هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صالح الجلوس على مقعد الغياب ... بقلم: صلاح جلال
نشر في سودانيل يوم 21 - 11 - 2014

محمود صالح قمر آل عثمان صالح الذى غاب،ونجم السودان الذى هوى ما ضلته الثروه وما غوته بحياته العامره من الميلاد إلى الموت المهيب نقول له ماقاله درويش لمعين بسيسو [أنت تركت الحصان وحيداً لماذا؟ وآثرت صهوت موتك ]، الموت أعظم ظاهره عرفها الإنسان وتعامل معها بالهيبه والوقار الملازمين لعظائم الأمور الحقيقه الوحيده التى لم تفقد دهشتها ولا مراسمها منذ أن عرفها الإنسان بعد أن مارس حريته و أرتكب الخطيئه الكبرى التى أفقدته حق الخلود و أنزلته إلى أرض الوجود، منذ تجلي ظاهره الموت فى الحياه الإنسانيه ، والبشر لا يزالون أمامه على ذهولهم الأول وعلى رُعبهم الأول ذاته، وعلى حيرتهم نفسها، لا شيء تغيّر، وكأنما حكمه العصور وفلسفه الدهور، وعلم الأجيال هباء يتبدد أمامه الموت، سيدً الحقائق جميعها ففى كل حاله موت يدّعى الإنسان المفاجئه ويجدد الفاجعه وعدم التوقع وهو يقينا يعلم أن جنس البشر جميعاً ميتون بآجال ، ولكن لماذا هذا الرفض ؟ ولماذا عدم القبول ؟ هذه الإجابات توضح فلسفه الموت عبر الحقب وهو ظاهره بنسق واحد منذ ان عرفها الإنسان ، وهى مفارقه الروح للجسد وإنتقاله للفناء وإنتقالها للخلود ، فالموت هو الظاهره الديمقراطيه التى تقوم على المساواه المطلقه فى الكون ، فهو يقابل الرجل والمرأه من حيث النوع الطفل والكبير من حيث السن الغنى والفقير من حيث الثراء الوجيه والوضيع من حيث الوضع الإجتماعى وكل ملاقيه فرداً لا يموت شخص نيابه عن آخر ولايتوسط لتأجيل موت آخر ، فهو الظاهره التى تعبر عن كل شروط الممارسه الديمقراطيه .
فقد كان الموت سؤال الفلاسفه الأول من لدن سقراط إلى نيتشه ، شرط الوجود هو التأثيرو التأثر فى مقابل السكون والصمت ،أو كما قال سقراط الموت ليس الخطر إنما الخطر على الإنسان الخطيئه ولذلك الموت من أجل القيم الساميه حياه والهروب من الموت عار فى أول محاوله فسلفيه لنزع الرعب عن الموت وتصوير الموت كفكره إيجابيه باعتبارها نشوه خلاص مرعبه لعامل الإختفاء وعدم وضوح البديل ، لقد كانت فكره الموت سؤال مركزى فى كل الحضارات القديمه وفى كل الأديان الوضعيه والمُنزله ، فقد تعامل الإنسان الأول مع ظاهره الموت كنتاج لروح شريره وعدو فتاك ينزع الحياه وينشر الموت والسكون فى الجسد ، لذلك يحرقون الجسد فى إحتفال طقوسى لتحدى الروح الشريره وطردها و الإصرار على سياده آلهه الحياه وفناء الشرالمطلق وهو الموت ، فهم يمارسون ذات الطقوس كلما حل الموت وفتك بهم ويعتبرون فتره غيابه انتصار لآلهه الحياه التى يتقربون بها لحمايتهم ، كما عرفت الحضارات القديمه الموت وتعاملت معه بمهابه وحكمه ومحاوله إستيعاب لطبيعته وظروفه فقد كان الموت حاضراً فى الحضاره الأشوريه والبابليه والحضارات المكسيكيه القديمه إلى الفرعونيه التى قدست الموت وخاطبت الحياه بعده، من خلال بناء أعظم المدافن و الإقرار بالحياه بعد الموت لذلك توسلوا لتيسير حياه أمواتهم بدفن الأوانى والطعام وكل ما كان يحب الإنسان الميت فى حياته حتى الزوجات والذهب للملوك ، للتعبير عن المهابه والقدسيه والإحترام .
