عاشت مدينة لندن ليلة لا تنسى في أجواء روحانية في احتفال الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية في لندن بحولية مؤسسها الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني وذلك يوم السبت 18 أبريل الجارى. وحضر الحفل عدد كبير من أتباع الطريقة البرهانية الدسوقية إلى جانب عدد من أتباع الطرق الصوفية الأخرى. وكان الاحتفال دينيا واجتماعيا وأسريا حضرته الأسر الكريمة بأطفالها الذين استمتعوا بالذكر والمديح. وتحدث في الحولية كل من الشيخ توفيق عبدالله محمد مرشد الطريقة في بريطانيا، كما تحدث سعادة اللواء الشيخ عصمت عزت عباس الذي سرد تاريخ ونهج الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية. وتحدث الأستاذ سليمان ضرار عن الدور الهام الذي قامت وتقوم به الطرق الصوفية في نشر تعاليم الإسلام الصحيحة وخدمتها للإسلام والمجتمع، ونشرها للتعايش السلمي ونقل السودانيين من التعصب للقبيلة للتوحد تحت سقف العقيدة التي اعتبرها الخطوة الأولى للوحدة الوطنية. ونورد هنا ملخصاً لما قيل عن الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية. الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية هى طريقة الشيخ إبراهيم القرشى الدسوقى، وهي طريقة سودانية خالصة تراعي العادات والتقاليد والأعراف السودانية وحتى تعمل على الحفاظ على البيئة، وقد ظلت وديعة بأحشاء الزمان حتى أذن الله لها أن تحيا على يد الشيخ فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده؛ البرهاني طريقةً والمالكي مذهباً والسوداني مولداً فى سنة 1902م والذى تواترت إليه الطريقة عن جده الذى أخذ الطريقة عن الشيخ 'إدريس ود الأرباب‘ صاحب المقام المعروف بالعيلفون، والذى أخذ الطريقة عن الشيخ الشريف 'أبى دنانه‘ عن الشيخ 'أحمد زروق‘ المغربى عن الشيخ 'أبى المواهب الشاذلى‘ حفيد الشيخ 'أبى الحسن الشاذلى‘ والذى ألف بين أوراد القطبين الكبيرين الشيخ إبراهيم الدسوقى والشيخ أبى الحسن الشاذلى فكان أول من رفع لواء الطريقة الممزوجة {الدسوقية الشاذلية} الشيخ فخر الدين الشيخ 'محمد عثمان عبده البرهانى‘ الذي نحن الآن في ذكره. فعلت الراية فى أرجاء المعمورة مشرقا ومغربا، ودخل الألوف على يديه فى دين الإسلام الحنيف سالكين إلى الله على طريقته منتفعين بحلقات علمه اليومية فى الفقه وعلوم التصوف. خدمته للدين وإرساؤه لدعائم التصوف كان لمولانا الشيخ الفضل بعد الله فى النهوض بالتصوف والصوفية ليس فى السودان فحسب بل فى جميع بقاع العالم، فقد نظم حضرات الذكر ونظم الإرشاد وأعاد الحياة لقراءة الأوراد وقيام الليل، وربط التصوف الذى هو لب الدين بالحياة والمجتمع، وحبب فى كسب الرزق عن طريق شريف، وحضّ على أن يكون الفرد نواة صالحة فى بناء أسرة كريمة ولبنة مستوية فى صرح مجتمعه الذى يعيش فيه، وكانت الجرعة أكبر بالنسبة للشباب من الجنسين فلاقت طريقته إزدهارا فى بلاد لم تر الله خالقاً فأصبحت بفضل الله من أهل التوحيد. وكما قال الحبيب المصطفى : (يبعث الله على رؤوس الأشهاد كل مائة عام إماما يجدد للناس أمر دينهم) فقد كان التجديد سمة لمولانا الشيخ فخر الدين، وذلك فيما قد تجلى واضحاً فى درسه اليومي الذي كان يلقيه لسنين طوال فأبان عن الجديد من فقه القرآن وعلوم الحديث الشريف، والجديد فى مفهوم الحكمة من مشروعية العبادات والأحكام، وذلك إلى جانب ردوده على الأسئلة التى كانت توجه إليه في شتى العلوم من فلك وكيمياء، كما برع فى معرفة الطب وعلاج الأمراض المستعصية واشتهر عنه معرفته الدقيقة بالأنساب في أصل القبائل بل والأمم عرباً وعجماً. ولذا سعى إلى مجلس علمه كثير من علماء عصره وكان أسبقهم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود وفضيلة الشيخ أحمد حسن الباقورى وفضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم النمر والدكتور طه حسين الذى قال: "سمعت أن الشيخ كتاب مفتوح ولكنني لما جلست إليه وجدته مكتبة مترحلة". إن من مزايا الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية الوسطية والاعتدال والسلم والدعوة بالحسنى، كذلك اهتمت الطريقة بالنساء وعملت على تمكينهن من العلم والمعارف ليساهمن في تربية أطفالهن تربية سليمة لبناء المجتمع المثالي المسلم. وهكذا انتشرت الزوايا البرهانية فى السودان وكل أرجاء مصر وليبيا وتونس والسعودية والإمارات العربية والعراق والأردن والكويت وسوريا ولبنان والصومال وباكستان. كذلك انتشرت الزوايا البرهانية في أمريكا وأوربا خاصة ألمانيا حتى أنه لا توجد مدينة كبرى بألمانيا إلا وبها صرح برهاني تقام فيه الشعائر وحلقات الذكر والعلم وتلاوة القرآن الكريم كما تقوم بنفس الدور مثيلاتها فى لندن وباريس وروما ونابولى وكوبنهاجن واستكهولم ونيويورك. قضى حضور الحولية ساعات من السمو الروحاني في رحاب فواصل رائعة من الإنشاد والمديح جعلت الحضور يحلّقون بعيداً عن أجواء ماديات الدنيا الفانية. وقد امتدت الفعالية حتى منتصف الليل.