رئيس فيفا يشيد بصقور الجديان والجمهور السوداني    طريقة فعّالة لمحاربة الرغبة بتناول الحلويات والوجبات السريعة    الدعم السريع تحتجز ناجين من حصار الفاشر للحصول على فدى    التعادل الايجابي يحسم ديربي دنقلا    ثنائية مبابي بمرمى بيلباو تنهي معاناة ريال مدريد في "الليغا"    شاهد بالصورة والفيديو.. جمهور مواقع التواصل بالسودان يحتفي ويتغنى ببسالة ورجولة مدافع المنتخب "إرنق" في إحتكاك مع مهاجم المنتخب الجزائري بعدما قام بالتمثيل    شاهد.. سعد الكابلي ينشر صورة رومانسية مع زوجته "كادي" بعد حفل زواجهم الأسطوري ويتغزل في أم الدنيا: (مصر يا أخت بلادي يا شقيقةْ)    شاهد بالفيديو.. معلق مباراة السودان والجزائر: (علقت على مباريات كبيرة في كأس العالم وما شاهدته من الجمهور السوداني لم أشاهده طيلة حياتي)    شاهد بالصورة.. عرسان الموسم "سعد وكادي" يغادران مصر في طريقهما لأمريكا بعد أن أقاما حفل زواج أسطوري بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    شاهد بالصورة.. عرسان الموسم "سعد وكادي" يغادران مصر في طريقهما لأمريكا بعد أن أقاما حفل زواج أسطوري بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    الهلال السوداني يتفوق على غاسوقي يونايتد بثنائية نظيفة في الدوري الرواندي    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    السودان تتعادل مع الجزائر والعراق تهزم البحرين    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    المريخ يستعيد ذاكرة الفوز ويكسب رويسترو بهدف فاتوكون    إعادة تأهيل مستشفى بحري بولاية الخرطوم وافتتاحه مطلع 2026    تطويق مربعات دار السلام بامبدة والقبض على كميات كبيرة من المنهوبات    دراسات: انخفاض ضوء الشتاء يغيّر نمط النوم    كم مرة يجب أن تقيس ضغط دمك في المنزل؟    محمد حامد جمعة نوار يكتب: لماذا بابنوسة    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    شاهد بالفيديو.. "بدران" الدعم السريع يناشد سكان الجزيرة للانضمام لدولتهم وسحب أبنائهم من "كيكل": انتم مهمشين من الكيزان والدليل على ذلك أنكم تقولون "ها زول"    السودان.. تقارير تكشف مقتل قادة عسكريين في كمين    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    شبان بريطانيا يلجأون للمهن الحرفية هربا من الذكاء الاصطناعي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الميليشيا ترتكب خطوة خطيرة جديدة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مخاوف من تأثر أسواق دارفور بقرار منع حظر خروج السلع من الشمالية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبوكارنكا بين (التقصي) و(الحقائق) في ظل غياب هيبة الدولة وسيادة حكم القانون
نشر في حريات يوم 28 - 05 - 2015

في صراع المعاليا والرزيقات هل سيبقى منطق (القوي يأكل الضعيف) سيد الموقف؟
إستيقظت منطقة (أبوكارنكا) الوادعة التي تتوسد قيزان شرق دارفور في الحادي عشر من مايو الجاري وهي تستنشق مع مواطنيها منذ الصباح الباكر رائحة البارود ودخان الحرائق التي أحدثتها دانات (الكاتوشا) و(الأربجي) وغيرها من المدافع المختلفة والأسلحة الخفيفة والثقيلة وكادت أصوت رصاص الأسلحة المختلفة الذي تم تبادله في المنطقة بين الطرفين أن يذهب بسمع الكثيرين إلى أن وصل الحال ببعضهم أن يصفوا ماحدث بالمنطقة بأنه أشبه ب(يوم القيامة) من الهول وبشاعة منظر الجثث المتناثرة وشلالات الدماء التي ضمخت أرض المنطقة جراء سقوط مئات القتلى ومثلهم من
الجرحى من قبيلتي (المعاليا والرزيقات) في الصراع العنيف الذي شهدته المنطقة قبل إسبوعين بفعل الإعتداء عليها.
