كلمة الاستاذة زينب كباشي عيسي رئيسة الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة ونائبة رئيس الجبهة الثورية في ندوة تنسيقية التغيير السودانية بادمنتون كندا بالتضامن مع تنسيقية قوي المعارضة السودانية بالخارج كثير من الثورات فى العالم تحدث يوميا وبأشكال متعددة, والذى يفشل منها ينتسى تماما وقد يسمى (محاولة) وقد لا يطلق عليه اسما أبدا – أما الذى ينجح منها فيكتب فى التأريخ ويطلق عليه اسم ثورة, ولكل منهما عوامل ساعدت اما فى اجهاضها أو فى انجاحها, ولكل ثورة أيضا تأثر بالبيئة المحيطة والمناخ السياسى المفروض فتتأثر بذلك, كما ان طبيعة النظام القائم أيضا قد تسهم بشكل كبير فى سلمية الثورية أو فى دمويتها وعنفها التزاما وتأثرا بطبيعة نظام الحكم القائم. يمكن الان أن نقول ان الثورة انطلقت فعلا فى السودان, ويمكن التأكيد على ان كل أسباب قيام الثورات أكتملت الان هناك, وان فساد الانقاذ وتدميرها للوطن لم يعد أمرا يحتاج الى بحث أو تنقيب, ومالم تقم الثورة وتطيح بنظام الجبهة الاسلامية سيتناثر الوطن مثل الزجاج المحطم, كما ان كل عوامل نجاح الثورة متوافرة من ارادة وعزيمة. الصعوبات والحلول فسأتحدث عن بعض النقاط المهمة تلمسا لبعض الصعوبات أو نقاط الضعف حتى نتمكن معا من معالجتها:- ان المقاومة السلمية هى الأفضل دائما للوصول لثورة جماهيرية حقيقية, نابعة من ذات الشعب, والشعب يعتبر أقوى عامل للفعل الثورى, ولكن ذلك يرتبط دائما بمستوى الوعى الديمقراطى لدى الشعب والحكومة على حد سواء – لذلك فى حالة السودان قد يعتبر ترك شعب لم يصل الى الوعى التداولى والديمقراطى المطلوب فى ظل حكومة تعتبر من أقسى انواع الديكتاتوريات فى العالم حيث تمثل نظام الابادة والكراهية والتمييز العنصرى ورمى شعب أعزل بين يدى جبروت الانقاذ الدموية قد يعتبر خطأ لن تنساه القوى المعارضة. رغم ان الشباب يملأون الشوارع بشجاعة منقطعة النظير, الا ان عدم أحساس الثوار بالامن والحماية الناجم عن التغييب الاعلامى لدور بعض القوى المؤثرة بحجج واهية, وكذلك ضعف التمويل وقلة الكادر المدرب للتوثيق الاعلامى للحراك الثورى… الخ – ربما يشكل كل ذلك أيضا قوة سلبية تحول دون خروج البعض منهم توحيد الخطاب الاعلامى والتوجه السياسى فى هذه المرحلة مطلوب من مطلوبات الثورة ضرورة نقل الحراك الثورى للولايات والاطراف فالنظام منهار ولا يستطيع مواجهة عدة جبهات, سيما مع استمرار المعارك فى البؤر المشتعلة فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق – وشرق السودان الذى يتقلب على صفيح ساخن. ايجاد سبل لتمويل وتدريب وتأهيل الشباب حتى يتمكنو من حماية انفسهم واكمال ثورتهم بأقل خسائر ممكنة. سبتمبر 2013 هي امتداد طبيعي لاكتوبر 64 وابريل 85 يأتي الاختلاف في النهايات فقط مع الوضع في الاعتبار التغيرات البنيويه التي حدثت في جسم السياسه السودانيه من احداث لم تعشها الساحه السياسيه من قبل مثل اتفاقية نيفاشا وانفصال الجنوب واتفاقية الشرق واتفاقيات سلام دارفور وهي احداث افرزها واقع جديد لم يمر من قبل علي البلاد بدء مع وصول الاسلاميين الي السلطه واستيلائهم عليها بالقوة وكانت تلك نقطة فاصلة في تاريخ السودان السياسي الحديث الانتفاضات في تاريخ الشعب السوداني ليست حدث طارئ او جديد بل هي روح تسكن في وجدان هذا الشعب نابعة من عزته بنفسه ورفضه لكل ظلم يقع عليه وكان هو من اوائل الشعوب التي استطاعت تغيير انظمة سياسيه حاكمه عن طريق انتفاضه سلميه ولذلك يعتبر هو المعلم الاول لكل الشعوب وخاصة الافريقانية منها والعربيه اذا وضعنا في الاعتبار تجربة المهاتما غاندي صاحب اول دعوة للتغيير عن طريق حركة اللاعنف في التاريخ الحديث .. وجب علينا عند محاولة اعادة قراءة احداث انتفاضة سبتمبر ومخرجاتها والعبر والدروس التي يمكن الاستفادة منها استصحاب تاريخ النضال ضد نظام الانقاذ حتي يمكن علي ضوء تلك القراءات بيان اهم الدروس والعبر من انتفاضة سبتمبر … في قراءة مختصره وسريعه يمكن القول بأن النظام الحاكم الان اجبر ابناء الشعب السوداني علي اللجوء لحمل السلاح كوسيلة للتغيير وهي وسيلة لم يعرفها الشمال الجغرافي للبلاد خاصة من قبل وخاضت كل فئات الشعب السوداني بأختلاف اثنياته واحزابه حرب ضروس ضد هذا النظام إستمرت لاكثر