والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صالح الجلوس على مقعد الغياب
نشر في حريات يوم 22 - 11 - 2014

محمود صالح قمر آل عثمان صالح الذى غاب،ونجم السودان الذى هوى ماضلته الثروة وما غوته بحياتة العامرة من الميلاد إلى الموت المهيب نقول له ماقالة درويش لمعين بسيسو [أنت تركت الحصان وحيداً لماذا؟ وآثرت صهوت موتك ]، الموت أعظم ظاهرة عرفها الإنسان وتعامل معها بالهيبة والوقار الملازمين لعظائم الأمور الحقيقة الوحيدة التى لم تفقد دهشتها ولا مراسمها منذ أن عرفها الإنسان بعد أن مارس حريته و أرتكب الخطيئة الكبرى التى أفقدتة حق الخلود و أنزلته إلى أرض الوجود، منذ تجلي ظاهرة الموت فى الحياة الإنسانية ، والبشر لا يزالون أمامه على ذهولهم الأول وعلى رُعبهم الأول ذاته، وعلى حيرتهم نفسها، لا شيء تغيّر، وكأنما حكمة العصور وفلسفة الدهور، وعلم الأجيال هباء يتبدد أمامه الموت، سيدً الحقائق جميعها ففى كل حالة موت يدّعى الإنسان المفاجئة ويجدد الفاجعة وعدم التوقع وهو يقينا يعلم أن جنس البشر جميعاً ميتون بآجال ، ولكن لماذا هذا الرفض ؟ ولماذا عدم القبول ؟ هذة الإجابات توضح فلسفة الموت عبر الحقب وهو ظاهرة بنسق واحد منذ ان عرفها الإنسان ، وهى مفارقة الروح للجسد وإنتقاله للفناء وإنتقالها للخلود ، فالموت هو الظاهرة الديمقراطية التى تقوم على المساواة المطلقة فى الكون ، فهو يقابل الرجل والمرأة من حيث النوع الطفل والكبير من حيث السن الغنى والفقير من حيث الثراء الوجية والوضيع من حيث الوضع الإجتماعى وكل ملاقية فرداً لا يموت شخص نيابة عن آخر ولايتوسط لتأجيل موت آخر ، فهو الظاهرة التى تعبر عن كل شروط الممارسة الديمقراطية .
فقد كان الموت سؤال الفلاسفة الأول من لدن سقراط إلى نيتشة ، شرط الوجود هو التأثيرو التأثر فى مقابل السكون والصمت ،أو كما قال سقراط الموت ليس الخطر إنما الخطر على الإنسان الخطيئة ولذلك الموت من أجل القيم السامية حياة والهروب من الموت عار فى أول محاولة فسلفية لنزع الرعب عن الموت وتصوير الموت كفكرة إيجابية باعتبارها نشوة خلاص مرعبة لعامل الإختفاء وعدم وضوح البديل ، لقد كانت فكرة الموت سؤال مركزى فى كل الحضارات القديمة وفى كل الأديان الوضعية والمُنزلة ، فقد تعامل الإنسان الأول مع ظاهرة الموت كنتاج لروح شريرة وعدو فتاك ينزع الحياة وينشر الموت والسكون فى الجسد ، لذلك يحرقون الجسد فى إحتفال طقوسى لتحدى الروح الشريرة وطردها و الإصرار على سيادة آلهة الحياة وفناء الشرالمطلق وهو الموت ، فهم يمارسون ذات الطقوس كلما حل الموت وفتك بهم ويعتبرون فترة غيابه انتصار لآلهة الحياة التى يتقربون بها لحمايتهم ، كما عرفت الحضارات القديمة الموت وتعاملت معة بمهابة وحكمة ومحاولة إستيعاب لطبيعتة وظروفه فقد كان الموت حاضراً فى الحضارة الأشورية والبابلية والحضارات المكسيكية القديمة إلى الفرعونية التى قدست الموت وخاطبت الحياة بعده، من خلال بناء أعظم المدافن و الإقرار بالحياة بعد الموت لذلك توسلوا لتيسير حياة أمواتهم بدفن الأوانى والطعام وكل ما كان يحب الإنسان الميت فى حياتة حتى الزوجات والذهب للملوك ، للتعبير عن المهابة والقدسية والإحترام .