مع سبق الإصرار
وبالنسبة للكثيرين فأن الهجوم على (أبوكارنكا) كان مدبرا ومخطط له مسبقا وبحسب أبناء المنطقة أن كل السلطات على المستوى القومي والولائي والمحلي ولجنة الأمن القومية والولائية كانت على علم بكل تحركات المعتدين ومخططاتهم بعد أن تحدث الصحف عن حشود ونذر مواجهة محتملة بين الطرفين.. وقبل وقوع الأحداث بإسبوع تقريبا قام مجلس شورى المعاليا بإرسال خطاب لمولانا أحمد أبوزيد وزير الدولة بوزارة العدل في السابع من مايو الجاري نبه فيه الى التحريض والترتيبات الجارية للهجوم على المنطقة غير أن أجهزة الدولة الرسمية لم تتحرك لإيقاف الهجوم رغم علمها
به.. فيما كانت حكومة ولاية شرق دارفور بواليها ومجلس وزرائها ولجنة أمنها تعلم بجميع التحركات والتجمعات التي سبقت الأحداث وتم تبليغها بذلك قبل فترة كافية لإتخاذ التدابير اللازمة لتدارك الكارثة التي وقعت مع سبق الإصرار والترصد.
قلق أوربي إزاء القتال
وعقب الأحداث مباشرة أبدى سفراء الإتحاد الأوربي في الخرطوم قلقهم البالغ إزاء القتال في (أبوكارنكا) والذي إعتبروه يقوض الوضع الأمني والاستقرار في دارفور وناقش إجتماع للدبلوماسيين الاوربيين في الاتحاد الاوربي والدول الأعضاء بالخرطوم عقب الأحداث مباشرة تطورات القتال بين المعاليا والرزيقات في (أبوكارنكا) والذي نتج عنه خسائر في الأرواح، والعديد من الإصابات وموجة جديدة من النزوح.. وطبقا للبيان الذي أعقب الإجتماع فإن الدبلوماسيين الاوربيون دعوا جميع الأطراف الى تعزيز جهودها لتهدئة الوضع، وحماية المدنيين من الأذى والعمل على
الوساطة لإيجاد حلول سلمية دائمة تحل جذور النزاع، وحثوا القادة الدينيين والقيادات التقليدية السودانية والمجتمع المدني على العمل لتعزيز جهود الوساطة المبذولة وأعربوا عن دعمهم الكامل لطلب المنظمات الإنسانية الدولية في سرعة توفير السماح وعدم عرقلة دورهم وتمكينهم لمساعدة المحتاجين.
حظر(يوناميد) من الدخول
وفي خطوة إستهجنها المجتمع المحلي ب(أبوكارنكا) منعت الحكومة السودانية البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور (يوناميد) من الوصول لمناطق (أبوكارنكا وعديلة) بشرق دارفور لاجراء تقييم أّولي للإحتياجات الانسانية في المنطقة التي شهدت قتالا أهليا داميا قبل إسبوعين وسط تردد أنباء عن حرق (665) منزلاً وتشريد نحو (24) الفا..وفي السياق أبانت نشرة دورية صادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة أن البعثة طلبت في الثامن عشر من مايو الجاري زيارة منطقة (أبوكارنكا) لكن السلطات السودانية رفضت السماح للبعثة بدخول
المنطقة بسبب الأوضاع الأمنية.. وفي ذات المنحى نقل تقرير عن مفوضية العون الانساني عن حوجة ماسة للمأوى والغذاء والمرافق الطبية والخدمات الصحية للمدنيين في المنطقة.
لاسلطان على لجنة التحقيق
وفي العشرين من مايو الجاري أدت لجنة التحقيق في المواجهات التي وقعت بين المعاليا والرزيقات في منطقة (أبوكارنكا) بولاية شرق دارفور القسم أمام مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل الذي جدد التأكيد على أن اللجنة لن تخضع لأي توجيهات من وزراء أو نافذين.. وقطع دوسة في مؤتمر صحفي عقب أداء اللجنة للقسم بعدم تمتع أي شخص بالحصانة طالما كان متورطا في إراقة الدماء، وإعترف بصعوبة مهمة اللجنة بعد تحول صراع المعاليا والرزيقات الى قضية شغلت الرأي العام المحلي والدولي، وأكد دوسة إن اللجنة المكلفة بالتحقيق لا تتلقى تعليمات من وزير أو غيره وقطع بأنه
لاسلطان عليهم سوى الاحتكام للضمير والقانون، وقطع بتمتع اللجنة الحالية بصلاحية وسلطة كاملة لتطبيق العدالة.
