ما بين ثورة التحرير المصرية، وثورة الياسمين التونسية، تبرز روح الديمقراطية والشفافية، وليتنا هنا في السودان نصل لمرحلة الديمقراطية لنمارسها بشفافية، وشخصياً كنت قررت اليوم عدم الكتابة والاعتذار لقرائنا الكرام، لولا الخبر الذي يقول ” أنّ رئيس الوزراء المصري اعتذر لحكومة وشعب تونس عمّا بدر من اجتياح بعض من الجماهير أرض ملعب القاهرة مما أدى لوقف مباراة الزمالك وضيفه الإفريقي التونسي, واصفا ذلك بأنّه “عمل من أعمال البلطجة”، كما اعتذر عصام شرف للاعبي الفريق التونسي والحكم الجزائري عمّا حدث خلال جولة الإيّاب لدور ال32 في دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم أمس، وتقدمت مجموعة من ناشطي فيسبوك في مصر تجاوز عدد أفرادها ال21000 شخص صباح اليوم بالاعتذار إلى الشعب التونسي، أمّا في تونس فقد نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الفنان التونسي لطفي بوشناق أنه قال ” إنّ ما حدث “ليس صورة الشعب المصري العظيم الذي قام بثورة عظيمة تماثل الثورة التونسية العظيمة التي حررت البلدين من أنظمة فاسدة” معتبرا ما جرى أنّه بفعل “عدد من ذيول النظام السابق الباقية في مصر”. وعاشت الحرية. وفي عهد مبارك كان “البلطجية” يسيئون لشعب عظيم مثل شعب مصر، لكن الديمقراطية أوضحت وجه “مصر الحضاري”، مع الاعتذار لها من تشابه اللفظ مع “المشروع…..” والذي لا ينبت سوى في غياب النور، والحرية، فيسود الفساد، وينتشر الكبت، وتسود ثقافة “السحق على حد تعبير قادة المؤتمر الوطني. وهنا في السودان كم نحن محتاجون للاعتذار عن قتل مئات الآلاف، وسجن آلاف، أما شركاتنا…. وطرقنا…… وبمناسبة الاعتذار أورد هنا بعضاً من مواقف ” اعتذارية ” تعبر عن وجه الديمقراطية المشرق؛ ففي العام 1972 قتل متظاهرون كاثولوكيون في إيرلندا الشمالية عندما فتح النار عليهم من قبل جنود بريطانيين، وأصبح هذا الحدث من أهم الأحداث المريرة في تاريخ الاضطرابات في ايرلندا الشمالية، وبعد تحقيق استمر 12 عاما، تبين أنّ المتظاهرين كانوا غير مسلحين، وهو أمر دفع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لأن يقدم اعتذاراً لعلائلات الضحايا في مجلس العموم البريطاني، وقال “لا يمكن الدفاع عن الجيش البريطاني، عندما يقدم على عمل مماثل، فما حدث يوم الأحد الدامي غير مبرر ولا يمكن تبريره”. أمّا في أميركا فقد دعا الرئيس باراك أوباما رئيس جواتيمالا الفيرو كولوم الاعتذار نيابة عن الولاياتالمتحدة بعد أن كشف أستاذ كلية ويلسلي أنّ حكومة الولاياتالمتحدة منذ العام 1946 حتى العام 1948 وبالتعاون مع عدد من الهيئات الأخرى، بما في ذلك حكومة غواتيمالا، قامت باختبار لقاح تجريبي مضاد لمرض الزهري على السجناء في غواتيمالا. ولكي تختبر الدواء عمدت الحكومة الأميركية لحقن السجناء بالبكتيريا المسببة للمرض في نخاعهم الشوكي. وكم من “ضحايا” يستحق الاعتذار في السودان؟؟ وهل يعتذر لنا من ضيّعوا الوطن، ومزّقوه؟. وكم أرهبوا الناس؟. وكم وكم؟؟ واعتذار آخر على سبيل المنتجات هو أنّ تويودا مراراً وتكراراً ظل يعتذر منذ العام 2009 ففي البداية للمساهمين في الشركة ثم اعتذر للزبائن في العام 2010، بسبب الأعطال في السيارات المصدرة إلى واشنطن، ولكن هذا الاعتذار لم يحسن من صورة تويوتا، وكان الزبائن مستغربين من السبب الذي يدفع شركة بحجم تويوتا أن تصدر سيارات بها أعطال وقال تويودا “أعتذر بصدق لكل من واجه حادثا بسبب الأعطال في السيارة”. وهنا في الخرطوم؛ كم شركة جسور وطرق في حاجة لتقديم الاعتذار لعدم مطابقة المواصفات، والتي تسببت في قتل الآلاف، دعنا عن نهب ثورتنا القومية بواسطة القطط السمان؟؟. أمّا من الاعتذارات التي يجب الوقوف عندها فإنه وفي مقابلة له على التلفزيون استخدم المغني الأبيض جون ماير وصفا عنصريا ليفسر أنه من غير المسموح له استخدام هذا اللفظ، لأنّه أبيض وبعد بث المقابلة اجتاحته موجة غضب عارمة بين صفوف الأميركيين من أصل أفريقي، وهو أمر دفع ماير للاعتذار بطريقة قرن 21 على التويتر قال “لم يكن يجب أن استخدم هذا اللفظ في المقابلة أنا أعتذر، ولن أكرر هذا الأمر مرة أخرى”. لكن لاحظوا كم مرة يستخدم عنصريو ذلك المنبر من كلمات مسيئة لنا؟. وكم مرة نستخدم نحن ذات الاساءات في حق بعضنا البعض، مع أننا نتشدق بطيب الخصال، وسمح الأخلاق، والصلاة على النبي!!. القارئ العزيز سامحني ” زهجان بعتذر”. مع الاعتذار للأغنية.