1) شهادته لله..ونعم بالله! كتب الزميل الهندي عزالدين ,رئيس تحرير صحيفة (الأهرام اليوم) عدد الأول من آذار/مارس, تحت عنوان (جففوا المدارس الخاصّة), في معرض ردّه على مربية الأجيال (ست نفيسة المليك), مايلي: { حدثتني (معلمة) بمدرسة حكومية بمدينة «الثورة» أمس لتقول لي إن مدارسنا لم يعد يدرس بها غير أبناء (المعلمين)، هل تعرفون كم راتب هذه المعلمة؟ راتبها «ستمائة جنيه» لا غير!! ربما يكون مناسباً!! ولكن اسألوني: كم سنوات خبرتها؟.. كم ظلت تعمل بوزارة التربية والتعليم؟! (الإجابة مفيدة لنواب الاختصاصيين وأطباء الامتياز.. يا دكتور «أبوابي» قائد ثورة الأطباء المُدللين..{ (26) عاماً.. ستة وعشرون عاماً وهي تعمل بالتعليم مقابل (600) ستمائة جنيه!!! رغم أنها أنفع للوطن والشعب من أي (نائب اختصاصي) في أي مستشفى.. فالمعلمون هم أساس التنمية.. وهم مربُّو الأجيال.. صناع المستقبل. يكتب الزميل الهندي منذ زمن عموده الشهير باسم( شهادتي لله). ومن بين كلّ الأعمدة وعناوينها في كلّ العالم يبدو هذا العمود ذو مقام خاص للذين يدركون المقامات وتبعاتها .. فإن كان على كل صحفي وكاتب ملزم بأخلاق مهنته أن يتوخ الصدق والدقة والأمانة والعدل في ما يكتب وهو في ذلك رقيبا على نفسه وحسيبا عليها, يجتهد كيفما اتفق وتواتيه الهنّات والزلاّت من كل جانب فيعتذر عنها ويستغفر منها متى ماكان مخطئا غير متعمد، والا يكون قد خان مهنته وأمانة القلم الذي يحمله وله في ذلك وزر ما أثم.. أمّا الذي تواتيه الشجاعة لأن يشهد الله أمام النّاس في كل مايكتب فإنّي أظنّه يصدع بمقام يعرف تبعاته وثقل حمولته وتقل ما يكلّف قراءه ومنتقديه .. الذين يخشون تأدّبا من الولوج الى محراب وجهت فيه الكتابة واديرت لله وباسم الله .. فيقول من رأى فيها مفارقة لجادّة الحق تورّعا(خلّوا بينه وبين ربّه, لقد جعل الرجل الله شهيدا فكفى بالله شهيدا وهو خير الشاهدين.. ينفذ الى قرار النفوس ويدرك الأبصار ولا تخفى عليه خافية في السماء ولا الأرض, يسمع دبيب النملة فوق الصخرة الصمّاء علاّم الغيوب..!)…ومتى ما أحاط الإنسان نفسه بقداسة كهذي غير قابلة للرد والمراجعة فيكون قد عصمها من الناس الذين كتبها عنهم ومعهم ويكون قد أثقل ظهره إن أحاطت الأخطاء بكتابته ولم يراجعه الناس في ماكتب تأدبا إذ يكونون قد رضوا شهادة الله وكفى به حسيبا…! يشهد الناس الله عادة في عظائم الأمور وجليلها وإن كانت العامّة قد درجت على الحلف بالله واشهاده من قبيل العادة ولمنح الكلام وقعا مهيبا وللتأكيد على الحكايات ..الغث منها والثمين …ولقد حذر العارفين بالله من مغبة الحلف بالله في كل أمر ..حتى لا تعتاد النفس على وقع الحلف فتعبث به في كل امر كاذبة كانت او صادقة… وقد روي عن الإمام زين العابدين بن الحسين بن علي.. أنّه وشي به لدى الخليفة الأموي في مكيدة من أجل اتهامه بالتآمر على الحكم وجيء برجل يشهد على ذلك ..فقال الإمام للخليفة.. إن أقسم الرجل بالله انّي تآمرت على الخليفة , حق للخليفة ان يعاقبني..ففرح الخليفة إذ رأى أن مكيدته قد أتت أكلها إذ سرعان ما يقسم الرجل ويجد هو مسوغا شرعيا لإعدام الإمام زين العابدين… وسرعان ما أقسم الرجل بالله دون خشية ولا ورع من حكم الله فقال له الإمام زين العابدين مراجعا طريقته في القسم ..أنّك حلفت بالله العلي العظيم على صدق قولك وإنك لكاذب لكن الله حييّ كريم يستحي ان يعجّل العذاب لمن يمدحه .. وهكذا علّم الإمام زين العابدين الرجل ما عرف في التاريخ الإسلامي (بقسم الموت)..وهو قسم تلاه الرجل على شهادته بريئا من حول الله وقوته الى حوله وقوته متكئا على صدقه فأماته الله في الحال جرّاء كذبه… ونجّى الله الإمام العارف به زين العابدين بن الحسين بن على..! وعليه فإنّا نرجو أن يكون الهندي عزالدين واعيا بأن ما سمّى به عموده ..هو مقام عبادة وعبودية رفيع.. مقام الإحسان.. يراقب فيه الكاتب كتابته كأنه يرى الله وإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه..وهو مقام الأنبياء والرسل والمختارين.. ما تسوّره شخص حسن ظنّه بنفسه الا امتحنه الله امتحانا قاسيا… ومن ذلك ان جميع الرسل يوم القيامة تقول يوم القيامة نفسي نفسي ..لا تشفّع في أحد الاّ شفيع الأمّة يوم القيامة..محمد (صلى الله عليه وسلم)…ارجو ان يكون الزميل الهندي عز الدين قد فهم معاناة قرائه ومنتقديه بعد أن لزم محراب عموده القدسي وترك نبأ الخصم الذي لم يتجرّأ على هذا المقام وهو يحكي ظلم أكثر من ظلم الذي له تسعة وتسعون نعجة ولأخيه نعجة واحدة فسأله أياها وعزّه في الخطاب.. فمن يقول شهادته لله يتركنا غير قادرين على التجاسر على الله نعلمه بظلم او افتراء يعلمه .. فإن خرجت لنا من محرابك.. وقلت انك تشاورنا وتفاكرنا وتكتب عنّا, أوضحنا لك كيف ومتى ظلمتنا نحن معشر الأطباء.. وسأنتظر إذنك لنرد عليك .. وإن عذت بمقامك .. فنقول لك عذت بمعاذ.. يحكم الله بيننا وبينك أنّى شاء الحكم العدل.. قلت شهادتك لله فقلنا (نعم بالله)..!