بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع المفكر الدكتور حيدر إبراهيم حول مركز الدراسات السودانية
نشر في حريات يوم 19 - 09 - 2014

ظل مركز الدراسات السودانيه والذي تم افتتاحه في أوائل تسعينيات القرن الماضي واحدا من أهم المنابر السودانيه, وقد استطاع في فترة وجيزة رفد المكتبه السودانيه بكم هائل من الكتابات الجديدة اضافة الى اعادة طباعة بعض الكتب القديمه, اضافة الى ذلك نظم المركز عدة سمنارات وورش عمل حول قضايا سودانيه مختلفه وتمت اعادة طباعة بعضها لتصبح من المراجع الهامه في المجالات التي تم تناولها.
عاد المركز الى السودان بآمال وطموحات عراض , لكن واقع الحال في السودان كان مختلفا . الراكوبه طرحت أسئلتها على الدكتور حيدر ابراهيم عليها والذي أجاب على كل الاسئله بصدر رحب وقدم توضيحات لقضايا مهمه في هذا المجال.
السؤال الأول: من أين جاءت فكرة المركز ومتي كان ذلك بالضبط؟ ومتي بدأت الخطوات العملية؟
فكرة مركز بحوث ودراسات حلم وهاجس قديمين ، ولكن لسوء الحظ تحقق الحلم متزامنا مع هوجة موضة وموالد منظمات المجتمع المدني في السودان.فخضع-بحسن نية أو بسوء غرض- للتقييمات، والتعميمات،والمهاترات.وأصبح للأسف جزء من معارك مغرضة ، وصبيانية، وإنصرافية لم تنظر لإنجازاته بطريقة موضوعية ومنصفة في كثير من الأحيان، ومن أطراف عديدة متناقضة أحيانا.
إنبثق الحلم في ذهني حين رأيت في (بوكنهايمر) بفرانكفورت، الغرفة الصغيرة التي إنطلقت منها أعمال معهد الدراسات الإجتماعية والذي شكّل المدرسة النقدية المعروفة بمدرسة فرانكفورت. كان ذلك منتصف السبعينيات ، ولم تغادر صورة ذلك المكان وفكرته ذهني . فقد ظهرت فيه ، أحدث فلسفة إجتماعية معاصرة من تضافر جهود مفكرين قلائل ولكنهم جادين.
جاء إقتراح من الإخوة الفلسطينين بألمانيا أن التحق بمؤسسة الدراسات الفلسطينية ببيروت بعد التخرج ولكن الحرب الأهلية أجهضت الفكرة. ثم ذهبت لجامعة (العين) بالأمارات ، وكونت مع بعض الأصدقاء حلقة نقاش ، وكان علي رأسها المغفور له محمد أبوالقاسم حاج حمد ، والجمهوري حينها د.محمود شعراني (وقد تطرق لها الاخير في رواية منشورة). وكان محمد شخصية دينامية ولكنها قلقة ، اقترح البدء فورا بإصدار مجلة، وبالفعل جهز ماكيت العدد الأول (مازلت أحتفظ به) وكان علي غلافه بورتريه للإمام محمد أحمد المهدي ، واتفق مع دار(الكلمة) في بيروت.ولكنه قفز فجأة لمشروع آخر، وهو إقامة أول معرض للكتاب في الإمارات في الشارقة. ويرجع الفضل لمحمد في المعرض المستمر حتي اليوم ، بعد أن أقنع شبابا من القواسم أو آل القاسمي –الأسرة الحاكمة بالفكرة.
ومن ناحية اخري،كنت علي صلة وثيقة بالصديق المرحوم ( غانم غباش) صاحب مجلة ( الأزمنة العربية) ، وكان متحمسا لأي عمل ثقافي جاد في السودان ، بل فكر في التبرع أو نقل مطبعته ( إبن ماجد) للسودان . ولكنه توفي في عام 1988م بلندن .
