كمال كرار حتي 30 يونيو 1989 كان مشروع الجزيرة منظومة زراعية وإقتصادية واجتماعية فريدة في نوعها. يحصل المزارعون علي 40% من عائد إنتاجهم،وإدارة المشروع علي 40%،وتخصص 20% لصالح الخدمات الاجتماعية بالمشروع. وطوال 60 عاماً أو يزيد،كان المشروع مصدراً هاماً من مصادر النقد الأجنبي،باعتبار إنتاجه للقطن طويل التيلة،المرغوب عالمياً. وطوال سنوات المشروع ما قبل الإنقاذ كانت قنوات الري تنساب،فتروي الناس والزراعة والبهائم،دون أن تدور مضخة واحدة،وتلك معجزة المشروع التي جعلته أكبر قطعة زراعية في العالم بالري الإنسيابي. وتحركت عجلة الصناعة في بلادنا بفعل المشروع،فكانت مصانع النسيج،والمحالج،والصابون والزيوت،والتعليب،والمطاحن،وغيرها،ورضع السودان كله من ثدي المشروع (لبناً)صافي غير (مضروب). تلك كانت (تربية الشيوعيين)لفائدة السودان ومزارعي القطن،وعمال اللقيط،وسكان المشروع وموظفيه وعماله. أما (تربية الكيزان) بعد 1989،فهي تجفيف الترع والقنوات،وجعل المياه سلعة تباع وتشتري بالمشروع . تصفية الشركات والهيئات العامة بالمشروع،كيما تحل محلها شركات طفيلية،تجني أرباحها من عرق المزارع وجهده. إرغام المزارع علي تمويل الزراعة بنفسه،بعد رهن حواشته،وبالفوائد العالية،حتي يمني بالخسائر ويضطر لبيع أرضه أو دخول السجن . إرغامه(أي المزارع) علي دفع الزكاة عيناً من محصوله،حتي ولو كان خاسراً . تصفية أصول المشروع ومن ضمنها سكة حديد الجزيرة،والمحالج،والعربات،والبيوت،وتمليكها للمحاسيب،أو بيعها دون أن يعرف مكان القروش . غش المزارعين عن طريق إعطائهم تقاوي فاسدة وبالسعر العالي،فلم تنبت،ولم يتم تعويضهم فطاردتهم البنوك،إلي يومنا هذا . غش المزارعين عن طريق الأسمدة والمبيدات الفاسدة،التي أضرّت بالمحصول والأرض،وسببت السرطان،والفشل الكلوي،وكلما مات مزارع،نصب السدنة صيوان فرح،وغنوا(دخلوها وصقيرها حام). إدخال القطن المحوّر،وإجبار المزارعين علي زراعته،حتي لا ينفع المشروع بعد ذلك لأي زراعة،فيضطر ملاك الأراضي لبيعها للسدنة بسعر بخس،أو للأجانب من فئة الإسلام السياسي . ما سبق أعلاه،هي بعض (تربية الكيزان)،في مشروع الجزيرة طوال ال 25 سنة الماضية،وتنعدم طبعاً المقارنة بين تربية الشيوعيين والكيزان،الذين قال عنهم إمامهم المخلوع يوماً (إخوان الشيطان). ولو كان مشروع الجزيرة عبئاً علي السودان،كما ذكر السدنة والتنابلة،وقرروا خصخصته،فنظامهم الحاكم عبء علي الشعب السوداني كله بما فيه مشروع الجزيرة. وبمناسبة العبء،فعندما كان ابن أختنا(فلان)،تلميذاً في سنة أولي إبتدائي،جاء إلي البيت بعد أول يوم دراسي وهو يزهو بنشيد العلم قائلاً (يا بني السودان هذا رمزكم يحمل – العدّة – ويحمي أرضكم )،فقد تصوّر العبء،عدّة ،وربما دلالية،أو الذين يستبدلون الملابس القديمة بالأواني وخلافها . وعليه،فقد كان مشروع الجزيرة،في سالف العصر والأوان،(عدّة)،بمعني أداة عمل،وليس (ديك عدّة)،بيد أن البقر تشابه علي بعضهم،فظنوا (العدة) عبئاً،كما ظن آخرون،أن الجنوب عبء علي الميزانية،فلما انفصل صاحوا (وا بترولاه)،يقصدون (واسرقتاه)،والحرامي في راسو ريشة يرجي الإنتباه .