الموت كان سؤال أساسى فى كل المعتقدات البشرية فقد عرفتة الوضعية منها كالبوذية والزرادتشية والهندوسية فمنهم من تحدث عن ظاهرة الإستنساخ بعد الموت و منهم من تحدث عن إحلال الروح وفناء الجسد ، وفى الأديان المنزلة بكتبها الأربعة كان الموت حاضراً ومطروحاً بقوة للفهم و الإستيعاب ، ففى اليهودية كان تأكيد فكرة الخلود بالموت وفكرة النشور بالجسد الآية التاسعة عشرمن الإصحاح السادس والعشرين فى سفر أشعيا التى تقول (تحيا أمواتك وتقوم الجثث) وكذلك سارت المسيحية على ذات المنوال اليهودى فيما يتعلق بخلود الروح وفناءها والجسد وقيامته حيث قالوا بقيامة الأجساد الميتة للحساب الإلهى.
أما الإسلام فقد أكد على مركزية الحياة بعد الموت وفناء الجسد ونشوره و أن الحياة الأولى حياة عبور وأن حياة الخلود بعد النشور ، فقد جعل الإسلام الموت إيجابية مطلقة حيث يلتقى المخلوق بالخالق والحبيب بالمحبوب قال الله تعالى فى كتابه الكريم (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا تُرجعون) و قال تعالى ( أُولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) آل عمران136 فالإسلام عالج فكرة الخلود والنشور و الإيجابية فى الموت بوضوح أن الموت خير من الحياة ، ولكنه أردف ذلك بأن قال إن كنتم تعلمون ، لإدراكة أن فكرة العدمية و التلاشى من الحياة تخيف الإنسان وتزعجة رقم إيمانه بالله وحقيقة الموت ، فالإنسان يجزع ويدمع لسخونة الفراق رقم إيمانه بالقدر خيره و شره ، فقد بكى رسول الإنسانية إبنه إبراهيم وقال ( يحزن القلب وتنزل الدموع وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ولكننا لا نقول إلا ما يرضى الله ) كما روى عن الرسول (ص) عندما أُستشهد جعفر الطيار وكان الرسول يعزى أُسر شهداء المدينة فعندما نحى لبيت جعفر لم يسمع بكاء ، فحزن وقال الكل يبكون عليه وجعفر لابواكى لة فأبكين يا نساء عبدالمطلب ، لم يقل (ص) زغردى يا أم الشهيد البدعة التى جاء بها أدعياء التدين التى أرادوا بها إخراج الموت عن وقارة وسمتته وإنسانية الفراق .
2
محمود صالح الموقف والتنوير
حين يذهب الشخص لمكان غير المكان وفى زمان غير الزمان ندرك انه مات فالميت يقف على مسافة مختلفة لأدوات القياس المعروفة ، لذلك نحتاج بعض الوقت لنرى أوضح ونسمع أعمق ونفكر أبعد لكى نسترجع الذى كان فنجعله ما يزال حياً ، ففى هذة الإحيائية جزء من علم التاريخ وعلوم أخرى متعددة .
عصر التنوير(الأنوار) عصر نشوء حركة ثقافية تاريخية تدعوا لوضع أساس للمعرفة والأخلاق متجاوزة القيم التقليدية السائدة بدأ فى منتصف القرن السابع عشر وكانت قمته المعرفية فى القرن التاسع عشر ، فقد عرفته أوربا بالانتاج الفكرى الغزير ونهوض الفسلفة فى السياسة والإقتصاد وعلم الإجتماع والترجمة فكان نجومه فى ذلك العصر كانط ومونتسكية وهيوز وقبلهم أسبينوزا وفولتير وروسوا وكارل ماركس وهيجل إلى فانون وقرامشى فعرف الإنسان عبرهم رأس المال وروح القوانين وفقة الدولة و أسس علم الإجتماع الحديث ، فقد ذكر كانط أن التنوير هو ( خروج الإنسان من مرحلة القصور العقلى وبلوغه سن النضج المعرفى ) واجه التنوير تجاوزات و إنتهاكات الحكومات المستبدة والديكتاتوريات المطلقة بإسم الملكية أو الجمهورية بعد أن ولدت ، لقد كان التنوير هو المدخل الموضوعى لعصر الثورات الكبرى فى التاريخ الإنسانى ،الثورة الفرنسية و الإنجليزية والثورة الامريكية والثورة البلشفية وثورات أمريكا اللاتينية ، هذة الثورات السياسية كانت كلها فى الأساس ثورات ثقافية قامت على النهوض المعرفى .
