ال(كوبودان) !! صلاح عووضة * حاجة خالدة امرأة من منطقتنا أذكرها كلما سمعت بجزع دكتاتور من الموت.. * أو بالأحرى؛ أذكر ما يُروى عن لحظات موتها علماً بأنه ما من صلة بينها وبين الدكتاتوريين هؤلاء سوى (حب الحياة!).. * فهي كانت تحب الحياة إلى حد مقت كل من (يجيب سيرة الموت) أمامها بمثل مقتها لعباس (الكوبودان).. * والكوبودان مفردة نوبية تعني (الناعي) الذي يجول البلدة على ظهر حمار صائحاً (فلان تود غايبي كون).. * فحاجة خالدة كانت تسد أذنيها ما أن تسمع عبارة عباس هذه التي تخطر الناس بوفاة شخص.. * وعندما حانت ساعة خالدة هذه بلغ جزعها حد أن رفضت ترديد الشهادة رغم توسلات من كانوا حولها من الأهل.. * وعوضاً عن ترديد الشهادة كانت تردد ما ترجمته للعربية (لكن أنا حصلت ده كلو؟!).. *وطفقت تردد العبارة هذه إلى أن طلعت روحها مع طلوع الصباح فسكتت عن الكلام المباح.. * والقذافي لعله كان يردد في سره ما يشبه عبارة حاجة خالدة المذكورة وهو يرى الموت يحيط به من كل جانب (معقولة أنا حصلت ده كلو بعدما كنت ملك ملوك أفريقيا؟!).. * وشافيز ذكرني بحاجة خالدة هذه- أيضاً- وهو يقول بوهن لأطبائه وخاصته لحظة وفاته (أرجوكم، لا أريد أن أموت).. * ونميري- من قبل- زين له أتباعه فكرة (الخلود) فسمى نظام حكمه الشمولي ثورة مايو (الخالدة!).. * فلما رأى أن (الموت) كان هو مصير نظامه- بفعل الانتفاضة- أبت نفسه أن تصدق وغمغم بما معناه (بالله نظامي حصل ده كلو؟!).. * وهكذا يجزع البعض من فكرة موتهم- أو موت أنظمتهم- عندما يحين (الأجل!) .. *أما فكرة كلمتنا هذه فقد استلهمناها من داعية- ليس سودانياً بالطبع- كان يتحدث عما أصاب الحجاج بن يوسف من (جزع!) عند الموت.. * وقال إن الحجاج الذي اشتهر بالشجاعة لم يجزع من الموت في حد ذاته وإنما من الذي (وراء) الموت هذا.. * ودلالة ذلك أنه كان يردد أسماء بعض الذين قتلهم- ظلماً- ومنهم الفقيه سعيد بن جبير.. * أما من هم أمثال شافيز- من غير المؤمنين بالبعث والحساب- فإن خوفهم من الموت هو مثل خوف حاجة خالدة.. * هو محض خوف من مغادرة الدنيا.. * فكيف إن كان مع العيش في الدنيا هذه جاه وسلطان ونعيم؟!.. *وفي انتظار كل من يظن أنه خالد (كوبودان!!). صلاح عووضة – بالمنطق – الصيحة .