دارفور..الفاشر. تابت..الحقيقة الضائعة. علاء الدين الدفينة لم يكن وصولنا لعمق الحقيقة مستحيلا لنا كإعلاميين كما خططت لذلك حكومة البشير كما لم يكن الحصول على المعلومة من عمق الميدان صعبا كما يعتقد النظام.. وتابت ليست بذاك البعد فهي في متناول من يريد. * تابت…بركان الغضب. تحركنا من الفاشر حاضرة ش دارفور صوب تابت التي ترددت أصداء جريمة الاغتصاب الجماعي فيها لدرجة أزعجت الانسانية في كل بقاع العالم مما حدا بدول مثل بريطانيا وغيرها ان تطالب بتحقيقات عاجلة حول ما تداولتة العديد من الوسائط الاعلامية… مكثنا بها بحثا عن معلومه لكن الكل يخشى أن ينطق بحرف فعدد المنتشرين من العسكريين فيها أكبر من عدد المواطنين الذين كان أغلبهم يعيش حالة صدمة مما يدور…بعضهم قد غادر قبل الاحداث صوب الحقول يبتغي أن يحصد مؤونة عامه من الحبوب الغذائية بعد خريف هذا العام وآخرين قوامهم العجزة والنساء والاطفال وبعض الرجال ينتشرون هنا وهناك يخيم عليهم صمت مريب.. هنا لا يستطيع أي أحد أن يفلت من فوهة البندقية…هي ولاية السادة الكبار..لوردات الحرب. * ما لم يقله الصوارمي وتكتمت عليه اليوناميد. في خاتمة أيام أكتوبر الماضي تحرك رب أسرة نحو الحامية المرابطة بالقرب من تابت لمقابلة الرائد سعد عبدالكريم وتقديم شكوى له ضد أحد أفراده ممن تحمل إحدى الفتيات جنينا في أحشائها منه..وهو جنين غير شرعي..وهي الحالة رقم 17 بتابت التي حدثت في الفترة الماضية لفتيات أكبرهن في الخامسة والعشرين والاخريات في سن السابعة عشر. تلقى الرائد سعد الشكوى. في صبيحة اليوم التالي غادر الجندي المتهم الحامية مفيدا أنه سيتوجه للقرية لكنه اختفى بسلاحه ولم يعرف أي أحد أي معلومة رسمية عنه أو عن إختفائه حتى الآن. وكان ذلك في غرة نوفمبر الحالي. * الإفادات حسب المعلومات التي تحصلنا عليها تفيد بأن قوات عسكرية مدججة بالاسلحة المختلفة دخلت القرية وبدأت عمليات تمشيط ودهم لكل المنازل بحثا عن الجندي المفقود في صورة تعيد للأذهان حادثة الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي دكت إسرائيل غزة بحثا عنه..ولم يسفر البحث عن نتيجة..في ذلك اليوم حدث ما حدث من انتهاكات سببها مشاعية القرية لكل من هب ودب ممن يحمل السلاح..وهو ما نفاه الصوارمي وأكدته العديد من المصادر التي أشارت الى ان عدد المغتصبات وصل للمائتي إمرأة وفتاة. لكن الصوارمي أكد في مؤتمره شيئا أكدته ذات المصادر وهو أن هناك جنديا قد إختفى وأن عمليات (بحث) جرت للعثور عليه..ولم يذكر الصوارمي كيف ولماذا اختفى الجندي ولم يحدد أين كما لم يوضح أن هذا الحندي في كامل سلاحه..والصوارمي يعلم أنها منطقة مصنفه عسكريا أنها منطقة عمليات يختفي فيها الجنود وبعضهم يموت.. ومن اسباب الاختفاء الهروب..