ومعرفية كبرى ، تصدت لمهامها مؤسسات طوعية تنويرية قامت بإحياء التراث وترجمة المعرفة من كل أنحاء الأرض ووضعت الأساس لمنظمات المجتمع المدنى الحديثة التى كان على قيادتها رجال ونساء آمنوا بضروة الحرب على الخرافة و تحديث المجتمع كمدخل للتقدم وعملوا من أجله لخلق واقع أفضل لشعوبهم والإنسانية جمعاء ، محمود صالح تزود بالمعرفة التاريخية الصحيحة لتطور المجتمعات من خلال دراسته بجامعة بريستول بإنجلترى ، فقد بدأ مشروعة التنويرى بوعى معرفى بعد إقتدار مادى وظفه لصالح التنوير ، المال لا يصنع التاريخ ولكن التاريخ يصنعه الإنسان بماله وجهده ومعرفته ، محمود صالح بدأ مشروعة التنويرى بكثير فعل وقليل إدعاء و إستعراض ، من خلال تكوينة لمكتبة عالمية فى كل أحوال السودان وما كتبة العلماء والباحثين عن الإنسان الموارد التاريخ الثقافة بلغت 2000 كتاب ، حاول توطين هذة المكتبة ولكن اللوجستيات العلمية لحفظها وقلة إهتمام البيروقراطية السودانية حالت دون ذلك فأودعها قسم خاص بجامعة بيرقن بالنرويج للدراسات السودانية كما أهتم محمود صالح بالآثار إهتمامة بالجفاف والتصحر فحشد لها خيرة العلماء من مختلف أنحاء العالم فقد كان محمود يجول الفيافى مرافقاً لهم ، من خلال منظمة عالمية مازالت تعمل وتدرس وتُصدر التوصيات لكيفية مواجهة الجفاف والتصحرفى البلاد .
كما إهتم محمود صالح بعملية الترجمة للكتب الهامة والوثائق التاريخية التى ترتبط بالسودان فقد كنت أزوره فى تلك الفترة بمنزله العامر بمصر الجديدة جوار مستشفى كيلوباتر فقد تعرفت فى منزله بالأستاذ المرحوم الطيب صالح والمرحوم الطيب حسن أبشر و دكتور محمد إبراهيم الشوش والمؤرخ البريطانى بيتر وود ورد ود.تيم نابلوك فقد أشرف محمود صالح على ترجمة وثائق للفترة من 1940إلى 1956 التى صدرت فى ثلاثة عشر مجلداً باللغة العربية إستنهض لها خيرة الخبرات فى الترجمة والتاريخ تيسيراً للباحثين وطلاب المعرفة ، كما ترجم بنفسة كتاب "السودان" من تأليف هارولد ماكمايكل وكتاب هندرسون عن حياة دوقلاس نيوبولد السكرتير الإداري لحكومة السودان 1939 – 1945 وغيرها من الوثائق التى وقف محمود صالح على إختيارها وفحصها لترجمتها للصالح العام للتنوير والمعرفة .
من أجل مشروعة التنويرى الذى كان يحلم بة أسس محمود صالح مركز بإسم الدكتور عبدالكريم مرغنى (خاله) ، فتأسيس هذا المركز يتسق وشخصيته النازعة لتوطين المعرفة والثقافة كمدخل يؤمن بة للتغيير والتنوير ، فقد أتاحت لى الظروف بكثير من حوارات ومناقشات معه حيث كنت أقيم بالقرب من منزله ، فقد كان ناقداً لمسيرة السودان الحديث السياسية ، وكان يعتقد أنه كان بالإمكان الأداء الأفضل فى معظم ما كان ، لذلك كان هذا حافزه للإهتمام بالمستقبل و إختيار مدخل التنويرلمعالجة إخفاقات الماضى ، فمركز عبدالكريم مرغنى يعتبر من أنجح المنظمات الأهلية للتنوير حيث قام منذ تأسيسه 1998 بطبع ونشر ما لايقل عن 300 كتاب وكتيب ، عالجت تكاليف البحث والطباعة بمجهود أهلى ، كما أسس محمود صالح عبر المركز جائزة الطيب صالح الأدبية فهى مجهود ضخم لتشجيع صغار الكتاب والمبدعين ونشر إبداعاتهم وتحفيزهم لمزيد من التجويد و الإنتشار .