وفي مكاتبات مع الأخ د .ميرغني حمور، والذي كان زميلنا بجامعة العين ثم عُين مديرا لجامعة الجزيرة ، أغراني بقسم إسمه" التنمية الريفية". وكان يعرف مزاجي. فلم أتردد فاستقلت من الجامعة رغم المرتب المغري، وعدت للسودان وفي بالي تنفيذ الفكرة في أقرب فرصة.وضمن الإهتمام ، أقمت معرضا للكتاب في الجامعة بالتعاون مع دار النسق وأصحابها الأصدقاء د.عبدالسلام نورالدين والمرحوم د.أحمد الطيب زين العابدين . وحضر المعرض عدد قليل جدا من الاساتذة الجادين،بينما كانت الاغلبية تعلق:" دا جا من وين عايز يعمل لينا فيها ثقافة وحركات !" وفي تلك اللحظات تأكد لي أن الجبهة قادمة وتأملت أكثر في فكرة المركز، وتركت سريعا جامعة الجزيرة باعتبارها ليست مكانا مناسبا. ثم باغتنا الإنقلاب الظلامي وبدأت الكارثة ووأد الوطن،وغادرت مبكرا الي القاهرة حاملا الفكرة التي أصبحت ملحة وضرورية أكثر من أي وقت مضى.
كان من المفترض أن اذهب لجامعة قطر ولكن غزو صدام للكويت جعل السودان، المؤيد لصدام، من دول الضد ومُنع مواطنوه من دخول دول الخليج.وبقيت بالقاهرة مستبعدا الهجرة والعودة للتدريس،تحول تفكيري تماما نحو تأسيس المركز كمنبر ثقافي وفكري(وليس سياسيا مباشرا) قومي للسودانيين، وليقود حملة فكرية تكشف ممارسات النظام الجديد، وفضح تهافت فكر تنظيم الإخوان المسلمين الذي يقف خلفه.وواصلت التفكير بعد ذلك في الرباط، حيث عملت مسؤولا عن قسم الدراسات والبحوث بالمجلس القومي للثقافة العربية. والمغرب بلد مدهش وساحر يوحي بالتفكير المبدع، وحياته الفكرية مزدهرة ونشطة.وهناك كتبت :"أزمة الإسلام السياسي" وجهزت مادة مجلة:" كتابات سودانية". وجئت في العطلة للقاهرة وانضم لي الأخ (صلاح الزين) وهو معرفة قديمة كما كنت أحد ممتحنيه الخارجيين في رسالة الماجستير . وقمنا بطباعة الإصدارتين مع مركز (البحوث العربية) الذي يديره الأخ( حلمي شعراوي) وكتبنا عليهما : مركز الدراسات السودانية . وحينها لم نكن قد اتخذنا مقرا وكنا نوزع المجلة والكتاب من داخل الخرتاية التي يعلقها (صلاح) علي كتفه.وكنت حين يسأل عن مقر المركز أشير للخرتاية. ثم أستئجرنا شقة من غرفة وصالة في 35 شارع شامبليون ، كانت قبلها شركة (زاندي) وأصحابها الإخوة(عثمان عامر) و(علاء عبدالرحيم) . ولم يكن المركز قد تسجل قانونيا.
الانتقال من الرباط الى القاهرة ولماذا القاهرة تحديدا ومن أين كنت تصدر المطبوعات؟
2- كنت اصدر المطبوعات من الرباط والقاهرة علي أساس أن المركز في البلدين رغم أنه في الحقيقة الأمر في طور التسجيل.ولكن كل طرف كان يظن أن الموجود لديه هو فرع لأصل موجود في المدينة الأخري.وكان ذلك عام1991م وفي العام التالي تم التسجيل رسميا بالقاهرة كشركة مدنية غير ربحية ولم يسمح لنا باصدار المجلة لذلك نصدرها بصفة " كتاب غير دوري".
بخصوص مجلس الأمناء لم يتحمس الذين طلبت منهم المشاركة في التأسيس.ويبدو أنهم رأوا فيه مشروعا خياليا، وعشوائيا، وغير جاد حين رأوا متجولين يحملون كتابا ومجلة للتوزيع باليد. وقد كانت البداية فعلا فيها قدر من المغامرة وغير جاذبة للأفندية المنظمين المهندمين. وبعد ذلك،قررت الاستمرار بدون اجسام بيروقراطية تثقل حركة العمل ولا تضيف شيئا مفيدا. فلجأت فقط لهيئة استشارية للمجلة، ولصيغة التعاون ،وتقليل عدد الموظفين الثابتين.