الموت كان سؤال أساسى فى كل المعتقدات البشريه فقد عرفته الوضعيه منها كالبوذيه والزرادتشيه والهندوسيه فمنهم من تحدث عن ظاهره الإستنساخ بعد الموت و منهم من تحدث عن إحلال الروح وفناء الجسد ، وفى الأديان المنزله بكتبها الأربعه كان الموت حاضراً ومطروحاً بقوه للفهم و الإستيعاب ، ففى اليهوديه كان تأكيد فكره الخلود بالموت وفكره النشور بالجسد الآيه التاسعه عشرمن الإصحاح السادس والعشرين فى سفر أشعيا التى تقول (تحيا أمواتك وتقوم الجثث) وكذلك سارت المسيحيه على ذات المنوال اليهودى فيما يتعلق بخلود الروح وفناءها والجسد وقيامته حيث قالوا بقيامه الأجساد الميته للحساب الإلهى.
أما الإسلام فقد أكد على مركزيه الحياه بعد الموت وفناء الجسد ونشوره و أن الحياه الأولى حياه عبور وأن حياه الخلود بعد النشور ، فقد جعل الإسلام الموت إيجابيه مطلقه حيث يلتقى المخلوق بالخالق والحبيب بالمحبوب قال الله تعالى فى كتابه الكريم (كل نفس ذائقه الموت ثم إلينا تُرجعون) و قال تعالى ( أُولئك جزاؤهم مغفره من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) آل عمران136 فالإسلام عالج فكره الخلود والنشور و الإيجابيه فى الموت بوضوح أن الموت خير من الحياه ، ولكنه أردف ذلك بأن قال إن كنتم تعلمون ، لإدراكه أن فكره العدميه و التلاشى من الحياه تخيف الإنسان وتزعجه رقم إيمانه بالله وحقيقه الموت ، فالإنسان يجزع ويدمع لسخونه الفراق رقم إيمانه بالقدر خيره و شره ، فقد بكى رسول الإنسانيه إبنه إبراهيم وقال ( يحزن القلب وتنزل الدموع وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ولكننا لا نقول إلا ما يرضى الله ) كما روى عن الرسول (ص) عندما أُستشهد جعفر الطيار وكان الرسول يعزى أُسر شهداء المدينه فعندما نحى لبيت جعفر لم يسمع بكاء ، فحزن وقال الكل يبكون عليه وجعفر لابواكى له فأبكين يا نساء عبدالمطلب ، لم يقل (ص) زغردى يا أم الشهيد البدعه التى جاء بها أدعياء التدين التى أرادوا بها إخراج الموت عن وقاره وسمتته وإنسانيه الفراق .
2
محمود صالح الموقف والتنوير
حين يذهب الشخص لمكان غير المكان وفى زمان غير الزمان ندرك انه مات فالميت يقف على مسافه مختلفه لأدوات القياس المعروفه ، لذلك نحتاج بعض الوقت لنرى أوضح ونسمع أعمق ونفكر أبعد لكى نسترجع الذى كان فنجعله ما يزال حياً ، ففى هذه الإحيائيه جزء من علم التاريخ وعلوم أخرى متعدده .
عصر التنوير(الأنوار) عصر نشوء حركه ثقافيه تاريخيه تدعوا لوضع أساس للمعرفه والأخلاق متجاوزه القيم التقليديه السائده بدأ فى منتصف القرن السابع عشر وكانت قمته المعرفيه فى القرن التاسع عشر ، فقد عرفته أوربا بالانتاج الفكرى الغزير ونهوض الفسلفه فى السياسه والإقتصاد وعلم الإجتماع والترجمه فكان نجومه فى ذلك العصر كانط ومونتسكيه وهيوز وقبلهم أسبينوزا وفولتير وروسوا وكارل ماركس وهيجل إلى فانون وقرامشى فعرف الإنسان عبرهم رأس المال وروح القوانين وفقه الدوله و أسس علم الإجتماع الحديث ، فقد ذكر كانط أن التنوير هو ( خروج الإنسان من مرحله القصور العقلى وبلوغه سن النضج المعرفى ) واجه التنوير تجاوزات و إنتهاكات الحكومات المستبده والديكتاتوريات المطلقه بإسم الملكيه أو الجمهوريه بعد أن ولدت ، لقد كان التنوير هو المدخل الموضوعى لعصر الثورات الكبرى فى التاريخ الإنسانى ،الثوره الفرنسيه و الإنجليزيه والثوره الامريكيه والثوره البلشفيه وثورات أمريكا اللاتينيه ، هذه الثورات السياسيه كانت كلها فى الأساس ثورات ثقافيه قامت على النهوض المعرفى .