كما أهتم محمود صالح فى إتساق مع رؤويته التنويرية بدعم بعض الجامعات والمراكز البحثية من خلال ودائع وقفية جارية تساهم فى تطوير التعليم وتجويده.
كما أهتم برعاية سمنارات وورش عمل تقام فى جامعات بريطانية مثل جامعة درم بحشد وتيسير وصول المبدعين لتلك المظان والمساهمة فى فعالياتها ، فقد شارك فى إحداها الأستاذ المبدع الكبير السر قدور و آخرين بترتيب ودعوة من محمود صالح .
محمود صالح الموقف
بعد التأميمات الجائرة فى اوائل 1970 لشركات عثمان صالح بإسم فتنة الهمجية الإشتراكية لرأسمال ما عرف غير الإنتاج ،لم يضارب فى العملة ولم يعمل فى السمسرة ، فقد خرجت قيادة أسرة عثمان صالح من البلاد وكان منهم محمود صالح ما بين القاهرة ولبنان ونيجيريا ولندن حتى أصبحت شركة عثمان صالح المصدر الأول للحبوب فى أفريقيا وأنطلقت بافضل مما كانت علية فى السودان بجهد محمود صالح الذى لم تشغلة الثروة عن الإهتمام بشأن الوطن ،فقد شارك محمود صالح فى تأسيس الجبهة الوطنية بجانب السيد الصادق المهدى والشريف حسين الهندى لمواجهة نظام مايو المباد .
ما قام به محمود صالح مجهود يستحق التوثيق والإحتفاء وإدراجه ضمن قيادات التنوير والحداثة فى البلاد ، فهو لايقل عن ماقام بة الشيخ محمد عبده ورشيد رضا وذكى محمود والطهطاوى وعباس العقاد ونجيب محفوظ فى حركة التنوير المصرية ، أتطلع أن لايكون تابين محمود صالح مناسبة روتينية ، لكان وكان أفعال الماضى ،بل تعقد ورشة عمل جاده لتصنيفه وعطائة كمشروع تنويرى وبحث كيفية إستمراريته فى إطار بحثى وتاريخى صحيح تحت عنوان ( شكراً محمود صالح عثمان صالح ) و أن تُصدر حيثياته فى كتاب مرقوم للتاريخ والأجيال القادمة.
أتطلع أن يتصدى من يكمل مشروع محمود صالح التنويرى من المقتدرين فنياً من العلماء والباحثين والممولين من أبناء وبنات السودان المهتمين بالتنوير والتطوير والتقدم فى البلاد ، أملاًًً أن أرى مركز عبدالكريم مرغنى كلية جامعية لدراسات السلام و إنهاء أسباب الحروب ، كما أتطلع أن يكون تأبين محمود صالح تدشين لمطبعة حديثة لإعادة طباعة أمهات الكتب وترجمة البحوث العالمية فى كافة المجالات بأسعار معقولة للطلاب والباحثين ، و أن تكتمل مكتبة مركز عبدالكريم مرغنى من حيث التحديث إلى مصاف المكتبات العالمية وأن تحتوى على مكتبة رقمية وأن تنفتح للتوأمة مع المكتبات الرقمية فى مختلف أنحاء العالم والجامعات وهذا ممكن Yes we canمحمود صالح رجل صاحب رؤوية Visionary Leadershipو حلم تنويرى كبير أتمنى أن لايموت بموته و يستمر الحلم و أن تحتضنه قلوب وعقول محبيه وعارفى فضله ، فقد قال مارتن لوثر كنق I have adream هذا الحلم فى ذلك اليوم من التاريخ وضع الأساس لتحرير السود فى أمريكا وكانت نتيجته أن أصبحت أحد أحفاد العبيد سيدة البيت الابيض الأولى ، أتمنى أن يخرج تأبين محمود صالح عن الإعتيادية والروتين ويرتبط بعظائم الأمور التى إرتبطت بها نفسه وهمته الطموحة و أن يكون حُلم للأجيال القادمة كما كان محمود صالح يخطط له.
