ثم ماذا بعد كاودا؟ ثورة التوقعات المتزايدة اسامة عيدروس في فيلم (Hunger Games) والذي يدور حول ألعاب تديرها الحكومة المركزية من أجل السيطرة على الاطراف الفقيرة والمهمشة ويتم فيها اختيار ممثلين من كل مقاطعة يتقاتلون فيما بينهم لحد الموت من أجل اعلان فائز واحد. في أحد مشاهد الفيلم يقول الرئيس سنو مخاطبا أحد مساعديه ومتحدثا عما أحدثته بطلة الفيلم كاتنس أفردين في المواطنين من المناطق المهمشة: Hope, it is the only thing stronger than fear. A little hope is effective, a lot of hope is dangerous. A spark is fine, as long as it's contained "الأمل وحده أقوى من الخوف…القليل من الأمل سيكون فعالا…الكثير من الأمل يتحول الى خطر….لمحة من ضوء الأمل لا بأس بها..طالما يمكن احتواءها" خمس وعشرون عاما مضت ونحن نحلم بأن نبني للاسلام دولة يأمن فيها ناس ويعبدون الله بحرية ويسود فيها العدل والتنمية…حلم سرعان ما تكشف عن كابوس كبير في سجن بحجم الوطن. طوال هذه السنوات كنا نلهث خلف القليل من الأمل السراب ..فقط لمحة من ضوء في آخر السرداب ولكنا في كل مرة نصحو على أزمة أعمق مما كنا فيه. ضاعت الديمقراطية على أمل الحسم للتفلت والتراجع..نقطة ضوء في البيان الأول ثم كأي انقلاب عسكري نكتشف أنه كابوس يتحول الى سلطة قابضة ولن يتحول أبدا نحو الانفتاح والديمقراطية من جديد. البداية بالسلطة ستنتهي بسلطة مطلقة واستبداد مستمر. حملات واعدة وزيارات مفاجأة لوزير الخدمة المدنية ثم تمكين قابض وتدني مريع يتبعه ترهل اداري يقعد بالعمل ويتغول على ميزانيات التنمية ساحبا اياها في حفرة البند الأول مرتبات. ثم تكبر الأزمة مع جيش جرار من الدستوريين حتى زادت نسبة التشبع بهم من نسبة احتياج كل محلية في البلاد للاطباء. حوار حول قضايا السلام ثم يكتشف أهل السلطة لعبة اسمها المفاوضات. حشود عسكرية ضخمة..انتصارات كبيرة…ثم جلسات خاوية من كل معنى الا حجم النثريات التي تصرفها الوفود التي أدمنت التعرف على العواصم الأجنبية. ثم خيبة كبيرة اسمها نيفاشا. النفط والكباري والطرق والسدود ثم نصحو على كابوس اقتصادي خانق وديون مليارية. هذه وحدها الآن ليس فيها أي بصيص أمل حتى ولا كذبات رئيس البرلمان التي تجرأ أن يصرح بها وكأن البلد هي مسرح للمجانين. وأخيرا نجمل انفسنا بخطاب الحوار عجلا من ذهب له خوار يلمع بالبريق ويجذب الاضواء. ثم كعادتنا في الأ نجعل لمحة الامل تكبر أكثر مما هي عليه وتتحول من أمل فعال يضمن البقاء والاستمرار ..خوفا من أن تتحول الى أمل خطير..يحرك الجماهير..وفقط حفاظا على السلطة ..نحول الحوار الى شيء أشبه بمسرح العرائس ..والكل مربوط بخيط..والخيط يمسكه الرئيس. بعد خمس وعشرين عاما ارتفع سقف الحل في السودان. الحل القادم لن يرضى بأقل من تفكيك دولة السودان القديم. ليس تفكيكا بمعنى انفصال الاطراف..بل تفكيكا لبنية الدولة وطريقة الحكم. تفكيكا للنخبة المسيطرة منذ الاستقلال. تفكيكا لعلاقات المركز والهامش. تفكيكا ربما يكون عنيفا جدا. لذلك اخوتي..لا تقولوا لي كاودا…فقط فكروا قليلا..وجاوبوا معي..ماذا بعد كاودا؟ إنه فقط بعض الأمل..فبعض الأمل فعال…لكنهم ابدا لن يعطوكم ضوءا كافيا لتروا ماذا يوجد في نهاية النفق.