ومعرفيه كبرى ، تصدت لمهامها مؤسسات طوعيه تنويريه قامت بإحياء التراث وترجمه المعرفه من كل أنحاء الأرض ووضعت الأساس لمنظمات المجتمع المدنى الحديثه التى كان على قيادتها رجال ونساء آمنوا بضروه الحرب على الخرافه و تحديث المجتمع كمدخل للتقدم وعملوا من أجله لخلق واقع أفضل لشعوبهم والإنسانيه جمعاء ، محمود صالح تزود بالمعرفه التاريخيه الصحيحه لتطور المجتمعات من خلال دراسته بجامعه بريستول بإنجلترى ، فقد بدأ مشروعه التنويرى بوعى معرفى بعد إقتدار مادى وظفه لصالح التنوير ، المال لا يصنع التاريخ ولكن التاريخ يصنعه الإنسان بماله وجهده ومعرفته ، محمود صالح بدأ مشروعه التنويرى بكثير فعل وقليل إدعاء و إستعراض ، من خلال تكوينه لمكتبه عالميه فى كل أحوال السودان وما كتبه العلماء والباحثين عن الإنسان الموارد التاريخ الثقافه بلغت 2000 كتاب ، حاول توطين هذه المكتبه ولكن اللوجستيات العلميه لحفظها وقله إهتمام البيروقراطيه السودانيه حالت دون ذلك فأودعها قسم خاص بجامعه بيرقن بالنرويج للدراسات السودانيه كما أهتم محمود صالح بالآثار إهتمامه بالجفاف والتصحر فحشد لها خيره العلماء من مختلف أنحاء العالم فقد كان محمود يجول الفيافى مرافقاً لهم ، من خلال منظمه عالميه مازالت تعمل وتدرس وتُصدر التوصيات لكيفيه مواجهه الجفاف والتصحرفى البلاد .
كما إهتم محمود صالح بعمليه الترجمه للكتب الهامه والوثائق التاريخيه التى ترتبط بالسودان فقد كنت أزوره فى تلك الفتره بمنزله العامر بمصر الجديده جوار مستشفى كيلوباتر فقد تعرفت فى منزله بالأستاذ المرحوم الطيب صالح والمرحوم الطيب حسن أبشر و دكتور محمد إبراهيم الشوش والمؤرخ البريطانى بيتر وود ورد ود.تيم نابلوك فقد أشرف محمود صالح على ترجمه وثائق للفتره من 1940إلى 1956 التى صدرت فى ثلاثه عشر مجلداً باللغه العربيه إستنهض لها خيره الخبرات فى الترجمه والتاريخ تيسيراً للباحثين وطلاب المعرفه ، كما ترجم بنفسه كتاب "السودان" من تأليف هارولد ماكمايكل وكتاب هندرسون عن حياه دوقلاس نيوبولد السكرتير الإداري لحكومه السودان 1939 – 1945 وغيرها من الوثائق التى وقف محمود صالح على إختيارها وفحصها لترجمتها للصالح العام للتنوير والمعرفه .
من أجل مشروعه التنويرى الذى كان يحلم به أسس محمود صالح مركز بإسم الدكتور عبدالكريم مرغنى (خاله) ، فتأسيس هذا المركز يتسق وشخصيته النازعه لتوطين المعرفه والثقافه كمدخل يؤمن به للتغيير والتنوير ، فقد أتاحت لى الظروف بكثير من حوارات ومناقشات معه حيث كنت أقيم بالقرب من منزله ، فقد كان ناقداً لمسيره السودان الحديث السياسيه ، وكان يعتقد أنه كان بالإمكان الأداء الأفضل فى معظم ما كان ، لذلك كان هذا حافزه للإهتمام بالمستقبل و إختيار مدخل التنويرلمعالجه إخفاقات الماضى ، فمركز عبدالكريم مرغنى يعتبر من أنجح المنظمات الأهليه للتنوير حيث قام منذ تأسيسه 1998 بطبع ونشر ما لايقل عن 300 كتاب وكتيب ، عالجت تكاليف البحث والطباعه بمجهود أهلى ، كما أسس محمود صالح عبر المركز جائزه الطيب صالح الأدبيه فهى مجهود ضخم لتشجيع صغار الكتاب والمبدعين ونشر إبداعاتهم وتحفيزهم لمزيد من التجويد و الإنتشار .