من جهة أخرى ، فأنا تشككي للغاية في جدية "المؤسسية" بالطريقة السودانية لأنها سرعان ما تتحول لشللية وصراعات واستلطاف وعدم استلطاف، وكل هذا غلي حساب الإنجاز والعمل الجاد.فقد تابعت كيف أنتهت "مؤسسية" كثير من المنظمات وفقد الأعضاء علاقات حميمة طويلة، بل وصل بعضهم المحاكم.وقام بعض الناشطين بأيديهم – وليس جهاز الأمن – بنسف مراكز ضمت أشهر شخصيات العمل العام.كما أن هذا العدد الهائل والتضخم في تأسيس المراكز والمنظمات ليست وراءه أي أسباب موضوعية.
3- ماذا قدم المركز في القاهرة وفي ماذا أخفق ولماذا؟
كانت مسيرة المركز بالقاهرة ، في قمة النجاح ولم تواجه أيّ إخفاقات. وللأسف كانت المشكلات والإخفاقات بعد العودة للوطن بسبب المضايقات الرسمية وخذلان بعض ذوي القربي.وكانت الندوة الأولي عن تقييم التجارب الديمقراطية في السودان(1993)، وحققت نجاحا باهرا.فقد مستوي الأوراق المقدمة عاليا،كم.و قدمت الأحزاب المهمة نقدا ذاتيا لأول مرة.وصدرت وقائع الندوة في كتاب،وهو مرجع أساسي للطلاب والباحثين . وعقد المركز العديد من الندوات وورش العمل والمحاضرات.كما أهتم بالفنون فرعي عددا من المعارض للتشكليين السودانيين، ودعم بعض الإنتاج السينمائي للمرحوم حسين شريف، ونظم ورشة مسرحية مع احمد البكري وعبدالحكيم الطاهر.
كم عدد الاصدارات في القاهرة والى حين عودتكم الى السودان ؟
وتواصلت الإصدارات حيث بلغت ال100 عنوانا حين عاد المركز للسودان(وهي الآن أكثر من220 عنوانا).كما استمرت المجلة، بلغت55 عددا، وأصدر المركز التقرير الثاني عشر أي استمر12 عاما منتظما،واستمرت نشرة "إضافات"الخاصة بأخبار المجتمع المدني، في الصدور.
هناك أحاديث كثيرة حول أنكم تتلقون دعومات كبيرة من خارج السودان ، أرجو ان توضح لنا عن بعض اشكال تمويل المركز ومن وقف وراء مثل هذه الاقاويل وهل تعتمدون في ذلك على ذاتكم؟
للأسف اسطورة التمويل الأجنبي هذه روجت لها النيران الصديقة في البداية ثم تلقفها الإسلامويون وثعالب الإعلام.ويرجع الأمر إلي أن مجموعة بالقاهرة كانت تري أنها جديرة بتأسيس مثل هذا المركز،وعوضا عن الشروع في قيام مركز منافس له،قررت تحطيم ما قام فعلا.
لم تحتاج الندوة الأولي لتمويل يذكر، فقد ساعد في نجاحها الاستاذ سيد يس مدير مركز الأهرام آنذاك ، وهو زميلي في الجمعية العربية لعلم الإجتماع ، ورفع عن المركز عبء إستئجار المقر والإستضافة . وشارك زميل آخر هو د.سليم نصر وكان يعمل في مؤسسة فورد بالقاهرة في دعم طباعة الكتاب . وهو وزوجته د.مارلين نصر، أصدقاء وزملاء عمل في الجمعية. وأما ندوة " التعدد الإثني وبناء الدولة الوطنية في السودان" ساعدني زميل آخر وهو د.علي الدين هلال عميد كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، مع د.نازلي معوض ، مديرة مركز البحوث بالكلية وقد تعاصرنا في جامعة الإمارات. وقد هيأوا القاعات والضيافة والطباعة. أما ندوة تكريم (الطيب صالح) والندوة المصاحبة لها ؛ فقد شاركني الصديق د.جابر عصفور، الأمين العام للمجلس القومي للثقافة ، في كل الأعباء بل أقنع د.هدى وصفي ، مديرة المسرح بالسماح لنا بالمسرح الصغير في الاوبرا حيث غنت الفنانة (آمال النور).
