رباح الصادق المهدى حوالي السابعة من مساء الخميس 23 أكتوبر الآفل هذا تم اعتقال رئيس تحرير صحيفة (الصحافة) سابقاً، الكاتب الصحفي ب(التغيير) ومراسل (الحياة) اللندنية حالياً النور أحمد النور. مما أثار غضباً واستفهامات وشبهات. النور إبان تقلده رئاسة التحرير قدّم نفسه للساحة الصحفية الجدباء كواحة، يتفيأ فيها المواطن مساحة مخضرة بالمهنية والوثوقية، وافتقد الناس نوره في ليلة أحداث سبتمبر 2013م الظلماء حينما خرج عنوان (الصحافة) ب(تبت يد المخربين)، خيانة لدماء الشهداء وانحيازاً للقتلة. قدّم النور نفسه بشكل مغاير لما اعتاده الناس في (الجماعة الطيبين)، لم يُسمع خوضه في صغائر ولا حفره الحفائر لزملائة ومرؤوسيه، ولكن شوهد تهذيبه وكدحه ورصانة قلمه، اتفق الناس أو اختلفوا حوله احترموه، فقد نجح في إعلاء الجانب المهني الصحفي. لقبه الإعلامي البارز الأستاذ المسلمي الكباشي (أبو المهنية) وقال (إن ما قدمه للمهنية الصحافية لم يقدمه حتى مجلس الصحافة) ونرى أن النور مجمع على مهنيته الجاعلة الصحافة سلطة رابعة، بينما المجلس مختلف حول رسالته المطوعة الصحافة للسلطة التنفيذية. نفس التسمية (أبو المهنية) أطلقها الصحفي المرموق الأستاذ إسماعيل آدم وقال (قَوْقِلْ واكتب النور أحمد النور لن يأتيك سوى المهنية المضيئة). ولهذا دُوِّلت الغضبة على اعتقاله بين الصحفيين، والسياسيين بمختلف مشاربهم. الوقفة التي كانت بالاثنين أمام مجلس الصحافة والمطبوعات كانت خير دليل، أمها الصحفيون كباراً وصغاراًوكانت شبكة الصحفيين المنظمة للوقفة تشكو عدم استجابة كبار الصحفيين لنداءاتها.. الجميع غاضب ويعتبر اعتقال النور غير مبرر قانونياً ويشكل حلقة جديدة في مسلسل تدجين الصحافة، ومسلسل استهداف المهنيين عامة والنور خاصة، بدأ بلفظه من رئاسة تحرير الصحافة ثم الآن ملاحقته واعتقاله لخبر غاية ما يكون جناه أنه لم يتحقق تماماً من صحته، ثم صُحّح الخبر. بينما كل الأصابع تشير إلى أن الخطأ سببه دوائر متطاحنة داخل أروقة الحكم هي التي حبكت هذا المشهد في مسرح العبث: هذه الملابسات الملتفة تؤكد المثل الأفريقي (إذا تقاتلت الأفيال فإن الحشائش هي الخاسر الوحيد). فالنور لم يكن منه كصحفي مهتم بأخبار (السياسة العادية) المتعلقة بأحوال الناس إلا أن اهتم بالتقرير (البالونة) الذي نشر على نطاق واسع، وبنشره في (سودانيوز) التي نشرت التكذيب فور إدراكه لأن في الأمر إنة. وجدتُ في موقع (إس إم سي) وكالة الأمن المعروفة مقالة للأستاذ الصادق الرزيقي في 25 أكتوبر يقول (قضية الأخ النور.. فيها ظلم فادح لحق به.. وتوجد شبهة كبيرة في اتهامه).. و(حسب معرفتنا العميقة بالأخ النور وجدارته المهنية لا يمكنه التورط في عملية النشر التي تمت على موقع الكتروني بخبر غير صحيح). إن النور إذ أخطأ في عدم التحقق بشكل كافٍ فقد صحح الخطأ وهذا ما ينص عليه قانون الصحافة. فهل المطلوب من النور أن يذكر مصدره الذي أكد له الخبر فاطمأن ونشره؟ هذا لو صح عنت غير قانوني ولا أخلاقي لا ينبغي تعريض صحفي له. والذي يحقق الأمن فعلاً ليس البحث عمن أصدر الخبر، ولكن فتح النقاش حول قضية الكهرباء بشكل شفاف ونزيه ملتزم بالمصلحة الوطنية، وتصفية هذا الجو الملبد بغيوم الشكوك والاتهامات، خروجاً لبراح المصلحة العامة، وشنق الشبهات المحيطة بالقضية. لم يتحدث عن الشبهات الرزيقي فقط، بل حتى السيدة عفاف تاور رئيسة لجنة الإعلام بالمجلس الوطني قالت فيما نقلت الأنباء إن اعتقال النور سياسي ومشبوه. (الجريدة 27 أكتوبر). وحتى لو كانت قضية (المصدر) الذي لا يُشك في أنه (منهم وفيهم) مهمة للجهات الأمنية، فليبحثوا عنه بعيداً عن ذلك الصحفي المهني المحترم.. أطلقوا سراح النور فوراً وانهوا مسلسل هذا الاعتقال الجائر والمشبوه. وليبق ما بيننا نشر يوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014م (نسخة معدلة)