من عشره سنين إضافة الي عمر حرب الجنوب المستعره منذ 1983 وقد تمخض ذلك النضال بالكثير من النقاط الايجابيه التي لم تكن ذا بال او قيمة من قبل في فكر الساحه السياسيه السودانيه وبالاخص الشماليه منها اذا استثنينا الحزب الشيوعي السوداني ومن ضمن تلك النقاط الايجابيه ذات الاثر الفعال الاعتراف لاول مره بحقوق الاقليات ومظالم الهامش وكانت اولي اللبنات في طريق ذلك التحول هي مقرارت اسمرا التي بدء منها اولي الخطوات نحو نيفاشا ثم اتفاقية القاهرة وتبعتها اتفاقية الشرق وسلام دارفور .. تغيير الكثير علي السطح بعد بروز اتفاقية نيفاشا ودخول الحركه الشعبيه كشريك في الحكم وتبعتها حركات الهامش كجبهة الشرق وحركات دارفور لاول مره مشاركة ومتواجده في قصر الحكم بالخرطوم محدثتا تحولا كبيرا وتغييرا جذري في طريقة نظرة وتعامل المركز مع الهامش ولم يعد بالامكان والي الابد انكار احقية مشاركة السلطه بين ابناء الوطن الواحد واجبار النظام علي التعامل بكل ندية واحترام مع ابناء ومناضلي هامش هذا الوطن .. حدثت ثوره فكريه سرت سريان النار في الهشيم في عقلية الشعب السوداني السياسيه واحدثت وعي غير مسبوق بالحقوق والواجبات واصبح الجميع يطالب بحقه وينادي برفع المظالم التاريخيه الملقا عليه من قبل المركز وقد اربكت الانتفاضه الفكريه حسابات النظام واصبح يشعر بأهتزاز الارض تحت اقدامه مما جعله يسعي حثيثا للعمل من اجل ثورة مضادة تقلل من اثار تلك التغيرات والحد منها .. بدأت ملامح الارتداد من النظام تظهر علي الفكر الثوري الجديد اول الامر عند تعاطيها مع مخرجات اتفاقية نيفاشا ثم اصبحت الرؤية اكثر وضوحا عند حادثة الاثنين المشئومه (( وفاة د.جون)) وما تبعتها من احداث واهوال استغلاها النظام لاشعال فتيل القبليه والعنصريه البغيضه لتفتيت وحدة الشعب ونجح في مسعاه لحد كبير وهو ما اثمر لاحقا بأنفصال جزء عزيز من البلاد ومن ثم تبعتها حروب دارفور وجبال النوبه التي لازالت نيرانها مستعرة حتي الان .. اراد النظام اختزال كل الارث النضالي لهذا الشعب في مفهوم قبلي عنصري ضيق يتيح له التلاعب بمكونات نسيج هذا البلد تضمن له افضلية البقاء والاستمرار في الحكم .. كل تلك الاحداث المتسارعه والمتتاليه ساعدت في خلق تباعد عاطفي قومي وتبلد وتمزق شبه تام للنسيج الوطني بين افراد الشعب السوداني وهو ماكان يسعي اليه النظام ومن نتائجه المباشرة عدم التفاعل الذي حدث من عامة الشعب مع احداث انتفاضة سبتمبر رغم الحقوق المشروعه التي خرجت الجماهير تطالب بها ورغم ردة الفعل العنيفه من النظام اتجاه تلك التحركات السلميه للجماهير اسفرت عنه مقتل العشرات من ابناء هذا الوطن الا انها لم تحدث التأثير المطلوب حدوثه لتغيير النظام وقد سبقت تلك الانتفاضه انتفاضة 29 يناير ببورتسودان وانتفاضة إمري ولكنها لم تحدث الهزة المطلوبه للتغيير رغم احداث العنف الدمويه التي صاحبتها ايضا ويعود الفضل في ذلك لسياسة النظام التي اتبعها في التعامل مع افراد الشعب السوداني من زرع روح القبليه والعصبيه والجهويه بين افراد الوطن الواحد وقد توفقت الي حدا ما سياسة فرق تسد التي اتبعتها ولكن ليس الي الابد فما هو الا نجاح لحظي ومؤقت لباطل لن يصمد طويلا عند عودة روح الحق إنتفاضة سبتمبر تعتبر الموجة الاولي لفيضان الانتفاضه وهي امتداد لما قبلها من انتفاضات بدءت عند الشرق مرورا بالوسط حتي بلغت قلب الخرطوم في سبتمبر وحين تكتمل الموجات سيحدث الفيضان الشعبي المطلوب وسيذهب هذا النظام الي مزبلة التاريخ فقط علينا الاخذ بعبر ماسبق من اسباب عدم اكتمال نجاح الانتفاضات السابقه في مسعاها والعمل بكل جد ومثابرة علي إعادة إحياء وإزكاء روح الوطنيه في نفوس افراد الشعب السوداني ونزع روح القبليه والعصبيه والجهوية من بينهم حتي يعود الشعب متماسكا متحدا قويا فأذا نجحنا في مسعانا هذا سيخرج الشعب عند الموعد يدا بيد الي الشوارع في موجة قويه تحمل في دواخلها كل الالام قتلي ومشردي ومظاليم هذا النظام وحينها ستندمج الموجات مشكلة فيضان شعبي يقتلع هذا النظام من جذور ملقي به الي خلف الشمس والي الابد التحية لشهداء انتفاضة سبتمبر ونحن تمر علينا هذه الايام ذكراهم العطره والتحية ايضا لكل شهداء بلادي ونحن علي الوعد والعهد معهم علي اكمال مسيرة النضال حتي النصر …