هذه مجرد أمثلة فقط لكيفية إنجاز هذا العمل الضخم، وظن الكثيرون أن صاحبه يجلس علي أموال رهيبة.في حقيقة الأمر،لم يقم هذا العمل برأسمال مالي ومادي.فقد كان لدي رأسمال معنوي وأخلاقي وأكاديمي ،وعلاقات صداقة رفاقية وإنسانية، استثمرتها جيدا في عمل قومي وليس لمصالح خاصة.ومازلت أفعل ذلك، فقد حباني القدر بفرصة التعرف علي أفراد جادين وأصحاب قضية . كما تعاملت مع مؤسسات علي درجة عالية من الجدية والكفاءة، تتعامل مع المركز ومديره بكثير من التقدير.وكل هذه يفتقده المنافسون للمركز.ومن ناحية، يظن الإسلامويون أن المال هو كل شئ، رغم إدعائهم "الروحانية".
من ناحية أخري،تعامل المركز مع منظمات مجتمع مدني تمول النشاطات التي تتفق مع أهدافها والتي تتركز في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.ويعلم غير المغرضين والجهلة ، طريقة الإجراءات والتعامل مع تلك المنظمات.فالغرب "الكافر" يمتاز بخصال من المفترض أن تكون من أخلاق العرب والمسلمين، مثل:التطوع،والأوقاف،والمساعدة والمساندة، والعمل الخيري.فهذه قيم إنسانية غربية منتشرة بين الغربين.فمن المعتاد، أن يوقف شخص ما أمواله للتعليم والصحة واللاجئين مثلا. ولنا أن نقارن بين بيل قيتس والأمير الوليد بن طلال.فالأول أوقف حوالي 6 بليون وليس مليون ، دولار لمحاربة الملاريا والايدز ، وبناء المدارس في العالم الثالث ، بينم أظن أن الكثيرين قد شاهدوا صور قصر الاخير التي نشرتها وسائل إعلام فرنسية . لذلك من العادي أن نتهم في بلادنا مثل هذه الوقفيات والمنظمات بأنها "أذرع المخابرات".فنحن نفتقد ثقافة العمل الطوعي ولا نعرف المنح والوقفيات غير المشروطة،ولا العمل الإنساني المجرد.لذلك، حتي حين دخلت منظمات الإغاثة الإسلامية في افريقيا،اشترطت حجاب التلميذات-الاطفال لدخول المدارس. ولنتأمل في "أطباء بلا حدود".
يطلق نظام الضباع الإسلاموي، ومن ورائه ثعالبهم من الصحفيين حملات تشكيك في منظمات المجمتع المدني ، وعلاقاتها بالمخابرات الاجنبية.وفي الدول المحترمة والتي لا تحكمها مافيات فاشية، هذه تهم ترقي للخيانة العظمي والتجسس.لذلك تجهز وزارة العدل ملفاتها وتجهز البينات وتذهب للمحكمة.وقد تحديت مرارا ومازلت اتحدي النظام أن يقوم بذلك عوضا عن الاسفاف الاعلامي الهابط الذي لا يليق بدولة تحترم نفسها وعقول شعبها. وقف (علي عثمان) مهددا داخل البرلمان دون أن تمنعه مهنية القانوني ولا ورع المسلم من الكذب والقذف ، بأن لديهم الأدلة الدامغة علي عمالة المراكز.
والأهم من ذلك ، هل تحتاج المخابرات الاجنبية التي لديها (قوقل) وتتصنت علي هواتف حلفائها من الرؤوساء الي عملاء "المطار السري"؟ ثم هل تحتاج هذه المخابرات لأمثالنا بينما في امكانها استدعاء الفريق (صلاح قوش) ورهطه ، واستضافتهم لاسبوعين في جزيرة وهم محملين بكل أسرار الأمن الوطني السوداني . كما أن نوع النشاط الذي قام به المركز ودعوته لفنانين ومفكرين وشعراء، يستحيل أن يرضي أي مخابرات.
هناك أقلام كثيرة تكتب عن مركز الدراسات السودانيه الى ماذا تعزو هذه الحمله؟
هناك مشكلات تواجه أي عمل يحاول الاستقلاليه, فنحن مازلنا مجتمع قبلي عشائري في القرن الحادي والعشرين , ورغم التعليم والالقاب العلميه لابد من ان تكون لك عزوه تساندك ظالما أو مظلوما, أي لابد من أن يساندك حزب أو عشيره أو شله أو أبناء دفعه, أو حي أو قريه أو ندامى قعدات, بغير ذلك عليك أن تقف كالسيف وحدك كما قال الشاعر أحمد محمد صالح في فينوسه, ولابد من مواجهه هذا التخلف يزيد من الاستقلاليه المنتجه.
