وزير الخارجية إبراهيم غندور زار منذ تسلمه مهامه قبل أسابيع عواصم أفريقية عدة خلال جولتين يجمع بينها عضويتها في مجلس السلم والامن الافريقي ،شملت تشاد والنيجر وغينيا وغامبيا وأوغندا وجنوب أفريقيا وموزمبيق وزامبيا وزيمبابوي، ناقلاً رسائل من الرئيس عمر البشير إلى قادة تلك الدول.،وكان مقررا ان تشمل ايضا نيجريا غير ان زيارة رئيسها الجديد الى واشنطن ارجأتها.ما يتداوله المجتمع الدبلوماسي الأفريقي في الخرطوم إن دول أعضاء في مجلس السلم والأمن الأفريقي، تدرس طرح اقتراحات إلى المجلس حول تدخل إنساني دولي في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، بعدما تمسكت الخرطوم بعدم تمرير الإغاثة للمنطقتين إلا عبرها ومنع الوكالات الدولية والمنظمات الإنسانية من دخولها.الحكومة رفضت منذ بداية الازمة في جنوب كردفان او ما تعرف هناك ب "الكتمة" في يونيو 2011،السماح للمنظمات الانسانية الاجنبية من دخول المنطقة وتمرير الاغاثة عبر الحدود مع دولة اخرى او اقامة معسكرات للنازحين،خوفا من تكرار تجربة دارفور التي لم تنته فصولها بعد.،وخشية من تحول الاغاثة الى تشوين للمتمردين.الموقف الحكومي مهما كانت مبرراته أفرز سلبيات عدة،فوضع الخرطوم في موضع اتهام باستخدام الاغاثة سلاحا،وحرمان مواطنين متضررين من الحرب من المساعدات الانسانية،فلجأ عشرات الآلاف من مواطني جنوب كردفان الى مخيمات في جنوب السودان ابرزها مخيم ايدا في ولاية الوحدة الذي تحول منطلقا للمنظمات الاجنبية من دخول البلاد عبره كما بات مخزونا بشريا للمتمردين.،وكذلك ما جرى بطريقة مشابهة في النيل الازرق.عواصم أفريقية عدة تعتقد أن الحكومة السودانية لم تحقق تقدماً في سبيل إنهاء الأزمة في دارفور ،وإقرار تسوية لوقف الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث يتوسط الاتحاد الأفريقي منذ أربع سنوات، وأن الخرطوم لم تتعامل بمرونة مع الوساطات، ما أفقدها التعاطف الأفريقي على رغم موقف الأفارقة المساند لها في قضية المحكمة الجنائية الدولية ومراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة التي قاطعتها المعارضة.جولات غندور الافريقية يبدو أنها تسعى الى تجنب مواجهة بين الخرطوم ومجلس السلم والامن الافريقي ، وهي خطوة من شأنها وضع السودان في مواجهة الاتحاد الأفريقي، ونقل الملفات المتعلقة بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق من "البيت الأفريقي" إلى مجلس الأمن، ما يضعها تحت رحمة الموازنات والمساومات الدولية.المجتمع الدولي الذي يراقب الوضع عن كثب ويتصاعد اهتمامه بأزمة المنطقتين لاستخدامها ورقة ضغط ومساومة، لن يقف مكتوف الأيدي، وثمة مؤشرات على اتجاه للتدويل في ظل تراجع فرص التسوية السياسية، ويدرس نشطاء في الكونغرس الأميركي مقترحاً بفرض حظر جوي في جبال النوبة والنيل الأزرق.الحكومة مطالبة بمنهج جديد في التفكير والممارسة السياسية، والتعامل مع افريقيا والتخلي عن أسلوب المناورات وكسب الوقت الذي استمرأته لقطع الطريق أمام سيناريوهات مرعبة تكاد تفرض نفسها.