عقبات في طريق اللجنة
وفي ذات المنحى نفي دوسة وجود أسماء لمشتبه بهم أو متهمين في الاحداث، مبينا أن ذلك سيتم تحديده طبقا للتقارير وتحريات اللجنة، مشيرا إلى صعوبة القبض علي الجناة أحيانا بصورة مباشرة لإمتلاكهم أسلحة منوها الى أن لجنة التحقيق ستعزز بقوة عسكرية كبيرة للاعانة في بسط الهيبة وإيقاف القتال والمساعدة في القبض علي الجناة وجدد دوسة التأكيد على عدم وجود حصانات لأي شخص يقوم بقتل الآخرين ونبه المحققين الجدد بأن مهمتهم ليست سهلة بعد تحول نزاع المعاليا والرزيقات الى قضية رأي عام محلي وعالمي.. وتشير المتابعات إلى أن لجنة التحقيق التي شكلها وزير
العدل منحت صلاحيات واسعة مصحوبة بقوات خاصة لتمكينها من توقيف المتورطين ومحاسبتهم بعد أن سلمت لجان التحقيق التي شكلت في أحداث مشابهة وقعت خلال وقت سابق تقاريرها للجنة الحالية للاستعانة بها في متابعة البلاغات القديمة والقبض علي الجناة.
مهمة كبير المستشارين
وأوكل قرار وزير العدل رقم (9) رئاسة لجنة التحقيق الى علاء الدين أحمد كبير المستشاريين بالوزارة وعضوية كل من (ممثل بوزارة الدفاع وممثل بوزارة الداخلية وممثل لجهاز الامن والمخابرات الوطني وممثل للمجلس الأعلي للحكم اللامركزي) ومنح القرار اللجنة التحري والتحقيق في أحداث القبيلتين وتحديد المسؤوليات بشكل عام، والتحري في البلاغات وإستجواب الاطراف وإتخاذ كافة الاجراءات الجنائية وتحديد الخسائر في الارواح والاموال، وفوضت اللجنة بسلطات النيابة الجنائية الورادة في قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م والعمل بشكل جدي من أجل بسط هيبة
الدولة من خلال تطبيق القانون.. وتم إسناد اللجنة بقوة تساعدها في القبض علي الجناة وكل من ثبت تورطه في الاحداث أي كان وضعه ومن صلاحيات اللجنة فتح ومراجعة البلاغات السابقة والقبض علي الاشخاص والتحري معهم.
إعتراضات ومطالبات بالتحقيق
وفي الضفة المغايرة إعترض مجلس شورى المعاليا على تشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث الأخيرة إلا بعد نشر نتائج التحقيقات في الأحداث السابقة التي وقعت في منطقة (شمال كليكلي أبوسلامة) و(بخيت) و(أم راكوبة) والتي لم تعلن نتائجها حتى اللحظة، وشدد على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبرئاسة قاضي محكمة عليا من السلطة القضائية وليست وزارة العدل.. وطالب المجلس بالتحقيق مع كل المتورطين في الأحداث وطالب صراحة بالتحقيق مع كل من حسبو محمد عبدالرحمن نائب رئيس الجمهورية والعقيد الطيب عبدالكريم والي شرق دارفور وأعضاء حكومته ولجنة أمن ولاية شرق دارفور
ووكيل ناظر الرزيقات وعمده واللجنة الوزارية التي أشرفت على مؤتمر مروي للصلح بين القبيلتين ممثلة في (فرح مصطفى وزير الحكم اللامركزي ومولانا أحمد أبوزيد وزير الدولة بالعدل وكل الوزراء الذين يشتبه في تورطهم في ملف القضية) إلى جانب لجنة الأجاويد لجهة أنهم جميعا إرتكبوا خطأ دستوري فادح حينما قرروا من خلال الوثيقة منح أرض قبيلة المعاليا لقبيلة الرزيقات في مخالفة واضحة للدستور وجميع قوانين إستخدامات الأراضي السائدة في البلاد.
