تقسيم المقسم هي عقيدة النظام السياسي في التعاطي مع التزاماته واتفاقاته ،امامنا الصُور والمشاهد التى سببها فايروس التفخيخ والتفجير من الداخل التى اتبعتها السلطة مع المسألة الجنوبية التى آلت بها في نهاية الأمر الى النتيجة المعلومة ،وظلت بزرتها كامنة وتعززت مناعتها والتى هي اليوم أبرز مشكلات النظام السياسي في جنوب السودان الذي يلاحق الاتفاقيات بغية الوصول الى سلم مستحيل الاستدامة ، وهكذا سارت الأزمة في دارفور بتناسل حركي عجيب وها هي حركة التحرير والعدالةواطرافها تقع في مستنقعات واوحال المخابرات السودانية ،فلو ربطنا الأحداث مع بعضها من باب غرائب المصادفات ،لايمكننا أنت نفصل اتفاق دكتور رياك مشار مع سلفاكير أمس في جوبا ،وتفجر الخلافات الي هذا الحد بين الدكتور التجاني سيسي وبحر ادريس ابوقردة . على ذات النسق تسير الأزمة في دارفور والتى تقوم اساسا وقد أزدات السلطة خبرة و حنكة في تدبيرو حبك الخلافات وتسويقها ،وهو ما ارادته السلطة أمس وماتناقلته صحف الخرطوم عن تشابك المختلفين من حركة السلام والعدالة ،ربما لم يتسائل البعض عن أهمية ذلك التجمع من الاساس والضجيج من حوله،وهى اساساً مرحلة ثانية من مراحل تنفيذ المشروعات موضوع الخلاف ،و التى ربما لم تنقلها صحف الخرطوم كانجازات ولم تهتم بالمسيرة الايجابية والتى نقولها في حق السلطة الانتقالية،ولكن( الغرض مرض ) والغرض كان يستلزم مثل هذا الضجيج الذي احدثته الخلافات حول تنفيذ المشروعات ،وكما هو معلوم تماما التفنن والابداع في تسويق الازمات والاثارة التى ادمنتها صحف الخرطوم حول الأزمة في دارفور ،والتى اصيبت ببلاء ووباء الانقسام الذي سكن جسدها المُنهك ضمن اوبئة وبلايا اخرى اخطرها اماتة صفة النُبل من انسانها ،وهو تمام مادة الخرطوم الدسمة التى تتناولها بانتظام . ربما جاءت اللحظة المناسبة لوصف طبيعة السلطة الانتقالية التى تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق ماتم رسمها لها ،وهي ترسيخ حالة الانقسام والتشظي التى تريدها السلطة تماما اكمالا لسيناريو مرسوم سلفاٌ ،وهو ابتداع نموزج آخر للمسألة الجنوبية،فهي بحق نموزج طبق الأصل من مجلس تنسيق الولايت الجنوبية التى تمت فصولها بين فرقاء الحركة الشعبية والتى انقسمت ووقعت اتفاقية الخرطوم للسلام ،وانتهي بها الأمر الى مقتل أبرز موقعيها في ذلك الوقت كاربينو كوانين ،ولم تحقق السلطة منها سوى تجزير حالة الانقسام في الجسد الجنوبي المنهك ،لذلك فما تم يوم أمس الاربعاء ماهو الا فصل من فصول تجزير التشظي والانقسامية في الجسد الدارفوري ،ما يجب أن يكون معلوماً ،أن الانقسام لدرجة التشابك بالأيدي في الخرطوم التى لا تتنفس سوى التشظي والانقسام هذه المرحلة من عمرها ليس بألامر الجديد ،فشوارع الخرطوم تشهد هذه الايام اخطر اشكال الانقسام وهو الانقسام الديني والمذهبي،بعد أن استنفدت الانقسامية القبيلة نفازيتها ،وهاهي وفي الاسواق وليس في الفنادق تشهد ذلك الانقسام ،فليس ماتم في السلام روتانا بالامر الغريب ،ولكن ماستفيق عليه الخرطوم ويفجرها من الداخل بصدى أكبر ودوياٌ اكثر رعباٌ هو مايتم تدبيره في المسارح الخلفية ،وهو مالن تستطيع أن تخرج بها صحف الخرطوم على صدر صفحاتها كما خرجت بما تم في السلام روتانا ،اذ أن ماتم مبرر تماما لان ألامر مربوط بصفقات وأموال ضخمة محفزة للخلاف وهي التى جمعت هؤلاء الفرقاء من الأساس ،ماجمعهم أساسا مشاريع المقاولات وعلى طريقة (القُوال) ،ولكن التشابك في قرى الجزيرة والسوق العربي بين أهل السنة والصوفية هو مجرد صراع حول أوهام،ولكنها ستحقق الأثر المطلوب ،فربما بعد أن تفرغ السلطة من أعداد قانون استفتاء اقليم دارفور ،ستتجه حتماً الى سن قانون مكافحة الارهاب ،فقط مسألة وقت وترتيب اولويات ،تقسيم المقسم دين هولاء فقط المهم هو عبادة السلطة،ولكن يظل الأمل قائما أن هنالك لحظة سيتخذ فيه التاريخ منعطفاً جديداً،كونو في أنتظاره .