كما أهتم محمود صالح فى إتساق مع رؤويته التنويريه بدعم بعض الجامعات والمراكز البحثيه من خلال ودائع وقفيه جاريه تساهم فى تطوير التعليم وتجويده.
كما أهتم برعايه سمنارات وورش عمل تقام فى جامعات بريطانيه مثل جامعه درم بحشد وتيسير وصول المبدعين لتلك المظان والمساهمه فى فعالياتها ، فقد شارك فى إحداها الأستاذ المبدع الكبير السر قدور و آخرين بترتيب ودعوه من محمود صالح .
محمود صالح الموقف
بعد التأميمات الجائره فى اوائل 1970 لشركات عثمان صالح بإسم فتنه الهمجيه الإشتراكيه لرأسمال ما عرف غير الإنتاج ،لم يضارب فى العمله ولم يعمل فى السمسره ، فقد خرجت قياده أسره عثمان صالح من البلاد وكان منهم محمود صالح ما بين القاهره ولبنان ونيجيريا ولندن حتى أصبحت شركه عثمان صالح المصدر الأول للحبوب فى أفريقيا وأنطلقت بافضل مما كانت عليه فى السودان بجهد محمود صالح الذى لم تشغله الثروه عن الإهتمام بشأن الوطن ،فقد شارك محمود صالح فى تأسيس الجبهه الوطنيه بجانب السيد الصادق المهدى والشريف حسين الهندى لمواجهه نظام مايو المباد .
ما قام به محمود صالح مجهود يستحق التوثيق والإحتفاء وإدراجه ضمن قيادات التنوير والحداثه فى البلاد ، فهو لايقل عن ماقام به الشيخ محمد عبده ورشيد رضا وذكى محمود والطهطاوى وعباس العقاد ونجيب محفوظ فى حركه التنوير المصريه ، أتطلع أن لايكون تابين محمود صالح مناسبه روتينيه ، لكان وكان أفعال الماضى ،بل تعقد ورشه عمل جاده لتصنيفه وعطائه كمشروع تنويرى وبحث كيفيه إستمراريته فى إطار بحثى وتاريخى صحيح تحت عنوان ( شكراً محمود صالح عثمان صالح ) و أن تُصدر حيثياته فى كتاب مرقوم للتاريخ والأجيال القادمه.
أتطلع أن يتصدى من يكمل مشروع محمود صالح التنويرى من المقتدرين فنياً من العلماء والباحثين والممولين من أبناء وبنات السودان المهتمين بالتنوير والتطوير والتقدم فى البلاد ، أملاًًً أن أرى مركز عبدالكريم مرغنى كليه جامعيه لدراسات السلام و إنهاء أسباب الحروب ، كما أتطلع أن يكون تأبين محمود صالح تدشين لمطبعه حديثه لإعاده طباعه أمهات الكتب وترجمه البحوث العالميه فى كافه المجالات بأسعار معقوله للطلاب والباحثين ، و أن تكتمل مكتبه مركز عبدالكريم مرغنى من حيث التحديث إلى مصاف المكتبات العالميه وأن تحتوى على مكتبه رقميه وأن تنفتح للتوأمه مع المكتبات الرقميه فى مختلف أنحاء العالم والجامعات وهذا ممكن Yes we canمحمود صالح رجل صاحب رؤويه Visionary Leadershipو حلم تنويرى كبير أتمنى أن لايموت بموته و يستمر الحلم و أن تحتضنه قلوب وعقول محبيه وعارفى فضله ، فقد قال مارتن لوثر كنق I have adream هذا الحلم فى ذلك اليوم من التاريخ وضع الأساس لتحرير السود فى أمريكا وكانت نتيجته أن أصبحت أحد أحفاد العبيد سيده البيت الابيض الأولى ، أتمنى أن يخرج تأبين محمود صالح عن الإعتياديه والروتين ويرتبط بعظائم الأمور التى إرتبطت بها نفسه وهمته الطموحه و أن يكون حُلم للأجيال القادمه كما كان محمود صالح يخطط له.