أما ما تردده الإقلام الساقطة هو جزء من حملة أمنية للإبتزاز وتخويف الوطنيين واغتيال شخصياتهم.وهي حملة مدفوعة الأجر مقدما،يقوم صحفجية يكتبون بجيوبهم وليس بأقلامهم وضمائرهم.وقبل أيام هددني أحد الثعالب بكشف (حيدر الآخر) وهو في موقع رئيس تحرير صحف زمن الغفلة ، فمجالس الادارة التي كان يجلس في كراسيها جمال محمد أحمد ومنصور خالد ، يجلس في نفس الموقع : جمال الوالي !! وقد وعد هذا الصحفجي، القراء المساكين بسلسلة من المقالات عن"مصاص دماء الكتاب" و"العميل للمنظمات والمخابرات العالمية". ولم يف بوعده ، ولا أدري أين مجلس الصحافة الرقيب علي أخلاق المهنة وشرفها من أمثال هؤلاء ؟ ومع غياب هذا الدور، أنذر الصحفجي أن ينشر مقالاته الموعودة حتي نهاية سبتمبر الحالي ، إلا علينا حسب قوله السوقي : أن نركز معا أمام القضاء ،لأن ما كتبه يكفي وحده لقضية قذف متكاملة الأركان.كما كنت أتمني أن يبدأ الشفافية بنشر ميزانية الصحيفة التي يرأس تحريرها ، ومصادر دخلها ، وحجم المكافأت والاكراميات التي يدفعها للكتبة والاصدقاء ثم بعد ذلك يتجرأ علي الآخرين.
أما الاعتماد علي الذات ، فكان من الممكن أن تساعد مطبوعات المركز في ذلك.ولكن الخرطوم لم تعد تقرأ، وهذه من نجاحات المشروع.أنظر لتوزيع الصحف الجادة.التوزيع مشكلة كبيرة في السودان، لذلك تدني الحد الأقصي للكتاب المطبوع الناجح إلي 500 نسخة وذه يمكن أن توزع خلال عامين.هذه المرة سنحاول من خلال روابط أصدقاء مركز الدراسات السودانية أن نحل المشكلة.وبالمناسبة عند عودة المركز للخرطوم، كنت أظن أن الرأسمالية السودانية مازال فيها نفس من تسمية"الرأسمالية الوطنية".فقد خاطبت عددا من الشخصيات والمؤسسات،وذكرتهم- سدى- بأسرة(مديتشي)في ايطاليا وكيف ساعدت في عصر النهضة..الخ.ولم تنفعني "فلهمتي" و"فلسفتي" فقد كان الجميع يخشي المركز لأنه يربطه بالمعارضة السياسية في الخارج ولا يري دوره الثقافي.
هناك أحاديث كثيرة تدور في أروقه بعض الكتاب واصدقاءهم أن د. حيدر ابراهيم علي لايدفع للذين ينشرون عنده وان فعل فهي مبالغ لاتذكر ماحقيقة ذلك؟
تضايقني أسئلة وشكوك المال كثيرا،لأنني أعتبر مثل الصوفية ، أن المال وسخ الروح.وأصدقائي وزملائي القدامى في الدراسة والعمل الذين يعرفونني جيدا وقبل تسونامي الإنقاذ ، يدركون علاقتي بالمال.
بخصوص الكُتّاب والمتعاونين،تظهر شخصية سودانية تتسم بالنفاق وتسميه الأدب والمجاملة، فحتى هذه اللحظة لم يواجهني شخص بمظلمة ولكنني أسمع مثل هذه الترهات مثلك تماما.يضاف إلي ذلك، الكثيرون يقولون في البداية : أنا عايز أدعم المركز بهذا العمل ولا أتوقع منه أي عائد مادي.ولن نتركه هكذا ويعطي عددا مقدرا من النسخ.وكان المركز أثناء ظروف القاهرة القاهرة قبل اللجوء والخروج الكبير، يساعد في حل مشكلات الكثيرين المالية دون أن يكون هذه من واجباته ، ثم نشر لبعضهم واعطاهم حقوقهم كاملة . ثم تحولوا لمروجين لفرية أن المركز ظلمهم ، كيف لا وقد أصبحوا مؤلفين!
