الحرب في جنوب السودان التي ارتكبها نظام جبهة الانقاذ بحق أهل هذا الاقليم, وها أنا اليوم أكتب عن جرائم الحرب والجرائم الانسانية والتطهير العرقي بعد مرور خمسة عشر عاما من الزمن. يا لها من سخرية مقززة وحزينة, كما كان مشهد اعلان الجهاد ضد جزء من ابناء الوطن. قضي البشير علي الوجود الجزئ من الوطن بجهاد"دخيل" واسلامية طائفية تتبع مشروعا إقليميا عنصريا, كانت بؤرة لفتنة قبيحة وكرست من فكرة مواطنين الجنوب ك"الكفار" وواجب"الجهاد" عليهم المزعوم . ولكن انتماء البشير للمشروع الاسلاموي العروبي الاقليمي كان يزرع ويؤكد وسط حالة انكار وغيبوبة عربية كاملة. وطبعا لا يمكن إغفال حالة السكوت والتخدير الكلي الحاصلة علي حدود حلايب وشلاتين"المحتلتين " من قبل مصر واثيوبيا لم يطلق حجرا واحدا لتحريرهما. والآن تستمر فصول المسرحية الهزلية الاجرامية باعلان نظام مجرم يبيد في شعبه منذ ربع قرن ، عن انطلاق الانتخابات في بلاد تدمر وشعبه يباد. والطريف والمضحك أن أول من قال في الاسبوع الماضي انه لا بد من ترشح السفاح البشير في انتخابات المقبلة, كان نائبا في المجلس الوطني عن اقليم دارفور, ذلك الاقليم الذى تدك وتقصف بالطائرات الانتوف(وذلك في لفتة خبيثة جدا من النظام أنه حتي الاقليم التي تدكها يؤمن أهلها بالنظام"الديمقراطي" في سودان البشير!) ، في مشهد مسرحي يليق بانتاج مسرحيات الفادني والفاضل سعيد. السودان الذي حوله نظام الابادة الجماعية الي بلد مهجر من اهله قسرا, اصبح الان عبارة عن سجن هائل وكبير, واصبح مواطنيه يعيشون فى ظل الخوف والذعر والنخوين والقلق, نتيجة لتنفيذ مشروع عنصري جهوي وتفتيتي مقيت. السودان الذي كان أيقونة الافارقة والعرب والذى كان مضرب الامثال فى جمال الطبيعة وصفاء ونقاء اهله وشعبه ، ولكنه تحول الان مشهد بائس فى نهاية الزمان والى بؤرة الخيانة والفساد, , الي درجة قيل انه بسؤال أحد النازحين من القصف المهول من النظام السوداني علي اقليم دارفور ، والمعروفة بخفة دم أهلها, وقالوا له: ما الذي تفعله؟ فأجاب بابتسامة حزينة وصفراء مكسورة, : "عمقطع وقت من هون لهون ليجي يوم القيامة"!. لقد طبق السفاح عمر البشير بشكل لفظي وحرفي الشعار الذي كان يرفع في جمهورية الخوف التي صنعها نظام الابادة الجماعية, بينما كان يرتعد الناس خوفا من انتقام مجرمي المخابرات وأجهزة القمع الأمنية ومليشيات الجنجويد ويصيحون بالروح والدم نفديك يا السفاح. والآن ها هم سيتوجهون لانتخابه "بالروح والدم" المسلوبين قسرا وطوعا بقذائف الانتونوف المتفجرة والرصاص و "الميغ" والصاروخ والدبابة و …, تحولت البلاد الي بؤرة رعب وظفها نظام مجرم للبقاء في السلطة.وشعب لا يزال يقاوم ويسخر من مجرم يحكمه, ومن كُسر عنده حاجز الخوف, لا يمكن أن يُهزم.