3
إنسانيات محمود صالح
محمود صالح من الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويُؤلفون ، متفائل مبتسم ومباشر بسيط ومتواضع ، فقد رأيت تجلى انسانيته فى العديد من المواقف أنتقى منها رؤويته سعيداً جداً عند زواج إبنه أُسامة فى مناسبة الغداء الذى أقامه بمنزله بهذه المناسبة فهو يسعد بلا إسراف مع إبتسامه عريضه ، كما رأيت إنسانيته فى عيد ميلاد أحد أبناء محمد صالح بشقته بحى الزمالك فى مصر وقد شاركت فى الإحتفال الفنانة سمية حسن ومى محجوب شريف وقد كان الشاعر الكبير وزوجته من بين الحضور ، كان محمود حضوراً وقوراً وجبين مطروح مع الابناء والضيوف ، كما رأيت إنسانيتة عند وفاة والده صالح عثمان صالح فقد كان محمود باراً بأبيه وخادماً له بتفانى قل مثيله فقد لازمة طوال فترة مرضه حتى وفاته وشقته الحالية بمصر الجديدة سبب شراءها مجاورتها لمستشفى كيلوباترا الذى كان يشرف على علاج والده وصديقه صالح عثمان صالح ، كما رأيت سمتته فى الحزن تتكرر بوفاة عمه محمد عثمان صالح ،محمود صالح يحزن بلا جزع ، من إنسانياته محبته للناس وخاصة أصدقاءه فقد رأيته فى مناسبة رمضانية فى منزلة كان يخدم ضيوفه بنفسه من الإفطارإلى ما بعد السحور على الرقم من وجودى ومحمد صالح بين الحضور ونحن الأصغر سناً ، محمود صالح من الذين خصهم الله بقضاء حوائج الناس ، فهو مُربك للمتقبلين لعطاياه يقترب منك كالمعتذر صحاب الحاجة السائل لحسنه وليس الموسر المعطى ، آخر ما سأذكرة من أنسانيات محمود صالح فقد كان آخر من ودعنى يوم سفرى ومغادرتى القاهرة لإستراليا ، فقد حدثنى عن إستراليا وغرابة نطقهم للإنجليزية وكان يقلدهم ويضحك ، محمود صالح يدخل المطبخ ويعتد بالإطباق التى يعدها طاهياً ، كما كان يحكى عن أسفاره وعادات الشعوب وثقافاتها ومطاعمها المختلفة ، محمود صالح إنسان بمعنى الكلمة وهذا قيض من فيض فى إنسانيتة المتدفقة والتى لا تخطئها عين ولو إلتقته لمرة واحدة
4
عزاء لإسرتة
خبر الشّوم بلغ الليلة جابو الناعى
قال مات الهمام ناير البصيرة الواعى
إندك الأساس وخر السقف مداعى
وإنفرط القطيع لا دليل لا راعى
العزاء لرفيقة دربه الحاجة فكرية التى لا تسمعها إلا همساً والعزاء موصول لإبناءة أُسامة وأمير ولصديقى وشقيقة محمد صالح وابناءة صالح وعثمان و أحمد العزاء للسيدة بدرية التى توسع فتقها بفقدها لزوجها كمال محمد الإنسان من شعرة رأسه إلى أخمص قدميه وتتوالى أحزانها بفقدها محمود صالح بعده العزاء موصول لتاج الدين وعماد وأمين مرغنى ، وكمال عبدالكريم وشقيقاته
وكل أُسرة عثمان صالح الممتدة وأحفاده ، وأصدقاء الفقيد ومحبيه وعارفى فضله ، اللهم قد جاءك عبدك محمود صالح محموداً من أهل الأرض فتقبله بفضلك ، ختاما لانقول له وداعاً إنما نقل إلى اللقاء فى الحياة السرمدية وجنة عرضها السموات والأرض ،على الأرآئك متكئين فى سرر متقابلين مع كل من تحب إنه القادر الرحمن الرحيم .
21\11\2014
كانبيرا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.