أكد تقرير فحص سري صادر عن جامعة الخرطوم وجود كميات كبيرة من الزئبق والمعادن الأخرى داخل مياه بحيرة النوبة ، بحسب ما اوردت صحيفة (الانتباهة) . وحفز الفحص نفوق أعداد كبيرة من الأسماك بسبب التلوث الكيميائي . وأرجع التقرير ارتفاع معدلات التلوث لاستخدام الشركات العاملة في التعدين مياه النيل. وتشير (حريات) الى ان الزئبق يستخدم حاليا في عمليات تعدين الذهب ، كطريقة رخيصة وسهلة لاستخراج الذهب ، حيث يسكب الزئبق السائل على الخام من القاعدة إلى القمة فيقوم بجذب جزئيات الذهب على شكل ملغم [من الذهب والزئبق]. ولفصل الذهب عن الزئبق، يقوم عمال المناجم بحرق الملغم، ما يحول الزئبق إلى غاز سام. وتقول منظمة الصحة العالمية ان الزئبق (شديد السمية على صحة الانسان، كما يشكل بوجه خاص تهديدا لنمو الأجنة وفي السنوات الأولى لحياة الأطفال). وتضيف المنظمة ان (استنشاق أبخرة الزئبق يمكن أن يفضي إلى آثار ضارة على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي وأيضا مناعة الجسم والرئتين بل وربما تفضي إلى الوفاة، كما تؤدي الأملاح غير العضوية بالزئبق إلى تآكل الجلد والعينين، فضلا عن التأثير على القناة المعوية وربما تحفيز إفراز السموم في الكلى حال هضمه). وأكدت دراسة للأمم المتحدة يناير 2013 ان استخدام الزئبق في عمليات التعدين في البلدان النامية يتسبب في انتشار سم قد يتلف المخ عند الأطفال على بعد آلاف الاميال. وان الزئبق يهاجم الجهاز العصبي، ومن الممكن أن يسبب العجز مدى الحياة بما في ذلك تلف الدماغ. وقد يؤدي التعرض لمستويات عالية من الزئبق إلى الفشل الكلوي، وفشل الجهاز التنفسي، والوفاة. وينطوي الزئبق على خطورة خاصة على الأطفال، بينما تكون أجسامهم ما تزال في مراحل النمو، و الأضرار الناجمة عنه لا رجعة فيها. وقال برنامج الأممالمتحدة للبيئة إن انبعاثات الزئبق من مناجم الذهب الصغيرة والبدائية زادت أكثر من ضعفين لتصل إلى 727 طن في عام 2010 مقارنة بمستويات 2005. واتفقت أكثر من 140 دولة على وضع تدابير ملزمة قانونيا تهدف للحد من تلوث الزئبق وانبعاثاته، يناير 2013. وأقر مندوبو الدول في جنيف تدابير للسيطرة على استخدام هذا المعدن شديد السمية، بما يحد من انتشاره في البيئة. وتنظم المعاهدة – المعروفة باسم اتفاقية ميناماتا – عدة أمور مثل توريد الزئبق والتجارة فيه، واستخدام المعدن في المنتجات وفي العمليات الصناعية، وكذلك إجراءات تقليل الانبعاثات من عمليات التنقيب عن الذهب على نطاق ضيق، وإجراءات تقليل الانبعاثات من منشآت إنتاج المعادن. و تحمل المعاهدة اسم بلدة ميناماتا اليابانية، حيث وقعت واحدة من أسوأ كوارث التسمم عن طريق الزئبق التي وقعت في خمسينيات القرن الماضي، بعدما لوث أحد مصانع المواد الكيماوية الخليج بالزئبق. ووفقا للأرقام الرسمية، مات ألف و700 شخص، لكن يعتقد أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير. وبالإضافة إلى ذلك عانى عشرات آلاف آخرون عاهات مستديمة، بما في ذلك تلف الدماغ، والإعاقة الذهنية، والعيوب الخلقية، ومشاكل صحية أخرى. وكان العديد من الضحايا من الأطفال. وسبق وحذر خبراء سودانيون في مجال السلامة البيئية ابريل 2014 من خطورة عدم توقيع السودان على اتفاقية ميناماتا. وكشف الخبراء خلال منتدى المستهلك عن ظهور أمراض الفشل الكلوي والعقم وإجهاض الأجنة وسط المعدنين الأهليين بجانب تلوث التربة وهجرة الأسماك جراء استخدام الزئبق. وأكد الخبير هاشم سيد حسن أن الشركات العاملة في تعدين معدن الذهب تعمل بدون ضوابط للسلامة ، وحذر من استخدام (كرتة) الزئبق بمناطق التعدين الأهلي وقال إن هناك مآسِي بتلك المناطق نتيجة استخدام الزئبق ، وأبدى أسفه على عدم التوقيع على اتقافية الحد من استخدام الزئبق ، واصفاً عدم التوقيع عليها ب(صلف وجهل) لافتاً الى أن (80%) من الزئبق الموجود بالسودان يأتي مهرباً وأن الشركات (تعمل على الله) وغير ملتزمة بضوابط السلامة مشيراً الى أن حديث وزارة المعادن باستيراد أجهزة لتقليل استخدام الزئبق بالكلام الفارغ. ومع تحذيرات الخبراء ومشاهدات الاهالى لاثار التلوث سبق وتقدم مواطنو الشمالية بعدة مذكرات لسلطة المؤتمر الوطنى ونظموا عددا من الوقفات الاحتجاجية ، ولكن السلطة الطفيلية لم تستجب ، لأن جباياتها من التعدين وارباح منسوبيها أهم من صحة المواطنين .