وللهروب عدة اسباب كلها لا تخول لقواته دخول القرى واستباحتها وترويع الآمنين بها. * الإجراءات القانونية. تلقت بعثة اليوناميد معلومات عن الحادثة وتقدمت بطلب للتوجه صوب تابت ولكن الطلب لم يلق استجابة فورية وظلت المماطلة مستمرة طيلة تسعة أيام كفيلة بأن تنفي الادعاءات التي فاقت الاوساط..تسعة أيام كافية لتغتسل الفتاة آلاف المرات مما لحق بجسدها..كافية لاختفاء الحمض النووي الخاص بالجناة..وكافية لارهاب المجني عليهن. أخيرا وفي يوم الاحد 9 /9 /2014 سمح لبعثة اليوناميد التي تتكون من اربعة اتيام بالتوجه من الفاشر صوب تابت. تحركوا صوبها حوالي العاشرة صباحا ووصلوها متجهين مباشرة صوب مدرسة الاساس الوحيدة في المنطقة (تضم تابت حوالي 10 قرى أخرى في هذه المدرسة) ويبلغ عدد تلاميذها حوالي 740 تلميذا .. وما ان وصلت بعثة اليوناميد حتى تصدى لها الجنود. سألوهم عن هويتهم ووجهتهم فافادوا بأنهم بعثة اليوناميد وحددوا مهمتهم المحصورة في التحقيق حول حادثة الاغتصاب..هنا ظهر الرائد سعد وتحقق من اوراقهم وهوياتهم وسمح لهم بالتجول في القرية. وما لم تعلمه بعثة اليوناميد ان اجتماعا للقرية دعا له سعد وترأسه حذر فيه المواطنين من الادلاء بأي معلومة وكان الاجتماع قبل ليلة واحدة من وصول البعثة. وتابت لم تكن بحاجة لتهديدات الرائد فعدد قواته كان كافيا ليصمت الجميع. لم يقل الرائد كما لم يقل الصوارمي وقطعا لن تقول اليوناميد ما الذي جعل جنديا يغادر قاعدتة لدخول القرية… مكانه الطبيعي هو ثكناته…لكنها دارفور ارض المستحيلات في عهد البشير… * خارطة اتيام اليوناميد. توزعت البعثة لاربعة اقسام قبل ان تنتشر في القرية.. يسير مع كل مجموعة خمسة جنود مسلحين احدهم يتبع للاستخبارات ويحمل كاميرا تصور في المقابلات.. كان الجيش يوثق في التحركات..والجنود يصرفون في المواطنين ويمنعونهم التحدث امام مرأى ومسمع الجميع ..ولم ينطق اي احد بأي حرف. تجولت البعثة في الطرقات والسوق الصغير وحول المدرسة وقريبا من مجمع حديث تحت التشييد تبرعت به (دولة قطر الشقيقة!!!) وقابلت البعثة العمدة بعقوب… لكن الجميع ملتزمون الصمت.. عند الثانية والنصف تقريبا عادت البعثة نحو المدرسة والتقت الرائد بقربها ووجهت له اسئلة لا اجابات لها.. لكنه افادهم بان جنوده تم تخصيصهم لحماية البعثة.. ولم يذكر ممن يحميهم في منطقة تسيطر عليها حكومته. … * الغريب ان اليوناميد حددت مؤتمرها الصحفي حول الحادثة قبل ان تعود البعثة للفاشر وقبل ان تسلم تقريرها… تلك قصة تابت..وذلك ما حدث..وما تم الصمت عليه.. لا أحد يفيدك بشيئ..عبارة متفق عليها (حينما دخل الجنود المنازل لم نرى ما حدث في الداخل)..هذا بإختصار.. لكن لم ينفي أحد أن الجنود قد دخلوا فعليا المنازل وعاثوا فيها كيفما شاءت امزجتهم. … اخيرا: إهتزت كل الهند لواقعة اغتصاب فتاة هندوسية حتى تم تقديم الجناة للحكم. في الهند حوالي مليار نسمه… ومن وسطهم استخرج القانون الجناة الخمسة في يوم واحد… هي بلاد يحكمها القانون ويحميها القانون. … لنرى ما الذي سيفعله المسلمون في السودان. علاء الدين الدفينة..تابت.