جاء في بيان للسيد ياسر عرمان:- "……ان هناك سيناريوهان على الطاولة ، الأول انتفاضة حاسمة…. هذا السيناريو سيتم تعزيزه باعادة هيكلة تحالف نداء السودان…. وصياغة ميثاق تجمع عليه كل القوى المعارضة السودانية ، وبالانفتاح لضم مزيد من القوى لنداء السودان ، وصياغة برنامج واضح لما بعد اسقاط النظام . وأما السيناريو الثانى فتأسيس نهج جديد حول التسوية السلمية ينهى قدرة الديكتاتورية على شراء الوقت والحفاظ على الوضع القائم باشغال المعارضة فى مفاوضات عقيمة بلا توقف ولا تستهدف سوى الحلول الجزئية . .. ايقاف الحرب ومخاطبة الأزمة الانسانية وتوفير الحماية للمدنيين …. الحريات الأساسية كشرط ضرورى لأى انخراط مثمر …. السيناريو الثانى لن يتحقق أبداً اذا لم تثبت قوى نداء السودان والمعارضة عموماً انها ذات مصداقية وقابلة للنجاح ، وما لم تطرق الانتفاضة بقوة على ابواب الديكتاتورية بحيث تضع الديكتاتور أمام خيار واضح : اما الانخراط الجدى او الاطاحة به عبر الانتفاضة.." لكن: على المعارضة أن تعلم أن الجماهير لا تثق في الحكومة.. و أنها تشك كثيراً في المعارضة.. و ترى أن كليهما يستغل أزماتها لتوسيع دائرة ( أجندته) السياسية.. و في الذاكرة الجمعية انتفاضتان أضاعهما الساسة بالولوغ في المكاسب الحزبية و تهميش الثوابت الوطنية.. و انتفاضة ثالثة في سبتمبر 2013 كادت تؤتي أُُكُلها لولا تخاذل الساسة بالوقوف بعيداً عن مواقع الأذى.. يتفرجون في انتظار سقوط النظام.. ليختطفوا السلطة كما تختطف الحدأة قطعة لحم من بين يدي طفل، في إحدى القري، و تحلق بها بعيداً إلى عشها لتغذية فراخها.. و كثيرون هم الذين يخشون على السودان من تناقضات الربيع العربي.. حيث يلد النضالُ من أجل الحرية فوضى يصعب السيطرة عليها.. و كلنا نعلم أن الجيش المصري ( المتماسك) انحاز لمصلحة البلد، فاستسلم مبارك.. و نعلم أن بن علي أحس، قبل مبارك، بتحركات الجيش التونسي للإنحياز للشعب، فاستسلم.. أما في ليبياً فلم يكن ثمة جيش يعتد به.. كانت اليد العليا لكتائب القذافي.. و قد شهد العالم ما فعلت تلك الكتائب بالثوار الليبيين.. و ذلك أشبه بما هو كائن في سوريا حيث ولاء الجيش ظل في غالبيته مع النظام.. لذلك ما تزال براميل الموت تفجر المباني و لا يزال ملايين السوريون يتمنون أن يعود بهم الزمن إلى ما قبل تفجير الأوضاع في سوريا.. إن حال نظام سودان البشير من حال نظام ليبيا القذافي أقرب.. و ربما نافس حال نظام يمن علي عبدالله صالح في البطش و الخداع.. لا أحد يقبل الضيم و الظلم.. و القهر هما ما نعانيه في السودان.. و في ( الكمائن) ميليشيات جاهلة و جهولة مسلحة بأحدث الأسلحة و أكثرها فتكاً و تقتيلاً للمدنيين,, سوف تقف و أصابعها على الزناد للفتك بكل خروج للمطالبة بالحرية و العدالة.. فاليد العليا لها.. و نصيب الجيش من التسليح لا يعدو أن يكون أسلحة تقليدية.. فميليشيلت النظام ذات مهام أقرب إلى مهام كتائب القذافي:- ( كسر يد و فقع عين) كل من يمد اصبعه ناحية المؤتمر الوطني.. بل و قتله- و بلا رحمة- متى رأت الميليشيات ضرورةً في فعل ذلك .. و ما تفعله في دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق إن هو إلا ( مناظر) قبل بداية ( الفلم).. و المناظر تغنيك عن ما سوف يحدث إذا انتفضت الجماهير و خرجت إلى الشوارع عارية الصدور.. في مواجهة أسلحة الميليشيات الفتاكة النهمة لحصد الشباب حصداً.. و لكنها لن تهزمهم قط .. إلا أنها سوف تكسرهم، أو كما قال ( تشرشل) في كتابه ( حرب النهر) عن الأنصار أبطال معركة كرري.. أ وَ لم تر ذلك الميليشياوي يرتدي جلباباً بصديرية.. و على كتفه سلاح من النوع الذي يجعلك تسأل الخبراء عن نوعه.. وكان مطمئناً " واثق الخطوة يمشي ملكاً".. و هو يستعد للقذف بورقة الاقتراع في الصندوق..؟ لقد ظهر في جميع الصحف الاسفيرية بشكله الداعشي الموحي باللامبالاة بحياة الآدميين.. صدقني؟ لست من " يهاب الموت المكشر".. و لكن.. لماذا تحصر المعارضة استراتيجيتها في سيناريوهين فقط.. و قد أهدتنا الانتخابات الأخيرة سيناريو ثالث أكثر أماناً.. سيناريو المقاطعة.. و التي تؤشر إلى أن العصيان المدني قابل للتحقيق بأيسر ما يُتاح..؟ حاولوه كخطة ( ب)، إذا لم تنجح الخطة (أ).. و اجعلوا الانتفاضة تكون الخطة ( ج).. و حينها تكون شراً لا بد منه.. هذا، و على النظام أن يعلم أن مقاطعة الشعب السوداني للانتخابات الأخيرة إشارة لكل لبيب إلى أن السودانيين قد ضاقوا ذرعاً به.. و عليه أن يتعظ مما حدث في ليبيا.. فمصيره لا بد و أن يتوشح بسواد أحلك من سواد مصير القذافي و بطانته إذا لم يرعوي.. و إذا استمرت القبضة الأمنية تدير دفة الحكم في البلد.. قبضة لا بد من أن تدفع بالجماهير إلى ركن الانتفاضة التي لن تبقي و لن تذر.. و المثل الانجليزي يقول:- " Do not corner a cat" أي لا تضيق على القطة و تدفعهاً إلى حيث تُضطر للدفاع عن وجودها.. و إذا فعلت ذلك، فلا تلومن إلا نفسك..! و على النظام ألا يعوِّل أبداً على شرعية انتخابية مكتسبة ( افتراضياً).. لأن الواقع بيِّن بينونة الحلال من الحرام.. و عليه ألا يغرَّنه انفتاح الدول العربية عليه- خاصة في الخليج و مصر- و هو انفتاح حميد لو أتبع النظام ذلك الانفتاح بإنفتاح ( صادق) على المعارضة لتأسيس ثوابت سودانية يُتفق عليها في ميثاق يكون مرجعًية تتكئ عليها الأجيال القادمة.. أتمنى للنظام أن " يستبين النصح قبل ضحى الغدِّ!".. و إني له لمن الناصحين.. المشفقين على سودان ظل يُدار على مدى ربع قرن بقبضة أمنية باطشة، سودان تُحبس فيه الحرية في قمقم رهيب.. و قد آن أوان كسر كل القماقم و السلاسل و القيود، فالشعب السوداني يريد الحياة في عزة و في حرية و في كرامة إنسانية.. و لسوف يحياها عما قريب!