مسار على الخط
وفي سياق متصل بأحداث (أبوكارنكا) طالب المهندس عبدالله علي مسار القيادي بقبيلة الرزيقات ورئيس حزب الأمة الوطني ببداية التحقيق مع الفريق عصمت عبدالرحمن وزير الداخلية وعدد من المسؤولين بالخرطوم في قضية صراع (المعاليا والرزيقات) الذي إنفجر قبل إسبوعين بمنطقة (أبوكارنكا) وحمل مسار في حديثه للزميلة (الصيحة) الحكومة السودانية مسؤولية ما تم باعتبارها أهملت وضع تدابير وقائية بعد إمتناع المعاليا عن التوقيع على مخرجات مؤتمر مروي للصلح بين القبيلتين وطالب بضرورة بسط هيبة الدولة وإلغاء الحواكير مشيرا إلى أن القبيلة الآن أصبحت أقوى من
الدولة ومن الحزب وتابع قائلا في حديثه (التحقيق في الحادثة يجب أن يبدأ أولا بوزير الداخلية وبالمسؤولين في الحكومة المركزية باعتبار أنها لم تضع أي تدابير لمنع الاقتتال الذي كانت نذره بائنة للعيان) وفي سياق متصل بأحداث (أبوكارنكا) وعد الفريق عصمت عبدالرحمن وزير الداخلية بالعمل الجدي لمنع تكرار المواجهات الدامية بين القبيلتين، معترفا بتقصير الحكومة تجاه الأزمة وأبدى عصمت أسفه الشديد للمعارك الأخيرة التي وقعت بين القبيلتين وتعهد لعدد من زعماء المعاليا في زيارته ل(أبوكارنكا) عقب الأحداث بأن الدولة لن تسمح بتكرار التقصير في بسط
الأمن.
مطالبات قيد التنفيذ
وكان (أرستيد نونوسي) الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان حث خلال زيارته الأخيرة الحكومة على إنهاء رفع الحصانة عن مرتكبي الجرائم وتفعيل سياسة عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي خروقات حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني وقال أنه يعتزم العمل مع الحكومة وإسداء النصح لتحسين الموقف، متعهدا بالعمل وفقا لمعايير الشفافية والاستقلالية الكاملة.. وطالب الحكومة بمواصلة جهودها لوضع نهاية رفع الحصانة عن مرتكبي خروقات حقوق الانسان والقانون الدولى الانساني.. وذكر (نونوسي) إنه فى إطار نقاشاته مع المدعي العام للمحاكم الخاصة بجرائم دارفور
أنهم إتفقا على إلتزام جاد بالانهاء الفاعل للإفلات من العقاب بخصوص الجرائم التى أرتكبت فى الإقليم ووعد بزيارة أخرى لمزيد من النقاش وتقديم النصح حول أوجه العمل الهام الذي تقوم به المحاكم الخاصة لجرائم دارفور.
الحصانة لاتحصن حاملها
حالة الظلم التي خيمت على قطاع عريض من المواطنين السودانيين جاءت بسبب عدم معرفتهم بحقوقهم الدستورية والقانونية التي منحتهم إياها حقوق المواطنة، إلى جانب إستقلال بعض حاملي الحاصانات الدستورية وممارستهم التي تخالف القانون والدستور في كثير من الأحيان .. وفي الحالة السودانية تشير بعض الوقائع الى أن الحصانات وقانونها تستغلان في كثير من الاحيان من بعض الأشخاص بقصد أو بدونه لإنتهاك القانون وتجاوزه بشكل يعيق تطبيق القانون والدستور وبحسب البعض ربما يحدث هذا لجهل المواطنين بمسألة الحصانات التي لايعرفون عنها شيئا، الأمر الذي توقعه
أخرون في الوضع الراهن أن يقود إلى نشوء مجتمع خائف وضعيف يسوده مبدأ (القوي يأكل الضعيف) الأمر ذاته قاد في كثير من الأحيان إلى عدم رضا وثقة المواطن في العدالة بفعل الحصانات الممتدة، ولكن يبدو من خلال الواقع أن معظم المواطنين البسطاء لايعرفون أن الحصانة نفسها لاتحصن حاملها ضد المساءلة القانونية.