هل لك بايراد نماذج لما تقول؟
البعض نشر لكي يدعم طلبه للجوء ودفع ملاليم للإسراع في صدور كتابين كاملين، وعندما وصل العالم الجديد نشط في سب المركز ومديره لأنهم استغلوه وهو يعلم خسارة المركز المزدوجة فقد أصر علي أن ترسل للسودان فتمت مصادرتها بعد وصولها بالطائرة ودفع الجمارك والارضية.و شخص آخر جاء بعد17 عاما يطالب بحقوق كان قد أخذها وأهله نسخا من الكتاب وقام بتوزيعها.وعندما أصر طلبت منه أن يرسل لي فاتورة وسادفع له كل ما يطلبه بلا تردد لكي أغلق هذا الملف.ولكنه بعد أن ارهقني بالرسائل وشبع من التشنيعات والنميمية صمت تماما.
اتضايق من مثل هذه الترهات، لأنني اكتب وأطبع وتصل الكثيرين الكتب بالبريد بلا مقابل أو اشتراك أو تبرع،غير الرغبة في نشر الثقافة.وقد تألمت حين قالت فنانة تشكيلة و"تقدمية"، زميلة (كوثر)اختي في كلية الفنون:" فلان تاجر بتاع ثقافة!" وذلك قبل بدء عمل المركز.وصعقت أن يأتي هذا التقييم من انثي وفنانة و"تقدمية" وتوقعت أن تواجهني كثير من المصاعب.
أريد أن أنتهز هذه الفرصة وأرجو من كل من يحمل عقدا لم ننفذه أن يبرزه لي لتبرئة ذمتي في هذه السن.
مركز الدراسات السودانيه اعتمد على الاسماء الكبيرة ولم يهتم بالكتاب الشباب كيف يمكن أن تفسر هذا العمل؟
لم يعتمد المركز علي أسماء كبيرة وهي بالمناسبة لم تعد تنتج، ولك أن تتابع أعداد المجلة والإصدارات لكي تري بنفسك سياسية المركز.
أرجو أن تحدثنا عن تجربة الانتقال الى السودان والظروف التي واجهها المركز هناك؟
هذه تجربة تعيسة جدا فقد عانيت من النيران الصديقة، رغم أن المركز قام بنشاط تفوق فيه علي وزارة الثقافة الرسمية، خاصة عام2006 بمناسبة مرور 50 عاما علي إستقلال.فقد تقاعس بعض المثقفين عن المساندة بل عمل بعضهم علي إفشال الفكرة حين دعا المركز لإجتماع ضم كل المهمتمين فتحمل المركز العبء وحده. ويكفي دليل علي موقف النيران الصديقة أن إتحاد الكتاب"الديمقراطي" وليس إتحاد أدباء السودان الرسمي،يصدر بيانا يقرع فيه مدير المركز في قمة ظروف إغلاق المركز.وأشد ما آلمني في البيان،أن شبابا مثل عثمان شنقر ومامون التلب وافقوا علي البيان. فقد كنت أتوقع ألا يعيد جيل الشباب تراث جيلنا من الأحقاد والضغائن.ولكن تجربة السودان أوضحت لي جيدا لماذا استمر نظام الجبهة حتي الآن.
لقد تمت إعادة تسجيل المركز بالقاهرة في منتصف يوليو الماضي وكأننا عدنا للمربع الأول كما حدث في مطلع التسعينيات.فما هي خطة المركز القادمة؟
يحاول المركز تجنب كل أخطاء المرحلة السابقة.فالبلاد علي حافة الكارثة والإنهيار ونحتاج لجهود كثيرة وواسعة المدى تجمع كل الوطنيين الحريصين علي نهضة الوطن من جديد وإنهاء هذه الحقبة الظلامية الفاسدة.
