جاء في جريدة حريات الإليكترونية:- " وقال عمر البشير لدى مخاطبته الجالية السودانية ببكين يوم الجمعة، (أنا رئيس لجنة الحوار ولن يأتي شخص ليترأس الحوار ويكون رئيسا لي سواء كان من الاتحاد الأفريقي أو أي جهة ثانية(".. هذا نوعٌ من ( الأنا) السالبة لكل أمل في حل الأزمة السودانية المستفحلة.. و هو أسلوب إيثار ( إنقاذ) النفس الأمارة بالسوء على ( إنقاذ) البلد. كما و أنه تزكية للنفس التي نهى عنها القرآن الكريم.. لكننا أمام مجموعة ضلت طريقها عن هدي النبوة، و عن هُدى القرآن.. و رئيسها يزكي نفسه بكل تحدٍّ للدين و للدنيا.. و يتوعد بتمزيق أي ورقة تأتيه بغير ما يشتهي من مكانة.. و لم يبق له سوى التلميح بأنه سوف يلقي بالورقة، بعد تمزيقها، في وجه من أتى بها! غرور متناهٍ أيها الثقلان! و قد ظللنا نكرر أن الحوار الذي ينشده المؤتمر الوطني هو حوار بين الذئاب و الغزلان.. حوار تسيطر عليه مجموعة مرسومة أجندتها جيداً.. و تم تخطيط ما سوف يتمخض عن الحوار بخبث و دهاء لينتهي بمزيد من تدويخ المعارضة في صحراء السياسة السودانية لا محدودة المدى.. وسط الرمال المتحركة.. و ما انفك المراقبون يتساءلون عن ما دفع المعارضة على الموافقة على ما يسمى لجنة ( 7 +7).. و إلى قبول البشير رئيساً للجنة! إنه ضعف المعارضة المستكينة و طمعها في حدوث بعض انفراج لتحقيق شيئ من تطلعاتها.. لكن فاجأها النظام بتأجيل الحوار إلى ما بعد الانتخابات المقاطعة شعبياً.. فتلاشى الفجر الكاذب و عاد ليل السودان البهيم إلى ما كان عليه قبل وعد الوثبة الموؤودة.. إن موافقة المعارضة على تلك الآلية، بشكلها ذاك غير السوي، يؤشر الى بداية تمرغها في وحل التبعية للمؤتمر الوطني.. و الاقرار بشرعية الانتخابات.. و الاعتراف كذلك بشرعية يحتاجها البشير لاحقاق رئاسة ليست من حقه منذ تسلم السلطة من على ظهر دبابة.. لقد خذلتنا المعارضة يومها بسفه غير متوقع منها.. و تساءلنا: هل المعارضة كانت في غيبوبة لدرجة التلاشي، ما أتاح للبشير أن ينتشي إعتقاداً منه بأن كل السودان قد أصبح في جيبه.. أم أن المعارضة لا وجود حقيقي لها في الواقع السوداني المرتبك؟! و يعلو صوت أحد الغواصات من بحر الظلمات:- " .. ومجرد الجلوس في طاولات الحوار والمفاهمة تعد مشكلة في عرف هؤلاء البلهاء ، الذين يتمسكون بالرتوش وتوافه الشكليات!" فالغواصات لا تفرِّق بين الشكل و المضمون! لأن المرء منهم إن هو إلا ( صوت سيدو).. و ها هو البشير يكشف عن نيته و أطماعه ( الرئاسية) من الصين.. و آن للغواصات أن تدرك أن اصرار البشير على الاستمساك بموقع رئاسة لجنة الحوار لا يمكن أن يكون تمسكاً بالرتوش و توافه الشكليات.. إنه الاستمساك ب(الموضوع) كله.. و لا جدال! و لأجل رئاسة اللجنة، يتحدى البشير الاتحاد الأفريقي و الأممالمتحدة بتمزيق أي ورقة تطالبه بغير رئاسته لها!.. فقد ضمن دعم الصين له في المجال الدبلوماسي.. و ضمن مساندة جامعة الدول العربية له في مجال مال الارتزاق، بعد تنازلات إثر تنازلات عن حقوق الشعب السوداني في كل الميادين.. و لا عزاء لإمكانات السودان المهدرة شرقاً و غرباً- رِشىً في كل الأزقة الضيقة و الميادين الفسيحة.. لصالح استمرار النظام.. نعم، و البشير في بحث مضنٍ عن الشرعية لإسباغها على رئاسته من موقع شرعية الانتخابات المضروبة تدعمها رئاسة اللجنة ب(من حضر) من عِلية القوم و ( الدرداقات).. إنه لا يزال يستمسك بأنه الرئيس المنتخب.. و أنه مفتاح الحلول لمشاكل السودان المستعصية.. لقد تسلم شيكاً ( على بياض) من المعارضة، يوم إعلان الوثبة، و لا زال يلوح بالشيك في وجهها.. بثقة المنتصر.. و يا خسارة أمل السودان في معارضة تعلم و لا تعمل..! و نكرر ما سبق و ذكرناه في مقال لنا:- إذا كان لا بد من حوار حقيقي، فلا بد من أن يترأسه سوداني محايد بحق.. سوداني ( ذو خلق) حتى و إن كان منتمٍ لأي حزب دون تعصب، و يتصف بهذه الخاصية كثير من ( العلماء) السودانيين في الداخل و الخارج.. و إلا ، دعوها تكون مائدة مستديرة، يتم وضع كيفية تسييرها و لوائحها بواسطة الطرفين.. و لكم في المائدة المستديرة أيام الديمقراطية الثانية مرجعية جيدة من مخرجات عقليات سودانية لا أحد يشك في إيثارها للسودان أكثر من إيثارها لذواتها.. و مهما تكن المواقف، فلا بد من أن ينتهي الحوار إلى حوار في الداخل بين جميع الأطراف دون أي إقصاء مباشر أو اقصاء غير مباشر بوضع العقبات أمام بعض الجادين الراغبين في الاشتراك في الحوار.. لكننا نكرر:- إياكم.. ثم إياكم أن يترأس البشير الحوار.. و هو الذي سأل الجمهور في ميدان عام في بورتسودان ذات لقاء استدراجي للكذب:- " أنا حصل كضبت عليكم؟".. فكانت الإجابة الحتمية:- " لااااا!".. إذ كان السؤال سؤالَ كاذبٍ.. و كان الرد ردَّ خائفين من قول الحقيقة أو منافقين يوادُّون أعتى ظالم اغتنى و عشيرته و جماعته على أكتاف ( الغلابى)! الحوار فاشل إذا ترأسه البشير! و أعتقد أنه من الصعب قيامه بالطريقة التي يطلبها حزب البشير إذا كانت للمعارضة ( شخصية) يمكن الاعتماد عليها!