بين الموضوعية والأجرائية
وبحسب بعض الخبراء القانونيين تنقسم الحصانة الى نوعين حصانة (موضوعية وإجرائية) بيد أن أغلبية الحصانات إجرائية وتوجد في كثير من الوظائف العامة بالدولة ومثال للحصانة الموضوعية مثل التي تكون لاعضاء البرلمان داخل القبة في إطار دورهم الرقابي والتشريعي، بينما الحصانة الاجرائية تنشأ ويؤخذ الإذن فيها من مدير الشرطة اذا كان صاحب الحصانة شرطي أويتبع لأية جهة أخرى في الدولة لإتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهته وترفع الحصانة عنه ويخضع للمساءلة القانونية.. ويشير بعض القانونيين إلى حدوث تواطوء أحيانا في رفع الحصانة من بعض حامليها بسبب
بعض الأجندات الخفية التي تخالف القانون والدستور غير أنه في الواقع الحصانة لاتعني تحصين الشخص ضد المساءلة القانونية، فضلا عن ذلك حاملها لايمكن أن يتغول على حقوق الأخرين ويحتمي بالحصانة، وفيما يختص بالحصانات حتى رئيس الجمهورية نجده ليست لديه حصانة مطلقة ولكنه لايقدم لمحكمة عادية بل يقدم لمحكمة في درجة معينة بحسب الدستور الذي يؤكد أنه لاكبير على القانون.
لاكبير فوق القانون
وبالعودة الى سلطات المحكمة الدستورية نجدها لديها إختصاص جنائي في مواجهة رئيس الجمهورية والنائب الاول لرئيس الجمهورية وهذا وفقا لنص المادة (60/2) من الدستور، فضلا عن ذلك لديها سلطة جنائية في مواجهة نائب رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الوطني ورئيس مجلس الولايات وقضاة المحكمة القومية العليا وجميعهم تتم مساءلتهم جنائيا أمام المحكمة الدستورية، ويبدو جليا من خلال سلطات المحكمة الدستورية وسلطات الدستور والقوانين السائدة في البلاد أنه لاكبير على القانون والجميع سواسية أمامه.. ولكن الواقع الراهن يؤكد أن الاجراءات البيروقراطية في رفع
الحصانة من المتهمين أحيانا تعيق مسألة العدالة والمحاسبة التي تعتزم مؤسسات الدولة القيام بها، وفي هذا السياق إشتكى عدد من المحاميين من تعقيدات في إجراءات رفع الحصانة في قضايا مختلفة على الرغم من أن الحصانة منحت لإعانة الشخص وتمكينه من أداء مهامه وليس لإعانته على مخالفة القانون والدستور.
تحديات ومراجعة شاملة
وكانت وزارة العدل طالبت في وقت سابق بإجراء مراجعة شاملة للقوانين المنظمة لمنح الحصانات والحد من تمددها وحصرها في نطاق معقول حتى لا يشعر المواطن البسيط بالضعف عند التقاضي ضد رجال الخدمة العامة والسلطة.. وفي السياق قال مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل في وقت سابق أن القوانين السودانية توسعت في إضفاء الحصانة على الأفراد موضحا أن الحصانة في القوانين مقررة لبعض الجهات لتمكينهم من أداء دورهم تحقيقا للمصلحة العامة وتابع قائلا (الناس سواسية أمام القانون طبقا للقاعدة العامة) فيما ينظر بعض الخبراء القانونيين للحصانات الممنوحة للجهات
المنفذة للقانون وغيرها بأنها تعد من الموضوعات التي تثير العديد من الاشكاليات من حيث النصوص التشريعية والواقع والتطبيق العملي باعتبارها واحدة من التحديات التي تواجه حقوق الانسان في السودان وسيادة حكم القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.