3
إنسانيات محمود صالح
محمود صالح من الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويُؤلفون ، متفائل مبتسم ومباشر بسيط ومتواضع ، فقد رأيت تجلى انسانيته فى العديد من المواقف أنتقى منها رؤويته سعيداً جداً عند زواج إبنه أُسامه فى مناسبه الغداء الذى أقامه بمنزله بهذه المناسبه فهو يسعد بلا إسراف مع إبتسامه عريضه ، كما رأيت إنسانيته فى عيد ميلاد أحد أبناء محمد صالح بشقته بحى الزمالك فى مصر وقد شاركت فى الإحتفال الفنانه سميه حسن ومى محجوب شريف وقد كان الشاعر الكبير وزوجته من بين الحضور ، كان محمود حضوراً وقوراً وجبين مطروح مع الابناء والضيوف ، كما رأيت إنسانيته عند وفاه والده صالح عثمان صالح فقد كان محمود باراً بأبيه وخادماً له بتفانى قل مثيله فقد لازمه طوال فتره مرضه حتى وفاته وشقته الحاليه بمصر الجديده سبب شراءها مجاورتها لمستشفى كيلوباترا الذى كان يشرف على علاج والده وصديقه صالح عثمان صالح ، كما رأيت سمتته فى الحزن تتكرر بوفاه عمه محمد عثمان صالح ،محمود صالح يحزن بلا جزع ، من إنسانياته محبته للناس وخاصه أصدقاءه فقد رأيته فى مناسبه رمضانيه فى منزله كان يخدم ضيوفه بنفسه من الإفطارإلى ما بعد السحور على الرقم من وجودى ومحمد صالح بين الحضور ونحن الأصغر سناً ، محمود صالح من الذين خصهم الله بقضاء حوائج الناس ، فهو مُربك للمتقبلين لعطاياه يقترب منك كالمعتذر صحاب الحاجه السائل لحسنه وليس الموسر المعطى ، آخر ما سأذكره من أنسانيات محمود صالح فقد كان آخر من ودعنى يوم سفرى ومغادرتى القاهره لإستراليا ، فقد حدثنى عن إستراليا وغرابه نطقهم للإنجليزيه وكان يقلدهم ويضحك ، محمود صالح يدخل المطبخ ويعتد بالإطباق التى يعدها طاهياً ، كما كان يحكى عن أسفاره وعادات الشعوب وثقافاتها ومطاعمها المختلفه ، محمود صالح إنسان بمعنى الكلمه وهذا قيض من فيض فى إنسانيته المتدفقه والتى لا تخطئها عين ولو إلتقته لمره واحده
4
عزاء لإسرته
خبر الشّوم بلغ الليله جابو الناعى
قال مات الهمام ناير البصيره الواعى
إندك الأساس وخر السقف مداعى
وإنفرط القطيع لا دليل لا راعى
العزاء لرفيقه دربه الحاجه فكريه التى لا تسمعها إلا همساً والعزاء موصول لإبناءه أُسامه وأمير ولصديقى وشقيقه محمد صالح وابناءه صالح وعثمان و أحمد العزاء للسيده بدريه التى توسع فتقها بفقدها لزوجها كمال محمد الإنسان من شعره رأسه إلى أخمص قدميه وتتوالى أحزانها بفقدها محمود صالح بعده العزاء موصول لتاج الدين وعماد وأمين مرغنى ، وكمال عبدالكريم وشقيقاته
وكل أُسره عثمان صالح الممتده وأحفاده ، وأصدقاء الفقيد ومحبيه وعارفى فضله ، اللهم قد جاءك عبدك محمود صالح محموداً من أهل الأرض فتقبله بفضلك ، ختاما لانقول له وداعاً إنما نقل إلى اللقاء فى الحياه السرمديه وجنه عرضها السموات والأرض ،على الأرآئك متكئين فى سرر متقابلين مع كل من تحب إنه القادر الرحمن الرحيم .
21\11\2014
كانبيرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.