لذلك سيعمل المركز بشكل لا مركزي يتمثل في تأسيس فروع للمركز أو روابط لأصدقاء
مركز الدراسات السودانية.وقد خاطب السودانيين المنتشرين في كل العالم من خلال هذه الاستراتيجية أو ورقة العمل:
استراتيجية عمل مركز الدراسات السودانية نتميز-كسودانيين- بقدرات ومهارات عالية علي المستوي الفردي،ولكننا عجزنا عن تحويلها إلي واقع وإنجازات تحقق تقدم الوطن ونهضته.وكان ذلك في متناول اليد وممكنا،أكثر من مرة منذ الإستقلال.ويعود هذا الاخفاق الفاجع إلي ضعف القدرة علي العمل بروح الفريق الجماعية،وعدم الثابرة والصبر الدؤوب. ويسعي(مركز الدراسات السودانية)للتعلم بايجابية من تجربته السابقة،خاصة وأنه سيعمل في مرحلة شديدة الحرج من تاريخ الوطن،والذي يقف علي حافة الكارثة.وهذا يعني العمل بروح جماعية ومثابرة لا تتوقف ولا تعرف اليأس ولا التعب.وكان شعار المركز الأول" ضد الشفاهة" وهذه المرة شعاره:" ضد اللامبالاة والتيئيس".
يتبني المركز في المرحلة القادمة إطارا إداريا لامركزيا تماما.فهو سيعتمد في عمله علي النشاطات المتنوعة التي تبادر بها "روابط أصدقاء مركز الدراسات السودانية" في المواقع التي يعيش فيها السودانيون.وستعمل هذه الروابط في فعالياتها باستقلالية كاملة،بعد الاتفاق علي أسس المالية والإدارية العامة،بهدف تجينب المركز أي مشكلات محتملة.وللروابط الحق والحرية في تكوين مجالس الإدارة أو الأمناء،والشكل التنفيذي لتقسيم العمل،بالطريقة الديمقراطية والفعّالة.
تتمحور فعاليات المركز خلال المرحلة القادمة في المجالات التالية:
1: النشاطات الخدماتية أو الخدمة وتشمل كل المجالات التنموية التي رفعت الدولة يدها عنها،خاصة:الصحة،التعليم،الثقافة والترفيه.ومن الناحية العملية تفكر الروابط في القوفل الصحية،وحملات محو الامية في العطل الصيفية،الإرشاد الصحي والبيئي،المسارح والسينما المتنقلة،ومشروع مكتبات متجولة،دروس تقوية للطلاب،تعليم اللغات،التدريب علي مهارات تقنية….إلخ.
2:النشاطات الفكرية والثقافية مثل عقد الندوات،والمؤتمرات،وورش العمل،والمحاضرات.النشر ويتمثل في كتاب المركز الشهري،وكتيبات الجيب للشباب،المجلة،التقرير الاستراتيجي،أدب الطفل،والثقافات السودانية،الترجمة.تشجيع معارض الفنون التشكيلية والسعي لتأسيس قاعة عرض(قاليري)دائمة في كل مدينة.دعم الأعمال المسرحية والسينمائية،والسعي لإنشاء دور سينما ومسارح.وتشجيع مسرح الشارع وتزيين الحدائق العامة،ونشر التماثيل والجداريات في الأماكن العامة.
3: التوثيق ومشروع ذاكرة شعب:جمع الإحصائيات،والوثائق،والبيانات،الصور. فكرة متحف بصري ومكتوب يخصص لجرائم حكم الإسلامويين منذ1989م.
- التمويل:
الاعتماد علي الموارد الذاتية من الاشتراكات والتبرعات ومبيعات المركز،وأن تكون بعض النشاطات بتذاكر مثل العروض الموسيقية والمسرحية.ومن مصادر الدخل الاستشارات وتكليفات البحوث.
لدي فكرة للنقاش وهي وقفية مالية ذات ريع ثابت.
متى سيتم افتتاح المركز بعد تسجيله في القاهرة؟
سيتم افتتاح المركز في مناسبة الذكرى الخمسين لذكرى ثورة أكتوبر أي في يوم 21 أكتوبر 2014 ومن هذا المنبر أتوجه بالنداء لكل أصحاب الاقلام الحرة والذين يرغبون في الكتابه عبر اصدارات المركز الى أننا شرعنا في الاعداد لمجلة كتابات سودانيه أن يشرعوا من الان في ارسال مساهماتهم عبر الايميل الاتي:
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.